الأحاديث المعلة في الصلاة [33]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

أما بعد:

نتكلم على شيء من تتمة الأحاديث المعلة في أبواب الصلاة.

الحديث الأول: حديث علي بن أبي طالب عليه رضوان الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء أحدكم الصلاة والإمام على حال، فليصنع كما يصنع الإمام )، هذا الحديث أخرجه الترمذي في كتابه السنن، و الطبراني في كتابه المعجم من حديث الحجاج بن أرطأة عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم .

وهذا الحديث لم يسند عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى إلا من هذا الوجه، كما أشار إلى هذا بعض النقاد كـالترمذي رحمه الله، وتفرد به الحجاج بن أرطأة ، وهو ضعيف في حفظه مدلس في روايته، وقد تفرد بهذا الحديث في روايته له عن أبي إسحاق ، وهذا الحديث حديث منكر غريب.

وأما بالنسبة لمعناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، في أن الإنسان إذا جاء إلى الصلاة والإمام على حال فيصنع كما يصنع الإمام، هذا لفظ عام عن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء تخصيصه في أحاديث أخر يأتي الكلام عليه، يعني: أنه إذا كان قائماً أو راكعاً أو ساجداً أو كان بين السجدتين أو كان أيضاً جالساً في تشهده الأخير، فإنه يفعل كما يفعل الإمام، وهذا لفظ عام، وإنما أوردنا هذا الحديث لأن هذه المسألة مما يحتاج إليها ويقع فيها نظر بعض الفقهاء في أن الإمام إذا كان في آخر صلاته، فيغلب على ظن الداخل للمسجد أن الإمام ينصرف في جلوسه هذا فلا يدخل معه انتظاراً لجماعة أخرى، ولكن نقول: إن السنة والدليل في ذلك على خلافه، وقد جاء في ذلك جملة من الأدلة منها الضعيف، ومنها ما هو محتمل.

الحديث الثاني: حديث معاذ بن جبل عليه رضوان الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء أحدكم الصلاة والإمام على حال، فليصنع كما يصنع الإمام )، هذا الحديث تفرد به الحجاج بن أرطأة لكن لا يرويه عن أبي إسحاق وإنما يرويه عن عمرو بن مرة عن ابن أبي ليلى عن معاذ بن جبل عليه رضوان الله.

وهذا الحديث أيضاً معلول بعدة علل:

الأولى: أن الحجاج بن أرطأة تفرد به كما تفرد بالحديث السابق.

الثانية: أن ابن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل ، ومعلوم أن معاذ بن جبل عليه رضوان الله توفي مبكراً، وقرينة ذلك أن هذا الحديث قد جاء من وجه آخر من حديث ابن أبي ليلى عن أشياخهم عن معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه الطبراني في كتابه المعجم، وهذا يؤيد القول بإرساله وعدم سماعه منه.

وهل حديث معاذ بن جبل يعضد حديث علي بن أبي طالب عليه رضوان الله تعالى وحديث علي بن أبي طالب يعضد حديث معاذ بن جبل ؟

نقول: لا، لأن مخرج الحديثين واحد، وربما وقع فيهما وهم، وذلك أن الحديث الأول تفرد به الحجاج ، وهذا أيضاً تفرد به الحجاج ، ولكن لذلك وجه ولهذا وجه، فربما كان من وهمه أن روى الحديث بوجهين.

فمن أضعف وسائل الاحتجاج بمجموع الطرق إذا كان مخرج الحديث متأخر عن ضعيف، فإذا كان يرويه ضعيف ثم تعددت الطرق عنه فهذا لا يحتج به عند الأئمة، وهو من أوهى وجوه الاحتجاج عند المتأخرين، وذلك لأنه ربما وهم بالحديث فرواه بوجهين ولم يسمعه إلا بوجه واحد.

فهذا الحديث لا يثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

ومن قرائن الإعلال عند العلماء في تعدد الطرق عن الراوي الواحد للحديث الواحد مع اتفاق اللفظ، أن الراوي الضعيف لا يحتمل منه تنوع الطرق بخلاف الراوي الثقة القوي إذا كان ثقةً قوياً يحتمل منه أن يعدد الحديث الواحد بأكثر من وجه، أما ضعيف الحديث ومن يتهم بالتدليس، فإذا روى الحديث الواحد بلفظه بأكثر من وجه دليل على أنه لم يحفظ هذا الحديث.

الحديث الثالث: حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، وإذا أتيتم ونحن ركوع فقد أدركتم الصلاة )، هذا الحديث أخرجه أبو داود في كتابه السنن من حديث يحيى بن أبي سليمان يرويه عن زيد بن أبي عتاب و المقبري عن أبي هريرة عليه رضوان الله.

