أرشيف المقالات

البريد الأدبي

مدة قراءة المادة : 9 دقائق .
بين أستاذين جاءنا من الأستاذ كامل السيد شاهين رد على رد الأستاذ أحمد الشرباصي لا تلائم لهجته طبيعة الصداقة والزمالة بين الأستاذين الفاضلين، فرأينا أن نطويه معتذرين، إبقاء على المودة واكتفاء بما نشر دعابة إلى الأستاذ علي الطنطاوي ما يمنعك يا سيدي من أن ترحل على بعير، أو تقيم في خباء.
.
ما دمت تود مناجاة الرمال، ومرافقة الوحشة ثلاثة أشهر تنفقها في سخاء بين (دمشق) و (بغداد) فما الذي يقف حجاز بينك وبين ما تريد؟ لقد طوت المدينة الحديثة الأبعاد الفسيحة، كما تطوى اليد الكبيرة السفر الصغير، حتى جمعت العالم حول مائدة، وإذا كانت الدنيا اليوم بين فكي صداع، تلوكها أنياب التهديد والوعيد، فأن البشر لعلى أمل كبير في انتصار السلام، ما دامت دعوات (العلمية) تلقي النصير في (المواطن العالمي) ويذهب المؤمنون بالإنسان من المتفائلين - وهي خصلة نبوية، إلى أن زمانا ستبزغ شمسه، فيه تموت لغة الإقليم، وتحيي لغة (الإنسان) ولكنك - يا سيدي - تبغي رجعة إلى عهد طفل، تقطع رحلته بين بلدين متجاورين في شتاء أو صيف، وتتكلم فيه القبيلة بلغة، بينما تتحدث أختها في أرضها، وتحت شمسها يقول (البعد جفاء) ولا شك أن زمنا يقاس فيه الوقت بالصوت والنور؛ خير من زمن يرخص الوقت فيه حتى يقاس بالمبهم كالحين والدهر. إن ما يدعو إلى العجب فيكم يا معشر الواعضين أن يقف الواحد منكم يغمره وهج (الكهرباء) وينشر كلمة على الناس (الميكرفون) ثم لا يعلو صوته إلا بصب اللعنات فوق رأس الحضارة الناهضة، كان الحضارة كثيب من ذر لا يلبث أن يطير من نفخ الهواء؛ أو كأن حكم العاطفة المرتجلة، والشعور المتقلب، افضل من سيادة العقل، وتجربة (المعمل) بني سويف بركات في جوار الله تلميذ من تلاميذ الرسالة نشأ الوجيه علي مصطفى الزارع من أثرياء طما محبا للعلم والأدب، جعل من داره ندوة يسعى إليها كل شيخ وقور، وشاب مثقف، وطالب بحث في الأدب أو فقه في الدين، وكان أكثر الساعين إلى ندوته الموظفون الغرباء، فيجدون في رحابها كرما وجودا، وفي مكتبتها ثقافة وأدباء وفي جلساتها مرحا مهذبا يخفف عنهم لوعة الغربة وجفوة البعد. وكان (للرسالة) الغراء لدى الوجيه الأديب مكانة محفوظة، وفي مكتبته الضخمة ركن ملحوظ، ولا أظن أن عددا واحدا من الرسالة ظهر دون أن يشتريه ويستوعبه حرفيا، ويناقش موضوعاته في ندوته، كما لا أظن أن كتابا واحدا ظهر لصاحب الرسالة دون أن يقتنيه مزينا به صدر مكتبته زافا بشراه إلى رواد ندوته - كان مشغوفا بالصحف على اختلاف ألوانها ومشاربها ومعنيا بها، ولكن شغفه بالرسالة وعنايته بها كانا يحملانه على الخروج من داره في يوم ظهورها ليستقبلها في نهاية الشارع أو في ميدان المحطة وقت مجيء القطار. ومنذ أيام قرأت في الصحف نبأ انتقاله إلى جوار الله فريثته إلى نفسي ونعيته إلى قلبي، فقد كان نعم الصديق الذي لا يعرف غير صفاء العشرة، ونقاء الألفة، ووفاء الأخوة، وكرم الصحبة، ورثيت لحال أسر نكبها الدهر وتنكرت لها الحياة، كان لها معوانا، ولنوائبها ملجأ، ولآلامها مسكنا، ولدموعها مجففا ولم يمض يوم واحد على نعيه في الصحف حتى تكشفت وفاته عن مأساة يرتجف لها القلم ألما، ويعتصر القلب دما، فقد ظهر أن الوفاة لم تكن طبيعية، وإنما كانت نتيجة اعتداء وحشي على الأديب الفقيد من أيد أثيمة لوثت بالجبن والنذالة، انتهزت فرصة عزلته وأنهت حياته متحدية غضب السماء وسطوة القضاء، غير آبهة بما ستخلفه المأساة من فجيعة في الأسر المنكوبة التي كان يعطف عليها، وفي الأصدقاء الذين كان يوفي إليهم حقوق الصداقة والأخوة، لقد تناقلت الصحف أن القتلة هم أخوته طمعا في الميراث الزائل لأن الفقيد لم يكتب عليه أن يؤذي إنسانا أو يسئ إلى أحد، كان يحب الخير للجميع، ويبذل الخير ما وسعه البذل للجميع، وكان إنسانا بكل ما في اللفظة من معنى، وما أعلم أن قلبا واحدا كان يضمر له ذرة من الكراهية لأن خلقه جعله جديرا بحب القلوب قاطبة، وكان أديبا شهما وكريما حفا، ولكن هذه الصفات كلها لم ترحمه من عدوان الأيدي الأثيمة النذلة.
.! لقد ذهب صديق الرسالة أو فقيدها إلى جوار ربه وهو أكثر ما يكون رضا عن ربه، وبقيت الأيدي الأثيمة تنتظر في الدنيا سخط الرأي العام ونكال العدالة.

