عرض كتاب الإتقان (30) - النوع الرابع والثلاثون في كيفيات التحمل للقرآن


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين.

أما بعد:

فنبتدئ بكتاب الإتقان في النوع الرابع والثلاثين، وهو المتعلق بكيفية تحمله.

مراتب القراءة

وقد عقد السيوطي رحمه الله تعالى فصلاً بعنوان (كيفيات القراءة)، وذكر فيه ثلاث كيفيات:

إحداها: التحقيق.

والثانية: الحدر.

والثالثة: التدوير. وهذه مصطلحات قد مضت بين القراء، وهناك رابعة بعضهم يذكرها وهي الترتيل، فبعض من كتب في علم التجويد خصوصاً المتأخرين يذكر أربع مراتب من مراتب القراءة التي هي: مرتبة التحقيق، ثم الترتيل، ثم التدوير، ثم الحدر.

ذكر الأدلة على مراتب القراءة

أما الذي يدل عليه الدليل فهو ثلاث مراتب:

المرتبة الأولى: مرتبة التحقيق، ويدل عليها حديث حفصة رضي الله عنها لما ذكرت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم: ( أنه كان يقرأ السورة فيرتلها، فتكون أطول من التي أطول منها )، ولا يتحقق هذا إلا إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بتؤدة وترتل أكثر، وعلى سبيل المثال سورة (سبح اسم ربك الأعلى)، وسورة (عم) ومعلوم أن سورة (عم يتساءلون) أطول من سبح، فإذا قرأ سورة (سبح) بحيث تكون أطول من التي هي أطول منها، معناه أنه سيزيد في الترسل والتؤدة، وهذه قراءة تسمى قراءة التحقيق وهو مصطلح.

بعدها تأتي المرتبة الثانية: وهي قراءة الترتيل، وهي التي نزل بها القرآن في قوله سبحانه وتعالى: وَرَتِّلْ الْقُرْآنَ تَرْتِيلاً [المزمل:4]، والمراد بالترتيل هنا هو الترسل والتؤدة في القراءة.

ثم تأتي المرتبة الأخيرة الثالثة: وهي مرتبة الحدر، ويشير إليها قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ما فقه من قرأ القرآن في أقل من ثلاث )، فالذي سيقرأ القرآن خلال ثلاثة أيام معناه أنه سيعتمد في الغالب على قراءة الحدر، وهي القراءة السريعة، وكذلك يشير إليها أيضاً أثر ابن مسعود لما جاء إليه رجل وذكر أنه قرأ القرآن في ليلة قال: أهذاً كهذ الشعر. فهو لم ينهه عن هذا، وإن كان أشار إليه إلى عدم محبوبيته لهذه القراءة التي هي قراءة الحدر.

ما ينتبه له عند قراءة القرآن

مما يحسن التنبه له في هذه القراءات الثلاث: التحقيق، أو الترتيل، أو الحدر ضبط التجويد؛ لأن الإخلال بشيء من التجويد يكون نقصاً في الضبط، ولا يفهم أن الذي يقرأ بالتحقيق يضبط التجويد أكثر من الذي يقرأ بالحدر، فالمقادير واحدة، لكن قد تكون هناك سرعة في الأداء، وفي إخراج بعض الأحرف، وهذا خصوصاً في قراءة الحدر، لكن لا يعني هذا إهدار علم التجويد، كما يفهم بعضهم أن قراءة الحدر لا يلزم منها الضبط، ولكن يكون فيها تقليل في المقادير، فبدلاً من أن يقرأ المنفصل بأربع حركات يقرؤه بحركتين، وبدلاً من أن يقرأ المد العارض للسكون بأربع أو بست حركات يقرؤه بحركتين.. وهكذا، أما الغنن ومقادير المدود فتبقى كما هي.

ومرتبة التدوير التي أشار إليها السيوطي على أنها هي الثالثة، وقال: [ هي التوسط بين المقامين من التحقيق والحدر، وهو الذي ورد عن أكثر الأئمة ممن مد المنفصل، ولم يبلغ فيه الإشباع، وهو مذهب سائر القراء، وهو المختار عند أكثر أهل الأداء ].