هذا الحديث تفرد به يحيى بن أبي سليمان ويرويه عن زيد و المقبري كلاهما عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وفي هذا الحديث الأمر بالإتيان بالصلاة على فعل الإمام، ولكن نقول: إن هذا الحديث تفرد به يحيى بن أبي سليمان ولا يحتج به، وقد أعل هذا الحديث غير واحد من الأئمة كـالدارقطني و البيهقي ، و يحيى بن أبي سليمان منكر الحديث كما قال ذلك البخاري رحمه الله في كتابه التاريخ، وكذلك ضعفه غير واحد من الأئمة، وهو مقل الرواية، ولهذا بعض العلماء يحكم عليه بالجهالة والستر.

والراوي إذا كان مقل الرواية وليس بمشتهر بالحديث، فهو على قاعدة المحدثين مجهول، إذا كان لدينا متن نستطيع أن نقيمه به وتفرد به أمكننا أن نحكم عليه وأن نخرجه من دائرة الجهل بحاله إلى دائرة العلم ولو جهلنا عينه.

ولهذا نقول: قد نعرف الحال مع جهالة العين وهذا قليل، وأما من يجعل معرفة جهالة الحال تابعة للعين فهذا ليس على إطلاقه، بل نقول: إن الأصل أن الراوي إذا كان مجهول العين فإنه تبعاً لذلك يكون مجهول الحال، وقد يكون مجهول العين ونعرف حاله من جهة حفظه، وأما ما يتعلق بغير ذلك فلا يعنيهم لأننا نتكلم من جهة ضبط الرواية والثقة والعدالة.

والراوي إذا روى حديثاً فنعرف حاله بأمرين:

الأول: ننظر في كلام الأئمة الذين قابلوه أو عرفوا حديثه فنقدوه، ولهذا ما كل الرواة الذين يحكم عليهم الأئمة التقوا بهم، إما أن حدثوا عن أناس رأوهم فنقدوهم، فعرفوا أن فلاناً يكذب وهذا يعرف إما بكذبه مع الناس أو يحتمل أن يكذب في الكلام على النبي عليه الصلاة والسلام.

الثاني: لم يروا ولم يسمعوا أحداً تكلم به بعينه ولكن نظروا في حديثه، فقالوا: هذه الأحاديث لا يرويها شخص ثقة.

أما ما يتعلق بجهالة العين وجهالة الحال، فالأصل فيمن جهلت عينه أن حاله مجهولة، لكن في باب الرواية قد نعرف حاله ولو لم نعلم عينه، كيف هذا؟ كأن يكون لدينا أحاديث يرويها راو، فيقال: مثلاً: حدثنا أبو محمد أو أبو مريم أو أبو يزيد أو غير ذلك من الرواة، فهذا لا تعلم عن عينه شيء، ولا تدري هل هو كوفي أو مدني أو مكي، فهو مجهول العين، لكنه يروي خمسة أحاديث وكلها مطروحة يرويها بإسناد واحد، والرواة عنه ثقات، فيبقى مجهول العين، فنحن لا ندري أين هو ومن يكون وهل هو كبير أو صغير، ومن أي العرب أو العجم، ولكن هو متروك الحديث وذلك بالنظر إلى مروياته، ولهذا بعض الأئمة في حال يحيى بن أبي سليمان يقول: يحيى بن أبي سليمان لا تعرف حاله، والأصل فيه الستر، والبخاري رحمه الله حينما تكلم عليه قال: منكر الحديث، وضعفه كذلك أيضاً أبو حاتم كما في العلل، قطعاً أنهم لم يروا يحيى بن أبي سليمان ، ولكن يروي حديثاً لم يروه غيره بمثل هذا اللفظ، وكذلك أيضاً يروي مثل هذا الحديث عن أناس مثلهم كـالمقبري ثم ينفرد به، فيأخذون من ذلك معرفة حاله ثم يحكمون عليه، ولا يلزم من ذلك النقل أني أنقل عن شخص رآه لا يلزم من ذلك؛ لأنه قد وضع عقله أمامي بهذه المرويات، فأقوم بالحكم عليها وأعرف حاله، ولهذا طالب العلم إذا أراد أن يحكم على راو من الرواة فثمة وسائل متعددة من الحكم عليه:

منها: أن ينظر في كلام الأئمة وهم على مراتب: أناس من أهل بلده حفاظ عرفوه، أناس عاشروه وعاينوه، كل شخص له حاله، لكن أحياناً تجد كلام العلماء يتضاد، هؤلاء يقولون: لا بأس به، وهذا يقول: ليس بالقوي، وهذا يقول: ضعيف، وهذا يقول: منكر الحديث، تجد في هذا نوع من التضاد، هذا الراوي له عشرون حديثاً تقوم بإخراجها، ثم تنظر فيها واحداً واحداً، هل وافق الثقات في هذه الأحاديث؟ ما معنى كلمة وافق الثقات؟ هل المعنى المطروح واللفظ المطروح جاء عند الثقات في أحاديث أخر، لأن المادة التي جاءت عن النبي عليه الصلاة والسلام من الألفاظ يتداولها الناس وإن تنوعت الأسانيد، لا يمكن أن شخصاً ينفرد بحديث، فإذا جاء بأحاديث كثيرة مثلاً ثمانية عشر حديثاً من عشرين وافق فيها الثقات وجاء بحديثين معانيها مستقيمة لم يأت أحد من الثقات بشيء يضاد معاني هذين الحديثين ثم جاء بهما بألفاظ مستقيمة، فكأنه جاء بلبنة لم يوضع لها مكان في البناء، يعني: لا يوجد شيء بحيث يتضاد معه، وإنما هي مكملة لشيء، فهذا لا نرد حديثه، ونقول: بقبوله؛ لأننا نظرنا في ثمانية عشر حديث من عشرين فجدنا أن مادة هذه الأحاديث موجودة لها مخارج متعددة تدور في الآفاق، لكن حديثين وجدناها هل خالف أحد من الرواة الكبار معنى هذا الحديث أو لم يخالفوه؟ أو جاء بشيء جديد، ثم إذا جاء بشيء جديد ما قيمته في الشريعة هل هو ثقيل أو ليس بثقيل، هل هو من النوافل والسنن أو غير ذلك، فإذا جاء بشيء من هذه المعاني ننظر في ميزانه ثم نقبله.

وإذا خالف وجدنا أنه يروي عشرة ونصفها أو أكثر من ذلك لم يأت عند الثقات فلا نقبله، ونستطيع بهذا أن نصدر عليه حكماً، ونفصل في النزاع في الحكم عليه، ونميل إلى قول بعض العلماء كقول مثلاً البخاري أو قول يحيى بن معين أو نحو ذلك في حال وجود شيء من التعارض.

ولهذا نقول: إن الراوي -وهذه نادرة وقليلة- قد يكون مجهول العين ولكن تعرف حاله، تقول: هذا كذاب، فكيف تجهل الرجل ثم تحكم عليه بالكذب؟

نقول: نعم، فلا يمكن أن هذا الرجل يروي هذا الحديث عن النبي عليه الصلاة والسلام والإسناد كلهم ثقات وهو المفقود فقط، فهذا الذي يسمى أبو محمد أو أبو مريم أو أبو زيد ثم ينفرد مثل هذا الحديث، نقول: كذاب ولو جهلنا عينه، فضلاً عن الأحكام التي دون ذلك، نقول: منكر أو غير ذلك من العبارات.

فحديث: ( إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدوها شيئاً، وإذا جئتم ونحن ركوع فقد أدركم الصلاة )، تفرد به يحيى بن أبي سليمان وأعله البخاري رحمه الله بعلتين:

العلة الأولى: تفرد يحيى بن أبي سليمان .

العلة الثانية: أنه لم يثبت له سماع منهما، من زيد وكذلك المقبري ، ويحتاج إلى إثبات.

وأما الحاكم رحمه الله في كتابه المستدرك فإنه يميل إلى تصحيح هذا الحديث، فصحح هذا الحديث وقال: أنه لم يذكره أحد بجرح، يعني: يحيى بن أبي سليمان ، وهذا الكلام من الحاكم عليه رحمة الله فيما يبدوا والله أعلم: إما أنه يجري على قاعدة أنه لم يتكلم عليه أحد نقداً يقصد عينه بشيء اطلع عليه لا يقصد آلة النظر والسبر لحال الراوي، فأما إذا كان ينظر مثلاً في حاله أو غير ذلك فيرى أن هذا الحكم لا يتوجه إليه بعينه، وإنما يتوجه إلى مرويه، ولهذا يصحح هذا الحديث.

ولكن نقول: إن هذا الحديث هو حديث منكر لتفرد يحيى بن أبي سليمان به، وقد أخرجه أبو داود في السنن، و الدارقطني و البيهقي ، وقد أعله غير واحد على ما تقدم، أعله الدارقطني ، و البيهقي ، وكذلك البخاري في كتابه التاريخ.

