خطب ومحاضرات
أتدري ما الله
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين, وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
تكريم الله للإنسان بالعقل والوحي
فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخليقة وأرشدهم ودلهم, وجعل الله عز وجل وسائل للإرشاد في هذه الأرض, منهم ما دليله وإرشاده قائم في ذاته مع خلقته, ومنهم من كرمه الله سبحانه وتعالى وزاده قوة في ذلك؛ كما أكرم الله عز وجل الإنسان, أكرم بني آدم بالعقل, وجعل لهم من الإدراك ما يستوعبون فيه نعم الله عز وجل وآياته وآلائه.
وكذلك أيضاً يكرم الله سبحانه وتعالى الخلق بالوحي, ولهذا أرسل الله عز وجل الرسل, وأنزل الكتب, وأظهر البينات والحجج, وجعل الله عز وجل أيضاً مع الأنبياء من المعجزات ما يظهر بذلك الحق الذي يرشد الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى, ولهذا جعل الله عز وجل ما في الكون من آيات ومن دلالات وبراهين تدل على الخالق سبحانه وتعالى وترشد إليه, سواء استدل الإنسان بذلك بنظره وعقله المجرد أم دل على ذلك النص الظاهر من كلام الله سبحانه وتعالى, وكل ذلك يحتاج إلى تأمل وطول نظر, وكلما أمعن الإنسان وأدام النظر في ذلك؛ فإنه يخرج بنتائج تختلف عن غيرها, ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى بالنظر إلى السماء, ليس كرة ولا كرتين؛ حتى يصل الإنسان في ذلك إلى معرفة الحقائق من آيات الله ودلائله وبراهينه التي تدل الإنسان إليه.
وجوب معرفة الله على الخلق
إن معرفة الله سبحانه وتعالى أمر واجب على الخليقة, وكذلك أيضاً معرفة آيات الله عز وجل ومعرفة مخلوقاته سبيل موصل إلى معرفة الله, ولهذا فإن الإنسان لا يعرف قيمة نفسه إلا بمعرفة خالقه, ولا يعرف قيمة المخلوقات إلا وقد عرف الخالق, وكلما ضعف الإنسان في معرفة الله سبحانه وتعالى فهذا أمارة على ضعفه في تأمل آيات الله عز وجل ومخلوقاته, ولهذا كثيراً في القرآن يأمر الله جل وعلا عباده أن ينظروا, وأن يتفكروا, وأن يعتبروا, وأن يستبصروا, وغير ذلك من المعاني والمترادفات في كلام الله سبحانه وتعالى, التي تأمر الإنسان أن يتأمل ويتفكر ويستبصر في آيات الله عز وجل ومخلوقاته, سواء ما قرب عنده أو ما كان بعيداً, ولهذا إنما يؤتى الناس حينما يعصون الله عز وجل بسبب عدم معرفتهم بحق الله عز وجل وقدره, ويضل في جانب حق الله عز وجل ويفرط ويضيع إذا لم يعرف مقدار حق الله جل وعلا على العبد، ولهذا إنما يضل المشركون في هذا الباب فيعبدون غير الله لاختلال توازن المعرفة بين الخالق والمخلوق, فإذا انشغلت أذهانهم بمعرفة صنم أو وثن عظموه في أنفسهم حتى سلبوا حق الله وجعلوه فيه, إذاً فثمة اختلال من جهة معرفة حقائق الأشياء, ولهذا بالعقل وبالشرع فإن المعرفة تكون على نوعين:
أنواع المعرفة
النوع الأول: معرفة الشيء بذاته, أن تعرفه بذاته منفرداً, لا عن غيره.
النوع الثاني: معرفة الشيء مقارنة بغيره, فإنك ربما تستعظم شيئاً, ولكن إذا عرفت غيره احتقرته؛ لماذا؟ لأنك ما عرفت إلا هو, ولهذا الله سبحانه وتعالى يجعل الإنسان يتحول من رأي إلى رأي؛ وذلك لتنوع المعرفة التي يؤتاها, يضل الناس في حق الله فيعصونه ويكفرون به، ويشركون مع الله عز وجل غيره؛ لأنهم جهلوا حق الله سبحانه وتعالى.