مرتبة التدوير وفائدة مراتب القراءة

هنا يحسن أن ننتبه إلى موضوع، وهو أننا حينما نتكلم عن هذه المرتبة مرتبة التدوير، ونقول: إنه ليس عليها دليل، فلا يعني إهمال هذه المرتبة؛ لأن هذه المرتبة التي ذكرها السيوطي رحمه الله تعالى إن جعلناها موضع الترتيل فقد انتهت الإشكالية، وقلنا: إن هذه المصطلحات لها إشارة في السنة النبوية، وهي مرتبة التحقيق، ومرتبة الترتيل، ومرتبة الحدر.

وإن قلنا: إن التدوير مرتبة بين الترتيل والحدر على أنه مرتبة رابعة، فهذا ذكره بعض العلماء، ويكون الترتيل هو الغالب على كثير من القراءات ويكون فيها نوع من العجلة، ولكن ليس فيها سرعة كسرعة الحدر؛ لأن الحدر يلزم منه السرعة، وهو مأخوذ من الانحدار، وتصور لو أنت تنصب من جبل فعندك سرعة في المشي، فهذا معنى الحدر، والمقصد من ذلك: أننا حينما ننبه على هذا، لا يفهم من ذلك أننا نلغي هذه المرتبة بالكلية، خصوصاً أنه قال بها بعض علماء، وأنهم يعملون بها، فإذاً الأولى أن ينبه على الوارد في السنة، ثم بعد ذلك ينبه على أن هذه المرتبة قد عمل بها بعض العلماء، وهي قائمة عندهم ومعروفة، والذي يعنينا هنا المراتب الثلاث الأولى الواردة في السنة، وتقرأ بمرتبة التحقيق في الغالب عند التأمل والتدبر؛ لأن الإنسان حينما يقرأ بهذه القراءة فإن المعاني تكون حاضرة في ذهنه حال القراءة، وكذلك مرتبة الترتيل أيضاً متوافقة نوعاً ما وإن كانت أقل، ولكن تصلح للتدبر، وأما قراءة الحدر فإنه يقرأ بها لتكثير الحسنات، ولهذا كثيراً ما تستخدم في صلوات التراويح، فإذاً لكل نوع من القراءة مزية وفائدة، فيحسن التنبه لمثل هذا، وأن هذا الاختلاف هو مبني على أثر لهذه القراءات.

بعد ذلك ذكر أنه سيأتي في النوع الذي يلي هذا استحباب الترتيل في القراءة، والفرق بينه وبين التحقيق فيما ذكره بعضهم، ثم ذكر أن التحقيق يكون للرياضة والتعليم والتمرين، والترتيل يكون للتدبر والتفكر والاستنباط، هكذا فرق السيوطي رحمه الله تعالى، ولكن نقول: بما أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قرأ به، فلم يكن مراد الرسول صلى الله عليه وسلم التعليم والتمرين لآخرين، وإنما قرأ به لنفسه، فدل على أنه أعلى من الترتيل من أجل التدبر والتأمل.

ثم قال: [ فكل تحقيق ترتيل، وليس كل ترتيل تحقيقاً ]، وهذه قاعدة صحيحة أن كل تحقيق ترتيل؛ لأنه ترتيل وزيادة، ولكن ليس كل ترتيل تحقيقاً.

أهمية علم التجويد وتعريفه

بعد ذلك ذكر في الفصل الذي بعده ما يتعلق بالتجويد، وقال عنه عبارة: [ ومن المهمات تجويد القرآن، وقد أفرده جماعة كثيرون بالتصنيف، ومنهم الداني وغيره ]، ثم ذكر ما [ أخرج عن ابن مسعود قال: جودوا القرآن ]. وهذه الرواية فيها نظر، ولعلها جردوا القرآن، فوقع فيها تصحيف، وتحتاج إلى مراجعة.

