خطب ومحاضرات
الروض المربع - كتاب الصلاة [42]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل، وبعد:
الذكر الوارد في الرفع من الركوع
قول المؤلف رحمه الله: (ويقولان بعد قيامهما)، يعني بذلك الإمام والمنفرد؛ لأنه قال: (قائلا إمام ومنفرد: سمع الله لمن حمده، ويقولان)، يعني: الذي هو الإمام والمنفرد. يقولان بعد قوله: سمع الله لمن حمده: (ربنا ولك الحمد، ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)، وهذا نوع من أنواع الذكر، ومن المعلوم أن بعد الرفع من الركوع وردت روايات على أربعة أنواع:
النوع الأول: قول: (ربنا لك الحمد) بلا واو.
النوع الثاني: (ربنا ولك الحمد) بالواو، كما أشار المؤلف إلى أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ربنا ولك الحمد).
النوع الثالث: يقول: اللهم ربنا لك الحمد، بزيادة اللهم وبحذف الواو.
النوع الرابع: أن يقول: اللهم ربنا ولك الحمد، هذه أربع روايات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر أبو العباس بن تيمية وتبعه ابن القيم أنه لم يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع اللهم والواو، اللهم ربنا ولك الحمد، يقول: لا يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، والواقع أن الحديث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقول: ربنا ولك الحمد، أو اللهم ربنا لك الحمد، جاءت في أحاديث منها حديث ابن عباس ومنها حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم ، ومنها حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم ، وغيرها من الأحاديث.
وقول: (ملء السماء وملء الأرض)، جاء في رواية أبي سعيد عند مسلم ، وكذلك حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم : (ملء السماوات)، بجمع السماء، (ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)، والمؤلف رحمه الله فسر معنى (ملء السماوات)، قال: (أي حمداً لو كان أجساماً لملأ ذلك)، ومن المعلوم أن الحمد وصف ليس قائماً بنفسه، يسميها العلماء إضافة غير قائمة بنفسها إذا أُضيفت إلى الله سبحانه وتعالى، أو وصف غير قائم بنفسه ويسميه علماء الكلام: ليس بجوهر، فهو يقول: إن هذا الحمد (لو كان أجساماً لملأ ذلك)، وبعض العلماء يرى أن هذا من التأويل، والصحيح أنه على ظاهره وهو أنه حمد يملأ السماوات والأرض، وهذا ذكره بعض العلماء.
وعلى كل فالمعروف من الحديث واضح وهو أنك تُثني على الله سبحانه وتعالى وتحمده حمداً يملأ السماوات والأرض، وهذا مثل ما تقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، بالعدد، فالعدد معدود، فسواء عددته بالعدد أو بالحجم، فليس هذا تأويلاً إذا قلت: حمداً لو كان أجساماً؛ لأنك تشير إلى المعدود وإلى الحجم، ولست تشير إلى الحمد نفسه، تقول: الحمد لله عدد خلقه، أليس كذلك؟ تقول: سبحان الله عدد خلقه، الآن أنت قلت: سبحان الله عدد خلقه، كم عدد خلقه؟ لا أحد يحصيهم، فكأنك تقول: سبحان الله عدد خلقه، أو تقول: زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، الآن سبحان الله عدد خلقه، جعلت سبحان الله بالمعدود، وسبحان الله زنة عرشه جعلته بالوزن، أو تقول: الحمد لله ملء السماوات، هذا بالحجم، تقول: الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض، يعني: أنا أحمد الله سبحانه وتعالى حمداً لا ينقطع، أو حمداً ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، حتى إذا كان يوم القيامة أُثيب العبد بعدد هذا الحجم، نسأل الله أن يرزقنا من واسع فضله.