فإن الله سبحانه وتعالى خلق الخليقة وأرشدهم ودلهم, وجعل الله عز وجل وسائل للإرشاد في هذه الأرض, منهم ما دليله وإرشاده قائم في ذاته مع خلقته, ومنهم من كرمه الله سبحانه وتعالى وزاده قوة في ذلك؛ كما أكرم الله عز وجل الإنسان, أكرم بني آدم بالعقل, وجعل لهم من الإدراك ما يستوعبون فيه نعم الله عز وجل وآياته وآلائه.
وكذلك أيضاً يكرم الله سبحانه وتعالى الخلق بالوحي, ولهذا أرسل الله عز وجل الرسل, وأنزل الكتب, وأظهر البينات والحجج, وجعل الله عز وجل أيضاً مع الأنبياء من المعجزات ما يظهر بذلك الحق الذي يرشد الإنسان إلى ربه سبحانه وتعالى, ولهذا جعل الله عز وجل ما في الكون من آيات ومن دلالات وبراهين تدل على الخالق سبحانه وتعالى وترشد إليه, سواء استدل الإنسان بذلك بنظره وعقله المجرد أم دل على ذلك النص الظاهر من كلام الله سبحانه وتعالى, وكل ذلك يحتاج إلى تأمل وطول نظر, وكلما أمعن الإنسان وأدام النظر في ذلك؛ فإنه يخرج بنتائج تختلف عن غيرها, ولهذا أمر الله سبحانه وتعالى بالنظر إلى السماء, ليس كرة ولا كرتين؛ حتى يصل الإنسان في ذلك إلى معرفة الحقائق من آيات الله ودلائله وبراهينه التي تدل الإنسان إليه.
إن معرفة الله سبحانه وتعالى أمر واجب على الخليقة, وكذلك أيضاً معرفة آيات الله عز وجل ومعرفة مخلوقاته سبيل موصل إلى معرفة الله, ولهذا فإن الإنسان لا يعرف قيمة نفسه إلا بمعرفة خالقه, ولا يعرف قيمة المخلوقات إلا وقد عرف الخالق, وكلما ضعف الإنسان في معرفة الله سبحانه وتعالى فهذا أمارة على ضعفه في تأمل آيات الله عز وجل ومخلوقاته, ولهذا كثيراً في القرآن يأمر الله جل وعلا عباده أن ينظروا, وأن يتفكروا, وأن يعتبروا, وأن يستبصروا, وغير ذلك من المعاني والمترادفات في كلام الله سبحانه وتعالى, التي تأمر الإنسان أن يتأمل ويتفكر ويستبصر في آيات الله عز وجل ومخلوقاته, سواء ما قرب عنده أو ما كان بعيداً, ولهذا إنما يؤتى الناس حينما يعصون الله عز وجل بسبب عدم معرفتهم بحق الله عز وجل وقدره, ويضل في جانب حق الله عز وجل ويفرط ويضيع إذا لم يعرف مقدار حق الله جل وعلا على العبد، ولهذا إنما يضل المشركون في هذا الباب فيعبدون غير الله لاختلال توازن المعرفة بين الخالق والمخلوق, فإذا انشغلت أذهانهم بمعرفة صنم أو وثن عظموه في أنفسهم حتى سلبوا حق الله وجعلوه فيه, إذاً فثمة اختلال من جهة معرفة حقائق الأشياء, ولهذا بالعقل وبالشرع فإن المعرفة تكون على نوعين:
النوع الأول: معرفة الشيء بذاته, أن تعرفه بذاته منفرداً, لا عن غيره.
النوع الثاني: معرفة الشيء مقارنة بغيره, فإنك ربما تستعظم شيئاً, ولكن إذا عرفت غيره احتقرته؛ لماذا؟ لأنك ما عرفت إلا هو, ولهذا الله سبحانه وتعالى يجعل الإنسان يتحول من رأي إلى رأي؛ وذلك لتنوع المعرفة التي يؤتاها, يضل الناس في حق الله فيعصونه ويكفرون به، ويشركون مع الله عز وجل غيره؛ لأنهم جهلوا حق الله سبحانه وتعالى.
