شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [48]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وإن أقر رجل أو امرأة ذات زوج مسلم أو كافر أنه ولده لحق به ولو بعد موت اللقيط، ولا يتبع الكافر في دينه إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه، وإن اعترف بالرق مع سبق مناف أو قال: إنه كافر لم يقبل منه، وإن ادعاه جماعة قدم ذو البينة وإلا فمن ألحقته القافة به].

تقدم لنا في الدرس السابق جملة من أحكام اللقيط، وذكرنا من ذلك حكم التقاطه وأنه فرض كفاية، وكذلك أيضاً ما يتعلق بالنفقة عليه وأن النفقة عليه تكون من ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال فمن بيت المال، فإذا لم يمكن فعلى من علم بحاله من المسلمين، وأنه حر؛ لأن الأصل الحرية والرق عارض.

وكذلك أيضاً: هل نحكم بإسلامه أو لا نحكم بإسلامه؟ وذكرنا فيما إذا وجد في دار الإسلام أو في دار الكفر، ولمن تكون حضانته؟ وأنها لواجده الأمين، وإذا قتل فميراثه وديته لمن تكون؟ هل يرثه ملتقطه أو أن ملتقطه لا يرثه؟ وتقدم الكلام على ذلك كله.

ثم بعد ذلك قال المؤلف رحمه الله: (وإن أقر رجل).

وذكرنا فيما سلف جهات إثبات النسب، وأن جهات إثبات النسب أربع جهات:

الجهة الأولى: جهة الإقرار.

والجهة الثانية: جهة البينة.

والجهة الثالثة: جهة القافة.

والجهة الرابعة: جهة الفراش.

وسيتكلم المؤلف رحمه الله عن جهة الإقرار وكذلك أيضاً عن جهة القافة وسيأتينا إن شاء الله ما يتعلق بالفراش.

قال المؤلف رحمه الله: (وإن أقر رجل أو امرأة ذات زوج مسلم أو كافر أنه ولده لحق به ولو بعد موت اللقيط).

الفقهاء رحمهم الله تعالى يتوسعون في قبول الإقرار بتبعية هذا اللقيط أو الولد الذي لا يعرف نسبه؛ وإنما توسعوا في ذلك احتياطًا للنسب، فهم يتوسعون كما سيذكر المؤلف رحمه الله.

فإذا أقر رجل أو أقرت امرأة -الإقرار إما أن يكون من رجل أو أن يكون من امرأة- أن هذا اللقيط ولده، فيقول المؤلف رحمه الله: يلحق به، وهذا هو مذهب الشافعية، فإذا أقر به رجل فالمذهب وكذلك أيضاً مذهب الشافعية، وهو كذلك أيضاً مذهب الحنفية على وجه الاستحسان أنه يلحق به وإن لم يكن هناك بينة فإن قال: هذا الولد ولدي فيلحق به احتياطًا للنسب، يقولون: لأن الإقرار به محض مصلحةٍ بهذا اللقيط؛ لما في ذلك من اتصال نسبه، وهذا هو الرأي الأول، وكما قلنا بأنه مذهب الإمام أحمد والشافعي وكذلك أيضاً الحنفية استحساناً والدليل كما تقدم.

والرأي الثاني: أنه لا بد من البينة وهذا القياس عند الحنفية؛ لأن القاعدة: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، فلا بد أن يأتي ببينة؛ ولأنه يدعي أمرًا جائز الوجود والعدم، فلابد من مرجح وهي البينة.

وهذه المسائل -الحقيقة- نحن لم نطل فيها كثيرًا وإن كان العلماء رحمهم الله أطالوا في مثل هذه المسائل وتوسعوا فيها بعض الشيء لكن بسبب تقدم الطب اليوم، وترقي العلم أصبح من الممكن معرفة هل هذا الطفل من هذا الرجل أو ليس من هذا الرجل عن طريق التحاليل والفحوصات.

الإقرار من جهة الرجل

المهم أن نفهم كلام العلماء رحمهم الله، فإن استلحقه رجل أو استلحقته امرأة فما الحكم؟ نقول: إن استلحقه رجل فقال هذا الرجل: هذا الولد ولدي فنقول: المذهب ومذهب الشافعية وأيضا الاستحسان عند الحنفية أنه يلحق به؛ لأن هذا احتياطاً لاتصال نسب هذا اللقيط.

والرأي الثاني: أنه لا يلحق به فلابد من بينة للقاعدة التي تقول: البينة على المدعي واليمين على من أنكر.

وإذا استلحقه هذا الرجل يشترط شرطان:

الشرط الأول: ألا يكون هناك معارض أي: أن ينفرد بدعواه.

والشرط الثاني: أن يمكن كونه منه.

فإذا توفر الشرطان فإنه يلحق به -وإن لم يكن هناك بينة- على المذهب، هذا إذا كان المستلحق رجلاً. وهذا القسم الأول.

