كتاب الضحايا


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام علي نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

اللهم اغفر لنا ولشيخنا وللحاضرين.

أما بعد:

فبأسانيدكم إلى الإمام أبي داود رحمه الله تعالى قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما جاء في إيجاب الأضاحي

حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد، ح وحدثنا حميد بن مسعدة قال: حدثنا بشر عن عبد الله بن عون عن عامر أبي رملة قال: أخبرنا مخنف بن سليم قال: ( ونحن وقوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات قال: يا أيها الناس! إن على كل أهل بيت في كل عام أضحيةً وعتيرةً )، أتدرون ما العتيرة هذه؟ التي يقول الناس: الرجبية.

قال أبو داود: العتيرة منسوخة.

حدثنا هارون بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن يزيد قال: حدثني سعيد بن أبي أيوب قال: حدثني عياش بن عباس القتباني عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أمرت بيوم الأضحى عيداً جعله الله عز وجل لهذه الأمة، قال الرجل: أرأيت إن لم أجد إلا منيحة ابني أفأضحي بها؟ قال: لا، ولكن تأخذ من شعرك وأظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك فتلك تمام أضحيتك عند الله عز وجل )].

الصواب أن الأضاحي سنة، ولهذا جاء عند البيهقي وغيره أن أبا بكر وعمر تركاها حتى لا يظن أنها واجبة، فهي من السنن المتأكدة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الأضحية عن الميت

حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا شريك عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش قال: ( رأيت علياً يضحي بكبشين، فقلت له: ما هذا؟ فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصاني أن أضحي عنه، فأنا أضحي عنه )].

وحديث علي أيضاً لا يصح فيه أبو الحسناء لا يعرف، وحنش ضعيف.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا عمرو بن مسلم الليثي قال: سمعت سعيد بن المسيب يقول: سمعت أم سلمة تقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من كان له ذبح يذبحه، فإذا أهل هلال ذي الحجة فلا يأخذن من شعره ولا من أظفاره شيئًا حتى يضحي ) ].

وهذا في الصحيح لكن أعله الدارقطني بالوقف، وظاهر صنيع مسلم أنه يصححه مرفوعاً، واختلف في النهي عن الأخذ هل هو على سبيل الكراهة أو على التحريم؟ على قولين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ قال أبو داود: اختلفوا على مالك وعلى محمد بن عمرو في عمرو بن مسلم قال بعضهم: عمر، وأكثرهم قال: عمرو.

قال أبو داود: وهو عمرو بن مسلم بن أكيمة الليثي الجندعي].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [حدثنا أحمد بن صالح قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني حيوة قال: حدثني أبو صخر عن ابن قسيط عن عروة بن الزبير عن عائشة ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن يطأ في سواد وينظر في سواد ويبرك في سواد، فأتي به فضحى به، فقال: يا عائشة هلمي المدية، ثم قال: اشحذيها بحجر، ففعلت، فأخذها وأخذ الكبش فأضجعه وذبحه، وقال: بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد، ثم ضحى به صلى الله عليه وسلم ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا وهيب عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر سبع بدنات بيده قياماً، وضحى بالمدينة بكبشين أقرنين أملحين ) .

حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن أنس ( أن النبي صلى الله عليه وسلم: ضحى بكبشين أقرنين أملحين يذبح ويكبر ويسمي، ويضع رجله على صفحتهما ).

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي قال: حدثنا عيسى قال: حدثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عياش عن جابر بن عبد الله قال: ( ذبح النبي صلى الله عليه وسلم يوم الذبح كبشين أقرنين أملحين موجأين، فلما وجههما قال: إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفاً وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، اللهم منك ولك وعن محمد وأمته، باسم الله والله أكبر، ثم ذبح ).

حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا حفص عن جعفر عن أبيه عن أبي سعيد قال: ( كان رسول الله يضحي صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل، ينظر في سواد ويأكل في سواد ويمشي في سواد )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يجوز من السن في الضحايا

حدثنا أحمد بن أبي شعيب الحراني قال: حدثنا زهير بن معاوية قال: حدثنا أبو الزبير عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لا تذبحوا إلا مسنةً إلا أن يعسر عليكم فتذبحوا جذعةً من الضأن ).

حدثنا محمد بن صدران قال: حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثني عمارة بن عبد الله بن طعمة عن سعيد بن المسيب عن زيد بن خالد الجهني قال: ( قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه ضحايا، فأعطاني عتوداً جذعاً، قال: فرجعت إليه فقلت: إنه جذع، قال: ضح به، فضحيت به ).

حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: ( كنا مع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له: مجاشع من بني سليم، فعزت الغنم، فأمر منادياً فنادى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: إن الجذع يوفي مما يوفي منه الثني ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا منصور عن الشعبي عن البراء قال: ( خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: من صلى صلاتنا، ونسك نسكنا فقد أصاب النسك، ومن نسك قبل الصلاة، فتلك شاة لحم، فقام أبو بردة بن نيار فقال: يا رسول الله! والله لقد نسكت قبل أن أخرج إلى الصلاة، وعرفت أن اليوم يوم أكل وشرب فتعجلت فأكلت وأطعمت أهلي وجيراني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تلك شاة لحم، فقال: إن عندي عناقاً جذعةً وهي خير من شاتي لحم فهل تجزئ عني؟ قال: نعم ولن تجزئ عن أحد بعدك ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا خالد عن مطرف عن عامر عن البراء بن عازب قال: ( ضحى خال لي يقال له: أبو بردة قبل الصلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: شاتك شاة لحم؟ فقال: يا رسول الله إن عندي داجناً جذعةً من المعز فقال: اذبحها ولا تصلح لغيرك )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب ما يكره من الضحايا