في هذه الكلمة التي نتكلم فيها على شيء من معرفة حق الله سبحانه وتعالى, وهذا يظهر في قول النبي صلى الله عليه وسلم لذلك الأعرابي الذي جاء إليه فقال: (أتدري ما الله؟), جاء في السنن من حديث محمد بن جبير عن أبيه عن جده: ( أن أعرابياً جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله, هلكت الأموال وضاعت العيال وانقطعت السبل، فاستسق لنا فإنا نستشفع بك على الله ونستشفع بالله عليك, قال: فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ويحك! أتدري ما الله؟ فأخذ يسبح رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تغير وجهه وهو ينزه الله عز وجل مما قاله ذلك الأعرابي ).
النبي صلى الله عليه وسلم حينما جاءه ذلك الأعرابي وهو يريد أن يستغيث به على الله وأن يستغيث بالله عليه, أي: يريد أن يجعل الله عز وجل وسيلة توصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لينفع أو يضر, وهذا عرف رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنه ما عرف الله, ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم ما قال له: ويحك! أتدري من أنا, وإنما قال له: (ويحك! أتدري ما الله؟), يعني: جهلت قيمة الله فضللت في حقه وأعطيت حق الله جل وعلا لغيره, ولهذا أراد من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينزل الغيث؛ بل أراد ما هو أشد من ذلك, أن يجعل الله عز وجل شفيعاً عند رسوله حتى ينزل الغيث.
هذا الاختلال في أمر المعرفة هو سبب ضلال البشرية في حق الله سبحانه وتعالى؛ أنهم عرفوا حقائق الأشياء وجهلوا غيرها، ونفس الإنسان تملؤها المعرفة, فإذا عرف حيواناً ولم يعرف غيره تعلق به, وإذا عرف مخلوقاً وكرمه تعلق به إذا لم يعرف من هو أكرم منه, وإذا عرف قوياً ولم يعرف من هو أقوى منه تعلق به وظن أنه أكرم الناس, ولهذا الله سبحانه وتعالى يعرف نفسه إلى عباده بذكر أسمائه وصفاته, وذكر حقه على عباده لازم لذلك, ويبين الله عز وجل أيضاً حقه على عباده بتعريف عباده بأنفسهم وبيان أيضاً ضعفهم وقصورهم, ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لما جاءه ذلك الأعرابي واستشفع به على الله واستشفع بالله عليه؛ وقال له: ( ويحك! أتدري ما الله؟ وأخذ يسبح النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال: إن الله فوق عرشه، وعرشه على سماواته، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم بيده هكذا وفرج بين أصابعه كالقبة ), والنبي صلى الله عليه وسلم أراد أن يعرف الله عز وجل إلى ذلك الأعرابي بذكر شيء من مخلوقات الله وهي السماوات, وكذلك العرش, وأن يبين منزلة الله عز وجل ببيان منزلة بعض مخلوقاته التي هي أعظم من الإنسان, وهذا ما يستعمله النبي صلى الله عليه وسلم بالتعريف بالله, وبيان منزلته عند الناس, وذلك ببيان مخلوقاته وعظمها.
وقد جاء في ذلك أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تدل على هذا المعنى أن بيان حق الله عز وجل يتضح ببيان مخلوقات الله عز وجل التي هي أعظم من الإنسان, وذلك أن الإنسان بحاجة إلى كسر نفسه وكسر المعظم عنده, وكسر نفسه ببيان جهله, وهذا ما يأمر الله عز وجل الإنسان به أن يتفكر وأن يتدبر بحاله ومنزلته وقصوره وضعفه, وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلا تُبْصِرُونَ [الذاريات:21], وكذلك بيان أن ما يدرك من حواس تخدعه ولا تدله إلى الحق دوماً, وإنما يكبو ويتعثر ويسقط, وكذلك أيضاً يخدع نفسه ويخطئه عقله كثيراً ويرديه, ولهذا جعل الله عز وجل في الإنسان نفسه وهواه تغالبه وتصارعه؛ حتى توقعه فيما يخالف أمر الله سبحانه وتعالى.
