خطب ومحاضرات
الأحاديث المعلة في الصلاة [28]
الحلقة مفرغة
رواية أنس بن مالك
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فنتحدث عن شيء من الأحاديث في أبواب الصلاة مما تكلم عليه بعض أهل العلم، ومما له أثر أيضاً في أبواب الأحكام.
الحديث الأول: حديث أنس بن مالك عليه رضوان الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من حافظ على التكبيرة الأولى أربعين يوماً كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق )، هذا الحديث أخرجه الترمذي في كتابه السنن من حديث حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث قد أعله الترمذي وغيره وذلك أن حبيباً الذي يرويه عن أنس بن مالك قد تكلم في جهالته ومعرفته غير واحد، وقد ذكر ابن أبي حاتم في كتابه العلل أنه سأل أباه عنه فلم يعرفه، وقد تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعله كذلك أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه العلل.
وأيضاً: فإن هذا الحديث قد وقع في إسناده اضطراب، فتارةً يجعل من مسند أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتارةً يجعل من مسند أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضاً من وجوه العلل، فإن هذا الحديث قد جاء من حديث أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله، والصواب في ذلك: أنه من حديث أنس بن مالك لا من حديث عمر ، وهو من كلا الوجهين ضعيف لا يثبته أحد من أهل العلم.
وأيضاً: فإن هذا الحديث وقع في متنه اضطراب من الوجهين سواءً في حديث أنس بن مالك ، أو في حديث عمر بن الخطاب ، وذلك أنه في حديث أنس بن مالك قال: ( من أدرك التكبيرة الأولى أو من حافظ على التكبيرة الأولى )، وجاء عند ابن ماجه في كتابه السنن من حديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله قال: ( من لم تفته الركعة الأولى )، فذكر الركعة الأولى، وفي حديث أنس بن مالك يذكر التكبيرة الأولى، والحديث في هذا فرد منكر.
وأيضاً جاء من حديث بكر بن أحمد عن يعقوب بن تحية عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد أيضاً منكر، وذلك أن بكر بن أحمد يرويه عن يعقوب بن تحية وكلاهما مجهول، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن يزيد بن هارون.
ومما يدل على نكارة هذا الحديث: أن يزيد بن هارون هو من أئمة الرواية والدراية، وتفرد أمثال هؤلاء المجاهيل بالرواية عنه مما لا يقبله العلماء عادةً.
وكذلك أيضاً فإن هذا التفرد إنما جاء في طبقة متأخرة، والعلماء عليهم رحمة الله تعالى يردونه ولا يقبلون مثله.
رواية عمر بن الخطاب
الحديث الثاني: وأما بالنسبة لحديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله فإنه يرويه إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية، و إسماعيل بن عياش إذا روى عن غير أهل بلده أنكر العلماء عليه، وعمارة مدني وقد تفرد بهذا الحديث بالرواية عنه إسماعيل بن عياش ، والعلماء عليهم رحمة الله لا يقبلون تفرده بمثل هذا الخبر، وفيما يرويه أيضاً عن غير أهل بلده.
رواية أبي كاهل
الحديث الثالث: وكذلك أيضاً جاء من حديث أبي كاهل، فقد رواه الطبراني في كتابه المعجم، ورواه العقيلي في كتابه الضعفاء، من حديث أبي منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أدرك التكبيرة الأولى، كتبت له براءة من النار )، وهذا الحديث معلول بعلل، منها:
أولاً: تسلسل المجاهيل في إسناده، ولهذا قال غير واحد من العلماء: إن إسناده مجهول، كما نص على ذلك العقيلي في كتابه الضعفاء، وكذلك الذهبي عليه رحمة الله لما وقف على هذا الإسناد قال: إسناد مظلم.
ومراد العلماء عليهم رحمة الله بقولهم: إسناد مظلم، يعني: أنه موغل بالجهالة.
