الروض المربع - كتاب الصلاة [98]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد: ‏

مكان صلاة الاستسقاء

فقد قال المؤلف رحمه الله: [قال ابن عباس : سنة الاستسقاء سنة العيدين].

يستحب فعل صلاة الاستسقاء في المصلى؛ لأن السنة في صلاة العيد أن تُصلى في المصلى وصلاة الاستسقاء كصلاة العيد، ولحديث عائشة : ( شكى الناس إلى رسول الله عليه وسلم قحط المطر فأمرهم يوماً أن يخرجوا إلى المصلى، فأمر بمنبر يوضع في المصلى )، وهذا يدل على استحباب فعلها في المصلى.

ويشرع في الركعة الأولى أن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بهل أتاك حديث الغاشية، والسنة الثانية أن يقرأ فيها بسورة القمر، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة.

وأما مالك رحمه الله فإنه يقول: إن صلاة الاستسقاء كصلاة الفجر، وأما أبو حنيفة فإنه لا يرى مشروعية الصلاة للاستسقاء وقد قلنا: إن مشروعية صلاة الاستسقاء ثابتة عند جمهور أهل العلم من السلف والخلف، والراجح والله أعلم أن صلاة الاستسقاء كصلاة العيد من حيث التكبيرات الزوائد؛ لقول ابن عباس : ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فصلى كصلاة عيد )، وهذا عند الإمام أحمد ، وقول آخر أنه قال: ( سنة الاستسقاء سنة العيدين )، وهذا الحديث أخرجه ابن المنذر في كتاب الأوسط، وكذلك الإمام البيهقي في السنن الكبرى.

ثم أراد المؤلف أن يُفرع على هذا الأمر فقال: [فتُسن في الصحراء]؛ لأن المشروع في صلاة العيد أن تُصلى في الصحراء فكذلك تُصلى صلاة الاستسقاء في الصحراء، ولحديث عائشة : ( فأمر بمنبر يوضع له في المصلى فخرج صلى الله عليه وسلم ... ) الحديث.

صفة صلاة الاستسقاء

قال المؤلف رحمه الله: [ويصلي ركعتين يُكبر في الأولى ستاً زوائد وفي الثانية خمساً] وقوله: (ستاً زوائد)؛ لأن التكبيرة الأولى هي تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام ليست زائدة بل هي أصل وركن، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي و أحمد من حديث علي رضي الله عنه: ( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )، وهذا هو مذهب الحنابلة، الذي هو أنه يُكبر ستاً زوائد.

وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن السنة أن يُكبر سبعاً زوائد، والخلاف بينهما إنما هو في فهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد، كبر سبعاً في الأولى، وخمساً في الثانية )، قال الشافعي : فإذا كنا قد اتفقنا على أن تكبيره للقيام لا يُحسب في الركعة الثانية، ضمن الخمس التكبيرات فكذلك تكبيرته الأولى لا تحسب من ضمن السبع، والذي يظهر والله أعلم هو مذهب الحنابلة، وعليه أكثر الآثار؛ وذلك لأن التكبير سبعاً في الأولى هو في حق القيام تكبير في القيام، وأما في الخامسة فإن تكبيره إنما هو من رفعه من السجود، وليس تكبيره حال قيامه، ولهذا يُكره له أن يكبره حال القيام، بل إن بعض الحنابلة قالوا: إن فعل ذلك متعمداً بطلت صلاته.

وقد ذكرنا أنه إذا ذكر ذكراً مشروعاً متعمداً في غير محله فبعض أهل العلم يرى بطلان الصلاة؛ لأنه ذكر زائد كما لو زاد ركعة، وقلنا: إن الراجح خلاف ذلك، ولهذا فإنهم يشددون في التكبير حال الرفع من الركوع إذا استتم قائماً، يقولون: لأن الذكر إنما هو حال الانتقال، وهذا هو السنة، أما أن تبطل به الصلاة فقد قلنا: إن هذا ليس عليه دليل؛ ولهذا فالراجح هو مذهب الحنابلة.

