خطب ومحاضرات
كتاب الحمام - كتاب اللباس
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
اللهم اغفر لنا ولشيخنا وعلمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا يا أرحم الراحمين.
أما بعد: فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمنا الله تعالى وإياه، قال: [بسم الله الرحمن الرحيم، أول كتاب الحمام.
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن عبد الله بن شداد عن أبي عذرة عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن دخول الحمامات، ثم رخص للرجال أن يدخلوها في الميازر ).
حدثنا محمد بن قدامة قال: حدثنا جرير، وحدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة جميعاً عن منصور عن سالم بن أبي الجعد، قال: ابن المثنى عن أبي المليح قال: ( دخل نسوة من أهل الشام على عائشة فقالت: ممن أنتن؟ قلن: من أهل الشام, قالت: لعلكن من الكورة التي تدخل نساؤها الحمامات, قلن: نعم, قالت: أما إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرأة تخلع ثيابها في غير بيتها إلا هتكت ما بينها وبين الله عز وجل ).
هذا حديث جرير وهو أتم, ولم يذكر جرير أبا المليح وقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ].
وإنما نهي عن الحمامات لكشف العورات؛ وذلك أن تكون مبان واحدة لا يستتر فيها الرجل عن الرجال إلا بنحو دون السرة, أو نحو ذلك, وكذلك أيضاً النساء, فإنما نهي عنها لهذا الأمر، وليس المقصود بها الحمامات التي تقضى فيها الحاجة, وإنما هي مواضع الاغتسال, ولم تكن معروفة في الحجاز, وإنما عرفت في الشام ثم انتشرت في بقية بلدان المسلمين.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير قال: حدثنا عبد الرحمن بن زياد بن أنعم عن عبد الرحمن بن رافع عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إنها ستفتح لكم أرض العجم، وستجدون فيها بيوتاً يقال لها: الحمامات فلا يدخلنها الرجال إلا بالأزر, وامنعوها النساء إلا مريضة أو نفساء )].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبد الله بن محمد بن نفيل قال: حدثنا زهير عن عبد الملك بن أبي سليمان العرزمي عن عطاء عن يعلى ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً يغتسل بالبراز بلا إزار, فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل حيي ستير يحب الحياء والستر, فإذا اغتسل أحدكم فليستتر ).
حدثنا محمد بن أحمد بن أبي خلف قال: حدثنا الأسود بن عامر قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن صفوان بن يعلى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث.
قال أبو داود: الأول أتم ].
المرسل أشبع, صوبه الإمام أحمد رحمه الله, و أبو زرعة و أبو حاتم وغيرهم من أئمة النقد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن أبي النضر عن زرعة بن عبد الرحمن بن جرهد عن أبيه قال: ( كان جرهد هذا من أصحاب الصفة أنه قال: جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم عندنا وفخذي منكشفة, فقال: أما علمت أن الفخذ عورة؟ ) .
حدثنا علي بن سهل الرملي قال: حدثنا حجاج عن ابن جريج قال: أخبرت عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تكشف فخذك، ولا تنظر إلى فخذ حي ولا ميت ).
قال أبو داود: هذا الحديث فيه نكارة ].
أما حديث جرهد فقد أعله البخاري رحمه الله في كتابه الصحيح, وأما الحديث الثاني الذي يليه ففيه انقطاع, وفيه تفرد عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب، وكذلك ابن جريج لم يسمعه من حبيب بن أبي ثابت, ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيصل في الفخذ, والأحاديث في ذلك معلولة, ولكن العلماء يأخذون بذلك للاحتياط؛ لأن الفخذ لها بداية, وبدايتها من جهة الركبة, وإذا لم تدخل كلها في باب العورة فإنه لا حد لها, ولهذا العلماء يغلقون هذا الباب بقولهم: إن الفخذ عورة, ويستأنسون بالأحاديث الواردة في هذا الباب, ولهذا يقول البخاري رحمه الله: باب فيما يذكر في الفخذ عورة, ثم ذكر فيه حديث جرهد وحديث أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى, وقال: حديث أنس بن مالك أسند وحديث جرهد أحوط, يعني: جرهد وحديث الفخذ عورة, باعتبار أننا إذا قلنا: إن الفخذ ليست بعورة فإلى أين تنتهي؟! لأنها تبدأ من الركبة ثم تعلو.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [قال أبو داود: هذا الحديث فيه نكارة.
حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل عن المسور بن مخرمة قال: ( حملت حجراً ثقيلاً، فبينا أمشي فسقط عني ثوبي فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذ عليك ثوبك ولا تمشوا عراة ).
حدثنا عبد الله بن مسلمة قال: حدثنا أبي، وحدثنا ابن بشار قال: حدثنا يحيى نحوه عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: ( قلت: يا رسول الله, عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك, قال: قلت: يا رسول الله, إذا كان القوم بعضهم في بعض؟ قال: إن استطعت ألا يرينها أحد فلا يرينها, قال: قلت: يا رسول الله, إذا كان أحدنا خالياً؟ قال: الله أحق أن يستحيا منه من الناس ) ].
وفي هذا كراهة التعري خالياً؛ وذلك للحفاظ على غريزة الحياء في نفس الإنسان, فإنها تكسر ولو كان الإنسان خالياً.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( لا ينظر الرجل إلى عرية الرجل، ولا المرأة إلى عرية المرأة, ولا يفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في ثوب واحد ).
حدثنا إبراهيم بن موسى قال: أخبرنا ابن علية عن الجريري وحدثنا مؤمل بن هشام قال: حدثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي نضرة عن رجل من الطفاوة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا يفضين رجل إلى رجل، ولا امرأة إلى امرأة إلا إلى ولد أو والد, قال: وذكر الثالثة فنسيتها ) ].
الحديث معلول أيضاً للجهالة في إسناده.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا ابن المبارك عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه إما قميصاً أو عمامة ثم يقول: اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه، أسألك من خيره وخير ما صنع له, وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له, قال أبو نضرة: فكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له: تبلى ويخلف الله عز وجل ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا عيسى بن يونس عن الجريري بإسناده نحوه .
حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن دينار عن الجريري بإسناده ومعناه.
قال أبو داود: رواه عبد الوهاب الثقفي عن الجريري لم يذكر فيه أبا سعيد و حماد بن سلمة قال: عن الجريري عن أبي العلاء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو داود: حماد بن سلمة والثقفي سماعهما واحد.
حدثنا نصير بن الفرج قال: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثنا سعيد بن أبي أيوب عن أبي مرحوم عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من أكل طعاماً ثم قال: الحمد لله الذي أطعمني هذا الطعام ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه, ومن لبس ثوباً فقال: الحمد لله الذي كساني هذا الثوب ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ) ].
هذا الحديث منكر؛ وذلك أن كل خبر جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم وفيه غفران الذنب الذي يتأخر لمن عمل عملاً فهو منكر، ولا يثبت في هذا الباب شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم, وقد أشرنا إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما ثبت عنه ذلك في حقه خاصة, وجاء أيضاً فيما يتعلق بأهل بدر قوله ( افعلوا ما شئتم ), وهذا أيضاً لا يعني غفران, ولكن لعظم سابقتهم في الإسلام.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إسحاق بن الجراح الأذني قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بكسوة فيها خميصة صغيرة فقال: من ترون أحق بهذه؟ فسكت القوم فقال: ائتوني بـأم خالد، فأتي بها فألبسها إياها, ثم قال: أبلي وأخلقي مرتين, وجعل ينظر إلى علمه في الخميصة أحمر أو أصفر ويقول: سناه سناه يا أم خالد) , وسناه في كلام الحبشة الحسن ].
وفي هذا أنه لا بأس بكلام اللفظة واللفظتين من الأعجمية, ولو كان ذلك بلا حاجة, شريطة ألا يكون ذلك لساناً للإنسان دارجاً, فيستعمل لغة الأعجم عند الحاجة, وأما بلا حاجة, فإن هذا يورث للإنسان حباً لأهل اللسان.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا إبراهيم بن موسى قال: حدثنا الفضل بن موسى عن عبد المؤمن بن خالد الحنفي عن عبد الله بن بريدة عن أم سلمة قالت: ( كان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص ).
حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا أبو تميلة قال: حدثني عبد المؤمن بن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة قالت: ( لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قميص ).
حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي قال: حدثنا معاذ بن هشام عن أبيه عن بديل بن ميسرة عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت: ( كانت يد كم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرسغ ) ].
