كتاب الطهارة [5]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المسح على الخفين

حدثنا أحمد بن صالح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب، قال: أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب، قال: حدثني عباد بن زياد: أن عروة بن المغيرة بن شعبة أخبره: أنه سمع أباه المغيرة يقول: ( عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه في غزوة تبوك قبل الفجر، فعدلت معه، فأناخ النبي صلى الله عليه وسلم فتبرز، ثم جاء فسكبت على يده من الإداوة، فغسل كفيه، ثم غسل وجهه، ثم حسر عن ذراعيه، فضاق كُمَّا جبته، فأدخل يديه فأخرجهما من تحت الجبة، فغسلهما إلى المرفق، ومسح برأسه، ثم توضأ على خفيه، ثم ركب، فأقبلنا نسير حتى نجد الناس في الصلاة قد قدموا عبد الرحمن بن عوف، فصلى بهم حين كان وقت الصلاة، ووجدنا عبد الرحمن وقد ركع بهم ركعة من صلاة الفجر، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصف مع المسلمين فصلى وراء عبد الرحمن بن عوف الركعة الثانية، ثم سلم عبد الرحمن، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته ففزع المسلمون فأكثروا التسبيح؛ لأنهم سبقوا النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لهم: قد أصبتم -أو قد أحسنتم- ).

حدثنا مسدد، قال: حدثنا يحيى -يعني: ابن سعيد-.

(ح) وحدثنا مسدد، قال: حدثنا المعتمر عن التيمي، قال: حدثنا بكر عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح ناصيته -وذكر- فوق العمامة ). قال: عن المعتمر سمعت أبي يحدث عن بكر بن عبد الله عن الحسن عن ابن المغيرة بن شعبة عن المغيرة : ( أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين، وعلى ناصيته وعلى عمامته ). قال بكر: وقد سمعته من ابن المغيرة.

حدثنا مسدد، قال: حدثنا عيسى بن يونس، قال: حدثني أبي عن الشعبي، قال: سمعت عروة بن المغيرة بن شعبة يذكر عن أبيه، قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركبه ومعي إداوة فخرج لحاجته، ثم أقبل فتلقيته بالإداوة، فأفرغت عليه فغسل كفيه ووجهه، ثم أراد أن يخرج ذراعيه، وعليه جبة من صوف من جباب الروم ضيقة الكمين، فضاقت فادّرعهما ادّراعاً، ثم أهويت إلى الخفين لأنزعهما، فقال لي: دع الخفين، فإني أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فمسح عليهما ). قال أبي: قال الشعبي: شهد لي عروة على أبيه، وشهد أبوه على رسول الله صلى الله عليه وسلم.

حدثنا هدبة بن خالد، قال: حدثنا همام عن قتادة عن الحسن وعن زرارة بن أوفى: أن المغيرة بن شعبة قال: ( تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر هذه القصة، قال: فأتينا الناس وعبد الرحمن بن عوف يصلي بهم الصبح، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يتأخر، فأومأ إليه أن يمضي، قال: فصليت أنا والنبي صلى الله عليه وسلم خلفه ركعة، فلما سلم قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبق بها ولم يزد عليها ). قال أبو داود: أبو سعيد الخدري، وابن الزبير، وابن عمر، يقولون: ( من أدرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو ).

حدثنا عبيد الله بن معاذ، قال: حدثنا أبي، قال: حدثنا شعبة عن أبي بكر -يعني: ابن حفص بن عمر بن سعد- سمع أبا عبد الله عن أبي عبد الرحمن السلمي: ( أنه شهد عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالاً عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يخرج يقضي حاجته فآتيه بالماء فيتوضأ، ويمسح على عمامته وموقيه ). قال أبو داود: هو أبو عبد الله مولى بني تيم بن مرة.

حدثنا علي بن الحسين الدرهمي، قال: حدثنا ابن داود عن بكير بن عامر عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير: ( أن جريراً بال ثم توضأ فمسح على الخفين، وقال: ما يمنعني أن أمسح وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح؟ قالوا: إنما كان ذلك قبل نزول المائدة، قال: ما أسلمت إلا بعد نزول المائدة ).