واعلم أن مثل هذه الصيغ توقيفية لا يسوغ لأحد أن يقيس عليها إلا ما ورد فلا تقل: لا إله إلا الله ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد؛ لأن هذه الصيغ توقيفية فلا تقال إلا بما ورد، ولا يصح بدل سبحان الله عدد خلقه أن تقول: الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه؛ لأن الوارد إنما هو سبحان الله أو سبحان الله وبحمده. كذلك ملء السماوات تقول: اللهم ربنا لك الحمد أو ربنا لك الحمد ملء السماوات، فلا تقول: لا إله إلا الله ملء السماوات وملء الأرض؛ لأن هذه الصيغ إنما هي توقيفية، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: (وله قول: اللهم ربنا ولك الحمد، وبلا واو أفضل)، يعني: اللهم ربنا لك الحمد، (عكس ربنا لك الحمد) فبوجود الواو أفضل، والمؤلف ذكر هذا بناءً على كلام ابن القيم رحمه الله في التفصيل بين الربوبية والتحميد، وأخذوا هذا وجهاً في اللغة، والذي يظهر والله أعلم ورود ذلك على الصيغ الأربع.
قول سمع الله لمن حمده في حق الإمام والمأموم
واعلم أن الأذكار الواردة في الركوع كما قلنا سبحان ربي العظيم ثلاثاً، وكذلك تقول: (ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أهل الثناء والمجد، أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد، لا مانع لما أعطيت، ولا معطي لما منعت، ولا ينفع ذا الجد منك الجد)، وهذا رواه مسلم في صحيحه بهذه الزيادة، وغيره.
وأيضاً تقول: ( اللهم طهرني من خطاياي بالثلج والبرد، اللهم اغسلني من خطاياي بالماء والثلج والبرد كما ينقى الثوب الأبيض من الوسخ )، وهذه الزيادة رواها مسلم في صحيحه، ولكن اختلف في هذه الرواية فالحديث مداره على عبد الله بن أبي أوفى واخُتلف عليه فرواه عبيد بن الحسن عن عبد الله بن أبي أوفى بلفظ (كان إذا رفع رأسه من الركوع قال: اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)، وهذا يرويه الأعمش عن عبيد , وتابعه شعبة فرواه عن عبيد بلفظ: كان يدعو بهذا الدعاء، بلا ذكر: إذا رفع رأسه من الركعة، كان يدعو هذا الدعاء فقط، وجاء من طريق آخر ليس من طريق عبيد بن الحسن، ولكن من طريق شعبة عن مجزأة بن زاهر عن عبد الله بن أبي أوفى : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو: اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من بعد، اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد، اللهم طهرني من الذنوب والخطايا كما يُنقى الثوب الأبيض من الوسخ).
إذاً هذه الزيادة لم تذكر أنها بعد الركوع، و مسلم إنما ذكر هذا في باب الركوع قال: باب الدعاء بعد الركوع، ثم ذكر هذه الزيادة، والواقع أنه وإن لم تُذكر بعد الركوع لكن هو الظاهر، لماذا؟ لأنه قال: (اللهم ربنا ولك الحمد ملء السماوات وملء الأرض)، أليس كذلك؟! وهذا الدعاء إنما قاله عليه الصلاة والسلام بعد الركوع أو بعد الرفع من الركوع، هذه من باب الفائدة.
كذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كما عند البخاري : (الحمد لله حمداً كثيراً طيباً مباركا ًفيه)، والناس يزيدون طيباً طاهراً، ولا يُحفظ لا بإسناد صحيح ولا ضعيف زيادة طاهراً، إنما هي من قول العامة.
وجاء أيضاً حديث حذيفة عند الإمام أحمد رحمه الله، و أبي داود و النسائي : (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بعد الرفع من الركوع: لربي الحمد، لربي الحمد، لربي الحمد)، وهذا الحديث صححه الألباني ، والحديث فيه بعض الشيء، والله أعلم.
يقول المؤلف: أن تقول: ملء السماوات، وبعض العلماء يرى أنك لا تقول إلا: ربنا ولك الحمد فقط، والأقرب أنك لا بأس أن تزيد ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم كما هو المذهب، والله أعلم.
