الطلاق وأحكامه في الإسلام
مدة
قراءة المادة :
33 دقائق
.
الطلاق وأحكامه في الإسلامالحمد لله الذي نزَّل الفرقان على عبده؛ ليكون للعالمين نذيرًا، الذي له ملك السماوات والأرض، ولم يتخذ ولدًا، ولم يكن له شريك في الملك، وخلق كل شيء، فقدَّره تقديرًا، والصلاة والسلام على نبينا محمد، الذي أرسله ربُّه شاهدًا ومبشِّرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا.
أما بعد:
فإن الطلاق من الأمور المهمة في الشريعة الإسلامية المباركة، وله أحكام فقهية، يجب على طلاب العلم معرفتها، فأقول وبالله تعالى التوفيق:
معنى الطلاق:
الطلاق في اللغة:
هو: حل الوثاق، وهو مشتق من الإطلاق؛ وهو الإرسال والترك، فيُقال: أطلقت الأسير: إذا حللت قيده وأرسلته، ويُقال: فلان طلق اليد بالخير؛ أي: كثير البذل والعطاء، ويُقال: طلق البلاد إذا تركها، ويُقال للإنسان إذا عتق طليق؛ أي: صار حرًّا؛ (لسان العرب لابن منظور جـ4 صـ2693).
الطلاق في الشرع:
حل رابطة الزواج، وإنهاء العلاقة الزوجية.
جاء لفظ الطلاق بمشتقاته المختلفة في القرآن الكريم أربع عشرة مرة؛ (المعجم المفهرس لألفاظ القرآن، صـ427: صـ428).
مشروعية الطلاق:
الطلاق مشروع في الإسلام بالكتاب والسنة والإجماع؛ أما القرآن فيقول الله تعالى: ﴿ الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ ﴾ [البقرة: 229]، وقال سبحانه أيضًا: ﴿ لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً ﴾ [البقرة: 236]، وقال جل شأنه: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ ﴾ [الطلاق: 1].
وأما الدليل من السنة:
روى الشيخان عن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلَّق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمرُ بن الخطاب رسولَ الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مُرْهُ فليُراجعها، ثم ليمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شاء أمسك بعد، وإن شاء طلَّق قبل أن يمس، فتلك العِدَّة التي أمر الله أن تُطلَّق لها النساء))؛ (البخاري، حديث 5251، مسلم، حديث1471).
وأما الإجماع: فقد أجمع المسلمون قاطبةً على جواز الطلاق.
الحكمة من مشروعية الطلاق:
قال الإمام ابن قدامة (رحمه الله): والعبرة دالة على جواز الطلاق، فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين، فيصير بقاء النكاح مفسدةً محضةً، وضررًا مجردًا بإلزام الزوج النفقة والسكنى، وحبس المرأة مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة، فاقتضى ذلك شَرْع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ10، صـ323).
أركان الطلاق:
إن للطلاق أربعة أركان، وهي كما يلي:
(1) الزوج: فلا يقع طلاق الرجل الأجنبي الذي لا يملك عقدة النكاح، فلو قال رجل: إن فلانة طالق إنْ تزوجتُها، ثم تزوجها بعد ذلك، فلا يقع طلاقُه الذي قاله قبل العقد عليها.
(2) الزوجة: لا يقع طلاق الرجل على المرأة الأجنبية التي لا يعقد عليها وكذلك المرأة الموطوءة بملك اليمين، فلو طلق الرجل جاريته لا يقع طلاقُه؛ لأنها ليست زوجة.
(3) صيغة الطلاق: وهي اللفظ الدال على حل عقدة النكاح صريحًا كان أو كناية.
(4) القصد: بأن يقصد النطق بلفظ الطلاق، فإذا أراد رجل أن يُنادي زوجته باسمها طاهرة، فقال لها خطأً: طالقة، فإن طلاقه لا يقع؛ (الفقه على المذاهب الأربعة، جـ3، صـ276).
طلاق السنة وطلاق البدعة:
يجب على المسلم أن يعرف الفرق بين طلاق السنة وطلاق البدعة:
طلاق السنة:
هو أن يطلق الرجل امرأته في طُهْر لم يمسَّها فيه، فإذا أراد المسلم أن يُطلِّق امرأته لضرر لحق بأحدهما، وكان لا يُدفَع إلا بالطلاق، انتظرها حتى تحيض وتطهر، فإذا طهرت لم يمسَّها، ثم يطلقها طلقة واحدة، كأن يقول مثلًا: إنك طالق، وذلك لقوله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ﴾ [الطلاق: 1].
طلاق البدعة:
هو أن يطلق الرجل امرأته وهي حائض أو نُفَساء أو يُطلِّقها في طُهْر قد مسَّها فيه، أو يُطلِّقها ثلاثًا في كلمة واحدة، أو ثلاث كلمات في الحال؛ كأن يقول لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق.
ذهب جمهور العلماء إلى وقوع الطلاق البدعي ويأثم صاحبُه؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ10، صـ327).
حكم الطلاق:
يختلف حكم الطلاق بتغيُّر أحواله، وذلك كما يلي:
(1) الطلاق الواجب: مثل طلاق الحكَمَينِ في الشقاق بين الزوجين إذا رأيا ذلك، ومثل طلاق المولي بعد التربُّص أربعة أشهر إذا رفض أن يأتي زوجته.
(2) الطلاق الحرام: هو طلاق المرأة أثناء فترة الحيض أو في طهر أتى الرجل فيه زوجته.
(3) الطلاق المكروه: هو طلاق من غير سبب.
(4) الطلاق المندوب (المستحب): مثل أن تكون الزوجة بذيئة اللسان، ويخاف منها الوقوع في الحرام لو استمرت عنده.
(5) الطلاق المباح (الجائز): مثل الزوج الذي لا يريد زوجته، ولا تطيب نفسُه أن يتحمَّل نفقاتها من غير حصول غرض الاستمتاع بها؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ10، صـ323) (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ9، صـ258).
تحريم طلب الطلاق بدون عذر شرعي:
يحرم على المرأة أن تطلب الطلاق من زوجها بدون عذر شرعي؛ روى أبو داود عن ثوبان، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((أيما امرأة سألت زوجها طلاقًا في غير ما بأس، فحرامٌ عليها رائحة الجنة))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 1947).
ألفاظ الطلاق:
تنقسم ألفاظ الطلاق إلى قسمين: صريحة أو كناية.
ألفاظ الطلاق الصريحة:
لفظ الطلاق الصريح هو اللفظ الذي يفهم من معنى الكلام عند النطق به، ولا يحتمل غير الطلاق، وذلك مثل: أنت طالق، طلقتك، أنت مطلقة، وكل ما اشتُقَّ من لفظ الطلاق، وهذا يقع به الطلاق عند كثير من العلماء؛ وذلك لما رواه أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 1920).
كنايات الطلاق:
وهي الألفاظ التي تحتمل الطلاق وغيره؛ مثل: الحقي بأهلك، اخرجي من الدار، أمرك بيدك، أنت حرة، سرحتك، فارقتك، اذهبي فتزوجي، حبلك على غاربك، أنت خلية (أي: خليتك من ذمتي وعقد زواجي) أنت برية (أي: بريئة من ذمتي وعقد زواجي) أنت على حرج (أي: ممنوعة مني)، فهذه الألفاظ وما شابهها لا يقع بها الطلاق إلا بالنية، فإن نوى الزوج الطلاق وقع طلاقًا، وإن لم يَنْوِ الطلاق، فإنه لا يقع، وهذا ظاهر اختيار الإمام البخاري؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ9 صـ282).
قال الشيخ: عمرو عبدالمنعم سليم (رحمه الله): والعبرة في ذلك بعرف الزمان والمكان، فقد تكون بعض الكنايات من الألفاظ الصريحة التي يُراد بها الطلاق عند البعض، من أهل زمان أو مكان معين، غير صريحة عند غيرهم؛ (الجامع في أحكام الطلاق؛ لعمرو عبدالمنعم سليم، صـ50).
روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها أن ابنة الجون لما أدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودنا منها، قالت: أعوذ بالله منك، فقال لها: ((لقد عُذْتِ بعظيم، الحقي بأهلك))؛ (البخاري، حديث 5254).
روى الشيخان عن كعب بن مالك "حين هجره النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه؛ لتخلُّفهم عن الخروج معه إلى غزوة تبوك"، قال: حتى إذا مضت أربعون ليلةً من الخمسين إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، فقلت: أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال: لا؛ بل اعتزلها، ولا تقربها، وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك، فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك، فتكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر؛ (البخاري، حديث 4418/ مسلم حديث 2769).
بالنظر إلى الحديثين السابقين نجد لفظة: "الحقي بأهلك" في الحديث الأول قد نوى بها النبي صلى الله عليه وسلم الطلاق فكانت طلاقًا، وأما "الحقي بأهلك" في الحديث الثاني؛ وهو حديث كعب بن مالك، حين قال لامرأته: "الحقي بأهلك" فلم يقصد طلاقًا؛ ولذا لم يعد عليه هذا طلاقًا.
روى عبدالرزاق عن معمر عن قتادة في رجل قال لامرأته: أنت حرة، قال: إن نوى طلاقًا، فهو طلاق؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، رقم 11199).
ما عليه العمل الآن في المحاكم المصرية:
جاء في القانون 25 لسنة 1929 في المادة الرابعة منه: كنايات الطلاق وهي ما تحتمل الطلاق وغيره، لا يقع بها الطلاق إلا بالنية؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ6، صـ2044: صـ2045).
أنواع الطلاق:
الطلاق نوعان: رجعي وبائن.
أولًا: الطلاق الرجعي:
هو الطلاق الذي يملك فيه الرجل حق إرجاع زوجته إليه، ولو بغير رضاها، وإذا مات أحدهما في العدة ورثه الآخر.
ثانيًا: الطلاق البائن:
البينونة: هي الفرقة.
والطلاق البائن: هو الطلاق الذي لا يملك الرجل حق إرجاع مطلقته إليه، وينقسم إلى نوعين:
الأول: الطلاق البائن بينونة صغرى: وهو الطلاق الذي لا يملك فيه الرجل إرجاع مطلقته إليه إلا بعقد ومهر جديدين.
الثاني: الطلاق البائن بينونة كبرى: وهو الطلاق الذي لا يملك فيه الرجل إرجاع مطلقته إليه إلا بعد زواجها من رجل آخر، بنية الزواج المؤبَّد ودخوله بها دخولًا حقيقيًّا، ثم مفارقته لها بموت أو طلاق، فإذا انتهت عدتها تزوَّجها زوجُها الأول بعقد ومهر جديدين؛ (فتاوى ابن تيمية، جـ32، صـ313: صـ314).
طلاق الزوجة غير المدخول بها:
الزوجة غير المدخول بها إذا طلقها زوجها طلقة واحدة، فإنها تبين منه بينونة صغرى، بمعنى أنها لا تحل له إلا بعقد ومهر جديدين، وليس لها عدة؛ قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا ﴾ [الأحزاب: 49].
طلاق الهازل:
ذهب جمهور العلماء إلى أن طلاق الهازل يقع؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ10، صـ372: صـ373).
روى أبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((ثلاث جدهن جد وهزلهن جد: النكاح، والطلاق والرجعة))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 1920).
قال الإمام الخطابي (رحمه الله): اتفق عامة أهل العلم على أن صريح لفظ الطلاق إذا جرى على لسان الإنسان البالغ العاقل، فإنه مؤاخذ به، ولا ينفعه أن يقول: كنت لاعبًا، أو هازلًا، أو لم أنْوِ به طلاقًا، أو ما أشبه ذلك من الأمور، واحتجَّ بعض العلماء في ذلك بقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ﴾ [البقرة: 231]، وقال: لو أطلق للناس ذلك، لتعطَّلت الأحكام ولم يشأ مطلق أو ناكح أو معتق أن يقول: كنت في قولي هازلًا، فيكون في ذلك إبطال أحكام الله تعالى، وذلك غير جائز، فكل من تكلم بشيء مما جاء ذكره في هذا الحديث، لزمه ولم يقبل منه أن يدعي خلافه، وذلك تأكيدًا لأمر الفروج واحتياطًا له؛ (معالم السنن؛ للخطابي، جـ3، كتاب: الطلاق، صـ210).
وقد رجح ذلك الرأي أيضًا: ابن القيم الجوزية؛ (زاد المعاد؛ لابن القيم، جـ5، صـ239).
والشوكاني في كتابه "نيل الأوطار" حيث قال: والحديث يدل على أن من تلفظ هازلًا بلفظ نكاح أو طلاق أو رجعة أو عتاق كما في الأحاديث التي ذكرناها، وقَعَ منه ذلك؛ (نيل الأوطار، جـ7، صـ20).
من نوى الطلاق ولم يتكلم به:
ذهب جمهور العلماء أن من نوى أن يطلق زوجته؛ ولكنه لم يتلفظ به فإن الطلاق لا يقع؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ8، صـ263)، (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ9، صـ306).
روى البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله تجاوز عن أُمَّتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم))؛ (البخاري، حديث 5270).
روى عبدالرزاق عن معمر عن الحسن وقتادة قالا: من طلق امرأته في نفسه، فليس طلاقه ذلك بشيء؛ (إسناده صحيح)، (مصنف عبدالرزاق، جـ6، صـ412، رقم 11431).
روى عبدالرزاق عن معمر سأل رجل الحسن، فقال: طلقت امرأتي في نفسي، فقال: أخرج من فيك شيء؟ قال: لا، قال: فليس بشيء؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، صـ412، رقم 11432).
طلاق السكران:
طلاق السكران لا يقع؛ لأنه لا يعقل ما يقول، وهذا مذهب الإمام البخاري؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ9 صـ301).
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: لا تنعقد يمين السكران، ولا يقع به طلاق إذا طلق، وهذا ثابت عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان، ولم يثبت عن الصحابة خلافه فيما أعلم، وهو قول كثير من السلف والخلف؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية، جـ33، صـ102).
وهذا مذهب ابن القيم أيضًا؛ (زاد المعاد؛ لابن القيم، جـ5، صـ209: صـ214).
وقال الشوكاني: السكران الذي لا يعقل لا حكم لطلاقه؛ لعدم المناط الذي تدور عليه الأحكام، وقد عين الشارع عقوبته، فليس لنا أن نجاوزها برأينا ونقول: يقع طلاقه عقوبةً له، فيجمع له بين غرمين؛ (نيل الأوطار؛ للشوكاني، جـ7، صـ23).
الأدلة على عدم وقوع طلاق السكران:
(1) قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ ﴾ [النساء: 43]، ففي هذه الآية الكريمة جعل الله سبحانه وتعالى قول السكران غير معتبر، ولا قيمة له؛ لأنه لا يعلم ما يقول.
(2) جاء في صحيح البخاري في قصة حمزة بن عبدالمطلب، لما قتل بعيري علي بن أبي طالب، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم يلومه، صعد حمزة - وهو سكران - النظر في النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال: هل أنتم إلا عبيد لأبي، فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد ثمل، فنكص رسول الله صلى الله عليه وسلم على عقبيه القهقرى وخرجنا معه؛ (البخاري، حديث 4003).
(3) روى أبو بكر بن أبي شيبة، عن وكيع، عن ابن أبي ذئب، عن الزُّهْري، عن أبان بن عثمان، عن عثمان، قال: ليس لمجنون ولا لسكران طلاق؛ (إسناده صحيح) (مصنف ابن أبي شيبة، جـ4، صـ24).
(4) ثبت في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ماعز بن مالك الأسلمي: أبه جنون؟ فأخبر أنه ليس بمجنون، فقال: أشرب خمرًا؟ فقام رجل فاستنكهه، فلم يجد منه ريح خمر، فاستنكهه: شم رائحة فمه؛ (مسلم، حديث 1695).
قال الإمام ابن تيمية (رحمه الله): أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنكهوه؛ ليعلموا: هل هو سكران أم لا؟ فإن كان سكران لم يصح إقراره، وإذا لم يصح إقراره، علم أن أقواله باطلة؛ كأقوال المجنون، ولأن السكران وإن كان عاصيًا في الشرب، فهو لا يعلم ما يقول، وإذا لم يعلم ما يقول لم يكن له قصد صحيح ((وإنما الأعمال بالنيات))، وصار هذا كما لو تناول شيئًا محرَّمًا جعله مجنونًا، فإن جنونه وإن حصل بمعصية، فلا يصح طلاقه ولا غير ذلك من أقواله؛ (مجموع فتاوى ابن تيمية، جـ33، صـ102: صـ103).
ما عليه العمل الآن في المحاكم المصرية:
جاء في القانون 25 لسنة 1929 في المادة الأولى منه: لا يقع طلاق السكران والمكره؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ6 صـ2072).
طلاق الغضبان:
قال ابن قيم الجوزي رحمه الله: الغضب على ثلاثة أقسام:
أحدها: ما يزيل العقل، فلا يشعر صاحبه بما قال، وهذا لا يقع طلاقه بلا نزاع؛ روى أبو داود عن عائشة قالت سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((لا طلاق ولا عتاق في غلاق))؛ (حديث حسن) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 1919).
الثاني: ما يكون في مباديه بحيث لا يمنع صاحبه من تصور ما يقول وقصده، فهذا يقع طلاقه.
الثالث: أن يستحكم ويشتد به، فلا يزيل عقله بالكلية؛ ولكن يحول بينه وبين نيته بحيث يندم على ما فرط منه إذا زال، فهذا محل نظر، وعدم الوقوع في هذه الحالة قوي متجه.
الرأي الراجح بالنسبة للقسم الثالث: هو عدم وقوع الطلاق؛ (زاد المعاد؛ لابن القيم، جـ5، صـ215).
طلاق المكره:
ذهب جمهور العلماء إلى أن طلاق المكره لا يقع؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ10، صـ350) (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ9، صـ302).
وذلك لأن الإنسان المكره لا إرادة له ولا اختيار له، والإرادة والاختيار هي أساس التكليف، فإذا انتفيا، انتفى التكليف، واعتبر المكره غير مسؤول عن تصرُّفاته؛ لأنه مسلوب الإرادة، فمن أكره على النطق بكلمة الكفر، فإنه لا يكفر؛ لقوله تعالى: ﴿ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾ [النحل: 106].
روى ابن ماجه عن ابن عباس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه))؛ (حديث صحيح) (صحيح ابن ماجه؛ للألباني، حديث 1664).
ما عليه العمل الآن في المحاكم المصرية:
لا يقع طلاق المكره طبقًا لحكم المادة الأولى من القانون 25 لسنة 1929، والذي نص على أنه: "لا يقع طلاق السكران والمكره، والإكراه المعتبر شرعًا يشترط فيه أن يكون بأمر يلجئ المكره على فعل ما أُكرِه عليه؛ خوفًا من إيقاع ما هُدِّد به عليه مع احتماله له، سواء كان ذلك في النفس أو في المال أو في غير ذلك، مما يوقع به ضررًا ماديًّا أو أدبيًّا لا يحتمله، وأن يكون المكرِه قادرًا على إيقاع وتنفيذ ما هدَّد به"؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ6، صـ2071).
طلاق الغائب والطلاق بالكتابة:
إذا وكَّلَ الرجل مَنْ يُطلِّق زوجته أو كتب إليها رسالة يعلن فيها طلاقها، ثم أرسلها إليها، وقع الطلاق ولا خلاف بين العلماء في ذلك؛ إذ الوكالة جائزة في الحقوق؛ كالبيع، والشراء، والزواج، وكذلك الكتابة معتبرة شرعًا تقوم مقام النطق عند تعذُّره؛ لغيبة أو خرس أو غير ذلك؛ (المغني؛ لابن قدامة، جـ10، صـ505: صـ507).
روى عبدالرزاق عن معمر عن الزهري قال: إذا كتب إليها بطلاقها، فقد وقع الطلاق عليها، فإن جحدها استحلف؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، رقم 11433).
روى عبدالرزاق عن معمر عن قتادة قال: إذا كتبه ولم يلفظ، ثم دفعه إلى رجل، فقال: بلغ يا فلان هذا فلانة، فقد وجب عليه، وإن محاه قبل أن يدفعه فليس بشيء؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، رقم 11438).
روى مسلم عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة، وهو غائب فأرسل إليها وكيله بشعير، فسخطته، فقال: والله ما لك علينا من شيء، فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له فقال: ليس لك عليه نفقة؛ (مسلم، حديث 1480).
وفي رواية للإمام مسلم أيضًا أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن، فأرسل إلى امرأته فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها؛ (مسلم، كتاب الطلاق، حديث 41).
قال الإمام النووي (رحمه الله): قوله: "طلقها البتة، وهو غائب، فأرسل إليها وكيله بشعير فسخطته"، فيه أن الطلاق يقع في غيبة المرأة وجواز الوكالة في أداء الحقوق، وقد أجمع العلماء على هذين الحكمين؛ (مسلم بشرح النووي، جـ5، صـ360).
طلاق الأخرس والعاجز عن الكلام:
الإشارة بالنسبة للأخرس أداة تفهيم؛ ولذا تقوم مقام اللفظ في إيقاع الطلاق إذا أشار إشارة تدل على قصده في إنهاء العلاقة الزوجية، واشترط بعض الفقهاء ألا يكون عارفًا الكتابة ولا قادرًا عليها، فإذا كان عارفًا بالكتابة وقادرًا عليها، فلا تكفي الإشارة؛ لأن الكتابة أدل على المقصود، فلا يعدل عنها إلى الإشارة، إلا لضرورة العجز عنها.
طلاق الناسي:
إذا حلف الزوج بالطلاق على أمر من الأمور، ثم فعله ناسيًا، فإن طلاقه لا يقع؛ وذلك لقوله تعالى: ﴿ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ﴾ [البقرة: 286].
روى ابن ماجه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان، وما استكرهوا عليه))؛ (صحيح ابن ماجه؛ للألباني، حديث 1664).
روى البخاري عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه على المنبر قال: سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئ ما نوى))؛ (البخاري، حديث1).
الطلاق ثلاثًا في مجلس واحد:
يجب أن نعلم أولًا: أن المراد بالطلاق الثلاث هو أن يقول الرجل لزوجته: أنت طالق، أنت طالق، أنت طالق، أو يقول لها: أنت طالق ثلاثًا، وذلك في مجلس واحد.
ذهب الأئمة: ابن تيمية وابن القيم والشوكاني (رحمهم الله) وغيرهم إلى أن من طلق زوجته ثلاثًا في مجلس واحد لا يقع إلا طلقة واحدة، وهذا مذهب أبي بكر الصديق وعمر صدرًا من خلافته، وعلي بن أبي طالب، وابن مسعود، وابن عباس، والزبير ابن العوام، وعبدالرحمن بن عوف رضي الله عنهم جميعًا؛ (فتاوى ابن تيمية، جـ33، صـ82: صـ98)، (زاد المعاد؛ لابن القيم، جـ5 صـ241: صـ271)، (نيل الأوطار؛ للشوكاني، جـ4، صـ19).
وهو مذهب عطاء وطاوس وعمرو بن دينار؛ (نيل الأوطار؛ للشوكاني، جـ6، صـ620).
الأدلة على أن الطلاق الثلاث في مجلس واحد لا يقع إلا طلقة واحدة رجعية:
روى مسلم عن ابن عباس قال: كان الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر بن الخطاب: إن الناس قد استعجلوا في أمر قد كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم؛ (مسلم، حديث 1472).
روى مسلم عن طاوس أن أبا الصهباء قال لابن عباس: هات من هناتك، ألم يكن الطلاق الثلاث على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر واحدةً، فقال: قد كان ذلك، فلما كان في عهد عمر تتايع الناس في الطلاق، فأجازه عليهم؛ (مسلم، كتاب: الطلاق، حديث 17).
ما عليه العمل الآن في المحاكم المصرية:
جاء في المادة 3 من القانون 25 لسنة 1929: الطلاق المقترن بعدد لفظًا أو إشارة، لا يقع إلا واحدة؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ6، صـ2018).
الطلاق المعلق على شرط:
يجب أن نعرف أولًا أن الطلاق المعلق هو ما جعل الزوج فيه حصول الطلاق معلقًا على شرط، مثل أن يقول الرجل لزوجته: إذا ذهبت إلى مكان كذا بدون إذني، فأنت طالق.
أنواع الطلاق المعلق:
ينقسم الطلاق المعلق إلى نوعين:
النوع الأول: التعليق الشرطي:
ويكون القصد منه أن يقع الطلاق فعلًا عند حدوث الشرط مثل أن يقول الرجل لزوجته: إذا خرجت من المنزل بدون إذني فأنت طالق، وهذا النوع يقع به الطلاق عند حصول الشرط.
النوع الثاني: التعليق القسمي:
ويكون القصد منه ما يقصد من القسم بالله تعالى، وذلك ليحمل الرجل نفسه أو زوجته على فعل شيء أو تركه أو تأكيد شيء ما، مثل أن يقول الرجل لزوجته: إن خرجت من المنزل، فأنت طالق، مريدًا بذلك منعها من الخروج، ولا يقصد بذلك طلاقها، فهذا النوع من الطلاق الذي فيه معنى اليمين غير واقع، وتجب فيه كفَّارة اليمين إذا حصل المحلوف عليه، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، فإن لم يجد، فصيام ثلاثة أيام، وهذا مذهب شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره؛ (فتاوى ابن تيمية، جـ33، صـ131: صـ144).
ما عليه العمل به في المحاكم المصرية:
جاء في المادة الثانية من القانون 25 لسنة 1929: لا يقع الطلاق غير المنجز إذا قصد به الحمل على فعل شيء أو تركه، لا غير؛ (فتاوى دار الإفتاء المصرية، جـ9، صـ3179).
الحلف بغير الله شرك:
لا يجوز الحلف بالنبي صلى الله عليه وسلم، ولا بأحد من أولياء الله الصالحين، ولا بالأمانة، ولا بحياة أحد من المخلوقين؛ كالوالدين، وغيرهما، ولا بالكعبة، ولا بالطلاق ولا بالشرف ولا بالذمة؛ لأن الحلف بغير الله أو بصفة من صفاته محرَّم؛ لأنه نوع من الشرك.
روى أبو داود عن سعد بن عبيدة، قال: سمِع ابن عمر رجلًا يحلف: لا والكعبة، فقال له ابن عمر: إني سمِعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ((من حلف بغير الله فقد أشرك))، (حديث صحيح) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 2787).
وروى أبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد ولا تحلفوا إلا بالله ولا تحلفوا بالله إلا وأنتم صادقون)) (حديث صحيح) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 2784).
وروى أبو داود عن بريدة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من حلف بالأمانة فليس منا))؛ (حديث صحيح) (صحيح أبي داود؛ للألباني، حديث 2788).
تحريم الرجل لزوجته:
المقصود بتحريم الرجل لزوجته هو أن يقول لها: أنت عليَّ حرامٌ، أو أنت تحرمين علي، وحكم ذلك أنه إذا نوى بذلك القول طلاقًا وقع طلاقًا، وإن نوى بذلك ظهارًا وقع ظهارًا، تجب فيه كفَّارة الظهار؛ وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم يستطع صام ستين يومًا متتابعة، فإن لم يستطع أطعم ستين مسكينًا، فإن لم يستطع بقيت في ذمته لحين ميسرة، وأما إن قصد به الحلف، كأن يقول لزوجته: أنت حرامٌ عليَّ، إذا خرجتِ من المنزل بدون إذني، ففيه كفَّارة يمين؛ وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، ممن لم يجد صام ثلاثة أيام؛ (الشرح الممتع؛ لابن عثيمين، جـ10، صـ474: صـ476).
روى البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: في الحرام يكفر، وقال ابن عباس ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ﴾ [الأحزاب: 21]؛ (البخاري، حديث 4911).
(1) قال ابن حجر العسقلاني: قوله: "في الحرام يكفر"؛ أي: إذا قال لامرأته: أنت عليَّ حرام، لا تطلق، وعليه كفارة يمين؛
(فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ8، صـ525).
(2) روى ابن ماجه عن عائشة قالت: آلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من نسائه وحرَّم، فجعل الحلال حرامًا، وجعل في اليمين كفارةً؛ (صحيح) (صحيح ابن ماجه؛ للألباني، حديث 1685).
(3) روى عبدالرزاق عن سفيان الثوري أنه قال: الحرام على ثلاثة وجوه: إن نوى طلاقًا فهو على ما نوى، وإن نوى ثلاثًا فثلاث، وإن نوى واحدة فواحدة بائنة، وإن نوى يمينًا فهي يمين، وإن لم ينْوِ شيئًا فهي كذبة، فليس فيه كفَّارة؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، صـ11390).
(4) روى أبو بكر عن زيد بن ثابت قال: هي ثلاث لا تحلُّ له حتى تنكح زوجًا غيره؛ (إسناده صحيح) (مصنف ابن أبي شيبة، جـ4، صـ56).
(5) روى أبو بكر عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال في الحرام: إن نوى يمينًا فيمين، وإن نوى طلاقًا فطلاق؛ (إسناده صحيح) (مصنف ابن أبي شيبة، جـ4، صـ56).
وهذا مروي أيضًا عن طاوس بن كيسان؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، رقم 11367).
(6) روى عبدالرزاق عن سفيان الثوري، عن منصور، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس في النذر والحرام، قال: إذا لم يُسَمِّ شيئًا، قال: أغلظ اليمين، فعليه رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا؛ (إسناده صحيح) (مصنف عبدالرزاق، جـ6، رقم 11385).
(7) قال ابن حجر العسقلاني: قال أبو قلابة وسعيد بن جبير: من قال لامرأته: أنت عليَّ حرام لزمته كفارة الظهار؛ (فتح الباري؛ لابن حجر العسقلاني، جـ9، صـ284).
أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يجعل هذا العمل خالصًا لوجهه الكريم، وأن يجعله ذخرًا لي عنده يوم القيامة ﴿ يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ﴾ [الشعراء: 88، 89]، كما أسأله سبحانه أن ينفع به طلاب العلم الكرام، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.