الأحاديث المعلة في الصلاة [49]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

فأنهينا في المجلس السابق ما يتعلق بعلل أحاديث صلاة الاستسقاء، ونتكلم في هذا المجلس على شيء من الأحاديث المتعلقة بأحكام العيدين مما يتعلق بالصلاة وما قبلها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأول ذلك: ما جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله أنه قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج إلى صلاة الاستسقاء ومعه الفضل بن العباس و عبد الله بن العباس و العباس بن عبد المطلب و علي بن أبي طالب و جعفر و الحسن و الحسين و أسامة و زيد ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في طريقه إذا مر بالحدادين ورجع من طريق الحذائين ).

هذا الحديث أخرجه البيهقي في كتابه السنن من حديث أحمد بن عبد الرحمن بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب عن عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

علة حديث: (كان رسول الله يكبر في طريقه إذا مر بالحدادين...)

وهذا الحديث حديث منكر وهو معلول بعدة علل منها: ما يتعلق بالإسناد، ومنها ما يتعلق بالمتن، أما بالنسبة للإسناد فإن هذا الحديث بهذا اللفظ والتمام لا يعرف إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري الذي يرويه عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عبد الله بن عمر العمري وإن كان صالحاً في ذاته إلا أنه ضعيف الحديث، وقد ضعفه غير واحد من العلماء كـيحيى بن معين و علي بن المديني و النسائي وغيرهم من أئمة النقد، وهذا الحديث لا يعرف عن نافع مرفوعاً عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا من حديث العمري .

ومن العلل الإسنادية كذلك: أن هذا الحديث تفرد به ابن أخ عبد الله بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب ، وابن أخ عبد الله بن وهب وإن كان صالحاً في ذاته إلا أن له مفاريد يتفرد بها عن ابن وهب مما تستنكر من حديثه، ولهذا قد ترك حديثه بعض النقاد.

القرابة التي تكون قرينة على الضبط والاختصاص

وأما ما نذكره مراراً من أن القرابة تعتبر من القرائن في قبول رواية الحديث وأنه إذا كان ثمة قرابة بين راويين فروى أحدهما عن الآخر وتفرد به عن غيره فإن هذه القرابة قرينة على الاختصاص، ولكن في مثل هذا الموضع لا يقال: بأن القرينة هي القرابة، فالقرابة هنا قرينة ضعيفة؛ لأن عبد الله بن وهب لا تقبل في مثله قرينة القرابة؛ لأنه إمام حافظ راوية رحالة يؤخذ عنه الحديث، وتفرد أحد من قراباته بالرواية عنه لا تقبل عادةً في مثله وإنما تقبل ممن دونه من الرواة المتوسطين أو ممن كان من الضعفاء، ولهذا ينبغي أن نعلم أن القاعدة التي نشير إليها مراراً أن القرابة التي تكون بين الرواة قرينة على الضبط وأنها من وجوه الاختصاص فإذا تفرد راو عن قريب له فإن هذا لا يعل بالتفرد أن هذا ليس على إطلاقه، فليس لأحد من قرابات مالك أو ابن عيينة أو الثوري أو ابن وهب أو عبيد الله بن عمر العمري وأضراب هؤلاء أن يتفرد عنه بشيء ثم يقال: إن هذا التفرد مما يقبل وذلك لقرينة القرابة، فنقول: إن التفرد في مثل هؤلاء لا يقبل لسعة روايتهم وكذلك فإن اختصاص أحد قراباتهم بالرواية عنهم لا يقبل عادةً.