حدثنا مسدد، و أحمد بن أبي شعيب الحراني، قالا: حدثنا وكيع، قال: حدثنا دلهم بن صالح عن حجير بن عبد الله عن ابن بريدة عن أبيه: ( أن النجاشي أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خفين أسودين ساذجين، فلبسهما ثم توضأ ومسح عليهما ). قال مسدد: عن دلهم بن صالح. قال أبو داود: هذا مما تفرد به أهل البصرة.

حدثنا أحمد بن يونس، قال: حدثنا ابن حي هو الحسن بن صالح عن بكير بن عامر البجلي عن عبد الرحمن بن أبي نعم عن المغيرة بن شعبة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين، فقلت: يا رسول الله! أنسيت؟ قال: لا. بل أنت نسيت، بهذا أمرني ربي عز وجل ) ].

وبكير ضعيف، وذكر النسيان منكر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب التوقيت في المسح

حدثنا حفص بن عمر، قال: حدثنا شعبة عن الحكم، وحماد عن إبراهيم عن أبي عبد الله الجدلي عن خزيمة بن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( المسح على الخفين للمسافر ثلاثة أيام، وللمقيم يوم وليلة ).

قال أبو داود: رواه منصور بن المعتمر عن إبراهيم التيمي بإسناده، قال فيه: ( ولو استزدناه لزادنا ).

حدثنا يحيى بن معين، قال: حدثنا عمرو بن الربيع بن طارق، قال: أخبرنا يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد عن أيوب بن قطن عن أبي بن عمارة، قال يحيى بن أيوب: ( وكان قد صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم للقبلتين )، أنه قال: ( يا رسول الله! أمسح على الخفين؟ قال: نعم. قال: يوماً؟ قال: يوماً. قال: ويومين؟ قال: ويومين. قال: وثلاثة؟ قال: نعم، وما شئت ).

قال أبو داود: رواه ابن أبي مريم المصري عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن رزين عن محمد بن يزيد بن أبي زياد عن عبادة بن نسي عن أبي بن عمارة، قال فيه: ( حتى بلغ سبعاً، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، وما بدا لك ). قال أبو داود: وقد اختلف في إسناده وليس بالقوي، وقد اختلف فيه على يحيى بن أيوب ].

وقد ضعفه البخاري والإمام أحمد.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب المسح على الجوربين.

حدثنا عثمان بن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن أبي قيس الأودي هو عبد الرحمن بن ثروان عن هزيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على الجوربين والنعلين ).

قال أبو داود: كان عبد الرحمن بن مهدي لا يحدث بهذا الحديث؛ لأن المعروف عن المغيرة: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين ).

قال أبو داود: وروي هذا أيضاً عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه مسح على الجوربين ) وليس بالمتصل ولا بالقوي.

قال أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وأبو مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث ].

الأصل أن يورد ابن مسعود ويغفل أبو مسعود؛ لأن عادة الأئمة جرت على هذا، والأرجح والأظهر عندي أنه ابن مسعود، ولا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام حديث في المسح على الجوارب، وإنما الثابت المسح على الخفين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: ومسح على الجوربين علي بن أبي طالب وابن مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث، وروي ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب:

حدثنا مسدد، وعباد بن موسى، قالا: حدثنا هشيم عن يعلى بن عطاء عن أبيه، قال عباد: قال: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ أو مسح على نعليه وقدميه ) وقال عباد: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى كظامة قوم -يعني: الميضأة ولم يذكر مسدد الميضأة والكظامة ثم اتفقا فتوضأ- ومسح على نعليه وقدميه ) ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف المسح؟

حدثنا محمد بن الصباح البزاز، قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد، قال: ذكره أبي عن عروة بن الزبير عن المغيرة بن شعبة: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين )، وقال غير محمدر: ( على ظهر الخفين ) ].

وحديث محمدر أصح، وحديث غيره ليس بصحيح.

قوله: (ظهر الخفين) زيادة (ظهر) لا تثبت.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا حفص -يعني: ابن غياث - عن الأعمش عن أبي إسحاق عن عبد خير عن علي قال: ( لو كان الدين بالرأي لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه ) ].