قال المؤلف رحمه الله: [من غير أذان ولا إقامة قال ابن عباس : صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي العيد]، هذا أمر اتفق عليه من يقول بمشروعية الصلاة، ولهذا قال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم فيه خلافاً، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما شرع للناس أن يخرجوا يوماً من غير أذان ولا إقامة، وتوالى عليه الخلفاء الراشدون، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصنع ذلك في صلاة العيد فكذلك صلاة الاستسقاء لقول ابن عباس : ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي في العيد )، وقوله: (سنة الاستسقاء سنة العيدين)، ولهذا استدل المؤلف على ما ذهب إليه من التكبيرات الزوائد في صلاة الاستسقاء، وكونها في الصحراء، وحضورها من غير أذان ولا إقامة بما رواه الترمذي من قول ابن عباس : ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي في العيد )، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

قال المؤلف رحمه الله: [ويقرأ في الأولى: بسبح، وفي الثانية: بالغاشية] هذه هي السنة وكذلك يقرأ بسورة القمر.

وقت صلاة الاستسقاء

قال المؤلف رحمه الله: [وتفعل وقت صلاة العيد]، من المعلوم أن صلاة العيد تُصلى من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى زوال الشمس، ولا تصلى بعد ذلك؛ لما جاء عند أهل السنن: ( أن رجلين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فشهدا أنهما رأيا الهلال بالأمس عشية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا، وأمرهم أن يخرجوا من الغد لصلاة العيد ).

وجه الدلالة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر الصحابة أن يصلوا صلاة العيد في ذلك اليوم؛ لأنه إنما كان ذلك بعد زوال الشمس، وهذا هو الظاهر؛ وذلك لأن في حديث عائشة : ( شكى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر فأمرهم بيوم يخرجون فيه، فأمر بمنبر يوضع في المصلى فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس )، فوجه الدلالة من الحديث يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكد يخرج في صلاة الاستسقاء إلا بعد الفجر وبعد ارتفاع الشمس قيد رمح.

والقول الثاني في المسألة أنه يجوز أن تُصلى ولو ليلاً، وهذا مذهب الشافعية ورواية عند الحنابلة؛ لأن صلاة الاستسقاء إنما شُرعت لسبب، فتُفعل متى ما وجد السبب واحتاج الناس إليه، والراجح هو القول الأول؛ وذلك لأن الناس حينما شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر أمرهم بيوم يخرجون فيه، مع احتياجهم وقت السؤال، فلم يكد يخرج إلا بعد ارتفاع الشمس من بعد الفجر، فدل ذلك على أن السنة أن نفعل كما فعل صلى الله عليه وسلم على الوجه الذي فعل لأجل أنه فعل، وهذا قاله أبو العباس بن تيمية؛ ولهذا فإن السنة خروج الناس من بعد ارتفاع الشمس قيد رمح ولو صلوها ضحى جاز؛ لأنه من وقته أي: من وقت الضحى.

وأما مالك فإنه يرى أن تُصلى بعد ارتفاع الشمس قيد رمح، ويرى أن هذا وقتها، وهذا صحيح ولكن ارتفاع الشمس قيد رمح يبدأ به صلاة الضحى، وكل وقت جاز فيه صلاة الضحى جاز فيه صلاة الاستسقاء.

فقد قال المؤلف رحمه الله: [قال ابن عباس : سنة الاستسقاء سنة العيدين].

يستحب فعل صلاة الاستسقاء في المصلى؛ لأن السنة في صلاة العيد أن تُصلى في المصلى وصلاة الاستسقاء كصلاة العيد، ولحديث عائشة : ( شكى الناس إلى رسول الله عليه وسلم قحط المطر فأمرهم يوماً أن يخرجوا إلى المصلى، فأمر بمنبر يوضع في المصلى )، وهذا يدل على استحباب فعلها في المصلى.

ويشرع في الركعة الأولى أن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية بهل أتاك حديث الغاشية، والسنة الثانية أن يقرأ فيها بسورة القمر، وهذا هو مذهب الشافعية والحنابلة.

وأما مالك رحمه الله فإنه يقول: إن صلاة الاستسقاء كصلاة الفجر، وأما أبو حنيفة فإنه لا يرى مشروعية الصلاة للاستسقاء وقد قلنا: إن مشروعية صلاة الاستسقاء ثابتة عند جمهور أهل العلم من السلف والخلف، والراجح والله أعلم أن صلاة الاستسقاء كصلاة العيد من حيث التكبيرات الزوائد؛ لقول ابن عباس : ( خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فصلى كصلاة عيد )، وهذا عند الإمام أحمد ، وقول آخر أنه قال: ( سنة الاستسقاء سنة العيدين )، وهذا الحديث أخرجه ابن المنذر في كتاب الأوسط، وكذلك الإمام البيهقي في السنن الكبرى.

ثم أراد المؤلف أن يُفرع على هذا الأمر فقال: [فتُسن في الصحراء]؛ لأن المشروع في صلاة العيد أن تُصلى في الصحراء فكذلك تُصلى صلاة الاستسقاء في الصحراء، ولحديث عائشة : ( فأمر بمنبر يوضع له في المصلى فخرج صلى الله عليه وسلم ... ) الحديث.

قال المؤلف رحمه الله: [ويصلي ركعتين يُكبر في الأولى ستاً زوائد وفي الثانية خمساً] وقوله: (ستاً زوائد)؛ لأن التكبيرة الأولى هي تكبيرة الإحرام، وتكبيرة الإحرام ليست زائدة بل هي أصل وركن، وقد قال صلى الله عليه وسلم كما عند الترمذي و أحمد من حديث علي رضي الله عنه: ( مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم )، وهذا هو مذهب الحنابلة، الذي هو أنه يُكبر ستاً زوائد.

وذهب الشافعي رحمه الله إلى أن السنة أن يُكبر سبعاً زوائد، والخلاف بينهما إنما هو في فهم حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة العيد، كبر سبعاً في الأولى، وخمساً في الثانية )، قال الشافعي : فإذا كنا قد اتفقنا على أن تكبيره للقيام لا يُحسب في الركعة الثانية، ضمن الخمس التكبيرات فكذلك تكبيرته الأولى لا تحسب من ضمن السبع، والذي يظهر والله أعلم هو مذهب الحنابلة، وعليه أكثر الآثار؛ وذلك لأن التكبير سبعاً في الأولى هو في حق القيام تكبير في القيام، وأما في الخامسة فإن تكبيره إنما هو من رفعه من السجود، وليس تكبيره حال قيامه، ولهذا يُكره له أن يكبره حال القيام، بل إن بعض الحنابلة قالوا: إن فعل ذلك متعمداً بطلت صلاته.

وقد ذكرنا أنه إذا ذكر ذكراً مشروعاً متعمداً في غير محله فبعض أهل العلم يرى بطلان الصلاة؛ لأنه ذكر زائد كما لو زاد ركعة، وقلنا: إن الراجح خلاف ذلك، ولهذا فإنهم يشددون في التكبير حال الرفع من الركوع إذا استتم قائماً، يقولون: لأن الذكر إنما هو حال الانتقال، وهذا هو السنة، أما أن تبطل به الصلاة فقد قلنا: إن هذا ليس عليه دليل؛ ولهذا فالراجح هو مذهب الحنابلة.

قال المؤلف رحمه الله: [من غير أذان ولا إقامة قال ابن عباس : صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي العيد]، هذا أمر اتفق عليه من يقول بمشروعية الصلاة، ولهذا قال ابن قدامة في المغني: ولا نعلم فيه خلافاً، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما شرع للناس أن يخرجوا يوماً من غير أذان ولا إقامة، وتوالى عليه الخلفاء الراشدون، ومن المعلوم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصنع ذلك في صلاة العيد فكذلك صلاة الاستسقاء لقول ابن عباس : ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي في العيد )، وقوله: (سنة الاستسقاء سنة العيدين)، ولهذا استدل المؤلف على ما ذهب إليه من التكبيرات الزوائد في صلاة الاستسقاء، وكونها في الصحراء، وحضورها من غير أذان ولا إقامة بما رواه الترمذي من قول ابن عباس : ( صلى النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين كما يصلي في العيد )، وقال الترمذي : حديث حسن صحيح.

قال المؤلف رحمه الله: [ويقرأ في الأولى: بسبح، وفي الثانية: بالغاشية] هذه هي السنة وكذلك يقرأ بسورة القمر.


استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة اسٌتمع
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] 2631 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] 2588 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [42] 2547 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] 2544 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] 2525 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [22] 2453 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] 2388 استماع
الروض المربع - كتاب البيع [20] 2375 استماع
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] 2359 استماع
الروض المربع - كتاب الصلاة [80] 2329 استماع