وضع اليدين على الصدر بعد الرفع من الركوع
قول المؤلف رحمه الله: فإذا رفع المصلي فإن شاء يضع يده اليمنى على كفه اليسرى أو أرسلهما، جعل المؤلف هنا التخيير، وهذا هو المذهب، ولهذا الإمام أحمد رحمه الله قال: أرجو أن لا يُضيق ذلك، يعني: أن المسألة ليس فيها نص، وقاعدة أحمد رحمه الله أنه إذا لم يرد نص في هذا والأحاديث تحتمل خفف فيها، مرة فعل ومرة ترك، وهذا هو المذهب، وجزم أبو يعلى من الحنابلة أنه يضع يده اليمنى على كفه اليسرى، وهو ظاهر قول ابن حزم ، واستحبه بعض علماء الحنفية كما ذكر ذلك الكاساني في بدائع الصنائع وقال: إنه يُستحب في كل قيام فيه قرار.
ومما يشهد لهذا أنه يضع يده اليمنى على كفه اليسرى، حديث رواه النسائي من طريق عبد الله بن المبارك عن موسى بن عمير العنبري و قيس بن سليم العنبري ، كلاهما عن علقمة بن وائل بن حجر عن أبيه أنه قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قائماً في الصلاة قبض بيمينه على شماله)، وقلنا: إن هذه الرواية جاءت مختصرة بلفظ قبض، وإلا فإن النسائي بوب باب الوضع، ولعلها من باب التجوز، لكن الشاهد أنه إذا كان قائماً في الصلاة قبض، فهذا يصدق عليه قائماً بعد الركوع أو قبل الركوع، وكذلك يشهد لذلك حديث سهل بن سعد الساعدي أنه قال: (كان الناس يؤمرون أن يضع الرجل وهو في الصلاة يده اليمنى على ذراعه اليسرى)، والصلاة والقيام.
قال المؤلف رحمه الله: [ويقولان بعد قيامهما واعتدالهما: ربنا ولك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، أي: حمداً لو كان أجساما لملأ ذلك، وله قول: اللهم ربنا ولك الحمد، وبلا واو أفضل عكس ربنا لك الحمد، ويقول مأموم في رفعه: ربنا ولك الحمد فقط؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: (إذا قال الإمام: سمع الله لمن حمده فقولوا: ربنا ولك الحمد)، متفق عليه، من حديث أبي هريرة].
قول المؤلف رحمه الله: (ويقولان بعد قيامهما)، يعني بذلك الإمام والمنفرد؛ لأنه قال: (قائلا إمام ومنفرد: سمع الله لمن حمده، ويقولان)، يعني: الذي هو الإمام والمنفرد. يقولان بعد قوله: سمع الله لمن حمده: (ربنا ولك الحمد، ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)، وهذا نوع من أنواع الذكر، ومن المعلوم أن بعد الرفع من الركوع وردت روايات على أربعة أنواع:
النوع الأول: قول: (ربنا لك الحمد) بلا واو.
النوع الثاني: (ربنا ولك الحمد) بالواو، كما أشار المؤلف إلى أنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (ربنا ولك الحمد).
النوع الثالث: يقول: اللهم ربنا لك الحمد، بزيادة اللهم وبحذف الواو.
النوع الرابع: أن يقول: اللهم ربنا ولك الحمد، هذه أربع روايات وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكر أبو العباس بن تيمية وتبعه ابن القيم أنه لم يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه جمع اللهم والواو، اللهم ربنا ولك الحمد، يقول: لا يُحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم، والواقع أن الحديث ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.
وقول: ربنا ولك الحمد، أو اللهم ربنا لك الحمد، جاءت في أحاديث منها حديث ابن عباس ومنها حديث أبي سعيد الخدري عند مسلم ، ومنها حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم ، وغيرها من الأحاديث.