الإقرار من جهة المرأة

والقسم الثاني: أن يكون المستلحق امرأة، يعني امرأة استلحقت هذا الطفل فأيضاً المذهب أنه يلحق بها، فإن قالت هذه المرأة: هذا الولد ولدي فالمشهور من المذهب أنه يلحق بها، والعلة في ذلك هي الاحتياط للنسب. ولاتصال نسب هذا اللقيط.

والرأي الثاني: أنه لا بد من البينة، وهذا قول أكثر أهل العلم لما تقدم من القاعدة: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لكن لو ادعته هذه المرأة فهل يلحق بزوجها أو لا يلحق بزوجها؟ نقول: هذا فيه تفصيل: إن صدقها الزوج ألحق به، يعني قال: هي صادقة ألحق به، وإن لم يصدقها قال: لا هذا الولد ليس لي، فلا يلحق به وإنما يلحق بها.

وقول المؤلف رحمه الله: (ذات زوج مسلم أو كافر) يعني: حتى ولو كان زوجها كافراً، لماذا؟ احتياطًا للنسب، فلو ادعته هذه المرأة، فالمذهب أنه يلحق بهذه المرأة، سواء كان زوجها مسلماً أو كان زوجها كافراً.

وقوله رحمه الله: (ولو بعد موت اللقيط) هذا مما يدلك على أنهم يتوسعون، حتى ولو مات اللقيط، فاللقيط مات الآن وقال هذا الرجل: هذا اللقيط ولدي، أو قالت هذه المرأة: هذا اللقيط ولدي فيلحق به مادام أنه توفر الشرطان: انفرد بدعواه، وأمكن كونه منه، والعلة في ذلك هو الاحتياط لنسب اللقيط أي: لاتصال نسبه.

دين اللقيط إذا استلحقه كافر

قال رحمه الله: (ولا يتبع الكافر في دينه إلا ببينة).

يعني لو أن الكافر قال: هذا الولد ولدي ظاهر كلام المؤلف أنه يلحق به.

فقوله رحمه الله: (وإن أقر رجل) هذا يشمل المسلم والكافر، وهذا مما يدلك -كما تقدم- أنهم يتوسعون، فيلحق حتى ولو ادعاه كافر فقال: هذا الولد ولدي.

لكن بقينا هل يتبعه في الدين؟ يقول المؤلف رحمه الله: لا يتبعه في الدين إلا ببينة أنه ولد على فراشه، فلا يتبعه في الدين، ونلحقه نسبًا، أما دينًا -مادام أنه في دار الإسلام كما تقدم- فإن الأصل الإسلام، ( كل مولود يولد على الفطرة )، فلكي يلحقه على دينه لا بد أن يأتي ببينة أنه ولد على فراشه؛ لأن اللقيط محكوم بإسلامه، اللهم إلا إذا كان في بلاد الكفر كما تقدم الكلام، فإذا كان اللقيط في بلاد الكفر وليس فيها مسلمون فتقدم الكلام بالتفصيل في هذه المسألة، ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه).

والخلاصة في مثل هذه الأشياء: أننا نجد أن الفقهاء رحمهم الله يتوسعون في هذه المسألة، فيقولون: إن ادعاه رجل أو ادعته امرأة أو ادعاه كافر، ولو ادعاه بعد موت اللقيط فكل ذلك يلحق به، وكل ذلك احتياطًا للنسب ولاتصال نسب اللقيط، أما بالنسبة للإسلام فإذا ادعاه الكافر فنقول: يبقى على إسلامه مادام أنه في دار الإسلام، وإذا كان في دار الكفر التي ليس فيها أحد من المسلمين فهذا يُحكم بأنه كافر، لكن في دار الإسلام هذا نحكم بأنه مسلم وكذا في دار الكفر التي فيها أحد من المسلمين، وهذا فيه تفصيل كما تقدم.

وكما ذكرنا أن مثل هذه المسائل الآن بسبب ترقي الطب ووجود الفحوصات والتحاليل يميز هل هذا اللقيط لهذا الرجل أو لهذه المرأة أو لا؟

المهم أن نفهم كلام العلماء رحمهم الله، فإن استلحقه رجل أو استلحقته امرأة فما الحكم؟ نقول: إن استلحقه رجل فقال هذا الرجل: هذا الولد ولدي فنقول: المذهب ومذهب الشافعية وأيضا الاستحسان عند الحنفية أنه يلحق به؛ لأن هذا احتياطاً لاتصال نسب هذا اللقيط.

والرأي الثاني: أنه لا يلحق به فلابد من بينة للقاعدة التي تقول: البينة على المدعي واليمين على من أنكر.

وإذا استلحقه هذا الرجل يشترط شرطان:

الشرط الأول: ألا يكون هناك معارض أي: أن ينفرد بدعواه.

والشرط الثاني: أن يمكن كونه منه.

فإذا توفر الشرطان فإنه يلحق به -وإن لم يكن هناك بينة- على المذهب، هذا إذا كان المستلحق رجلاً. وهذا القسم الأول.

والقسم الثاني: أن يكون المستلحق امرأة، يعني امرأة استلحقت هذا الطفل فأيضاً المذهب أنه يلحق بها، فإن قالت هذه المرأة: هذا الولد ولدي فالمشهور من المذهب أنه يلحق بها، والعلة في ذلك هي الاحتياط للنسب. ولاتصال نسب هذا اللقيط.

والرأي الثاني: أنه لا بد من البينة، وهذا قول أكثر أهل العلم لما تقدم من القاعدة: البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لكن لو ادعته هذه المرأة فهل يلحق بزوجها أو لا يلحق بزوجها؟ نقول: هذا فيه تفصيل: إن صدقها الزوج ألحق به، يعني قال: هي صادقة ألحق به، وإن لم يصدقها قال: لا هذا الولد ليس لي، فلا يلحق به وإنما يلحق بها.

وقول المؤلف رحمه الله: (ذات زوج مسلم أو كافر) يعني: حتى ولو كان زوجها كافراً، لماذا؟ احتياطًا للنسب، فلو ادعته هذه المرأة، فالمذهب أنه يلحق بهذه المرأة، سواء كان زوجها مسلماً أو كان زوجها كافراً.

وقوله رحمه الله: (ولو بعد موت اللقيط) هذا مما يدلك على أنهم يتوسعون، حتى ولو مات اللقيط، فاللقيط مات الآن وقال هذا الرجل: هذا اللقيط ولدي، أو قالت هذه المرأة: هذا اللقيط ولدي فيلحق به مادام أنه توفر الشرطان: انفرد بدعواه، وأمكن كونه منه، والعلة في ذلك هو الاحتياط لنسب اللقيط أي: لاتصال نسبه.

قال رحمه الله: (ولا يتبع الكافر في دينه إلا ببينة).

يعني لو أن الكافر قال: هذا الولد ولدي ظاهر كلام المؤلف أنه يلحق به.

فقوله رحمه الله: (وإن أقر رجل) هذا يشمل المسلم والكافر، وهذا مما يدلك -كما تقدم- أنهم يتوسعون، فيلحق حتى ولو ادعاه كافر فقال: هذا الولد ولدي.

لكن بقينا هل يتبعه في الدين؟ يقول المؤلف رحمه الله: لا يتبعه في الدين إلا ببينة أنه ولد على فراشه، فلا يتبعه في الدين، ونلحقه نسبًا، أما دينًا -مادام أنه في دار الإسلام كما تقدم- فإن الأصل الإسلام، ( كل مولود يولد على الفطرة )، فلكي يلحقه على دينه لا بد أن يأتي ببينة أنه ولد على فراشه؛ لأن اللقيط محكوم بإسلامه، اللهم إلا إذا كان في بلاد الكفر كما تقدم الكلام، فإذا كان اللقيط في بلاد الكفر وليس فيها مسلمون فتقدم الكلام بالتفصيل في هذه المسألة، ولذلك قال المؤلف رحمه الله: (إلا ببينة تشهد أنه ولد على فراشه).

والخلاصة في مثل هذه الأشياء: أننا نجد أن الفقهاء رحمهم الله يتوسعون في هذه المسألة، فيقولون: إن ادعاه رجل أو ادعته امرأة أو ادعاه كافر، ولو ادعاه بعد موت اللقيط فكل ذلك يلحق به، وكل ذلك احتياطًا للنسب ولاتصال نسب اللقيط، أما بالنسبة للإسلام فإذا ادعاه الكافر فنقول: يبقى على إسلامه مادام أنه في دار الإسلام، وإذا كان في دار الكفر التي ليس فيها أحد من المسلمين فهذا يُحكم بأنه كافر، لكن في دار الإسلام هذا نحكم بأنه مسلم وكذا في دار الكفر التي فيها أحد من المسلمين، وهذا فيه تفصيل كما تقدم.

وكما ذكرنا أن مثل هذه المسائل الآن بسبب ترقي الطب ووجود الفحوصات والتحاليل يميز هل هذا اللقيط لهذا الرجل أو لهذه المرأة أو لا؟


استمع المزيد من الشيخ الدكتور خالد بن علي المشيقح - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع - كتاب الطهارة [17] 2817 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب النكاح [13] 2731 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب المناسك [5] 2677 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [19] 2644 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب البيع [26] 2639 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [32] 2558 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الأيمان [2] 2554 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الحدود [7] 2528 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الإيلاء [1] 2521 استماع
شرح زاد المستقنع - كتاب الصلاة [8] 2498 استماع