ثانياً: الاضطراب والاختلاف في متن هذا الحديث ظاهر في اختلافه عن حديث أنس بن مالك ، وحديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله وذلك في البراءتين في حديث أنس بن مالك وفي حديث عمر بن الخطاب ، وهنا براءة واحدة من النار، وفي الحديثين السابقين ذكر براءتين: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
وعلى كل فهذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
رواية أحاديث الفضائل
وهل يقبل ذلك في أحاديث الفضائل أم لا؟ نقول: إن العلماء عليهم رحمة الله في أحاديث الفضائل لا يتسامحون كما يتسامح المتأخرون، وإن كان لديهم مبدأ التساهل والتيسير بخلاف الأحكام، ونستطيع أن نقول: إن مرتبة الأئمة الأوائل في التعامل مع حديث الفضائل هي مرتبة وسط بين تعامل المتقدمين في أحاديث الأحكام، وبين تعامل المتأخرين في أحاديث الفضائل، وربما تشبه عند بعض الأئمة تعاملهم في أحاديث الأحكام فإنهم يتساهلون في أحاديث الأحكام أعني المتأخرين، بما يشبه طريقة العلماء الأوائل في أحاديث فضائل الأعمال.
فالعلماء في أحاديث فضائل الأعمال يجمعون على التيسير فيها وعدم التشديد، على تباين بين المنهجين في شدة التيسير في ذلك، ولا خلاف عندهم في هذا، نعم يحكى عن بعض الأئمة كـيحيى بن معين عليه رحمة الله الرد في ذلك كله، ولكن نقول: إنه جاء عن يحيى بن معين في ذلك روايتان، ويحمل ما وافق الأئمة في ذلك من أمر التساهل، والأئمة حتى المتقدمين كـسفيان الثوري ، و يحيى بن سعيد القطان ، و وكيع وغيرهم من الأئمة يتساهلون في رواية أحاديث الأحكام، وما ضابط ذلك؟
ضوابط رواية الحديث الضعيف
الأئمة عليهم رحمة الله لهم جملة من الضوابط نستطيع أن نجملها فيما يلي:
أولاً: أن يدل على ذلك الحديث أصل، إما أن يأتي في حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو جاء بأحاديث مستفيضة موقوفة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان فضل عمل من الأعمال، وذلك أن الصحابة عليهم رضوان الله لا يمكن أن يجتمعوا على شيء ويقولوا بسنيته ويكون ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلافه. ولهذا نقول: إن حديث الفضائل إذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ذلك العمل ابتداءً في ذاته ثم جاء الفضل مستقلاً ضعيفاً نقول: لا بأس بذلك؛ لأن أصل التشريع موجود.
ثانياً: إذا جاء في ذلك عن الصحابة عليهم رضوان الله في بيان عمل من الأعمال أنه مشروع، ثم جاء فضله في حديث مستقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً الفضل مرفوع وثبوت الحكم موقوف، فالعلماء يتعاملون في هذين الأمرين على السواء، ويقبلون الحديث بهذا القيد.
ثالثاً: أن الأئمة عليهم رحمة الله يشترطون في الحديث أن لا يكون شديد الضعف، ومعنى شديد الضعف: ألا يكون فيه مجهول العين، ولا مجهول الحال في طبقة متأخرة، وذلك أن مجهول العين لا يقبل في أي حال وفي أي مرتبة، ويستثنى من ذلك الصحابة عليهم رضوان الله، وأما مجهول الحال فكلما تأخرت طبقة الراوي لم يحتج الأئمة به، ولا يجعلونه ممن يعتبر به في أحاديث الأحكام؛ وذلك لأن جهالة الحال كلما تأخرت شابهت جهالة العين، وهذا معلوم في طرائق الأئمة ومسالكهم، وذلك أنهم يشددون في الجهالة كلما تأخرت، فإن تأخرها دليل على اتهام الراوي، فإن الرواة لا يضمرون أسماء الشيوخ إلا وفيها مطعن.