ولهذا النبي صلى الله عليه وسلم يدلل كثيراً في ذكر بعض الأحوال من جهة معرفة الله سبحانه وتعالى بمعرفة مخلوقاته وتعظيمها، بالنسبة لضعف الإنسان وقصوره, ولهذا الله عز وجل يقول: لَخَلْقُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [غافر:57], يعني: أن الإنسان إذا كان يعظم نفسه عند نفسه ويرى أنه هو المعظم والسيد والآمر والناهي ليعلم أن خلق السموات والأرض أعظم وأكبر منه, ولكن جهله بذلك لا يعني أنه أعظم من غيره, وقد جاء في المسند وغيره من حديث عباس, وجاء أيضاً من حديث أبي هريرة عليه رضوان الله, وجاء أيضاً من حديث عبد الله بن مسعود عليه رضوان الله تعالى موقوفاً: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى سحابة تمطر, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما هذه؟ (والنبي صلى الله عليه وسلم يعلم, ويعلم أنهم يعلمون ما هذه), فقالوا: السحاب, قال: والمزن؟ قالوا: والمزن, قال: والعنان؟ قالوا: والعنان, فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أتدرون كم بين السماء الدنيا وبين الأرض؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: ما بين السماء الدنيا والأرض مسيرة خمسمائة عام, وهل تعلمون ما بين السماء الدنيا إلى السماء التي تليها؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: مسيرة خمسمائة عام, قال: وهل تعلمون ما بين أدنى السماء وأعلاه وسمك كل سماء؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: مسيرة خمسمائة عام ).
والنبي صلى الله عليه وسلم حينما أراد وبدأ هذا من تعريف المسافة التي تكون بين السماء وبين الأرض, والتي تكون بين السماء والتي تليها بدأ بها من سحابة تمطر, وأراد أن يعرف بهذا لأن ينتقل فيما وراءه, ( حتى بلغ النبي صلى الله عليه وسلم السماء السابعة, قال: وتعلمون ما فوق السماء؟ قالوا: الله ورسوله أعلم, قال: العرش, وما بين أدناه وأعلاه مسيرة خمسمائة عام ), وهذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يبين ضعف الإنسان ببيان قياس زمنه, من جهة مسيرة الإنسان وذهابه وضربه بأسفاره, أن يبين أن ما خلق الله عز وجل من المسافات الشاسعة ما يجب على الإنسان أن يعلمه, ومعرفته في ذلك ترجع إلى الإنسان بماذا؟ ترجع إلى الإنسان باستضعاف نفسه ومعرفة قيمة الخالق.
ولهذا إذا ضل الإنسان في معرفة الموازين والقوى فإنه يختل حينئذ من جهة التوكل, المحبة, الخوف, الرجاء, وما ينتج عن ذلك من بذل العبودية لله سبحانه وتعالى بعبادة الجوارح, السجود لغير الله, سؤال غير الله, التضرع لغير الله؛ كحال ذلك الأعرابي الذي جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم واستشفع بالله عليه؛ لأنه عرف شيئاً وجهل أشياء فكفر بالله سبحانه وتعالى, ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام كان يعرف الله عز وجل للناس بتعريف مخلوقات الله عز وجل إليهم, وذلك أنهم يعلمون أن كل ما يرونه هو من خلق الله, فاعرف خلق الله غيرك تعلم ضعفك وتعلم مقدار الله سبحانه وتعالى, ولهذا ما وقع الناس في معصية, وما وقع الناس في كفر وفي شرك أو بدعة فيما يخالف أمر الله سبحانه وتعالى, أو غلب الهوى الإيمان, ما كان ذلك ليكون إلا بسبب ضعف الإنسان بمعرفة الله سبحانه وتعالى.
ولهذا نجد أن النبي صلى الله عليه وسلم يعرف الله للناس, والله جل وعلا في كتابه يعرف نفسه للناس بوسائل متعددة:
معرفة الله بأسمائه
منها: تعريف الله عز وجل بنفسه لعباده بأسمائه, وذلك بذكر أسماء الله عز وجل التي تدل على قدرته, وكماله, وعزته, وضعف عباده, ولهذا الله عز وجل يذكر أسماءه؛ الأول, والآخر, والظاهر, والباطن, الرزاق, العظيم, الحليم, اللطيف, القوي, الجبار, وغير ذلك من أسماء الله سبحانه وتعالى, يعرف الله عز وجل ذلك لعباده حتى ينظروا في تصرف الكون فيكلوا الأمر إلى الله سبحانه وتعالى ويعظموه حق تعظيمه.