الحديث الرابع: هو ما يرويه رجل من المدينة: ( أنه دخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس فسمع خفق نعاله فلما سلم قال: من الذي تخفق نعاله؟ فقال: أنا قال: فما صنعت؟ قال: وجدتكم سجوداً فسجدت، فقال النبي عليه الصلاة والسلام: هكذا فاصنعوا )، هذا الحديث قد أخرجه ابن أبي شيبة في كتابه المصنف من حديث عبد العزيز بن رفيع عن رجل دخل المسجد.

و عبد العزيز بن رفيع تابعي وروايته في ذلك هل تحمل على الإرسال، أو الاتصال؟

الأصل في رواية التابعي الكبير أنه إذا روى حديثاً عن رجل من أصحاب النبي عليه الصلاة والسلام أنه قريب من الاتصال أو يحكم عليه بالاتصال.

ولكن إذا روى تابعي متأخر عن رجل صحب النبي عليه الصلاة والسلام، فهل هذا يحمل على إطلاقه على الاتصال أم لا؟ هذا من مواضع الخلاف عند أهل الحديث، بعض الأئمة من أهل الظاهر يرفضون ذلك مطلقاً، بل يرفضونه أيضاً إذا كان الصحابي في ذلك لم يسم ولو كان التابعي كبيراً، وهذا ما يذهب إليه البيهقي في قول من أقواله، وذهب إلى هذا ابن حزم الأندلسي و أبو إسحاق الاسفرائيني في أن جهالة الصحابي في حكم الإرسال.

ومن يشترط أيضاً ثبوت السماع يشدد في هذا، ويقول: لابد من معرفة سماعه، لا نقول إن هذا ليس بصحابي، نقول: هو صحابي، لكن هل أخذ منه ذلك أم لا؟ هذا من مواضع الخلاف في هذا، وهذا الحديث هو من أحسن الأحاديث في هذا الباب.

ثمة أحاديث في الصحيح عامة تدل على هذا المعنى ومنها: قول النبي عليه الصلاة والسلام: ( إنما جعل الإمام ليؤتم به )، لكنها عامة، وهذا من أمثل الأحاديث الخاصة في متابعة الإمام على أي حال، ولو كان في آخر صلاته، من نظر في كلام السلف عليهم رحمة الله في هذا الباب في مسألة إتيان المأموم إلى الصلاة والإمام في آخر صلاته، يجد أنهم يكادون يتفقون على أنه لابد من الدخول، ولهذا يقول بعض السلف: ربما تكون هذه السجدة التي مع الإمام هي سبب المغفرة، لأن ليس المراد بذلك هو الاعتداد بالركعة، المراد بذلك هو الغفران، وكذلك أيضاً التقرب لله سبحانه وتعالى، فلا يليق بالإنسان أن يقف ويرى الناس سجوداً، بل ينبغي له أن يبادر بالسجود؛ لأنه ليس المراد من صلاة الجماعة أن الإنسان فقط يأتي بالأرقام، وإنما لو أدرك أيضاً سجدة من الركعة الأولى أو الثانية أو أدركه في التشهد ينبغي له أن يبادر إليها، وهذا الذي كان يستحبه جماعة من الصحابة جاء عن نافع عن عبد الله بن عمر عليه رضوان الله، وكان منهم من ينص أيضاً في هذا كما جاء عن هشام بن عروة عن أبيه ولا أعلم أحداً من الصحابة عليهم رضوان الله تعالى يخالفه في هذا.

وأما القول في أن الرجل إذا غلب على ظنه أن الإمام سينصرف من صلاته، وأنه سيكون ثمة جماعة أخرى أنه لا يدخل معهم، هذا لا أعلم من يقول به من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأيضاً عامة التابعين على هذا، من نظر في أقوالهم في مصنف ابن أبي شيبة ، وكذلك عبد الرزاق ، و البيهقي ، نجد أنهم على هذا القول، وبعض العلماء فيما يتعلق في مسألة المساجد غير الراتبة التي يردها الناس تباعاً، والغالب في ذلك أنه أبناء السبيل من العابرين، -كمساجد الطرقات، مساجد المواقيت المكانية التي يريد أن يذهب الإنسان إلى حج وعمرة، أو كذلك أيضاً الحرم باعتباره مكة والمدينة باعتبار أن الناس يميلون إليه أكثر من أهله- يجعلون في ذلك شيئاً من الاستثناء باعتبار أن الجماعات متساوية بخلاف الجماعة الأولى.