وذلك أن الشريعة ترتبط بعلل خفية، ولا تكون بالرأي المحض الذي يأخذه الإنسان؛ فإن ظهر له آمن، وإن لم يظهر له لم يؤمن، فهذا إنما حكم عقله ولم يحكم الشريعة، ولهذا فالواجب على الإنسان إذا ثبت عنده النص أن يأخذ به، وأن يتهم رأيه؛ لأن الرأي مرده العقل، والعقل مخلوق، والوحي من الخالق، فالوحي علم الخالق، والرأي رأي المخلوق؛ ولهذا لا يقدم علم المخلوق على علم الخالق، وما علم المخلوق إلا من إنعام الخالق سبحانه وتعالى، وليس للإنسان أن يعارض علمه الضئيل بعلم الله عز وجل الواسع.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا يزيد بن عبد العزيز عن الأعمش بإسناده بهذا الحديث، قال: ( ما كنت أرى باطن القدمين إلا أحق بالغسل؛ حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظهر خفيه ).

حدثنا محمد بن العلاء قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش بهذا الحديث، قال: ( لو كان الدين بالرأي، لكان باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما، وقد مسح النبي صلى الله عليه وسلم على ظهر خفيه ).

ورواه وكيع عن الأعمش بإسناده، قال: ( كنت أرى أن باطن القدمين أحق بالمسح من ظاهرهما؛ حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهرهما ). قال وكيع: يعني: الخفين.

ورواه عيسى بن يونس عن الأعمش، كما رواه وكيع.

ورواه أبو السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه، قال: ( رأيت علياً توضأ فغسل ظاهر قدميه، وقال: لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله ). حدثناه حامد بن يحيى قال: حدثنا سفيان عن أبي السوداء، وساق الحديث.

حدثنا موسى بن مروان، ومحمود بن خالد الدمشقي المعنى، قالا: حدثنا الوليد، قال محمود: أخبرنا ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة بن شعبة عن المغيرة بن شعبة، قال: ( وضأت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فمسح أعلى الخفين وأسفلهما ). قال أبو داود: وبلغني أنه لم يسمع ثور هذا الحديث من رجاء ].

ولهذا يضعفه البخاري وأبو حاتم والترمذي وغيرهم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الانتضاح

حدثنا محمد بن كثير، قال: حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن سفيان بن الحكم الثقفي -أو الحكم بن سفيان الثقفي- قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال يتوضأ وينتضح ). قال أبو داود: وافق سفيان جماعة على هذا الإسناد، وقال بعضهم: الحكم أو ابن الحكم.

حدثنا إسحاق بن إسماعيل، قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه، قال: ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم نضح فرجه ).

حدثنا نصر بن المهاجر، قال: حدثنا معاوية بن عمرو، قال: حدثنا زائدة عن منصور عن مجاهد عن الحكم -أو ابن الحكم- عن أبيه: ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ونضح فرجه ) ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا توضأ

حدثنا أحمد بن سعيد الهمداني، قال: حدثنا ابن وهب، قال: سمعت معاوية -يعني: ابن صالح- يحدث عن أبي عثمان عن جبير بن نفير عن عقبة بن عامر، قال: ( كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم خدام أنفسنا، نتناوب الرعاية -رعاية إبلنا- فكانت علي رعاية الإبل، فروحتها بالعشي، فأدركت رسول الله يخطب الناس، فسمعته يقول: ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ووجهه فقد أوجب، فقلت: بخٍ بخٍ ما أجود هذه! فقال رجل من بين يدي: التي قبلها يا عقبة! أجود منها، فنظرت فإذا هو عمر بن الخطاب. فقلت: ما هي يا أبا حفص؟ قال: إنه قال آنفاً قبل أن تجيء: ما منكم من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يقول حين يفرغ من وضوئه: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية، يدخل من أيها شاء ) ].

وفي هذا دليل على فضل الصحابة عليهم رضوان الله في تتبعهم للعلم ومنابعه، وكذلك في استدراك ما فات من مسائل العلم.