وبمقدار جهل الإنسان بالله يعصي الله, وبمقدار جهل الإنسان بالله يتعدى على الله, وبمقدار جهل الإنسان بالله يعبد غير الله ولو كان ضعيفاً, لهذا الله سبحانه وتعالى يبين هذا الأمر؛ كما في قول الله عز وجل: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ )), الله عز وجل يريد أن يبين هذا المعنى للناس, أنكم عبدتم غير الله؛ لأنكم جهلتم حق الله, يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج:73], ما هو السبب في الوثنية؟ ما هو السبب في الشرك؟ السبب في الوثنية والشرك أنهم ما قدروا الله حق قدره, ولهذا عبدوا غير الله؛ لأنهم جهلوا منزلة الله وعرفوا منزلة غيره, ولهذا إذا جهل الإنسان قدر الله سبحانه وتعالى ضل في العبودية والطاعة؛ فأشرك مع الله عز وجل غيره وتعلق بالوهم, ولهذا الله سبحانه وتعالى يبين قوته ليظهر ضعف غيره, ويبين عزته وتمكينه ليظهر ذلة غيره وهوانه, ويبين الله سبحانه وتعالى أيضاً كرمه ورزقه ليبين فقر غيره؛ لأن الإنسان إذا علم خزائن الله عز وجل فإنه يعرف ما عند الناس من قلة يد, وكذلك أيضاً ضعف في العطاء.
ولهذا كما جاء في حديث عبد الله بن عباس وغيره ذكر النبي عليه الصلاة والسلام شيئاً من هذا التعريف الذي يقرب الإنسان إلى الله ويعرفه ليجحد بغيره؛ من جهة بذل العبودية لغير الله سبحانه وتعالى, فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيء, ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد..) يعني: عدد الناس من أولهم إلى آخرهم صلاحاً فإن هذا لا ينفع الله سبحانه وتعالى.
وكذلك أيضاً أن الناس لا يبلغون ضر الله عز وجل فيضروه, وإذا علموا ذلك؛ أن الإنسان يستطيع أن يضر غيره, أن يضر الصنم والوثن, وأن يضر أيضاً ما يتوهم أنه معبود أو غير ذلك, ولكن الله عز وجل لا يبلغه ضر أحد, ولهذا الإنسان لا يعرف قيمة الله سبحانه وتعالى إذا جهل آيات الله عز وجل وبراهينه التي جعلها ساطعة ظاهرة بينة.
معرفة الله سبحانه وتعالى بصفاته
ومن الوسائل أيضاً التي يعرف الله عز وجل ونبيه ربه سبحانه وتعالى للناس: معرفة صفات الله سبحانه وتعالى, ولهذا يذكر الله عز وجل صفاته في كتابه العظيم؛ ليعرف الإنسان حق الله عز وجل على العباد, وأثره في تدبير الكون وتصريفه, وكذلك أيضاً أثر الله عز وجل على الخليقة في تفريج الكربات, وتيسير الأمور, ورحمة الناس, واللطف بهم, وغير ذلك مما يتعلق بعلم الله سبحانه وتعالى وقوته وقدرته.
معرفة الله ببيان مخلوقاته ومنزلتها
وكذلك أيضاً مما يعرف الله عز وجل نفسه لعباده, ويعرف النبي عليه الصلاة والسلام ربه للناس: أن يعرف الله عز وجل ببيان مخلوقاته ومنزلتها, ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يبين ثمة مخلوقات لله عز وجل لا يدركها الإنسان ولا يعلمها, وإن رأى شيئاً من أمر الدنيا فهو ينظر إلى الظاهر ولكن يخفى عليه الباطن, ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يذكر مخلوقات لا يراها الإنسان ولا يدركها, ويبين منزلتها وكثرتها, وهذا جاء في أحاديث كثيرة؛ من ذلك ما جاء في المسند وغيره من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أترون ما أرى وتسمعون ما أسمع؟ أطت السماء وحق لها أن تئط, ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو راكع ), ومعنى أطيط السماء هو ما يحدث من حمل على الرحل, وهو شبيه بالصرير؛ لثقل من عليها, وذلك من أمور الملائكة وكثرتهم ووفرتهم, ( ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو راكع ), ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام مبيناً ثمرة ذلك: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً, ولما تلذذتم بالنساء على الفرش, ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله).