حدثنا حفص بن عمر النمري قال: حدثنا شعبة عن سليمان بن عبد الرحمن عن عبيد بن فيروز قال: ( سألت البراء بن عازب ما لا يجوز في الأضاحي؟ فقال: قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم -وأصابعي أقصر من أصابعه، وأناملي أقصر من أنامله- فقال: أربع لا تجوز في الأضاحي، فقال: العوراء بين عورها، والمريضة بين مرضها، والعرجاء بين ظلعها، والكسير التي لا تنقي، قال: قلت: فإني أكره أن يكون في السن نقص، قال: ما كرهت فدعه، ولا تحرمه على أحد ).

قال أبو داود: تنقي ليس لها مخ.

حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي أخبرنا ح وحدثنا علي بن بحر قال: حدثنا عيسى، المعنى عن ثور قال: حدثني أبو حميد الرعيني قال: أخبرني يزيد ذو مصر قال: ( أتيت عتبة بن عبد السلمي فقلت: يا أبا الوليد ! إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئاً يعجبني غير ثرماء فكرهتها فما تقول؟ قال: أفلا جئتني بها؟ قلت: سبحان الله تجوز عنك ولا تجوز عني! قال: نعم إنك تشك ولا أشك، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصلة والبخقاء والمشيعة والكسراء، والمصفرة: التي تستأصل أذنها حتى يبدو سماخها، والمستأصلة: التي استؤصل قرنها من أصله، والبخقاء: التي تبخق عينها، والمشيعة: التي لا تتبع الغنم عجفاً وضعفاً، والكسراء: الكسيرة ) ].

في الإسناد أبو حميد ويزيد مجهولان.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا زهير قال: حدثنا أبو إسحاق عن شريح بن النعمان وكان رجلاً صدق عن علي قال: ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذنين، ولا نضحي بعوراء ولا مقابلة ولا مدابرة ولا خرقاء ولا شرقاء، قال زهير: فقلت لـأبي إسحاق: أذكر عضباء؟ قال: لا، قلت: فما المقابلة؟ قال: يقطع طرف الأذن، قلت: فما المدابرة؟ قال: يقطع من مؤخر الأذن، قلت: فما الشرقاء؟ قال: تشق الأذن، قلت: فما الخرقاء؟ قال: تخرق أذنها للسمة ).

حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا هشام عن قتادة عن جري بن كليب عن علي

أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يضحى بعضباء الأذن والقرن).

قال أبو داود: جري: بصري وسدوسي لم يحدث عنه إلا قتادة ].

هذا الحديث لا يصح مرفوعاً، والصواب أنه موقوف، رجح الوقف البخاري والدارقطني وغيرهما وذلك أنه خولف فيه أبو إسحاق في رفعه، والصواب فيه الوقف.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا هشام عن قتادة قال: قلت لـسعيد بن المسيب: ما الأعضب؟ قال: النصف فما فوقه].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في البقر والجزور عن كم تجزئ

حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله قال: ( كنا نتمتع في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نذبح البقرة عن سبعة، والجزور عن سبعة نشترك فيها ).

حدثنا موسى بن إسماعيل قال: حدثنا حماد عن قيس عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( البقرة عن سبعة، والجزور عن سبعة ).

حدثنا القعنبي عن مالك عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله أنه قال: ( نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية البدنة عن سبعة، والبقرة عن سبعة ) ].

والكبش أفضل من شرك الإبل والبقر لفعل النبي عليه الصلاة والسلام.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب الإمام يذبح بالمصلى

حدثنا عثمان بن أبي شيبة أن أبا أسامة حدثهم عن أسامة عن نافع عن ابن عمر ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذبح أضحيته بالمصلى، وكان ابن عمر يفعله )].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [باب في حبس لحوم الأضاحي

حدثنا القعنبي عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن قالت: ( سمعت عائشة تقول: دف ناس من أهل البادية حضرة الأضحى في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ادخروا الثلث وتصدقوا بما بقي، قالت: فلما كان بعد ذلك قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لقد كان الناس ينتفعون من ضحاياهم، ويجملون منها الودك، ويتخذون منها الأسقية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما ذاك؟ أو كما قال قالوا: يا رسول الله نهيت عن إمساك لحوم الضحايا بعد ثلاث؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما نهيتكم من أجل الدافة التي دفت عليكم، فكلوا وتصدقوا وادخروا ).

حدثنا مسدد قال: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا خالد الحذاء عن أبي المليح عن نبيشة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنا كنا نهيناكم عن لحومها أن تأكلوها فوق ثلاث؛ لكي تسعكم، فقد جاء الله بالسعة، فكلوا وادخروا واتجروا، ألا وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل ) ].

والمراد بذلك هو دفع البخل، وذلك أن النفوس تتشوف إلى الادخار، فجاءت الشريعة بالنهي عن الحبس فوق ثلاث؛ لأن هذه الأيام الثلاثة هي أيام أكل وشرب، فجاء الحث على التصدق بها، والسنة في ذلك أن تقسم إلى ثلاثة أقسام.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: في المسافر يضحي.

قال: حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي وقال: حدثنا حماد بن خالد الخياط قال: حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير عن ثوبان قال : ( ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: يا ثوبان! أصلح لنا لحم هذه الشاة, قال: فما زلت أطعمه منها حتى قدمنا المدينة )].