وكذلك أيضاً إذا كان في الإسناد مثلاً متروك أو فيه واهٍ أو من وصفه الأئمة وأطبقوا على وصفه بالضعف جداً، فضلاً عن وصفه بالكذب أو اتهامه بذلك، وهذا له مسالك عند العلماء، وعبارات ألفاظهم في الجرح والتعديل، لها طرائق في ذلك.
رابعاً: أن لا يجزم بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أن لا يذكره الإنسان بصيغة الجزم، وإنما يذكره بصيغة التمريض، وإن ذكره بصيغة الجزم عقبه بما يبين لين هذا الحديث كأن يقول مثلاً: قال أو جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يبين بعد ذلك أن هذا الحديث ضعيف ودل وثبت على أصله أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشروط الأئمة عليهم رحمة الله في هذا متباينة من جهة التشديد فيها في كل موضع من المواضع، يتوسع المتأخرون ويشدد المتقدمون، كما يتوسع المتأخرون في الأحكام يتوسعون كذلك في أمور فضائل الأعمال، وكما يشدد الأئمة عليهم رحمة الله في الأحكام، كذلك لا يتساهلون في أمور الأحكام تساهلاً يشابه أمور وطرائق المتأخرين.
وعليه فهذا الحديث مما لا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة ضعفه وعدم سلامة ونقاوة طرقه.
وكذلك أيضاً: اختلاف ألفاظه يدل على أن مثل هذا إنما هو من الأوهام والأغلاط، مع الأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك في فضل التبكير إلى الصلاة، جاء في بعض الموقوفات ما يؤيد هذا المعنى وهي أيضاً لا تخلوا من علة.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فنتحدث عن شيء من الأحاديث في أبواب الصلاة مما تكلم عليه بعض أهل العلم، ومما له أثر أيضاً في أبواب الأحكام.
الحديث الأول: حديث أنس بن مالك عليه رضوان الله، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( من حافظ على التكبيرة الأولى أربعين يوماً كتب له براءتان: براءة من النار، وبراءة من النفاق )، هذا الحديث أخرجه الترمذي في كتابه السنن من حديث حبيب بن أبي ثابت عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهذا الحديث قد أعله الترمذي وغيره وذلك أن حبيباً الذي يرويه عن أنس بن مالك قد تكلم في جهالته ومعرفته غير واحد، وقد ذكر ابن أبي حاتم في كتابه العلل أنه سأل أباه عنه فلم يعرفه، وقد تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعله كذلك أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه العلل.
وأيضاً: فإن هذا الحديث قد وقع في إسناده اضطراب، فتارةً يجعل من مسند أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتارةً يجعل من مسند أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا أيضاً من وجوه العلل، فإن هذا الحديث قد جاء من حديث أنس بن مالك عن عمر بن الخطاب عليه رضوان الله، والصواب في ذلك: أنه من حديث أنس بن مالك لا من حديث عمر ، وهو من كلا الوجهين ضعيف لا يثبته أحد من أهل العلم.
وأيضاً: فإن هذا الحديث وقع في متنه اضطراب من الوجهين سواءً في حديث أنس بن مالك ، أو في حديث عمر بن الخطاب ، وذلك أنه في حديث أنس بن مالك قال: ( من أدرك التكبيرة الأولى أو من حافظ على التكبيرة الأولى )، وجاء عند ابن ماجه في كتابه السنن من حديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله قال: ( من لم تفته الركعة الأولى )، فذكر الركعة الأولى، وفي حديث أنس بن مالك يذكر التكبيرة الأولى، والحديث في هذا فرد منكر.
وأيضاً جاء من حديث بكر بن أحمد عن يعقوب بن تحية عن يزيد بن هارون عن حميد الطويل عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا إسناد أيضاً منكر، وذلك أن بكر بن أحمد يرويه عن يعقوب بن تحية وكلاهما مجهول، وقد تفرد برواية هذا الحديث عن يزيد بن هارون.