وهذا لا يصح أيضاً؛ في إسناده شهر بن حوشب, كذلك أيضاً من الفقهاء من يقول بكراهة الإسبال في اليد, ولكن نقول: لا يثبت في هذا شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة بن سعيد و يزيد بن خالد بن موهب المعنى أن الليث حدثهم عن عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة عن المسور بن مخرمة أنه قال: ( قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية ولم يعط مخرمة شيئاً, فقال مخرمة: يا بني انطلق بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلقت معه, قال: ادخل فادعه لي, قال: فدعوته, فخرج إليه وعليه قباء منها, فقال: خبأت هذا لك, قال: فنظر إليه ), زاد ابن موهب: ( مخرمة ), ثم اتفقا: ( رضي مخرمة ), قال: قتيبة عن ابن أبي مليكة لم يسمه].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا أبو عوانة، وحدثنا محمد بن عيسى عن شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن المهاجر الشامي عن ابن عمر قال: في حديث شريك يرفعه, قال: ( من لبس ثوب شهرة ألبسه الله يوم القيامة ثوباً مثله ), زاد عن أبي عوانة ( ثم تلهب فيه النار ).
حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة قال: ( ثوب مذلة ).
حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا عبد الرحمن بن ثابت قال: حدثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشي عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من تشبه بقوم فهو منهم ) ].
وهذا كذلك أيضاً معلول, لكن معناه صحيح.
والمراد بثوب الشهرة هو ما يمتاز به الإنسان عن غيره من سواد الناس, ولا يوجد من يشركه من الناس أحد, وإنما نهي عن لبس الشهرة؛ لأنه يورث الكبر والغطرسة, فنهي عن ذلك, ولا حد له, وإنما يرجع فيه إلى عرف الناس, فإذا كان الناس يلبسون لوناً معيناً وامتاز عنهم بلون فهذا من لباس الشهرة, ولكن إذا وجد في الناس من يلبس هذا اللون ولكنهم قليل, لو وجد من يلبس الأبيض والأسود والأحمر والأصفر فأخذ من أحد هذه الألوان التي توجد في الناس, فهذا ليس بلباس شهرة. فلباس الشهرة هو الذي يمتاز به يقال: هذا فلان, لو رؤي عرف أنه فلان لا يشاركه فيه أحد.
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا زهير بن حرب قال: حدثنا عبد الرحمن وحدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن وهب مولى أبي أحمد عن أم سلمة ( أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي تختمر، فقال: لية لا ليتين ).
قال أبو داود: معنى قوله: ( لية لا ليتين ), يقول: لا تعتم مثل الرجل لا تكرره طاقاً أو طاقين].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا يزيد بن خالد بن يزيد بن عبد الله بن موهب الرملي وحسين بن علي قالا: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن مصعب بن شيبة عن صفية بنت شيبة عن عائشة قالت: ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه مرط مرحل من شعر أسود ), وقال حسين: حدثنا يحيى بن زكريا حدثنا إبراهيم بن العلاء الزبيدي قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك عن لقمان بن عامر عن عتبة بن عبد السلمي قال: ( استكسيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكساني خيشتين, فلقد رأيتني وأنا أكسى أصحابي ).
حدثنا عمرو بن عون قال: حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أبي بردة قال: ( قال لي أبي: يا بني, لو رأيتنا ونحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم وقد أصابتنا السماء حسبت أن ريحنا ريح الضأن ).
قال أبو داود: يعني: من لباس الصوف].
قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس بن مالك ( أن ملك ذي يزن أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حلة أخذها بثلاثة وثلاثين بعيراً أو ثلاث وثلاثين ناقة فقبلها ).
حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن علي بن زيد عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اشترى حلة ببضعة وعشرين قلوصاً، فأهداها إلى ذي يزن )].
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
كتاب الطهارة [5] | 2709 استماع |
كتاب الطهارة [8] | 2689 استماع |
كتاب الترجل - كتاب الخاتم | 2318 استماع |
كتاب الصلاة [21] | 2312 استماع |
كتاب الأيمان والنذور [2] | 2305 استماع |
كتاب الطهارة [9] | 2297 استماع |
كتاب الطهارة [2] | 2222 استماع |
كتاب الطهارة [4] | 2166 استماع |
كتاب الصلاة [20] | 2129 استماع |
كتاب الصلاة [6] | 2119 استماع |