الروض المربع - كتاب البيع [24]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، اللهم انفعنا بما علمتنا، وعلمنا ما ينفعنا، وزدنا علماً وعملاً يا كريم! وبعد:

فقد قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ السادس من أقسام الخيار: خيار في البيع بتخيير الثمن متى بان الثمن أقل أو أكثر مما أخبره به، ويثبت في أنواعه الأربعة في التولية، وهو بيع برأس المال، وفي الشركة: وهي بيع بعضه بقسطه من الثمن وأشركتك ينصرف إلى نصفه، وفي المرابحة: وهي بيعه بثمنه وربح معلوم، وإن قال: على أن أربح في كل عشرة درهماً كره، وفي المواضعة: وهي بيعه برأس ماله، وخسران معلوم، ولا بد في جميعها أي: الصور الأربعة من معرفة المشتري والبائع رأس المال؛ لأن ذلك شرط لصحة البيع، فإن فات لم يصح وما ذكره من ثبوت الخيار في الصور الأربع تبع فيه المقنع، وهو رواية، والمذهب أنه متى بان رأس المال أقل حط الزائد ويحط قسطه في مرابحة وينقصه في مواضعه ولا خيار للمشتري، ولا تقبل دعوى بائع غلطاً في رأس المال بلا بينة ].

المقصود بالخيار في البيع بتخيير الثمن

هذا القسم السادس من أقسام الخيار: وهو خيار في البيع بتخيير الثمن، والمقصود من هذا أن البائع يبيع على المشتري مع المعرفة برأس المال الذي اشتراه البائع، وذلك بأن يخبر البائع مشتريه بكم دخلت عليه تلك السلعة؟ وبكم اشترى تلك السلعة؟ فإن شاء البائع بعد ذلك أن يزيد عليها ثمناً فيكون مرابحة، أو ينقص شيئاً فيكون مواضعة، أو يبيعه بمثل ما اشتراه فيكون تولية، أو يشركه بجزء من رأس المال فيكون شركة.

إذاً عندنا أربع صور، وهذه الصور الأربع لم تتأت للمشتري إلا بعد معرفته برأس المال الذي اشتراه البائع، وهذا ما يسمى من بيوع الأمانات.

بيوع الأمانة

وبيوع الأمانة: هو إخبار البائع مشترياً برأس المال الذي دخلت عليه السلعة، وسمي الأمانة لأن المشتري دخل بالبيع بناءً على أمانة البائع، ولأجل هذا كره بعض أهل العلم بيوع الأمانة؛ لأجل أن الإنسان دخل في أمانة غيره، وإن كانوا قد أجمعوا على صحة بيع الأمانة، والمقصود برأس المال هي التكلفة الفعلية التي اشتراها البائع، والمقصود بالتكلفة الفعلية بحيث يبيع البائع على المشتري بنفس التكلفة التي دخلت عليه إما حالة وإما مؤجلة، أما أن يذكر برأس مال الذي دخلت عليه غير أنه لا يذكر أنها مؤجلة، بل يشير أنها حالة مع الفرق بين السعر الحالي والسعر المؤجل، فهذا يعد نقصاً في تخبير وتخيير الثمن.

مثاله: لو أن البائع اشترى السلعة بمائة ألف مؤجلة، ثم قال للمشتري: أبيعك برأس مالها وخمسين ألفاً، فرأس مالها مائة ألف مؤجلة، ولكنه لم يخبر بذلك، فحينئذٍ يكون البائع قد غر المشتري؛ لأن مائة ألف لو كانت مؤجلة لكان هذا سعرها، لكنه لو أراد أن تكون حالة لكانت بثمانين ألفاً، فأغر البائع المشتري بذلك، فحينئذٍ يجب أن يكون الإخبار برأس المال حقيقياً وبسعر التكلفة التي دخلت عليه، ولا مانع بأن يكون إخباره بالثمن زائداً على نفس القيمة إذا اشترط على المشتري الذي هو البائع الثاني إذا اشترط عليه نقلها من ثمنه، فلو كان سعرها بتسعين ألفاً، لكن نقلها يتكلف مالاً، فاشترط البائع الأول على المشتري الذي هو البائع الثاني بأن النقل يكون عليه، فصارت تسعين ألفاً، وعشرة آلاف قيمة النقل، فصارت مائة ألف، البيع حصل بتسعين، لكن العشرة الآلاف صارت قيمة النقل، فلو قال البائع الثاني للمشتري الثاني: أني أبيعك بمائة ألف وزيادة أو بمثلها لم يكن ذلك تغريراً؛ لأنه أخبر بالتكلفة التي دخلت عليه، وسوف يذكر المؤلف رحمه الله صوراً في هذا.

