الإخفاق العربي ومطرقة الموساد
مدة
قراءة المادة :
5 دقائق
.
وفي وقت يجتمع فيه صف كبير من أصدقاء الحكومة السورية في "سوتشي" الروسية في مسعى من موسكو لإظهار فشل الشعب السوري في انتقاء ممثليه بشجاعة، وبالتزامن مع عرض تقارير تلفزيونية حول أزمة الاقتتال الداخلي بين اليمنيين الجنوبيين واليمنيين الشماليين في عدن مستظلين بالقذائف الصاروخية التي تطلقها عليهم جماعة الحوثي من صنعاء، لم يجد النازحين العراقيين الغارقين في وحل المخيمات بالموصل من ينقذهم من الجوع رغم غرق بلادهم في بحيرة من النفط، جميع ما سبق جزء يطفو على السطح من الكوارث العربية. هناك صفحات مظلمة مليئة بالتاريخ خلال المئة عام الماضية أيضاً أوصلتنا لما نحن نعيشه اليوم، ولكون مصداقية وسائل الإعلام العربية بالنسبة لي تقترب من الصفر فقد قررت هذه المرة الخوض في كتاب "أقتل أولا: التاريخ السري للاغتيالات المستهدفة في إسرائيل" للصحفي الإسرائيلي المخضرم رونين برغمان، الكتاب يكشف عن 2700 عملية اغتيال نفذها الموساد الصهيوني خلال 70 عاماً مضت، كلها اعتمدت في نجاحها على إخفاقات بلدان عربية وإسلامية.يقول رغمان "إن إسرائيل الصغيرة، التي تعاني من المحاولات العربية للتدمير، وضعت جيشا فعالا للغاية، يعد "أقوى آلة اغتيال في التاريخ"، بهدف التخلص من خصومها الأقوياء.
إن الأجهزة السياسية في الكيان الصهيوني منذ نشأة الكيان الصهيوني اعتبرت أن مجتمع الاستخبارات هو السلاح الذي يفتك بأقل الخسائر، فكلما كان الردع الذي يخلقونه أكبر، كلما تجنبوا الحروب والصراعات الكبيرة أو على الأقل وسعوا الفجوات بين هذه الهجمات الأوسع نطاقا.
يقول مؤلف الكتاب في مقابلة مع موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن نجاح وفعالية جهاز الموساد، أوصل الطبقة السياسية إلى حقيقة مفادها أنهم يتحصلون على أداة يمكن أن تصنع فرقاً في وقف التاريخ دون الحاجة للغوص في الصراعات السياسية.
يكشف الكاتب عن حقيقة مسيئة جداً للحالة الأمنية العربية تتعلق باستثمار الموساد للعنصر النسائي لاختراق المنظمات المعادية، ويكشف مستنداً إلى وثائق حصل عليها من الموساد، قائلاً إن عملية " فردان 1973" والتي استهدفت منظمة التحرير الفلسطينية في لبنان، كان أيهود باراز يتنكر فيها على شكل امرأة سمراء الشعر، وأفيرام ليفين كامرأة شقراء!.
كانت العقلية السياسية في الكيان الصهيوني تؤكد على أن وجود مجتمع استخباري قوي جداً، سيجعل الجيش الصهيوني وقوات الاحتياط في حالة من الاسترخاء بدلاً من الانتشار على طول الحدود خوفاً من الحرب.
أسس رئيس وزراء الكيان الصهيوني، ديفيد بن غوريون مؤسسة الاستخبارات الإسرائيلية في يونيو 1948، بعد ثلاثة أسابيع فقط من نكبة فلسطين عام 1948م. يقول ميئر داغان الذي شغل منصب رئيس الموساد ما بين 2002-2011، يجب خوض حرب عندما يكون السيف على عنقنا فقط.
والقدرة على ضرب أهداف محددة، سواء كانت منشأة أو شخص، (تعتبر أيضا جزءا لا يتجزأ من الاستراتيجية) لمواجهة التهديدات الأمنية الوطنية أو حتى تغيير التاريخ.
يكشف مؤلف الكتاب عن تورط الموساد في تصفية المعارض المغربي مهدي بن بركة عام 1965م، وكانت القناعة الصهيونية من هذه الأفعال تغيير مجرى التاريخ، لكن وفق اعتقاد الكاتب فإن قتل القادة ليس دائماً يعطي تبعات إيجابية، فبعد مقتل عباس موسوي رئيس حزب الله الشيعي في لبنان، جاء عقبه حسن نصر الله، وعقب اغتيال الشيخ أحمد ياسين الزعيم الروحي لحركة حماس في غزة، توجهت الحركة إلى توثيق علاقتها إلى إيران بصورة أكبر من ذي قبل.
يكشف رونين برغمان العديد من التفاصيل حول عملية اغتيال الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات، قائلاً عقب دخول الجيش الصهيوني إلى مقر المقاطعة الذي يقيم فيه ياسر عرفات تمكن الجيش من الحصول على العديد من الوثائق المهمة، وحينما سأل برغمان رئيس المخابرات الفلسطينية في تلك الفترة توفيق الطيراوي عن سبب وجود تلك الوثائق وعدم التخلص منها أجاب قائلا: "الضابط الاحمق" الذي كان المفروض ان يحرق الاوراق قد هرب.
الكتاب نشر باللغة العبرية والإنجليزية ويكشف عن الكثير من الأسرار في العلاقات الإسرائيلية مع البلدان العربية والإسلامية وكذلك بعض الإخفاقات التي تعرض لها الموساد وملف إيران النووي وتصفية العلماء العراقيين وغيرها من الملفات التي لا تزال الكثير من علامات الاستفهام حولها.
{2018/02/01}..
بقلم/ أحمد أبو دقة.