وكذلك فيه أنهم يعرفون تفاضل المسائل، فيبحثون عن الأفضل ولا يقتصرون على المفضول، وذلك لاغتنام الأجر بالفعل؛ ولهذا لما جادت هذه المسألة عنده بيّن له أن ثمة أجود منه، وصفة أهل الإيمان وأهل العلم أن يتبعون الأفضل، فذكر الله عز وجل عنهم أنهم يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ [الزمر:18]، يعني: ثمة أشياء ومراتب، فيأخذون الأعلى.

أما معرفة الدين بالجملة من غير معرفة مراتبه فهذا قصور، فلا بد من معرفة مراتب الدين وهي أفضل من هذه، ومعرفة العلوم، ومعرفة أفضل الصيام، حتى يحرص الإنسان ويأخذ من ذلك أعظم الأجر؛ ولهذا كان العلماء يتقدمون غيرهم؛ لأنهم يعرفون مواضع التجارة في العمل، فيعملون ويبلغون.

وفي هذا الحديث أنه لا يجوز للإنسان أن يعطل دنياه ولو لأجل العلم، فهناك من العلم ما يجب على الإنسان عيناً فيأخذه الإنسان، وما عدا ذلك فيحاول أن يحرص عليه؛ ولهذا كان الصحابة يتناوبون، ولو فاتهم شيء استدركوه؛ لأن الله عز وجل أوجب على الإنسان أن يقوم بكفاية أهله ونفسه عيناً، فجعل ولايته عليهم واجبة عينية، فيجب عليه أن يقوم بذلك، وأن يستدرك ما فاته قدر وسعه وإمكانه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال معاوية: وحدثني ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس عن عقبة بن عامر.

حدثنا الحسين بن عيسى، قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ عن حيوة بن شريح عن أبي عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، ولم يذكر أمر الرعاية، قال عند قوله: ( فأحسن الوضوء، ثم رفع نظره إلى السماء )، فقال: وساق الحديث بمعنى حديث معاوية ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يصلي الصلوات بوضوء واحد

حدثنا محمد بن عيسى، قال: حدثنا شريك عن عمرو بن عامر البجلي، قال محمد: هو أبو أسد بن عمرو، قال: ( سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن الوضوء، فقال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ لكل صلاة، وكنا نصلي الصلوات بوضوء واحد ).

حدثنا مسدد، قال: أخبرنا يحيى عن سفيان، قال: حدثني علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه، قال: ( صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح خمس صلوات بوضوء واحد، ومسح على خفيه، فقال له عمر رضي الله عنه: إني رأيتك صنعت اليوم شيئاً لم تكن تصنعه، قال: عمداً صنعته ) ].

وفي هذا شدة تتبع الصحابة لفعل النبي عليه الصلاة والسلام، فيعرف ما فعله عادة، وما خرج عن عادته، ومع أن الإنسان لا يتوضأ غالباً أمام الناس، ولكن يتتبع الصحابة فعل النبي عليه الصلاة والسلام، فيعرفون ما فعله في فتح مكة أن هذا يخالف الأصل، وفي هذا فضل الصحابة عليهم رضوان الله وسعة علمهم على من جاء بعدهم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب تفريق الوضوء

حدثنا هارون بن معروف، قال: حدثنا ابن وهب عن جرير بن حازم: أنه سمع قتادة بن دعامة قال: حدثنا أنس رضي الله عنه: ( أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظفر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ارجع فأحسن وضوءك ).

قال أبو داود: وهذا الحديث ليس بمعروف عن جرير بن حازم، ولم يروه إلا ابن وهب وحده، وقد روي عن معقل بن عبيد الله الجزري عن أبي الزبير عن جابر عن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، قال: ( ارجع فأحسن وضوءك ).

حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا يونس و حميد عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم بمعنى قتادة.

حدثنا حيوة بن شريح، قال: حدثنا بقية عن بحير -هو: ابن سعد- عن خالد عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يصلي وفي ظهر قدمه لمعة قدر الدرهم لم يصبها الماء، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء والصلاة ) ].

وهذا الحديث قواه الإمام أحمد رحمه الله، ومنهم من يعله بـبقية، والصواب: أنه قد صرح بالسماع.