ومما يدل على نكارة هذا الحديث: أن يزيد بن هارون هو من أئمة الرواية والدراية، وتفرد أمثال هؤلاء المجاهيل بالرواية عنه مما لا يقبله العلماء عادةً.
وكذلك أيضاً فإن هذا التفرد إنما جاء في طبقة متأخرة، والعلماء عليهم رحمة الله تعالى يردونه ولا يقبلون مثله.
الحديث الثاني: وأما بالنسبة لحديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله فإنه يرويه إسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية، و إسماعيل بن عياش إذا روى عن غير أهل بلده أنكر العلماء عليه، وعمارة مدني وقد تفرد بهذا الحديث بالرواية عنه إسماعيل بن عياش ، والعلماء عليهم رحمة الله لا يقبلون تفرده بمثل هذا الخبر، وفيما يرويه أيضاً عن غير أهل بلده.
الحديث الثالث: وكذلك أيضاً جاء من حديث أبي كاهل، فقد رواه الطبراني في كتابه المعجم، ورواه العقيلي في كتابه الضعفاء، من حديث أبي منظور عن أبي معاذ عن أبي كاهل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( من أدرك التكبيرة الأولى، كتبت له براءة من النار )، وهذا الحديث معلول بعلل، منها:
أولاً: تسلسل المجاهيل في إسناده، ولهذا قال غير واحد من العلماء: إن إسناده مجهول، كما نص على ذلك العقيلي في كتابه الضعفاء، وكذلك الذهبي عليه رحمة الله لما وقف على هذا الإسناد قال: إسناد مظلم.
ومراد العلماء عليهم رحمة الله بقولهم: إسناد مظلم، يعني: أنه موغل بالجهالة.
ثانياً: الاضطراب والاختلاف في متن هذا الحديث ظاهر في اختلافه عن حديث أنس بن مالك ، وحديث عمر بن الخطاب عليه رضوان الله وذلك في البراءتين في حديث أنس بن مالك وفي حديث عمر بن الخطاب ، وهنا براءة واحدة من النار، وفي الحديثين السابقين ذكر براءتين: براءة من النار، وبراءة من النفاق.
وعلى كل فهذا الحديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وهل يقبل ذلك في أحاديث الفضائل أم لا؟ نقول: إن العلماء عليهم رحمة الله في أحاديث الفضائل لا يتسامحون كما يتسامح المتأخرون، وإن كان لديهم مبدأ التساهل والتيسير بخلاف الأحكام، ونستطيع أن نقول: إن مرتبة الأئمة الأوائل في التعامل مع حديث الفضائل هي مرتبة وسط بين تعامل المتقدمين في أحاديث الأحكام، وبين تعامل المتأخرين في أحاديث الفضائل، وربما تشبه عند بعض الأئمة تعاملهم في أحاديث الأحكام فإنهم يتساهلون في أحاديث الأحكام أعني المتأخرين، بما يشبه طريقة العلماء الأوائل في أحاديث فضائل الأعمال.
فالعلماء في أحاديث فضائل الأعمال يجمعون على التيسير فيها وعدم التشديد، على تباين بين المنهجين في شدة التيسير في ذلك، ولا خلاف عندهم في هذا، نعم يحكى عن بعض الأئمة كـيحيى بن معين عليه رحمة الله الرد في ذلك كله، ولكن نقول: إنه جاء عن يحيى بن معين في ذلك روايتان، ويحمل ما وافق الأئمة في ذلك من أمر التساهل، والأئمة حتى المتقدمين كـسفيان الثوري ، و يحيى بن سعيد القطان ، و وكيع وغيرهم من الأئمة يتساهلون في رواية أحاديث الأحكام، وما ضابط ذلك؟
الأئمة عليهم رحمة الله لهم جملة من الضوابط نستطيع أن نجملها فيما يلي:
أولاً: أن يدل على ذلك الحديث أصل، إما أن يأتي في حديث ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو جاء بأحاديث مستفيضة موقوفة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيان فضل عمل من الأعمال، وذلك أن الصحابة عليهم رضوان الله لا يمكن أن يجتمعوا على شيء ويقولوا بسنيته ويكون ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم على خلافه. ولهذا نقول: إن حديث الفضائل إذا جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهة ذلك العمل ابتداءً في ذاته ثم جاء الفضل مستقلاً ضعيفاً نقول: لا بأس بذلك؛ لأن أصل التشريع موجود.