هذا القسم السادس من أقسام الخيار: وهو خيار في البيع بتخيير الثمن، والمقصود من هذا أن البائع يبيع على المشتري مع المعرفة برأس المال الذي اشتراه البائع، وذلك بأن يخبر البائع مشتريه بكم دخلت عليه تلك السلعة؟ وبكم اشترى تلك السلعة؟ فإن شاء البائع بعد ذلك أن يزيد عليها ثمناً فيكون مرابحة، أو ينقص شيئاً فيكون مواضعة، أو يبيعه بمثل ما اشتراه فيكون تولية، أو يشركه بجزء من رأس المال فيكون شركة.

إذاً عندنا أربع صور، وهذه الصور الأربع لم تتأت للمشتري إلا بعد معرفته برأس المال الذي اشتراه البائع، وهذا ما يسمى من بيوع الأمانات.

وبيوع الأمانة: هو إخبار البائع مشترياً برأس المال الذي دخلت عليه السلعة، وسمي الأمانة لأن المشتري دخل بالبيع بناءً على أمانة البائع، ولأجل هذا كره بعض أهل العلم بيوع الأمانة؛ لأجل أن الإنسان دخل في أمانة غيره، وإن كانوا قد أجمعوا على صحة بيع الأمانة، والمقصود برأس المال هي التكلفة الفعلية التي اشتراها البائع، والمقصود بالتكلفة الفعلية بحيث يبيع البائع على المشتري بنفس التكلفة التي دخلت عليه إما حالة وإما مؤجلة، أما أن يذكر برأس مال الذي دخلت عليه غير أنه لا يذكر أنها مؤجلة، بل يشير أنها حالة مع الفرق بين السعر الحالي والسعر المؤجل، فهذا يعد نقصاً في تخبير وتخيير الثمن.

مثاله: لو أن البائع اشترى السلعة بمائة ألف مؤجلة، ثم قال للمشتري: أبيعك برأس مالها وخمسين ألفاً، فرأس مالها مائة ألف مؤجلة، ولكنه لم يخبر بذلك، فحينئذٍ يكون البائع قد غر المشتري؛ لأن مائة ألف لو كانت مؤجلة لكان هذا سعرها، لكنه لو أراد أن تكون حالة لكانت بثمانين ألفاً، فأغر البائع المشتري بذلك، فحينئذٍ يجب أن يكون الإخبار برأس المال حقيقياً وبسعر التكلفة التي دخلت عليه، ولا مانع بأن يكون إخباره بالثمن زائداً على نفس القيمة إذا اشترط على المشتري الذي هو البائع الثاني إذا اشترط عليه نقلها من ثمنه، فلو كان سعرها بتسعين ألفاً، لكن نقلها يتكلف مالاً، فاشترط البائع الأول على المشتري الذي هو البائع الثاني بأن النقل يكون عليه، فصارت تسعين ألفاً، وعشرة آلاف قيمة النقل، فصارت مائة ألف، البيع حصل بتسعين، لكن العشرة الآلاف صارت قيمة النقل، فلو قال البائع الثاني للمشتري الثاني: أني أبيعك بمائة ألف وزيادة أو بمثلها لم يكن ذلك تغريراً؛ لأنه أخبر بالتكلفة التي دخلت عليه، وسوف يذكر المؤلف رحمه الله صوراً في هذا.

النوع الأول: التولية

قول المؤلف: (ويثبت في أنواعه الأربعة)، أنواعه الأربعة التي هي: التولية، وهي البيع برأس المال الذي اشتراها البائع، فإذا كان قد اشتراها بمائة ألف يقول: أبيعكها بمائة ألف، يعني: لم يربح ولم يخسر.

النوع الثاني: الشركة

قول المؤلف: (وفي الشركة) وهي أن يخبر البائع المشتري برأس المال التي اشتراها ثم يبيع جزءاً منها بنفس ما اشتراها، ولهذا قال: وهي بيع بعضه بقسطه من الثمن، يعني: يقول: اشتريتها بمائة ألف وأشركك بالربع، فيكون ربعها خمسة وعشرين ألفاً، أو أشركك بالنصف فيكون خمسين، وعلى هذا فقس.

النوع الثالث: المرابحة

قول المؤلف: (وفي المرابحة) ثم عرفها المؤلف بقوله: (وهي بيع بثمنه وربح معلوم)، يعني: أن يقول: أبيعك بمائة ألف وعشرة، وهذه العشرة ربح عن رأس المال الذي اشتراها به، وعلى هذا فما يقوله الباعة أحياناً للمشتري إذا ماكسه المشتري قال: والله! ما دخلت عليّ بهذا السعر، والله! إني أبيعك برأس ماله، والله! ربحنا منها ريالين، أو ربحنا منها عشرين، ورضي المشتري بذلك، هذا يسمونه من بيوع الأمانة، ومن أنواع بيوع الأمانة بيع المرابحة، وعليه فلو علم المشتري بعد ذلك بأن البائع غره بذلك صار على الخلاف، هل يثبت للمشتري الخيار، أم يجب على البائع أن يحط من الثمن بنسبة أو بمقدار ما أخبر به، فلو قال: والله! رأس مالها عشرون، وأبيعك مكسبي منها خمسة ريالات، ثم علم بعد ذلك المشتري بأن رأس مالها عشرة، فإنه يجب الحط من القيمة، أي يحط عشرة ريالات؛ لأنه أخبر بأنه اشتراها بعشرين وربح خمسة، فتبين أنه اشتراها بعشرة فيكون ربحه منها خمسة، فيكون خمسة عشر ريالاً.

قول المؤلف: (وإن قال: على أن أربح في كل عشرة درهماً كره).

أجمع أهل العلم على أن بيع المرابحة صحيح، وهو أن يقول: أبيعك برأس مالها وكذا، يعني: ثمن، هذا محل إجماع، لكن بعض أهل العلم كرهه من باب ألا يدخل البائع في ذمته، وإلا فإن الأصل أن العقد صحيح بإجماع الفقهاء، لكن بعض أهل العلم كالإمام أحمد رحمه الله، ونقل عن مالك أنه كره بيع البيع بإخبار البائع برأس ماله وربح خوفاً يقول أحمد : أحب المماكسة، يعني: يحب أن يماكسه، يحب أن يبيعه بالبيع والشراء، لا يخبر البائع بمثل ما اشتراه، خوفاً من أن يكون دخل في أمانته.

أنا أقول: كراهية الإمام أحمد رحمه الله ربما يكون في زمان فيه وجاهة، لكن في زماننا هذا أصبح التلاعب هو الأصل فإخبار المشتري برأس المال مهم جداً؛ لأن التغرير واضح، فأحياناً يشتري المصرف سيارة بخمسين ألف ريال، لكن البطاقة الجمركية لهذه السيارة هي خمسة وخمسون ألف ريال، فزاد خمسة آلاف، فإذا أراد أن يبيع على عميله بالتقسيط، يقول: أبيعكها بالبطاقة الجمركية ونسبة خمسة بالمائة لكل سنة، فيقول: كم تريد سنة؟ يقول: خمس سنوات، يقول: خمس سنواتها ربحها خمسة وعشرون بالمائة، إذاً اشتراها فيجعل الشراء كأنه خمسة وخمسون ألفاً، ثم يجعل النسبة خمسة وعشرين ألفاً لجميع السنوات، فيكون الربع خمسة آلاف وهو أكثر مما اشتراها، فواقع الحال هل ربح خمسة بالمائة لكل سنة وإلا أكثر؟ فالجواب أنه ربح أكثر من خمسة بالمائة، ولهذا الآن أصبحت مؤسسة النقل تلزم البنوك بمعرفة إذا باعه مرابحة أن يخبر بنفس المشترى وطريقة الربح، وإن كان بعض الفقهاء المعاصرين في المجامع الفقهية يكره هذا خوفاً من أن يكون شبيهاً بالربا، لكن نقول: في هذا الزمان الإخبار طيب؛ لأجل أن أكثر الناس خاصة في بيوع المرابحة يشتغلون؛ لأنهم يريدون الثمن، فهم لا يبالون في هذا، فيغتر كثير من العملاء بتصرفات البنوك، وعندهم من الحيل ما عندهم.

النوع الرابع: المواضعة

قول المؤلف: (وفي المواضعة) والمواضعة: هي النقص، والحسم، والخسارة، (وهي بيعه برأس ماله وخسران معلوم)، فيقول: أبيعك برأس مالها، وخسارة عشرة ريالات.