ورواية عبد الله بن وهب عن عبد الله بن عمر العمري فيها إشارة إلى علة أخرى وهي أن هذا الحديث لو كان عند ابن وهب من غير طريق العمري لرواه؛ لأن العمري معروف بالضعف مما يدل على أن مخرج هذا الحديث لم يثبت عند عبد الله بن وهب إلا من طريق عبد الله بن عمر العمري فرواه عنه من هذا الوجه، وكذلك فإن الأئمة عليهم رحمة الله خاصةً أصحاب سعة الرواية إذا رووا حديثاً في الأصول من وجه ضعيف وهو واسع الرواية وصاحب رحلة وتنقل كـابن وهب فإن هذا أمارة على أنه لم يجده مع سعة روايته إلا من هذا الوجه، فكان ذلك قرينة على عدم وجود هذا الحديث في معاقل الرواية كمكة والمدينة إلا من هذا الوجه.

ثم إن هذا الحديث معلول بالوقف على عبد الله بن عمر ، فإنه جاء عن عبد الله بن عمر من حديث محمد بن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يخرج إلى صلاة العيد يوم الفطر ويكبر في ذهابه وحينما يرجع إلى بيته، وهذا الحديث أخرجه الدارقطني في السنن، وأخرجه البيهقي من حديث محمد بن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله موقوفاً عليه، وقال غير واحد من النقاد: إن هذا هو الصواب، وقد رجح ذلك البيهقي رحمه الله كما في كتابه السنن، وقد توبع محمد بن عجلان في روايته لهذا الحديث موقوفاً تابعه على ذلك موسى بن عقبة و عبيد الله بن عمر و أسامة كلهم يروون هذا الحديث عن نافع عن عبد الله بن عمر ويجعلونه موقوفاً، ولهذا يقول البيهقي رحمه الله: والوقف في ذلك أشبه، يعني: أنه أقرب وأشبه بالصواب، وأن الرفع أشبه وأقرب إلى الخطأ، وهذا الحديث بتمامه في تكبير النبي عليه الصلاة والسلام في ذهابه ومجيئه جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من روايات متعددة، سيأتي الكلام عليها بإذن الله تعالى.

ولكن لا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من فعله أنه كبر في طريقه إلى صلاة العيد وفي رجوعه، والأحاديث في ذلك إنما هي أقوال لبعض السلف سواءً كان ذلك من التابعين أو من جاء بعدهم، وهل يقال: إن الأحاديث لا حاجة إليها لثبوت ذلك في القرآن، فإن الله عز وجل يقول: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ [البقرة:185]، فإن إكمال عدة رمضان موجب للحوق التكبير، وإكمال العدة يكون بغروب شمس الثلاثين من رمضان أو عند رؤية الهلال بعد ليلة العيد، فإنه يبتدئ حينئذ التكبير، نقول: إن هذا ليس مفسراً وإنما هو مجمل في ظاهر القرآن، فالله عز وجل حث على التكبير من غير بيان والتكبير قد جاء عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على أحوال، فجاء تكبير في ليلة العيد يعني: من غروب الشمس أو عند رؤية هلال العيد فإنه يكبر إلى خروجه وذهابه إلى المصلى، وجاء أن التكبير يكون من صبيحة يوم العيد يعني: من ذهاب الإنسان إلى صلاة العيد يبتدئ التكبير ثم يتوقف عند دخول الإمام، والتكبير في ذلك ثابت لا خلاف عند العلماء فيه، وإنما الخلاف في تفصيله، والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفصيله جميعها ضعيفة، وربما كان ضعفها في ذلك للاعتماد على استفاضة العمل واشتهاره، فإن العمل إذا كان مستفيضاً مشتهراً ومستقراً من غير خلاف فإن الهمم لا تتداعى عادةً على نقله؛ لعدم وجود المخالف له، وربما اكتفي بالنقل للأحاديث الواردة في ذلك على ظاهر القرآن.

وهذا الحديث حديث منكر وهو معلول بعدة علل منها: ما يتعلق بالإسناد، ومنها ما يتعلق بالمتن، أما بالنسبة للإسناد فإن هذا الحديث بهذا اللفظ والتمام لا يعرف إلا من حديث عبد الله بن عمر العمري الذي يرويه عن نافع عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، و عبد الله بن عمر العمري وإن كان صالحاً في ذاته إلا أنه ضعيف الحديث، وقد ضعفه غير واحد من العلماء كـيحيى بن معين و علي بن المديني و النسائي وغيرهم من أئمة النقد، وهذا الحديث لا يعرف عن نافع مرفوعاً عن النبي عليه الصلاة والسلام إلا من حديث العمري .

