كتاب الطهارة [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

أما بعد:

فأخبركم إجازة محمد بن عبد الله الصومالي، ويحيى بن عثمان المدرس كلاهما عن سليمان بن عبد الرحمن الحمدان عن أحمد الله الدهلوي الهندي عن نذير حسين، قال: أخبرنا محمد إسحاق الدهلوي سماعاً لجميعه، قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد بن عبد الرحيم الدهلوي إجازة إن لم يكن سماعاً عن والده سماعاً لأغلبه، قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن إبراهيم الكوراني الكردي عن أبيه عن أحمد بن محمد المدني عن .. محمد بن أحمد بن حمزة الرمي عن زكريا الأنصاري (ح) وعن أبي طاهر، قال: أخبرنا الحسن العجيمي، قال: أخبرنا البابلي سماعاً لغالبه وإجازة لباقيه عن سالم السنهوري، قال: أخبرنا النجم الغيطي، قال: أخبرنا زكريا الأنصاري بجميعه إلا يسير .. فإجازة عن ابن الفرات عبد الرحيم بن محمد عن أبي حفص عمرو بن الحسن المراغي عن فخر بن البخاري علي بن أحمد عن أبي حفص عمرو بن محمد بن طبرزد البغدادي، قال: أنبأنا الشيخان أبو الوليد إبراهيم بن محمد بن مصون الفرخي، وأبو الفتح المفلح بن أحمد بن محمد الدوني سماعاً عليهما ملفقاً، قالا: أنبأنا بها الحافظ أبو بكر بن أحمد بن علي ثابت الخطيب البغدادي، قال: أنبأنا أبو عمرو القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي، قال: أنبأنا أبو علي محمد بن أحمد بن عمرو اللؤلؤي، قال: أنبأنا بها أبو داود سليمان بن الأشعث بن إسحاق بن بشير بن شداد الأزدي السجستاني رحمنا الله وإياهم جميعاً، قال: [ كتاب الطهارة ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرجل يتبوأ لبوله

حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا حماد، قال: أخبرنا أبو التياح، قال: حدثني شيخ، قال: ( لما قدم عبد الله بن عباس البصرة، فكان يحدث عن أبي موسى، فكتب عبد الله إلى أبي موسى يسأله عن أشياء، فكتب إليه أبو موسى: إني كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فأراد أن يبول، فأتى دمثاً في أصل جدار فبال، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد لبوله موضعاً ) ].

الأصل في ذلك: أن الإنسان يبتعد عن رؤية الناس في حال قضاء الحاجة، ويشدد في ذلك عند البراز والغائط، أما بالنسبة للبول فإنه أهون؛ ولهذا نقول: إنه جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام الابتعاد وهذا هو الأصل، وجاء عن النبي عليه الصلاة والسلام القرب في البول، وأما في الغائط فلم يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام القرب إلا في طلب الحجارة، حينما طلب الحجارة وهو على الغائط عليه الصلاة والسلام، أو كان ذلك عارضاً ممن يأتيه بلا قصد كمن جاءه وهو يبول عليه الصلاة والسلام فسلم عليه.

وحديث أبي موسى فيه جهالة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما يقول الرجل إذا دخل الخلاء

حدثنا مسدد بن مسرهد، قال: حدثنا حماد بن زيد، و عبد الوارث عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء، قال: عن حماد، قال: اللهم إني أعوذ بك ). وقال: عن عبد الوارث قال: ( أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث ).

حدثنا الحسن بن عمرو -يعني: السدوسي- قال: أخبرنا وكيع عن شعبة عن عبد العزيز هو: ابن صهيب عن أنس بهذا الحديث، قال: ( اللهم إني أعوذ بك ). وقال شعبة: وقال مرة: ( أعوذ بالله ).

حدثنا عمرو بن مرزوق، قال: أخبرنا شعبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إن هذه الحُشُوش محتضرة، فإذا أتى أحدكم الخلاء فليقل: أعوذ بالله من الخُبُث والخبائث ) ].

وهذا في كل شيء نجس، كلما كان أنجس وأقذر فهو أقرب إلى الشيطان، وكذلك في الأبدان، كلما كان الإنسان أطهر فإنه أبعد عن الشيطان، وإذا كان أنجس فإن الشيطان أقرب إليه.