وقول: (ملء السماء وملء الأرض)، جاء في رواية أبي سعيد عند مسلم ، وكذلك حديث عبد الله بن أبي أوفى عند مسلم : (ملء السماوات)، بجمع السماء، (ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد)، والمؤلف رحمه الله فسر معنى (ملء السماوات)، قال: (أي حمداً لو كان أجساماً لملأ ذلك)، ومن المعلوم أن الحمد وصف ليس قائماً بنفسه، يسميها العلماء إضافة غير قائمة بنفسها إذا أُضيفت إلى الله سبحانه وتعالى، أو وصف غير قائم بنفسه ويسميه علماء الكلام: ليس بجوهر، فهو يقول: إن هذا الحمد (لو كان أجساماً لملأ ذلك)، وبعض العلماء يرى أن هذا من التأويل، والصحيح أنه على ظاهره وهو أنه حمد يملأ السماوات والأرض، وهذا ذكره بعض العلماء.
وعلى كل فالمعروف من الحديث واضح وهو أنك تُثني على الله سبحانه وتعالى وتحمده حمداً يملأ السماوات والأرض، وهذا مثل ما تقول: الحمد لله، الحمد لله، الحمد لله، بالعدد، فالعدد معدود، فسواء عددته بالعدد أو بالحجم، فليس هذا تأويلاً إذا قلت: حمداً لو كان أجساماً؛ لأنك تشير إلى المعدود وإلى الحجم، ولست تشير إلى الحمد نفسه، تقول: الحمد لله عدد خلقه، أليس كذلك؟ تقول: سبحان الله عدد خلقه، الآن أنت قلت: سبحان الله عدد خلقه، كم عدد خلقه؟ لا أحد يحصيهم، فكأنك تقول: سبحان الله عدد خلقه، أو تقول: زنة عرشه، سبحان الله زنة عرشه، الآن سبحان الله عدد خلقه، جعلت سبحان الله بالمعدود، وسبحان الله زنة عرشه جعلته بالوزن، أو تقول: الحمد لله ملء السماوات، هذا بالحجم، تقول: الحمد لله ملء السماوات وملء الأرض، يعني: أنا أحمد الله سبحانه وتعالى حمداً لا ينقطع، أو حمداً ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد، حتى إذا كان يوم القيامة أُثيب العبد بعدد هذا الحجم، نسأل الله أن يرزقنا من واسع فضله.
واعلم أن مثل هذه الصيغ توقيفية لا يسوغ لأحد أن يقيس عليها إلا ما ورد فلا تقل: لا إله إلا الله ملء السماوات وملء الأرض وملء ما شئت من شيء بعد؛ لأن هذه الصيغ توقيفية فلا تقال إلا بما ورد، ولا يصح بدل سبحان الله عدد خلقه أن تقول: الحمد لله عدد خلقه ورضا نفسه وزنة عرشه؛ لأن الوارد إنما هو سبحان الله أو سبحان الله وبحمده. كذلك ملء السماوات تقول: اللهم ربنا لك الحمد أو ربنا لك الحمد ملء السماوات، فلا تقول: لا إله إلا الله ملء السماوات وملء الأرض؛ لأن هذه الصيغ إنما هي توقيفية، والله أعلم.
قال المؤلف رحمه الله: (وله قول: اللهم ربنا ولك الحمد، وبلا واو أفضل)، يعني: اللهم ربنا لك الحمد، (عكس ربنا لك الحمد) فبوجود الواو أفضل، والمؤلف ذكر هذا بناءً على كلام ابن القيم رحمه الله في التفصيل بين الربوبية والتحميد، وأخذوا هذا وجهاً في اللغة، والذي يظهر والله أعلم ورود ذلك على الصيغ الأربع.
استمع المزيد من الشيخ الدكتور عبد الله بن ناصر السلمي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
الروض المربع - كتاب الجنائز [8] | 2631 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [78] | 2589 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [45] | 2545 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [34] | 2525 استماع |
الروض المربع - كتاب البيع [22] | 2453 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [44] | 2388 استماع |
الروض المربع - كتاب البيع [20] | 2375 استماع |
الروض المربع - كتاب الطهارة [8] | 2359 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [98] | 2357 استماع |
الروض المربع - كتاب الصلاة [80] | 2329 استماع |