لكن لو جاء الإنسان إلى جماعة ووجدها تصلي ثم أراد أن ينتظر إلى جماعة أخرى فيقولون: كل مسجد الجماعات فيه تتساوى فإن الإنسان ينتظر في ذلك، ولكن نقول: إن المساجد الراتبة القول فيها واحد للسلف أعني: الصحابة في هذا الباب أنهم أن الإنسان يبادر ولو كان في ذلك لحظة، فإن الأولى في ذلك أن يدخل معه.

الحديث الخامس: هو حديث أبي هريرة عليه رضوان الله تعالى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جاء أحدكم الإمام وهو جالس قبل أن يسلم فأدركه، فقد أدرك الجماعة وفضلها )، هذا الحديث يرويه أبو هريرة عليه رضوان الله تعالى.

وقد جاء من حديث جابر بن عبد الله ويأتي الكلام عليه، وجاء من حديث أبي هريرة .

حديث أبي هريرة تفرد به نوح بن أبي مريم عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخرجه الدارقطني في كتابه السنن، والحديث معلول بعدة علل:

أولها وأشدها: تفرد نوح بن أبي مريم في هذا الحديث وهو متهم في حديثه اتهمه بالكذب غير واحد من الحفاظ.

ثانيها: أنه قلب متنه وأخطأ في إسناده، أما بالنسبة لقلب المتن فإن الحديث هو ( من أدرك ركعةً مع الإمام فقد أدرك الصلاة )، وليس المراد بذلك فضل الجماعة، أدرك الجماعة وفضلها، ولهذا نقول: إن هذا الحديث هو من كلام نوح بن أبي مريم وليس من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما بالنسبة للإسناد، فإنه أخطأ في إسناده، فالحديث هو من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ، ليس من حديث الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة ولفظه أيضاً ( من أدرك ركعةً من الصلاة فقد أدرك الصلاة )، وليس من أدرك الإمام قبل أن يسلم فقد أدرك الصلاة الجماعة وفضلها، فقد قلب الحديث وغيَّر في ذلك معناه، فغيره من جهة الإسناد، وغيره أيضاً من جهة المتن.

جاء عن الزهري عليه رضوان الله برواية الثقات من أصحابه، من حديث الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة والواحد منهم هو أرجح من تفرد نوح بن أبي مريم ، لكنه قد جاء من حديث مالك بن أنس و الأوزاعي عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة بما يوافق رواية نوح ، ولكن هذا أيضاً لا يثبت عن مالك ولا عن الأوزاعي وهو غريب أيضاً عنهما، ولهذا نقول: إن هذا الحديث حديث منكر، ويكفي في ذلك هي العلة الأولى وأشدها هو نوح بن أبي مريم وتفرده بهذا الحديث.

الحديث السادس: حديث جابر بن عبد الله عليه رضوان الله تعالى، وهو بنحو حديث أبي هريرة هذا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا جاء أحدكم الإمام قبل أن يسلم، فقد أدرك الجماعة وفضلها )، هذا الحديث رواه ابن عدي في كتابه الكامل من حديث كثير بن شنظير عن عطاء عن أبي هريرة .

وهذا الإسناد تفرد به كثير وليس بحجة، وقد أنكره عليه غير واحد من الحفاظ كـابن عدي عليه رحمة الله، وهذه المسألة في مسألة إدراك فضل الجماعة وبماذا تدرك الجماعة.

إدراك فضل الجماعة

إدراك فضل الجماعة، هذه مسألة تختلف عن إدراك الركعة وإدراك الصلاة، بالنسبة لإدراك الركعة، الركعة تدرك بالركوع ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من أدرك ركعةً من الصلاة، فقد أدرك الصلاة )، المراد بهذا ليس المراد بذلك أدرك الجماعة، لا، الجماعة وحكمها شيء آخر، ولكن ما يتعلق معنا هنا هو إدراك الركعة، هل أدرك الإنسان ركعة أم لم يدركها؟ ويظهر هذا في جملة من اللوازم الفقهية منها:

- أن الإنسان إذا أدرك الإمام وهو راكع ثم ركع معه هل تجزئ عنه هذه الركعة أم لا تجزئ عنه؟ وإذا قام الإمام قبل أن يدخل في الصلاة فأدرك الإمام في الرفع أو أدرك الإمام وهو ساجد.

ولهذا نقول: إن في قوله: ( من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة )، المراد بذلك أن هذه الركعة أدركها وما فاته منها يجبر عنه، ولهذا يقول بعض العلماء: إن الركوع آكد من القيام، وآكد من قراءة الفاتحة؛ لأنه لو فات فاتت الركعة بخلاف الفاتحة، ولهذا يجعلون الركوع آكد من قراءة الفاتحة وآكد من القيام.