ذكر تعريف القراء للتجويد وقال: [ التجويد حلية القراءة، وهو إعطاء الحروف حقوقها وترتيبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وتلطيف النطق به على كمال هيئته من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف ]، قال: [ وإلى ذلك أشار صلى الله عليه وسلم بقوله: ( من أحب أن يقرأ القرآن غضاً كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد ) ] يقصد ابن مسعود .

هذا الحديث يفيد أن للقرآن هيئة أو كيفية معينة يقرأ بها، وأن الذي يعلم هذه الهيئة ويتقنها هو عبد الله بن مسعود ؛ ولهذا أوصى النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يرجعوا إلى ابن مسعود ليقرءوا على قراءته؛ لأنها أقرب قراءة للنازل على النبي صلى الله عليه وسلم.

القدر الزائد في تجويد القرآن وكيفية معرفة ثبوته

سبق أن ناقشنا بعض القضايا المرتبطة بالتجويد، وذكرنا تقسيم علوم التجويد، لكن الذي يعنينا هنا هو قضية مهمة، وهي إثبات القدر الزائد في القراءة، يعني هل هناك قدر زائد على العربية في القراءة أو لا؟ مثلما ذكر عن أبي موسى الأشعري لما قال: ( لو علمت أنك تسمعه لحبرته لك تحبيراً )، والرسول صلى الله عليه وسلم امتدحه وقال: ( لقد أتيت مزماراً من مزامير آل داود )، فالبحث في القدر الزائد هو ابتداء النظر في علم التجويد، فإذا ثبت هذا القدر الزائد، فإننا بعد ذلك نبحث عن هذا القدر الزائد ما هو؟ وكيف نعرفه؟ فهل يعرف القدر الزائد من طريق المحدثين، أو من طريق الفقهاء، أو من طريق القراء؟ إن القدر الزائد إنما يؤخذ من طريق القراء، وإذاً: هنا يحكم التخصص، فلا يحسن لمن لم يكن له عناية بالإقراء أن يعترض على علم التجويد على أسلوب المحدثين في نقد الأحاديث؛ لأن ضبط القراءة غير ضبط الأحاديث، إن ضبط القراءة وكيفياتها أدق من ضبط بعض النصوص التي ترد في الحديث، وتكون هيئات لكن لا يدرك كيف تكون إنما تحكى؛ ولهذا لا زال علماء القراءة يختلفون في حديث الترجيع لما نزلت على الرسول صلى الله عليه وسلم: إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً [الفتح:1] كيف كان ينطقه الرسول صلى الله عليه وسلم، وسبب الاختلاف هو أن هذه السنة لم تحك بالمشافهة، ولم تؤخذ بمشافهة صحابي تابعي ولا تابعي تابع تابعي ولم تصلنا، فبقيت تحكى كتابةً ووقع الاختلاف فيها وما هو سببها، فهذا يدلك على أنه إذا وردت هيئة أو صفة في القراءة النبوية لم تؤخذ عن طريق القراء فإنه سيقع فيها اختلاف؛ بسبب عدم تناقل هذه القراءة، وفي بعض الآثار المعدودة إشكال من جهة علم التجويد، فهذا يحسن التنبه له، وأنه محل بحث، وهو أن بعض الهيئات النبوية في القراءة التي وردت في الأحاديث، ولم ترد مسندةً عند القراء وقع فيها اختلاف من هذه الجهة، يعني كيف تؤدى؟

أنواع اللحن في القرآن

ذكر بعد ذلك أنواع اللحن قال: [ اللحن الخفي، واللحن الجلي ].

واللحن الجلي هو الذي يغير بنية الكلمة، سواءً يغير بنية الكلمة من جهة المعنى أو من جهة الإعراب، مثال ذلك من يقرأ: (صراط الذين أنعمتُ عليهم) فهذا غير من جهة المعنى والإعراب، لكن أحياناً قد يغير من جهة الإعراب وإن لم يتأثر المعنى، كأن يقول: (الحمدَ لله رب العالمين) على قراءة شاذة، فهي من جهة المعنى محتملة، ولكن من جهة الإعراب على القراءة المتواترة غير محتملة فترد؛ لأنها مخالفة للإعراب في القراءة المتواترة، هذا نعتبره لحن، لكن ليس من جهة المعنى، ولا كذلك من جهة الإعراب من حيث هو، وإنما من جهة القراءة المتواترة، فإذاً المقصد من هذا أن أي خلل يقع من جهة الإعراب أو من جهة الإعراب والمعنى فإنه يعتبر لحناً جلياً.