وهذا الأمر من النبي عليه الصلاة والسلام بالتعريف بالله عز وجل ببيان مخلوقات الله غيرك؛ أن تعلم أنك لست شيئاً, سواء أطعت الله سبحانه وتعالى أو كفرت بالله لن تقدم شيئاً إلى الله سبحانه وتعالى تنفعه به, وإنما نفعك على نفسك, وضرك كذلك يكون عليك.
ولهذا نقول: إن الإنسان يعرف حق الله عز وجل بمعرفة مخلوقات الله, ولهذا أبو ذر وهو راوي الحديث والخبر لما سمع النبي عليه الصلاة والسلام وذكر من مخلوقات الله وذكر من قدرة الله عز وجل قال: ليتني شجرة تعضد, يعني: ليتني شجرة ثم تعضد، ولا أعرض على المساءلة فيما بعد ذلك لهذا العليم الخبير، الذي يحصي على العباد ما يفعلون من دقيق أمورهم وجليلها, من ظاهرها وباطنها يحاسب عليها الإنسان.
لهذا وجب على المؤمن أن يعرف حق الله بمعرفة صفاته ومعرفة أسمائه, والتعرف على الله عز وجل بمعرفة مخلوقاته سبحانه وتعالى, فإن الإنسان إذا عرفها عرف قدرة الله سبحانه وتعالى.
منها: تعريف الله عز وجل بنفسه لعباده بأسمائه, وذلك بذكر أسماء الله عز وجل التي تدل على قدرته, وكماله, وعزته, وضعف عباده, ولهذا الله عز وجل يذكر أسماءه؛ الأول, والآخر, والظاهر, والباطن, الرزاق, العظيم, الحليم, اللطيف, القوي, الجبار, وغير ذلك من أسماء الله سبحانه وتعالى, يعرف الله عز وجل ذلك لعباده حتى ينظروا في تصرف الكون فيكلوا الأمر إلى الله سبحانه وتعالى ويعظموه حق تعظيمه.
وبمقدار جهل الإنسان بالله يعصي الله, وبمقدار جهل الإنسان بالله يتعدى على الله, وبمقدار جهل الإنسان بالله يعبد غير الله ولو كان ضعيفاً, لهذا الله سبحانه وتعالى يبين هذا الأمر؛ كما في قول الله عز وجل: (( يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ )), الله عز وجل يريد أن يبين هذا المعنى للناس, أنكم عبدتم غير الله؛ لأنكم جهلتم حق الله, يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُبَابًا وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبَابُ شَيْئًا لا يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ [الحج:73], ما هو السبب في الوثنية؟ ما هو السبب في الشرك؟ السبب في الوثنية والشرك أنهم ما قدروا الله حق قدره, ولهذا عبدوا غير الله؛ لأنهم جهلوا منزلة الله وعرفوا منزلة غيره, ولهذا إذا جهل الإنسان قدر الله سبحانه وتعالى ضل في العبودية والطاعة؛ فأشرك مع الله عز وجل غيره وتعلق بالوهم, ولهذا الله سبحانه وتعالى يبين قوته ليظهر ضعف غيره, ويبين عزته وتمكينه ليظهر ذلة غيره وهوانه, ويبين الله سبحانه وتعالى أيضاً كرمه ورزقه ليبين فقر غيره؛ لأن الإنسان إذا علم خزائن الله عز وجل فإنه يعرف ما عند الناس من قلة يد, وكذلك أيضاً ضعف في العطاء.
ولهذا كما جاء في حديث عبد الله بن عباس وغيره ذكر النبي عليه الصلاة والسلام شيئاً من هذا التعريف الذي يقرب الإنسان إلى الله ويعرفه ليجحد بغيره؛ من جهة بذل العبودية لغير الله سبحانه وتعالى, فيقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد، ما نقص ذلك من ملكي شيء, ولو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد..) يعني: عدد الناس من أولهم إلى آخرهم صلاحاً فإن هذا لا ينفع الله سبحانه وتعالى.