- وأيضاً يظهر في صلاة الجمعة، أن الإنسان إذا أدرك ركعةً مع الإمام في صلاة الجمعة الركعة الثانية فليأت بأخرى، حينئذ أدرك الصلاة كلها وليس المراد بذلك أدرك هذه الركعة.

وأما من لم يدرك الركعة مع الإمام في صلاة الجمعة الركعة الثانية فليأتي بأربع يصليها ظهراً، وأما مسألة الفضل فهل أدرك الفضل أو لم يدرك الفضل؟ لا يلزم من عدم إدراكه للركعة أنه لم يدرك الفضل ربما كان معذوراً، كالإنسان الذي حبسه حابس إما مرض أو نوم من غير غفلة فجاء إلى صلاة الجمعة ووجد الإمام في الركعة الثانية ثم رفع الإمام ولم يركع معه، فيأتي بأربع، ورجل آخر تأخر متعمداً وفاتته الركعة الأولى وأدرك الإمام في الركعة الثانية وركع معه يأتي بركعة واحدة، وأيهما أفضل الأول أو الثاني؟ الأول أفضل مع أنه ما أدرك الركعة، ولكن نقول: هو أكثر أجراً وأقرب إلى فضل الجمعة، ولهذا نقول: إنه لا يلزم من إدراك الفضل إدراك الجماعة وإدراك الركعة، فربما يدركها مقصر، وربما تفوت على غير مقصر.

ولهذا نقول: إن أجر الجماعة شيء من جهة الأجر التي يترتب على ذلك وهو مرتبط في قدرة الإنسان وتكاسله أو غير ذلك، ولها في ذلك أيضاً حد.

ويكفي في هذا أن نقول: ثمة قاعدة شرعية: أن الإنسان إذا كان حريصاً ثم فاته شيء بعذر أنه لو لم يعمله كتبه الله فكيف لو أدرك جزءاً منه، كالذي يخرج من بيته مثلاً إلى الصلاة حبسه حابس أو حبسه عذر شرعي كالمريض أو النائم من غير قصد فنام ثم أتى إلى الصلاة وفاتته الصلاة ثم صلاها فرداً، نقول: معذور وله الأجر لأنه ما كان متعمداً، ولو كان قادراً لفعل، لهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول كما جاء في الصحيح من حديث أبي موسى يقول: ( إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله له ما يعمل وهو صحيح مقيم )، إذاً آتاه الله عز وجل الأجر.

ولهذا نقول: إن إدراك صلاة الجماعة إذا كان الإنسان ليس بقصر أنه يدركها بمجرد قيامه إليها، شخص اعتاد أنه يقوم إلى الصلاة بما يدرك به الجماعة ابتداءً فحبسه حابس عاقه طريق، أو عاقه ظلمة ليل، أو عاقة مطر أو غير ذلك نقول: أدرك الجماعة، ولو أدرك منها شيء، ولهذا نعلم أن تفسير السلف عليهم رحمة الله تعالى في هذا الباب في مسألة إدراك صلاة الجماعة أنها هي على هذا الأمر، ولهذا جاء عن أبي هريرة ويروى عن الإمام مالك أن الإنسان إذا خرج من بيته أدرك صلاة الجماعة إذا كان بخروجه هذا اعتاد أن يدرك الصلاة كاملة، فعاقة أو حبسه في ذلك حابس.

إدراك فضل الجماعة، هذه مسألة تختلف عن إدراك الركعة وإدراك الصلاة، بالنسبة لإدراك الركعة، الركعة تدرك بالركوع ولهذا يقول النبي عليه الصلاة والسلام: ( من أدرك ركعةً من الصلاة، فقد أدرك الصلاة )، المراد بهذا ليس المراد بذلك أدرك الجماعة، لا، الجماعة وحكمها شيء آخر، ولكن ما يتعلق معنا هنا هو إدراك الركعة، هل أدرك الإنسان ركعة أم لم يدركها؟ ويظهر هذا في جملة من اللوازم الفقهية منها:

- أن الإنسان إذا أدرك الإمام وهو راكع ثم ركع معه هل تجزئ عنه هذه الركعة أم لا تجزئ عنه؟ وإذا قام الإمام قبل أن يدخل في الصلاة فأدرك الإمام في الرفع أو أدرك الإمام وهو ساجد.