ثانياً: إذا جاء في ذلك عن الصحابة عليهم رضوان الله في بيان عمل من الأعمال أنه مشروع، ثم جاء فضله في حديث مستقل عن النبي صلى الله عليه وسلم، إذاً الفضل مرفوع وثبوت الحكم موقوف، فالعلماء يتعاملون في هذين الأمرين على السواء، ويقبلون الحديث بهذا القيد.
ثالثاً: أن الأئمة عليهم رحمة الله يشترطون في الحديث أن لا يكون شديد الضعف، ومعنى شديد الضعف: ألا يكون فيه مجهول العين، ولا مجهول الحال في طبقة متأخرة، وذلك أن مجهول العين لا يقبل في أي حال وفي أي مرتبة، ويستثنى من ذلك الصحابة عليهم رضوان الله، وأما مجهول الحال فكلما تأخرت طبقة الراوي لم يحتج الأئمة به، ولا يجعلونه ممن يعتبر به في أحاديث الأحكام؛ وذلك لأن جهالة الحال كلما تأخرت شابهت جهالة العين، وهذا معلوم في طرائق الأئمة ومسالكهم، وذلك أنهم يشددون في الجهالة كلما تأخرت، فإن تأخرها دليل على اتهام الراوي، فإن الرواة لا يضمرون أسماء الشيوخ إلا وفيها مطعن.
وكذلك أيضاً إذا كان في الإسناد مثلاً متروك أو فيه واهٍ أو من وصفه الأئمة وأطبقوا على وصفه بالضعف جداً، فضلاً عن وصفه بالكذب أو اتهامه بذلك، وهذا له مسالك عند العلماء، وعبارات ألفاظهم في الجرح والتعديل، لها طرائق في ذلك.
رابعاً: أن لا يجزم بنسبته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، يعني: أن لا يذكره الإنسان بصيغة الجزم، وإنما يذكره بصيغة التمريض، وإن ذكره بصيغة الجزم عقبه بما يبين لين هذا الحديث كأن يقول مثلاً: قال أو جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يبين بعد ذلك أن هذا الحديث ضعيف ودل وثبت على أصله أحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وشروط الأئمة عليهم رحمة الله في هذا متباينة من جهة التشديد فيها في كل موضع من المواضع، يتوسع المتأخرون ويشدد المتقدمون، كما يتوسع المتأخرون في الأحكام يتوسعون كذلك في أمور فضائل الأعمال، وكما يشدد الأئمة عليهم رحمة الله في الأحكام، كذلك لا يتساهلون في أمور الأحكام تساهلاً يشابه أمور وطرائق المتأخرين.
وعليه فهذا الحديث مما لا يروى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لشدة ضعفه وعدم سلامة ونقاوة طرقه.
وكذلك أيضاً: اختلاف ألفاظه يدل على أن مثل هذا إنما هو من الأوهام والأغلاط، مع الأدلة الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك في فضل التبكير إلى الصلاة، جاء في بعض الموقوفات ما يؤيد هذا المعنى وهي أيضاً لا تخلوا من علة.
استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز الطَريفي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الأحاديث المعلة في الصلاة [20] | 2595 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [14] | 2376 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [39] | 2285 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [25] | 2234 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [41] | 2102 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [32] | 2101 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [33] | 2059 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [43] | 2029 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [12] | 1995 استماع |
الأحاديث المعلة في الصلاة [21] | 1988 استماع |