وكذلك أيضاً أن الناس لا يبلغون ضر الله عز وجل فيضروه, وإذا علموا ذلك؛ أن الإنسان يستطيع أن يضر غيره, أن يضر الصنم والوثن, وأن يضر أيضاً ما يتوهم أنه معبود أو غير ذلك, ولكن الله عز وجل لا يبلغه ضر أحد, ولهذا الإنسان لا يعرف قيمة الله سبحانه وتعالى إذا جهل آيات الله عز وجل وبراهينه التي جعلها ساطعة ظاهرة بينة.
ومن الوسائل أيضاً التي يعرف الله عز وجل ونبيه ربه سبحانه وتعالى للناس: معرفة صفات الله سبحانه وتعالى, ولهذا يذكر الله عز وجل صفاته في كتابه العظيم؛ ليعرف الإنسان حق الله عز وجل على العباد, وأثره في تدبير الكون وتصريفه, وكذلك أيضاً أثر الله عز وجل على الخليقة في تفريج الكربات, وتيسير الأمور, ورحمة الناس, واللطف بهم, وغير ذلك مما يتعلق بعلم الله سبحانه وتعالى وقوته وقدرته.
وكذلك أيضاً مما يعرف الله عز وجل نفسه لعباده, ويعرف النبي عليه الصلاة والسلام ربه للناس: أن يعرف الله عز وجل ببيان مخلوقاته ومنزلتها, ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يبين ثمة مخلوقات لله عز وجل لا يدركها الإنسان ولا يعلمها, وإن رأى شيئاً من أمر الدنيا فهو ينظر إلى الظاهر ولكن يخفى عليه الباطن, ولهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيراً ما يذكر مخلوقات لا يراها الإنسان ولا يدركها, ويبين منزلتها وكثرتها, وهذا جاء في أحاديث كثيرة؛ من ذلك ما جاء في المسند وغيره من حديث أبي ذر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( أترون ما أرى وتسمعون ما أسمع؟ أطت السماء وحق لها أن تئط, ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو راكع ), ومعنى أطيط السماء هو ما يحدث من حمل على الرحل, وهو شبيه بالصرير؛ لثقل من عليها, وذلك من أمور الملائكة وكثرتهم ووفرتهم, ( ما فيها موضع أربع أصابع إلا وملك ساجد أو راكع ), ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام مبيناً ثمرة ذلك: (لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً, ولما تلذذتم بالنساء على الفرش, ولخرجتم إلى الصعدات تجأرون إلى الله).
وهذا الأمر من النبي عليه الصلاة والسلام بالتعريف بالله عز وجل ببيان مخلوقات الله غيرك؛ أن تعلم أنك لست شيئاً, سواء أطعت الله سبحانه وتعالى أو كفرت بالله لن تقدم شيئاً إلى الله سبحانه وتعالى تنفعه به, وإنما نفعك على نفسك, وضرك كذلك يكون عليك.
ولهذا نقول: إن الإنسان يعرف حق الله عز وجل بمعرفة مخلوقات الله, ولهذا أبو ذر وهو راوي الحديث والخبر لما سمع النبي عليه الصلاة والسلام وذكر من مخلوقات الله وذكر من قدرة الله عز وجل قال: ليتني شجرة تعضد, يعني: ليتني شجرة ثم تعضد، ولا أعرض على المساءلة فيما بعد ذلك لهذا العليم الخبير، الذي يحصي على العباد ما يفعلون من دقيق أمورهم وجليلها, من ظاهرها وباطنها يحاسب عليها الإنسان.
لهذا وجب على المؤمن أن يعرف حق الله بمعرفة صفاته ومعرفة أسمائه, والتعرف على الله عز وجل بمعرفة مخلوقاته سبحانه وتعالى, فإن الإنسان إذا عرفها عرف قدرة الله سبحانه وتعالى.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الأحكام الفقهية المتعلقة بالصيام [2] | 2714 استماع |
إنما يخشى الله من عباده العلماء | 2478 استماع |
إن خير من استأجرت القوي الأمين | 2317 استماع |
العالِم والعالَم | 2314 استماع |
الذريعة بين السد والفتح [1] | 2299 استماع |
الإسلام وأهل الكتاب | 2138 استماع |
الذريعة بين السد والفتح [2] | 2106 استماع |
الحجاب بين الفقه الأصيل والفقه البديل [1] | 2105 استماع |
الردة .. مسائل وأحكام | 2077 استماع |
شرح حديث إن الحلال بين وإن الحرام بين [2] | 2047 استماع |