ولهذا نقول: إن في قوله: ( من أدرك الركوع فقد أدرك الركعة )، المراد بذلك أن هذه الركعة أدركها وما فاته منها يجبر عنه، ولهذا يقول بعض العلماء: إن الركوع آكد من القيام، وآكد من قراءة الفاتحة؛ لأنه لو فات فاتت الركعة بخلاف الفاتحة، ولهذا يجعلون الركوع آكد من قراءة الفاتحة وآكد من القيام.

- وأيضاً يظهر في صلاة الجمعة، أن الإنسان إذا أدرك ركعةً مع الإمام في صلاة الجمعة الركعة الثانية فليأت بأخرى، حينئذ أدرك الصلاة كلها وليس المراد بذلك أدرك هذه الركعة.

وأما من لم يدرك الركعة مع الإمام في صلاة الجمعة الركعة الثانية فليأتي بأربع يصليها ظهراً، وأما مسألة الفضل فهل أدرك الفضل أو لم يدرك الفضل؟ لا يلزم من عدم إدراكه للركعة أنه لم يدرك الفضل ربما كان معذوراً، كالإنسان الذي حبسه حابس إما مرض أو نوم من غير غفلة فجاء إلى صلاة الجمعة ووجد الإمام في الركعة الثانية ثم رفع الإمام ولم يركع معه، فيأتي بأربع، ورجل آخر تأخر متعمداً وفاتته الركعة الأولى وأدرك الإمام في الركعة الثانية وركع معه يأتي بركعة واحدة، وأيهما أفضل الأول أو الثاني؟ الأول أفضل مع أنه ما أدرك الركعة، ولكن نقول: هو أكثر أجراً وأقرب إلى فضل الجمعة، ولهذا نقول: إنه لا يلزم من إدراك الفضل إدراك الجماعة وإدراك الركعة، فربما يدركها مقصر، وربما تفوت على غير مقصر.

ولهذا نقول: إن أجر الجماعة شيء من جهة الأجر التي يترتب على ذلك وهو مرتبط في قدرة الإنسان وتكاسله أو غير ذلك، ولها في ذلك أيضاً حد.

ويكفي في هذا أن نقول: ثمة قاعدة شرعية: أن الإنسان إذا كان حريصاً ثم فاته شيء بعذر أنه لو لم يعمله كتبه الله فكيف لو أدرك جزءاً منه، كالذي يخرج من بيته مثلاً إلى الصلاة حبسه حابس أو حبسه عذر شرعي كالمريض أو النائم من غير قصد فنام ثم أتى إلى الصلاة وفاتته الصلاة ثم صلاها فرداً، نقول: معذور وله الأجر لأنه ما كان متعمداً، ولو كان قادراً لفعل، لهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول كما جاء في الصحيح من حديث أبي موسى يقول: ( إذا مرض العبد أو سافر، كتب الله له ما يعمل وهو صحيح مقيم )، إذاً آتاه الله عز وجل الأجر.

ولهذا نقول: إن إدراك صلاة الجماعة إذا كان الإنسان ليس بقصر أنه يدركها بمجرد قيامه إليها، شخص اعتاد أنه يقوم إلى الصلاة بما يدرك به الجماعة ابتداءً فحبسه حابس عاقه طريق، أو عاقه ظلمة ليل، أو عاقة مطر أو غير ذلك نقول: أدرك الجماعة، ولو أدرك منها شيء، ولهذا نعلم أن تفسير السلف عليهم رحمة الله تعالى في هذا الباب في مسألة إدراك صلاة الجماعة أنها هي على هذا الأمر، ولهذا جاء عن أبي هريرة ويروى عن الإمام مالك أن الإنسان إذا خرج من بيته أدرك صلاة الجماعة إذا كان بخروجه هذا اعتاد أن يدرك الصلاة كاملة، فعاقة أو حبسه في ذلك حابس.

الحديث السابع: حديث أبي موسى الأشعري عليه رضوان الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الاثنان فما فوقهما جماعة )، هذا الحديث قد أخرجه ابن ماجه في كتابه السنن، و الدارقطني ، و البيهقي من حديث الربيع بن بدر عن أبيه عن جده عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهو معلول بعدة علل:

الأولى: أنه تفرد به الربيع بن بدر ، وهو ضعيف الحديث لا يحتج به، ضعفه غير واحد من الأئمة كـأبي حاتم ، وابن معين وغيرهما.