ومن العلل الإسنادية كذلك: أن هذا الحديث تفرد به ابن أخ عبد الله بن وهب عن عمه عبد الله بن وهب ، وابن أخ عبد الله بن وهب وإن كان صالحاً في ذاته إلا أن له مفاريد يتفرد بها عن ابن وهب مما تستنكر من حديثه، ولهذا قد ترك حديثه بعض النقاد.

وأما ما نذكره مراراً من أن القرابة تعتبر من القرائن في قبول رواية الحديث وأنه إذا كان ثمة قرابة بين راويين فروى أحدهما عن الآخر وتفرد به عن غيره فإن هذه القرابة قرينة على الاختصاص، ولكن في مثل هذا الموضع لا يقال: بأن القرينة هي القرابة، فالقرابة هنا قرينة ضعيفة؛ لأن عبد الله بن وهب لا تقبل في مثله قرينة القرابة؛ لأنه إمام حافظ راوية رحالة يؤخذ عنه الحديث، وتفرد أحد من قراباته بالرواية عنه لا تقبل عادةً في مثله وإنما تقبل ممن دونه من الرواة المتوسطين أو ممن كان من الضعفاء، ولهذا ينبغي أن نعلم أن القاعدة التي نشير إليها مراراً أن القرابة التي تكون بين الرواة قرينة على الضبط وأنها من وجوه الاختصاص فإذا تفرد راو عن قريب له فإن هذا لا يعل بالتفرد أن هذا ليس على إطلاقه، فليس لأحد من قرابات مالك أو ابن عيينة أو الثوري أو ابن وهب أو عبيد الله بن عمر العمري وأضراب هؤلاء أن يتفرد عنه بشيء ثم يقال: إن هذا التفرد مما يقبل وذلك لقرينة القرابة، فنقول: إن التفرد في مثل هؤلاء لا يقبل لسعة روايتهم وكذلك فإن اختصاص أحد قراباتهم بالرواية عنهم لا يقبل عادةً.

ورواية عبد الله بن وهب عن عبد الله بن عمر العمري فيها إشارة إلى علة أخرى وهي أن هذا الحديث لو كان عند ابن وهب من غير طريق العمري لرواه؛ لأن العمري معروف بالضعف مما يدل على أن مخرج هذا الحديث لم يثبت عند عبد الله بن وهب إلا من طريق عبد الله بن عمر العمري فرواه عنه من هذا الوجه، وكذلك فإن الأئمة عليهم رحمة الله خاصةً أصحاب سعة الرواية إذا رووا حديثاً في الأصول من وجه ضعيف وهو واسع الرواية وصاحب رحلة وتنقل كـابن وهب فإن هذا أمارة على أنه لم يجده مع سعة روايته إلا من هذا الوجه، فكان ذلك قرينة على عدم وجود هذا الحديث في معاقل الرواية كمكة والمدينة إلا من هذا الوجه.

ثم إن هذا الحديث معلول بالوقف على عبد الله بن عمر ، فإنه جاء عن عبد الله بن عمر من حديث محمد بن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر: أنه كان يخرج إلى صلاة العيد يوم الفطر ويكبر في ذهابه وحينما يرجع إلى بيته، وهذا الحديث أخرجه الدارقطني في السنن، وأخرجه البيهقي من حديث محمد بن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله موقوفاً عليه، وقال غير واحد من النقاد: إن هذا هو الصواب، وقد رجح ذلك البيهقي رحمه الله كما في كتابه السنن، وقد توبع محمد بن عجلان في روايته لهذا الحديث موقوفاً تابعه على ذلك موسى بن عقبة و عبيد الله بن عمر و أسامة كلهم يروون هذا الحديث عن نافع عن عبد الله بن عمر ويجعلونه موقوفاً، ولهذا يقول البيهقي رحمه الله: والوقف في ذلك أشبه، يعني: أنه أقرب وأشبه بالصواب، وأن الرفع أشبه وأقرب إلى الخطأ، وهذا الحديث بتمامه في تكبير النبي عليه الصلاة والسلام في ذهابه ومجيئه جاء عن النبي عليه الصلاة والسلام من روايات متعددة، سيأتي الكلام عليها بإذن الله تعالى.