والنجاسة على معنيين: المعنى الحسي والمعنوي.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية استقبال القبلة عند قضاء الحاجة

حدثنا مسدد بن مسرهد، قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد عن سلمان قال: ( قيل له: لقد علمكم نبيكم كل شيء حتى الخراءة، قال: أجل، لقد نهانا صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة بغائط أو بول، وألا نستنجي باليمين، وألا يستنجي أحدنا بأقل من ثلاثة أحجار، أو نستنجي برجيع أو عظم ).

حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي، قال: حدثنا ابن المبارك عن محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلمكم، فإذا أتى أحدكم الغائط فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها ولا يستطب بيمينه، وكان يأمر بثلاثة أحجار، وينهى عن الروث والرِّمة ) ].

مقام النبوة أعظم، ومع ذلك قال: ( إنما أنا لكم بمنزلة الوالد )، والمراد بذلك أمور:

منها: أن مثل هذه المواضع وهذه الأشياء تتعلق بالأبوين، ويستحى من إظهارها، فأراد النبي عليه الصلاة والسلام تلطيفاً للنفوس وتقريباً أنه بمنزلة الوالد، وإلا فمقام النبوة من جهة الأصل أعظم وأشرف من أي لقب، ولكن النبي عليه الصلاة والسلام لما كانت مثل هذه الأمور إنما تخص الإنسان بتربية أهله ووالديه له أراد أن يبين ذلك الأمر. وفي هذا تلطف النبي عليه الصلاة والسلام وتودده لأصحابه، واحترام نفوسهم ومشاعرهم ألا يأتي ببيان حكم من خصائصهم إلا بمقدمة تبين رحمته وشفقته وقربه منه؛ ولهذا إذا أراد الإنسان أن يخاطب أحداً من الناس بشيء خاص فيقول له: أنا كالأخ لك وكالوالد؛ لأن فتح أمثال هذه الأمور ربما تنفر الإنسان، وربما يقول الإنسان ما سبب صلة الناس بهذا الشيء؟ وما علاقة فلان بمثل هذا القول؟ فإذا لطف الأمر بقوله: أنا بمنزلة الوالد، أو بمنزلة الأخ، أو بمنزلة الصديق.. أو غير ذلك، وكان بعيداً عنه ونحو ذلك، فهذا يلطف القلب ويرققه لقبول الحق، وهذا أسلوب نبوي من النبي عليه الصلاة والسلام، فمع علو منزلة النبي صلى الله عليه وسلم ومقامه إلا أنه فعله، فرسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة في التدخل في خصائص الناس وتعليمهم من الأشياء التي ربما يتحفظون عن ذكرها إلا بشي من المقدمة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا مسدد بن مسرهد، قال: حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب رواية، قال: ( إذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا، فقدمنا الشام فوجدنا مراحيض قد بنيت قبل القبلة فكنا ننحرف عنها ونستغفر الله ).

حدثنا موسى بن إسماعيل، قال: حدثنا وهيب، قال: حدثنا عمرو بن يحيى عن أبي زيد عن معقل بن أبي معقل الأسدي، قال: ( نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلتين ببول أو غائط ). قال أبو داود : وأبو زيد هو مولى بني ثعلبة ].

وأبو زيد لا يعرف، قال هنا: المديني.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن يحيى بن فارس، قال: حدثنا صفوان بن عيسى عن الحسن بن ذكوان عن مروان الأصفر، قال: ( رأيت ابن عمر أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول إليها، فقلت: يا أبا عبد الرحمن! أليس قد نهي عن هذا؟ قال: بلى إنما نهي عن ذلك في الفضاء، فإذا كان بينك وبين القبلة شيء يسترك فلا بأس ) ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب الرخصة في ذلك

حدثنا عبد الله بن مسلمة عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن عبد الله بن عمر، قال: ( لقد ارتقيت على ظهر البيت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على لبنتين مستقبل بيت المقدس لحاجته ).

حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا وهب بن جرير، حدثنا أبي، قال: سمعت محمد بن إسحاق يحدث عن أبان بن صالح عن مجاهد عن جابر بن عبد الله، قال: ( نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم أن نستقبل القبلة ببول، فرأيته قبل أن يقبض بعام يستقبلها ) ].

وهذا الحديث صحيح، وإن ضعفه ابن عبد البر وابن حزم؛ لأن فيه أبان، فـابن حزم يرى أنه مجهول، ويضعفه ابن عبد البر رحمه الله، وهذا الحديث صحيح، صححه جماعة كـالبخاري وابن خزيمة وغيره، وبه نعلم أن بعض الأئمة ربما يجهل الراوي ويحكم عليه بالجهالة وغيره يعرفه، وربما لبعد بلد ابن حزم عن معاقل الوحي والرواية قد جهل بعض الرواة، وربما خلط بعضهم ببعض وهو يسير.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كيف التكشف عند الحاجة

حدثنا زهير بن حرب، قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن رجل عن ابن عمر رضي الله عنهما: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد حاجة لا يرفع ثوبه حتى يدنو من الأرض ). قال أبو داود : رواه عبد السلام بن حرب عن الأعمش عن أنس بن مالك، وهو ضعيف ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب كراهية الكلام عند الحاجة

حدثنا عبيد الله بن عمر بن ميسرة، قال: حدثنا ابن مهدي، قال: حدثنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن عياض، قال: حدثني أبو سعيد، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( لا يخرج الرجلان يضربان الغائط كاشفين عن عورتهما يتحدثان، فإن الله عز وجل يمقت على ذلك ). قال أبو داود : هذا لم يسنده إلا عكرمة بن عمار ].

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب أيرد السلام وهو يبول

حدثنا عثمان، وأبو بكر ابنا أبي شيبة، قالا: حدثنا عمر بن سعد عن سفيان عن الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر، قال: ( مر رجل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه ). قال أبو داود : وروي عن ابن عمر وغيره: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم تيمم ثم رد على الرجل السلام ) ].

الكلام عند قضاء الحاجة يكره، وتشتد الكراهة إذا كان بذكر فيه اسم الله سبحانه وتعالى، فينهى عن ذلك؛ ولهذا نقول: إن ذكر الله عز وجل في الخلاء على حالتين:

الحالة الأولى: أن يكون في الخلاء وهو على غير حال قضاء الحاجة، فهذا يكره.

والحالة الثانية: أن يكون في حال قضاء الحاجة وهذا يحرم بذكر الله، ويكره بغير ذكر الله ولا يحرم.

قال: [ حدثنا محمد بن المثنى، قال: حدثنا عبد الأعلى، قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين بن المنذر أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ: ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه حتى توضأ، ثم اعتذر إليه فقال: إني كرهت أن أذكر الله عز وجل إلا على طهر، أو قال: على طهارة ) ].

وفي هذا أيضاً: الاعتذار من النبي عليه الصلاة والسلام لمن سلم عليه ولم يرد عليه، ولو كان ذلك بعد وقت.

وفيه أيضاً: أن الإنسان إذا لم يتمكن من السلام كأن سلم عليه وهو في صلاة فإذا قضاها فإنه يرد السلام بعد ذلك. كذلك في أصل الاعتذار فإنه في حال عدم علم الإنسان بالعذر فعليه أن يبين له العذر.

وقد يؤخذ من هذا: أن النبي عليه الصلاة والسلام لم ينه عن السلام عليه، ولكنه بيّن عذره، وكذلك بالنسبة للمصلي: هل الإنسان يسلم عليه؟ نقول: يسلم عليه؛ لأن في هذا نوعاً من التسكين والتطمين بأن الذي أتى لا يخوف ولا يوجل منه، كذلك في قضاء الحاجة يسلم عليه، ويعذر في عدم رده، وفي الصلاة يسلم ويعذر في عدم رده، فإذا تمكن رده أو اعتذر.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب في الرجل يذكر الله تعالى على غير طهر

حدثنا محمد بن العلاء، قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة -يعني: الفأفاء- عن البهي عن عروة عن عائشة قالت: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الله عز وجل على كل أحيانه ) ].


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
كتاب الطهارة [5] 2709 استماع
كتاب الطهارة [8] 2689 استماع
كتاب الترجل - كتاب الخاتم 2318 استماع
كتاب الصلاة [21] 2312 استماع
كتاب الأيمان والنذور [2] 2305 استماع
كتاب الطهارة [9] 2297 استماع
كتاب الطهارة [2] 2222 استماع
كتاب الطهارة [4] 2166 استماع
كتاب الصلاة [20] 2129 استماع
كتاب الصلاة [6] 2119 استماع