الثانية: وكذلك أيضاً فإن أباه مجهول، وجده قيل بجهالته، وقيل إن له صحبة، وهذا الحديث فيما يظهر وما في بابه أيضاً من الأحاديث التي تأتي، أعلها البخاري رحمه الله، ترجم البخاري في كتابه الصحيح قال: باب اثنان فما فوقهما جماعة، ترجم البخاري بلفظ هذا الحديث لكنه ما أورده، وما أورد الأحاديث التي جاءت بلفظه، أورد فيه حديث أبي قلابة عن مالك بن الحويرث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا حضرت الصلاة، فيؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما )، هذا الخطاب توجه لاثنين يعقدوا الجماعة، ليؤذن أحدكما وليؤمكما أكبركما، وهذا دليل على أن الجماعة اثنين.

أيها أصرح الاثنان فما فوقهما جماعة أم هذا الحديث؟ الاثنان فما فوقهما الجماعة، ولكن عادة البخاري رحمه الله أن الحديث إذا كان معلولاً وحكمه صحيح أنه يأتي بما يدل عليه ولو بمعناه البعيد ويورده صريحاً، ولهذا نظائر في كتابه الصحيح، ولو كان هذا الحديث وأيضاً الأحاديث التي جاءت في بابه عنده محل احتجاج، لأوردها وأخرجها في هذا الباب، ولهذا نقول: إن هذا الحديث معلول بعلة ويميل إلى إعلاله أيضاً جماعة، وقد أعله البخاري رحمه الله كما هو ظاهر في كتابه الصحيح.

الحديث الثامن: هو بنفس حديث أبي موسى الأشعري ولكنه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( الاثنان فما فوق هما جماعة )، هذا الحديث أخرجه الدارقطني في كتابه السنن من حديث عثمان بن عبد الرحمن المدني عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( الاثنان فما فوقهما جماعة )، هذا الحديث حديث منكر أيضاً، تفرد به عثمان بن عبد الرحمن المدني عن عمرو بن شعيب ، وأعله الدارقطني و البيهقي .

وكذلك أيضاً يظهر في هذا إعلال أيضاً البخاري له بجميع طرقه، وجاء بطرق أخرى أيضاً واهية ومردودة، جاء من حديث تفرد به بقية بن الوليد ، وجاء أيضاً من حديث الحسن عن سمرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، والأحاديث في هذا الباب الصريحة في هذا بهذا اللفظ عن النبي عليه الصلاة والسلام ضعيفة، وأما معناها فصحيح، وفضل الجماعة في ذلك كلما زاد الناس فإنها أكثر، ولهذا النبي عليه الصلاة والسلام يقول: ( صلاة الرجل إلى الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاة الرجل إلى الرجلين أزكى من صلاتهما إلى الرجل )، وكلما زاد الناس في ذلك أفضل، إلا أنهم يختلفون في أيهما أفضل في المواضع التي يكثر فيها عدد المصلين، أو المواضع التي هي أقدم للصلاة فيها، المسجد القديم أو المسجد الحديث وعدد المصلين فيه أكثر، وأيها أفضل في هذا؟ نقول: الجماعة في هذا معتبرة، ولكن هل هي آكد من البقعة أم لا؟ نقول: البقعة التي دل الدليل عليها صريحاً هي آكد وذلك كالمسجد الحرام، ومسجد النبي عليه الصلاة والسلام، والمسجد الأقصى وغير ذلك.

وذلك مثلاً كالإنسان الذي يقال له: صل معانا، ويعلم مثلاً أنه ثمة جماعة ستنعقد بعد الجماعة الأم في المسجد النبوي، كأن يكون ثمة أناس سيصلون مثلاً يصلي معهم اثنين أو ثلاثة وقالوا ناس: صل معنا في خارج المسجد وهم أكثر، هل الصلاة في تلك البقعة المفضلة أفضل أم صلاة الجماعة ولو كانوا بعيدين أفضل في هذا؟ نقول: البقعة في هذا أفضل ما أدرك في ذلك أدنى الجماعة، ولكن المسجد القديم هل له فضل في هذا؟ نقول: جاء في هذا بعض الآثار، وجاء عن أنس بن مالك عليه رضوان الله تعالى كما رواه أبو نعيم في كتابه الصلاة من حديث ابن سيرين قال: كنت مع أنس بن مالك أسير معه، فإذا مررنا بمسجد فإذا قلت له حديث جاوزه إلى غيره فإذا قلت: قديم صلى فيه.

ويستدلون أيضاً بقول الله عز وجل: لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ [التوبة:108]، فهذا إشارة إلى أن هذا المسجد الأقدم في ذلك أولى بأن يصلى فيه، وهو الذي عليه يتفرع عنه في ذلك الحكم، وهذا كما في مسألة الصلوات الخمس، كذلك أيضاً في مسألة صلاة الجمعة، والله أعلم.

وبالله التوفيق، ونكتفي بهذا القدر، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد.