متن ابن عاشر [9]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على من بعث رحمة للعالمين وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين، أما بعد:

فيقول المؤلف رحمه الله تعالى: [كتاب الصلاة].

الكتاب في الأصل فعال للآلة من (كتب الشيء) إذا خاطه، فهو من الكتابة بمعنى الخياطة، ولما كانت الصحف التي يرسم عليها الخط تخاط عادة لتجمع سميت تلك الصحف كتابة، وسمي العمل الذي هو الرسم كتابة، ومن ذلك قول الله تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ المُبْطِلُونَ[العنكبوت:48]، ومنه قول الشاعر:

تخطه من بوادي المصر كاتبة قد طال ما ضربت باللام والألف

الصلاة في اللغة

والصلاة في اللغة تطلق على الدعاء، ومن ذلك قول الله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهمْ[التوبة:103]، أي: ادع لهم.

وتطلق على العبادة مطلقاً؛ فيقال: (صلى) بمعنى (عبد)، ومن ذلك قول الله تعالى: فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ[آل عمران:39]، أي: يتعبد؛ لأن لهم عبادة مخصوصة ليس مثل عبادتنا، وهو زكريا عليه السلام.

وتطلق الصلاة على الدين مطلقاً؛ ومن ذلك قول الله تعالى: قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا[هود:87]، معناه: أدينك يأمرك بذلك.

وتطلق على البركة، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم صل على آل أبي أوفى )، أي: بارك، ومنه قول الشاعر:

صل على عزة الرحمن وابنتها ليلى وصل على جاراتها الأخر

هن الحرائر لا ربات أحمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور

وتطلق الصلاة على الرحمة، ومن ذلك قول الله تعالى: إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب:56]، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الرحمة المقرونة بتبجيل.

ما يدخل ويخرج في اسم الصلاة

وقد اختلف في اشتقاق الصلاة في الاصطلاح؛ لأن الصلاة في الاصطلاح هي العبادة المخصوصة، أو هي قربة ذات إحرام وسلام أو سجود فقط؛ فقربة هذا الجنس يشمل كل القرب، وقولنا: (ذات إحرام) أي: دخول في حريمها، وهذا مدخل للصلاة ومدخل للحج؛ فكلاهما في إحرام، ومدخل للعمرة ففيها إحرام أيضاً، ولكن قولنا: (وسلام) مخرج للحج والعمرة ومدخل للصلاة، فغير الصلاة من القرب ليس لها سلام، والسلام هو الخروج من حريم الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( تحريمها التكبير، وتحليلها السلام ).

قولنا: (أو سجود فقط) إنما أضيفت هذه الزيادة إلى التعريف ليدخل سجود التلاوة وسجود الشجر وسجود الزلزلة، وقد اختلف أهل العلم فيها هل هي صلاة أم لا؟ فالذين يرون أنها صلاة أرادوا إدخالها في التعريف، وهم يشترطون لها الاستقبال والطهرين وستر العورة، أي: يشترطون لها شروط الصلاة، والذين لا يرون دخولها لا يشترطون لها ذلك؛ فيرون أنه بالإمكان أن يسجد الإنسان إلى غير القبلة، وأن يسجد من غير طهارة وهكذا، وقد روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ومنهم من يفرق بين سجود التلاوة وغيره فيرى أن سجود الشكر وسجود الزلزلة إنما هو خضوع لله جل جلاله؛ فيمكن أن يقع إلى أية جهة، فإذا كان الإنسان في اتجاه معين وحصلت زلزلة أو آية أو حدث بنعمة فإنه يخر ساجداً شكراً لله سبحانه وتعالى كما هو على الوجه الذي هو عليه، وذلك تواضع لله.

واختلف في دخول الصلاة على الجنائز في الصلاة؛ فذهب الجمهور إلى أنها صلاة؛ لأن فيها إحراماً وسلاماً، وذهب الحنفية إلى أنها ليست صلاة؛ لأنها ليس فيها ركوع ولا سجود؛ ولذلك يرى الحنفية أنها دعاء، فيمكن أن تقام أيضاً من غير طهارة وإلى غير القبلة؛ لأنها ليست صلاة، وبما أنه ثبت في النصوص إطلاق لفظ الصلاة عليها والأصل الحقيقة لا المجاز فالأصل أنها صلاة، ولكن مع ذلك تختلف أحكامها عن أحكام الصلاة؛ فلو سها فيها فسلم عن ثلاث تكبيرات مثلاً لا يلزمه سجود السهو؛ لأنها في الأصل لا سجود فيها، ولا يمكن أن يسجد فيها؛ لأن السجود الواجب أصلاً في الصلاة ليس فيها؛ فلذلك يأتي بتكبيرة أخرى ثم يسلم دون سجود.

اشتقاق اسم الصلاة

واختلف في اشتقاق الصلاة؛ فذهب بعضهم إلى أنها مشتقة من (الصلا) وهو عرق في ظاهر الفخذ، ينحني عند الركوع والسجود، وينتصب في القيام والجلوس، ومنه قول الشاعر:

حذاني بعدما خذمت نعالي دبية إنه نعم الخليل

مقابلتين من صلوي مشب من الثيران وصلهما جميل

(مقابلتين) أي: نعلين مقابلتين من ناحية الحجم.

وقيل: اشتقت الصلاة من التصلية، وهي تسخين العود ليستقيم، فالعود إذا كان أعوج يسخن على النار ليقوم، وكذلك الإنسان فالصلاة تقوم بتقويمه؛ لأنها تنهى عن الفحشاء والمنكر؛ كما قال الله تعالى: إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللهِ أَكْبَرُ[العنكبوت:45].

وأهل العلم ذكروا ستة أوجه من نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر:

الوجه الأول: ما فيها من القرآن، ففيه الزجر عن الفحشاء والمنكر، والقرآن يقرأ فيها.

الوجه الثاني: ما فيها من السجود لله والخضوع له بما يقتضي الرضا بحكمه، وهو يقتضي امتناعاً عن مخالفته، كما قال الحكيم:

تعصي الإله وأنت تزعم حبه هذا محال في القياس شنيع

لو كان حبك صادقاً لأطعته إن المحب لمن يحب مطيع

الوجه الثالث: ما فيها من الجماعة؛ لأن اجتماع الناس مؤذن بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتناصح؛ والإنسان إذا كان مع إخوانه في الصف إذا خالف الشرع فإنه إذا كان ذلك عن جهل علموه، وإذا كان عن غفلة ذكروه، وإذا كان عن معصية أدبوه، وذلك من تغيير المنكر الذي يلزم.

الوجه الرابع: أن الصلاة فيها تكفير للخطايا والسيئات؛ كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( ألا أخبركم بما يكفر الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصلاة بعد الصلاة، فذلكم الرباط.. فذلكم الرباط.. فذلكم الرباط )، وهذا الحديث يقتضي أن الصلاة تكفر السيئات؛ فالخطا إليها قبل الوصول مكفرة، ووضوءها كذلك مكفر لما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من ذكر: ( أن العبد إذا غسل وجهه خرجت خطايا وجهه حتى تخرج من أشفار عينيه وحتى تخرج من أنفه، وإذا غسل يديه خرجت خطايا يديه حتى تخرج من تحت أظافره )، وكذلك الحديث الآخر الذي فيه: ( إن العبد إذا توضأ فأحسن الوضوء تساقطت خطايا مع الماء أو مع آخر قطر الماء )، والحديثان يدلان على تكفير الذنوب والسيئات بالوضوء.

وكذلك فإن المذكورات الأخرى مثل انتظار الصلاة بعد الصلاة وإسباغ الوضوء على المكاره وغيرها كلها من المكفرات التي تكفر الذنوب، وتكفير الذنوب هو تخفيف منها مما يقتضي اندفاعاً وانطلاقاً في الحسنات، وذلك زاجر عن السيئات؛ لأن الإنسان إذا كان يشكو مرضاً وعرف سببه، وعرف أن هذا المرض مثلاً يزيده عليه أكل معين أو فعل معين فسيتركه لا محالة، وكذلك من كان مبتلىً ومكبلاً بالذنوب فإذا امتن الله عليه بالمغفرة فوجد خفة ووجد نوراً في قلبه واستقامة في جوارحه فإنه سيحرص على الاستمرار على الاستقامة، ويكره العود إلى الذنوب؛ ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت في الصحيح: ( ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان: من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، ومن أحب العبد لا يحبه إلا لله، ومن كره أن يرجع إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار )، فالمؤمن يكره أن يعود إلى الكفر بعد إذ أنقذه الله منه، والمعاصي هي من عمل الكفر ومن عمل الجاهلية، فالفواحش كلها من عمل الكفر ومن عمل الجاهلية؛ ولذلك اجتنابها هو من الإيمان.

الوجه الخامس من أوجه نهي الصلاة عن الفحشاء والمنكر: الحياء من الله سبحانه وتعالى الذي يزداد بالصلاة؛ فالإنسان في خشوعه لله سبحانه وتعالى كأنما يعاهده على ألا يعصيه؛ فهو يستحيي منه حين يعثر له أشرف ما فيه، وهما وجهه وكفاه بين يديه، وذلك يقتضي منه أن يخاف معصيته.

الوجه السادس: أن الإنسان إذا كان في جماعة المسجد فإنما يحبس نفسه عن المعصية، فدواعي المعصية منها الشيطان، وهو يجتنب المصلي؛ لأنه إذا أذن المؤذن أدبر، فإذا سكت أقبل، فإذا أقيمت الصلاة أدبر، وهكذا، ويغتم للصلاة غماً شديداً؛ لأنه إذا سجد ابن آدم يقول الشيطان: (يا ويلتاه! أمرت بالسجود فلم أسجد، وأمر ابن آدم بالسجود فسجد)، فلذلك يغتم الشيطان كثيراً للصلاة، ففي الصلاة تضييق عليه وقطع للباب عليه، وإن كان عمله مستمراً في الصلاة فوسواسه يبقى مع المصلين وسعيه للذهاب بهم باق.

وشيطان الصلاة المكلف بها يسمى خنزب، والخاء والزاي مثلثان، يقال فيه: (خنزَب) و(خنزِب) و(خُنزب) وهكذا بتثليث الوترين، أي: الحرف الأول والحرف الثالث، وقد ثبت في صحيح مسلم من حديث عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه: ( أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال: فقلت: يا رسول الله! إن الشيطان كاد يفتنني عن صلاتي وقراءتي، فقال: ذلك شيطان اسمه خنزب، إذا وجدت ذلك فانفث عن يسارك ثلاثاً وقل: أعوذ بالله من خنزب ). وهذا الشيطان باقي مع المصلي في صلاته، ولا شك أن صلاة المصلي في الجماعة مما يقلل فرصه في التأثير على الإنسان، وبالأخص إذا عرفنا أن روح الصلاة هو الخشوع، وأن الإنسان إذا كان في جماعة فصلاتهم كتلة واحدة وعبادة واحدة؛ ولذلك جاء أن الصلاة ترفع على أتقى قلب رجل في الجماعة، وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده، وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل، وما زاد فهو أزكى عند الله )، فإذا سها هذا انتبه جاره، وإذا سها هذا انتبه الآخر، وهكذا؛ فلا تخلو الصلاة من وقت فيه انتباه، وكلما ازداد العدد ازدادت فرص الانتباه وعدم الذهول في الصلاة، أما إذا كان الإنسان وحده فكثيراً ما يسهو ويغفل في أركان شتى من الصلاة، ولذلك فإن من السنة للإمام أن يرفع صوته للتكبير تنبيهاً للمصلين على الرجوع إلى الصلاة؛ لأن المصلي إذا وقف في الصف وكبر فهو حاضر البال في وقت تكبيره؛ لأنه ينوي الدخول في الصلاة، لكن كثيراً ما يسهو في وقت قراءته أو في وقت استماعه للقراءة؛ فيذهب الشيطان بعقله، فإذا سمع تكبير الإمام للركوع: الله أكبر، هذا مقتضٍ ألا يقبل إلا على الله؛ لأنه وحده الذي يقتضي ويستحق الإقبال عليه، وهكذا في الرفع من الركوع وهكذا في السجود، وهكذا في جميع أركان الصلاة يرفع الإمام صوته بالتكبير؛ ليرد الساهي والغافل إلى الصلاة. فهذه الأوجه تقتضي أن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر.

والوجه الثالث في اشتقاقها أنها مشتقة من (المصلي) وهو ثاني حلبة السباق؛ فالعرب كانوا يسابقون بين الخيل، فالسابق منها يسمى بـ(المجلي) والثاني يسمى بـ(المصلي) وهكذا؛ وذلك أن الصلاة هي ثانية الدعائم بعد الشهادتين، فالمجلي في أركان الإسلام شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، والمصلي في الدعائم الصلاة؛ ولذلك سميت صلاة من المصلي.

والوجه الرابع في اشتقاقها أنها مشتقة من الصلة؛ لأنها صلة بين العبد وربه؛ (فأقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد)، فهذه هي أوجه اشتقاقها.

والكلام في الصلاة منه كلام في شروطها وكلام في أركانها، وكلام في سننها وكلام في مندوباتها، وكلام في مكروهاتها وكلام في مبطلاتها، وكلام في ترقيعها، وكلام في أقسامها بين الفرض والنفل، وأقسام لكل واحد منهما، فهذه هي أبحاث الصلاة، وقد بدأ المؤلف رحمه الله بفرائض الصلاة، وقد سبق تعريف الفرائض؛ فقال:

[فرائض الصلاة ست عشرة شروطها أربعة مقتفرة ]

هنا يقول: إن فرائض الصلاة على مقتضى المذهب المالكي ست عشرة فريضة، وحذف التاء لضرورة الوزن، أو ست عشرة فريضة إذا كان من باب التأنيث.

والصلاة في اللغة تطلق على الدعاء، ومن ذلك قول الله تعالى: وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهمْ[التوبة:103]، أي: ادع لهم.