وفي الآخرة لعنة السماء.
! محمد عبد الله السمان كن جميلا قرأت بإعجاب مقال الأستاذ أحمد مصطفى حافظ بالعدد 978 من الرسالة الغراء ولكني فيما أعتقد لي مندوحة عن التسليم بكل ما عرضه الأستاذ على بساط البحث من آراء.
فلقد استدل الأستاذ على أصالة الشاعرية وطبيعة الانفعال الفني بأبيات من الشعر الكئيب الحزين.
.
وإني لأفهم من هذا مشاركة الأستاذ - وجدانيا على الأقل - لهذا اللون من الأدب.
.
ومن رأينا أن رسالة الفن ليست الكآبة واليأس.
.
وأن جمال الكون وبهاء الوجود ليسا من الهوان على الشاعر الفنان الحق حتى يدعها إلى الأفكار السوداء المتشائمة.

وأن العقاد الفيلسوف ليقول: (.

ما زلت أعتقد وأزداد مع الأيام اعتقاداً أن بغض الحياة أسهل من حب الحياة، وأن الأدوات النفسية التي نلمس بها آلام الحياة أعم وأشيع وأقرب غورا من أدوات النفس التي نلمس بها أفراح الحياة العليا ومحاسنها الكبرى، فالفرح أعمق من الحزن في رأيي ولا مراء! وليس الحزن قدرة بل هو انهزام أمام قدرة.

أما الفرح فهو القدرة والانتصار.
) فنحن لا نستحسن - مثلا - قول (الأديب المسترسل) حين يقف بين أحضان الطبيعة البهيجة: (إني أرى الجبال هموما ثقيلة جاثمة فوق صدر الأرض.
.
بل نميل عن هذا الأديب لنسمع من الآخر قوله: الزهر حيانا بثغر باسم ...
والنهر قابلنا بقلب صافي ثم نسمع من الزهاوي قوله: الناس تحيى بالمنى ...
فما لها عنها غنى لولا المنى ما عشت أن ...
ت سالما ولا أنا لا تدلهم أنفس ...
لها من المنى سنا ولا يرى ذو اليأس م ...
اأمامه وإن رنا اليأس نار تحرق الرو ...
ح وتفني البدنا ويجعل العمر قصير ...
اويطيل الشجنا أمل حياة كلها ...
طيب هناك أو هنا أسمعت يا أستاذ أحمد: أمل حياة كلها ...
طيب هناك أو هنا حاول أن تتدبر جيدا يا أخي مغزى هذا البيت.
ثم اتل معي قول إيليا أبو ماضي: أيها الشاكي وما بك داء ...
كن جميلا تر الوجود جميلا .

وبعد فهذا هو الشعر الحي الممتلئ الأعطاف في الحقيقية، الذي لا يتجاوز حاجة المقام الأسنى.
.
وقد كان الأخلق بسيادتك أن تستدل به، وبمثله؛ وأخيرا هذه كلمة لوجه الحقيقة المجردة.

والله! حسين كامل عزمي جوائز قراءة الأعداد المركبة من الشمال إلى اليمين: أحال مجلس مجمع فؤاد الأول إلى لجنة الأصول ما طلبه حضرة العضو المحترم الأستاذ أحمد حسن الزيات بك من قراءة الأعداد المركبة مع المائة فصاعدا من الشمال إلى اليمين أسوة بقراءتها من اليمين إلى اليسار، وما أثير حول هذا الموضوع من نقاش في المجلس. وقد رجعت اللجنة إلى كتب النحو للوقوف على ما كتبه النحاة في هذا الموضوع، فوجدت في شرح الكافية لنجم الأئمة محمد بن حسن الرضي المتوفى سنة 648؟ أو سنة 668 النص الآتي: (.

وتعطف المائة على ذلك العدد نحو أحد ومائة، واثنان ومائة، وثلاثة ومائة - أو تعطفه على المائة نحو: مائة وأحد.
مائتان وأحد، ألف واثنان، في العلوم معدود وفي غير المعلوم مائة ورجل، ألف ورجلان، مائة وثلاثة رجال. والأول أي عطف الأكثر على الأقل أكثر استعمالا ألا نرى أن العشرة المركبة مع النيف معطوفة عليه في التقدير، فثلاثة عشر في تقدير ثلاثة وعشرة وكذا ثلاثة وعشرون أكثر من عشرين وثلاثة الخ.

.) ومن الأمثلة التي ذكرها صاحب التصريح عند كلامه على العدد قوله: (كانوا تسعمائة وتسعين وتسعا فألفتهم.) وقد انتهت اللجنة إلى جواز الأمرين على السواء.
وأقرها مجلس المجمع على ما رأت.

شارك الخبر

ساهم - قرآن ٢