ولكن لا يثبت عن النبي عليه الصلاة والسلام من فعله أنه كبر في طريقه إلى صلاة العيد وفي رجوعه، والأحاديث في ذلك إنما هي أقوال لبعض السلف سواءً كان ذلك من التابعين أو من جاء بعدهم، وهل يقال: إن الأحاديث لا حاجة إليها لثبوت ذلك في القرآن، فإن الله عز وجل يقول: وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ [البقرة:185]، فإن إكمال عدة رمضان موجب للحوق التكبير، وإكمال العدة يكون بغروب شمس الثلاثين من رمضان أو عند رؤية الهلال بعد ليلة العيد، فإنه يبتدئ حينئذ التكبير، نقول: إن هذا ليس مفسراً وإنما هو مجمل في ظاهر القرآن، فالله عز وجل حث على التكبير من غير بيان والتكبير قد جاء عن الصحابة عليهم رضوان الله تعالى على أحوال، فجاء تكبير في ليلة العيد يعني: من غروب الشمس أو عند رؤية هلال العيد فإنه يكبر إلى خروجه وذهابه إلى المصلى، وجاء أن التكبير يكون من صبيحة يوم العيد يعني: من ذهاب الإنسان إلى صلاة العيد يبتدئ التكبير ثم يتوقف عند دخول الإمام، والتكبير في ذلك ثابت لا خلاف عند العلماء فيه، وإنما الخلاف في تفصيله، والأحاديث الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم في تفصيله جميعها ضعيفة، وربما كان ضعفها في ذلك للاعتماد على استفاضة العمل واشتهاره، فإن العمل إذا كان مستفيضاً مشتهراً ومستقراً من غير خلاف فإن الهمم لا تتداعى عادةً على نقله؛ لعدم وجود المخالف له، وربما اكتفي بالنقل للأحاديث الواردة في ذلك على ظاهر القرآن.

الحديث الثاني: هو أيضاً عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبر إذا أضحى يعني: يوم الأضحى في ذهابه إلى العيد، ويرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من طريق آخر ).

هذا الحديث أخرجه البيهقي رحمه الله في كتابه السنن من حديث موسى بن محمد بن عطاء عن الوليد بن محمد الموقري عن ابن شهاب الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرفوعاً.

علة حديث: (أن رسول الله كان يكبر إذا أضحى في ذهابه إلى العيد...)

وهذا الحديث معلول بعدة علل:

أول هذه العلل: أن هذا الحديث تفرد به موسى بن محمد بن عطاء وهو ضعيف الحديث وضعفه عامة الأئمة، بل بعض العلماء اتهمه بالكذب، وكذلك فإن هذا الحديث تفرد به الوليد بن محمد الموقري الذي يرويه عن ابن شهاب الزهري ، وهنا في هذا الموضع علتان:

العلة الأولى في الوليد ، والعلة الثانية في تفرد الوليد عن ابن شهاب الزهري، وذلك أن ابن شهاب من أهل الرواية الكبار والحفظ والضبط وله أصحاب يقصدونه في أخذ حديثه عنه، وتفرد الضعفاء وأضرابهم بالرواية عنه دليل على أن هذا الحديث مما لا يحدث به الثقات، ومعلوم أن الرواة الكبار ما يخرجون للنقلة إلا ما يحمل أو ما يضبط عادةً ويدعون ما دون ذلك مما لم يضبط أو ورد فيه وهم فيجعلون ذلك لمن دونه، ولهذا الأحاديث المستفيضة الثابتة من جهة المعنى تجد الكبار ينقلونها عن ابن شهاب الزهري ، وأما ما كان دون ذلك فإنهم لا يحدثون به ولا يخرجونه للكبار، وإنما ربما حدثوا به من دونه، وعادة الحافظ الراوية يخرج الحديث بحسب مقامات السامعين، فما يخرجه ابن شهاب للإمام مالك رحمه الله من مرويه يختلف عما يخرجه لمن دونه في المقام كحال الوليد بن محمد الموقري وغيره من الضعفاء، وكذلك من كان أحسن حالاً منه.