وتطلق على العبادة مطلقاً؛ فيقال: (صلى) بمعنى (عبد)، ومن ذلك قول الله تعالى: فَنَادَتْهُ المَلائِكَةُ وَهُوَ قَائِمٌ يُصَلِّي فِي المِحْرَابِ[آل عمران:39]، أي: يتعبد؛ لأن لهم عبادة مخصوصة ليس مثل عبادتنا، وهو زكريا عليه السلام.

وتطلق الصلاة على الدين مطلقاً؛ ومن ذلك قول الله تعالى: قَالُوا يَا شُعَيْبُ أَصَلاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا[هود:87]، معناه: أدينك يأمرك بذلك.

وتطلق على البركة، ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( اللهم صل على آل أبي أوفى )، أي: بارك، ومنه قول الشاعر:

صل على عزة الرحمن وابنتها ليلى وصل على جاراتها الأخر

هن الحرائر لا ربات أحمرة سود المحاجر لا يقرأن بالسور

وتطلق الصلاة على الرحمة، ومن ذلك قول الله تعالى: إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا[الأحزاب:56]، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم هي الرحمة المقرونة بتبجيل.

وقد اختلف في اشتقاق الصلاة في الاصطلاح؛ لأن الصلاة في الاصطلاح هي العبادة المخصوصة، أو هي قربة ذات إحرام وسلام أو سجود فقط؛ فقربة هذا الجنس يشمل كل القرب، وقولنا: (ذات إحرام) أي: دخول في حريمها، وهذا مدخل للصلاة ومدخل للحج؛ فكلاهما في إحرام، ومدخل للعمرة ففيها إحرام أيضاً، ولكن قولنا: (وسلام) مخرج للحج والعمرة ومدخل للصلاة، فغير الصلاة من القرب ليس لها سلام، والسلام هو الخروج من حريم الصلاة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( تحريمها التكبير، وتحليلها السلام ).

قولنا: (أو سجود فقط) إنما أضيفت هذه الزيادة إلى التعريف ليدخل سجود التلاوة وسجود الشجر وسجود الزلزلة، وقد اختلف أهل العلم فيها هل هي صلاة أم لا؟ فالذين يرون أنها صلاة أرادوا إدخالها في التعريف، وهم يشترطون لها الاستقبال والطهرين وستر العورة، أي: يشترطون لها شروط الصلاة، والذين لا يرون دخولها لا يشترطون لها ذلك؛ فيرون أنه بالإمكان أن يسجد الإنسان إلى غير القبلة، وأن يسجد من غير طهارة وهكذا، وقد روي ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما.

ومنهم من يفرق بين سجود التلاوة وغيره فيرى أن سجود الشكر وسجود الزلزلة إنما هو خضوع لله جل جلاله؛ فيمكن أن يقع إلى أية جهة، فإذا كان الإنسان في اتجاه معين وحصلت زلزلة أو آية أو حدث بنعمة فإنه يخر ساجداً شكراً لله سبحانه وتعالى كما هو على الوجه الذي هو عليه، وذلك تواضع لله.

واختلف في دخول الصلاة على الجنائز في الصلاة؛ فذهب الجمهور إلى أنها صلاة؛ لأن فيها إحراماً وسلاماً، وذهب الحنفية إلى أنها ليست صلاة؛ لأنها ليس فيها ركوع ولا سجود؛ ولذلك يرى الحنفية أنها دعاء، فيمكن أن تقام أيضاً من غير طهارة وإلى غير القبلة؛ لأنها ليست صلاة، وبما أنه ثبت في النصوص إطلاق لفظ الصلاة عليها والأصل الحقيقة لا المجاز فالأصل أنها صلاة، ولكن مع ذلك تختلف أحكامها عن أحكام الصلاة؛ فلو سها فيها فسلم عن ثلاث تكبيرات مثلاً لا يلزمه سجود السهو؛ لأنها في الأصل لا سجود فيها، ولا يمكن أن يسجد فيها؛ لأن السجود الواجب أصلاً في الصلاة ليس فيها؛ فلذلك يأتي بتكبيرة أخرى ثم يسلم دون سجود.




استمع المزيد من الشيخ محمد الحسن الددو الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
متن ابن عاشر [1] 2781 استماع
متن ابن عاشر [2] 2717 استماع
متن ابن عاشر [6] 2708 استماع
متن ابن عاشر [11] 2663 استماع
متن ابن عاشر [13] 2392 استماع
متن ابن عاشر [3] 2352 استماع
متن ابن عاشر [4] 2273 استماع
متن ابن عاشر [10] 2074 استماع
متن ابن عاشر [7] 1907 استماع
متن ابن عاشر [12] 1863 استماع