واللحن الخفي مرتبط بالهيئات والكيفيات في الأداء، وأيضاً فيه خلاف؛ بمعنى أن بعض العلماء يعد الخلاف في الخطأ في الغنة، أو الخطأ في المدود يعدها من اللحن الجلي؛ لأنه لا يخفى على جمهور القراء، بخلاف بعض المقادير فإنها تعد من اللحن الخفي.

وهذه القضية قضية تحرير اللحن الجلي واللحن الخفي تحتاج إلى بحث، وفيها خلاف بين بعض علماء التجويد المتقدمين مثل ابن مجاهد لما حكى في كتابه السبعة، أو القرطبي في كتابه الموضح وهو غير صاحب التفسير، الموضح في التجويد، وقع في كلامهما نوع من اختلاف في المراد بمفهوم اللحن الجلي، واللحن الخفي.

وأيضاً ذكر ما يتعلق ببلوغ نهاية التجويد، وأنه مرتبط برياضة الألسن، وهذه قضية مهمة يجب أن ينتبه قارئ القرآن لها، أن قضية التجويد مرتبطة برياضة اللسان، ومن لم يتقن هذه الرياضة لا يستطيع أن يقرأ قراءةً صحيحةً مستقيمة من جهة التجويد، فإذاً يحسن به أن ينتبه لهذه المسألة التي هي مسألة الرياضة، بمعنى أنه يكثر من القراءة حتى تنفك العقد التي في لسانه ببعض الكلمات، وهذا مجرب ممن مارس تدريس التجويد، وتدريس التلاوة للطلاب، فإنه يأتي طالب لا يحسن أن يقرأ إطلاقاً، وبعد أشهر تجده من أحسن الناس قراءةً؛ لأنه قد تمرن وروض لسانه على نطق القرآن.

مخارج بعض الحروف

ثم ذكر بعد ذلك قضايا لا ندخل فيها؛ لأنها تفاصيل، وذكر المخارج، وأشار إلى الصفات، ثم ذكر منظومة علم الدين في التجويد، ولا نريد أن نطيل في هذا، لكن نأخذ ملحوظة واحدة وسريعة في حكايته لمخرج النون.

قال: [ العاشر: النون من طرفه أسفل اللام قليلاً ]، وفي اللام قال: [ من حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرفه، وما بينها وبين ما يليها من الحنك الأعلى ].

هذا التعبير الآن لاحظوا لما قال: [ اللام من حافة اللسان من أدناها إلى منتهى طرفه ]، كثير من كتب التجويد لا تشير وهي تتكلم عن مخرج اللسان إلى منتهاه، حتى الكتاب الأول الذي ذكر هذا وهو سيبويه رحمه الله تعالى لم يشر إلى قضية منتهى المخرج في اللام، إنما ذكر فقط الحافة الأمامية، وحينما يأتي في تعريف مخرج النون يقول: [ تحت مخرج اللام قليلاً ]؛ لأن اللام تخرج من الحافة، والنون تخرج من الطرف، فأين العلاقة بين الحافة والطرف؟ فلو تصورنا أن اليد شبيهة باللسان الآن فالحافة هذه، والطرف هذا، فاللام عندهم ترتفع هكذا، والنون ترتفع هكذا، فما العلاقة بين الحافة والطرف؟ اللام يشترك معها الطرف، فهي لها مخرج أصلي ومخرج فرعي، فعرفوه بالمخرج الأصلي، ولم يشيروا إلى المخرج الفرعي، ونحن نحتاج مثلما ذكر السيوطي هنا لأن نقول عند مخرج النون من تحت مخرج اللام الفرعي، ولهذا عبارته هذه مهمة لما قال: [ إلى منتهى طرفه ]، ثم ذكر مخرج النون أنها أسفل اللام قليلاً أي: في المخرج الفرعي، وهذا على من ذهب إلى أن اللام تخرج من مخرج مستقل، أما من ذهب إلى أن اللام والنون والراء تخرج من مخرج واحد، وهو الفراء وجماعة معه فإنهم يجعلونه من طرف اللسان فقط، فإذاً لم يعتبروا في اللام الحافة، وكذلك لم يعتبروا في الراء ظهر الطرف، إنما اعتبروا الطرف فقط، وهذه الدقائق ما نحتاجها لكن أحببت الإشارة إلى الطرف في تعريف اللام وإلا فهناك مسائل مرتبطة بالمخارج، وقد كثرت فيها البحوث حتى المعاصرة، وفيها فوائد نفيسة. ونختم بقضية الصفات أيضاً.

صفات المخارج

الصفات من القضايا المهمة في اللغة أصلاً، أي في الصوتيات، وهي أيضاً مفيدة ونافعة جداً، وسأذكر فقط من باب الإشارة؛ لكي نعرف أهمية دراسة المخارج والصفات سواء درسناها في دراسة تلاوة القرآن، أو درسناها من أجل أنها في اللغة، إذا سألت نفسك: لماذا الأعجمي إذا قلت له: (الحمد لله رب العالمين)، قال: الهمد لله رب العالمين، لماذا نطق الهاء؟ ولماذا لم ينطقها عيناً؟ لماذا لم يقل: العمد لله؟ لأن هناك نوعاً من الجبر لأن ينطقها بدل الحاء هاء، وعندما تقول له: (أنعمت عليهم) يقول: أنأمت عليهم، فلماذا قلب العين إلى همزة؟ فهنا عندنا قضيتان:

القضية الأولى: المخارج وتقاربها.

والقضية الثانية: الصفات، واعتبار الصفات مهم، فلو نظرنا مثلاً ما هي الصفات المشتركة بين الحاء والهاء؟ فنجد أن أغلب الصفات مشتركة بحيث أنها تؤثر في انتقال المتكلم من الحاء إلى الهاء، قال ابن الجزري : مهموسها (فحثه شخص سكت).

إذاً فيهما الهمس.

شديدها لفظ أجد قط بكت

وبين رخو والشديد لن عمر

فيهما رخاوة.

وسبع علو خص ضغط قظ حصر

وصاد ضاد طاء ظاء مطبقة

فيهما انفتاح.

وفر من لب الحروف المذلقة

وإن كانت ليست لها علاقة بالصوتيات، فإذاً: اشتركت الحاء والهاء في جميع الصفات مع قرب المخرجين، فأثر في الانتقال من الحاء إلى الهاء، وقس على ذلك مجموعة من الانتقالات هذه التي يقع فيها البدل، فبعض العرب يقول: المسجد، وبعضهم يقول: المسيد، يقلب الجيم ياءً، ولا زالت موجودة هذه اللغة عند بعض أبناء الجزيرة إلى الآن، يسمون المسجد مسيد، والرجال يسمونه ريَّال، وهذه أيضاً من اللهجات العربية الأصيلة التي كانت قبل نزول القرآن، لكن السؤال: لماذا انتقلت الجيم إلى الياء؟ نجيب على هذا بتقسيمات العلماء: والوسط فجيم الشين يا. يعني الجيم والشين والياء من وسط اللسان، وعندما نبحث عن الشين والجيم والياء وما هي العلاقة بينهما والصفات سنجد أيضاً أن بعض الصفات مشتركة، بحيث أنها جعلت في سهولة الانتقال من الجيم إلى الياء، وقس على ذلك غيرها. وإنما أحببت بهذا أن أشير إلى بعض الملاحظ للتنبيه على أهمية هذا المبحث، وأن القضية لا تتعلق بكيفية قراءة القرآن فحسب، بل تتعلق بلغة العرب، وحتى من يدرس اللغات الأخرى فيدرسها العربي وعنده معرفة في التقلبات والإبدالات بين هذه الحروف.

سبحانك اللهم وبحمدك، نشهد أن لا إله إلا أنت، نستغفرك ونتوب إليك.