ثم إن هذا الحديث معلول بالإرسال، وذلك أنه قد أخرجه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف وتاريخ المدينة عن ابن شهاب الزهري مرسلاً أو معضلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجاه من حديث يزيد بن هارون ، وهذا أيضاً أمارة على أن هذا الحديث لا يصح متصلاً عن ابن شهاب ، ولهذا ما نقله الحفاظ الكبار عنه، ولهذا نقول: إن الوصل ضعيف والإرسال في ذلك أصح.

وقد جاء هذا الحديث ببيان التفصيل من جهة وقت ابتداء التكبير موقوفاً على عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى، فجاء عنه بابتداء التكبير من الليل يعني: من ليلة العيد ولا يتوقف في ذلك إلا عند دخول الإمام لصلاة العيد، والبيهقي رحمه الله قد أخرج ذلك في كتابه السنن واستغرب ذكر الليلة في الموقوف عن عبد الله بن عمر ، وأخرجه من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يكبر ليلة الفطر وصبيحتها إلى الصلاة، فالتكبير حينئذ ابتدئ من الليل، يقول البيهقي رحمه الله لما أخرج هذا الحديث موقوفاً بذكر الليل قال: وذكر الليل غريب، يعني: في الموقوف على عبد الله بن عمر ، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ولا كذلك عن عبد الله بن عمر من قوله أو فعله أنه كان يكبر ليلة العيد، وإنما يؤخذ ذلك من ظاهر القرآن، وأما حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى هذا فهو حديث ضعيف.

وهذا الحديث معلول بعدة علل:

أول هذه العلل: أن هذا الحديث تفرد به موسى بن محمد بن عطاء وهو ضعيف الحديث وضعفه عامة الأئمة، بل بعض العلماء اتهمه بالكذب، وكذلك فإن هذا الحديث تفرد به الوليد بن محمد الموقري الذي يرويه عن ابن شهاب الزهري ، وهنا في هذا الموضع علتان:

العلة الأولى في الوليد ، والعلة الثانية في تفرد الوليد عن ابن شهاب الزهري، وذلك أن ابن شهاب من أهل الرواية الكبار والحفظ والضبط وله أصحاب يقصدونه في أخذ حديثه عنه، وتفرد الضعفاء وأضرابهم بالرواية عنه دليل على أن هذا الحديث مما لا يحدث به الثقات، ومعلوم أن الرواة الكبار ما يخرجون للنقلة إلا ما يحمل أو ما يضبط عادةً ويدعون ما دون ذلك مما لم يضبط أو ورد فيه وهم فيجعلون ذلك لمن دونه، ولهذا الأحاديث المستفيضة الثابتة من جهة المعنى تجد الكبار ينقلونها عن ابن شهاب الزهري ، وأما ما كان دون ذلك فإنهم لا يحدثون به ولا يخرجونه للكبار، وإنما ربما حدثوا به من دونه، وعادة الحافظ الراوية يخرج الحديث بحسب مقامات السامعين، فما يخرجه ابن شهاب للإمام مالك رحمه الله من مرويه يختلف عما يخرجه لمن دونه في المقام كحال الوليد بن محمد الموقري وغيره من الضعفاء، وكذلك من كان أحسن حالاً منه.

ثم إن هذا الحديث معلول بالإرسال، وذلك أنه قد أخرجه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف وتاريخ المدينة عن ابن شهاب الزهري مرسلاً أو معضلاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرجاه من حديث يزيد بن هارون ، وهذا أيضاً أمارة على أن هذا الحديث لا يصح متصلاً عن ابن شهاب ، ولهذا ما نقله الحفاظ الكبار عنه، ولهذا نقول: إن الوصل ضعيف والإرسال في ذلك أصح.

وقد جاء هذا الحديث ببيان التفصيل من جهة وقت ابتداء التكبير موقوفاً على عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى، فجاء عنه بابتداء التكبير من الليل يعني: من ليلة العيد ولا يتوقف في ذلك إلا عند دخول الإمام لصلاة العيد، والبيهقي رحمه الله قد أخرج ذلك في كتابه السنن واستغرب ذكر الليلة في الموقوف عن عبد الله بن عمر ، وأخرجه من حديث عبيد الله بن عمر عن نافع عن عبد الله بن عمر أنه كان يكبر ليلة الفطر وصبيحتها إلى الصلاة، فالتكبير حينئذ ابتدئ من الليل، يقول البيهقي رحمه الله لما أخرج هذا الحديث موقوفاً بذكر الليل قال: وذكر الليل غريب، يعني: في الموقوف على عبد الله بن عمر ، ولا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ولا كذلك عن عبد الله بن عمر من قوله أو فعله أنه كان يكبر ليلة العيد، وإنما يؤخذ ذلك من ظاهر القرآن، وأما حديث عبد الله بن عمر عليه رضوان الله تعالى هذا فهو حديث ضعيف.

الحديث الثالث في هذا: هو حديث الحسن بن علي عليه رضوان الله قال: ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا إذا خرجنا إلى صلاة العيد أن نجهر بالتكبير ).

هذا الحديث أخرجه البيهقي في كتابه السنن من حديث عبد الله بن صالح كاتب الليث عن الليث بن سعد عن إسحاق بن بزرج عن الحسن بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهذا الحديث معلول بعدة علل:

أول هذه العلل: الجهالة في الراوي عن الحسن بن علي عليه رضوان الله تعالى فإنه لا تعرف حاله، وإن ذكر ابن حبان إسحاق في كتابه الثقات إلا أن حاله لا تعرف، وكذلك فإن هذا الحديث تفرد به من هذا الوجه عبد الله بن صالح كاتب الليث ، و عبد الله بن صالح كاتب الليث وإن كان صالحاً في ذاته إلا أن حديثه فيما يتفرد به فيما يخالفه الثقات لا يقبل، وإن كانت روايته عن الليث بن سعد من جهة الأصل من كتاب ولكن له حديث عنه يسير من غير كتابه فربما يغلط فيه، وحديث عبد الله بن صالح كاتب الليث أضعفه في ذلك ما يرويه عبد الله بن صالح كاتب الليث عن ابن أبي ذئب، وأحسن حديثه ما يرويه كاتب الليث عن الليث بن سعد ويكون من كتابه والمتن في ذلك مستقيم، فإذا كان المتن مستقيماً فإن هذا قرينة على ضبط الخبر وأنه أخذه من ليث بن سعد، و ليث بن سعد من أئمة الرواية والدراية، وهذا أمارة على أنه أخذ هذا الحديث وضبطه كما نقله، ولهذا نجد الأئمة عليهم رحمة الله يروون حديث كاتب الليث عن الليث ومنهم البخاري في مواضع يسيرة في كتابه الصحيح، ولكن لا يذكر إلا ما استقام من جهة المتن، فإذا كان المتن مستقيماً وداخل في دائرة المعاني الصحيحة فيقال حينئذ بقبول ذلك.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الأحاديث المعلة في الصلاة [20] 2595 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [28] 2447 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [14] 2376 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [39] 2285 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [25] 2234 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [41] 2103 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [32] 2102 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [33] 2059 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [43] 2029 استماع
الأحاديث المعلة في الصلاة [12] 1996 استماع