متن ابن عاشر [1]


الحلقة مفرغة

الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على نبينا محمد, وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم الدين.

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أحمد الله تعالى على اللقاء بهذه الوجوه الخيرة النيرة إن شاء الله تعالى في هذا المكان المبارك، ونسأله سبحانه وتعالى أن يجعلنا من المتحابين فيه، والمتزاورين فيه، والمتجالسين فيه, الذين يظلهم في ظله يوم لا ظل إلا ظله.

أما بعد:

فإن تعلم العلم من أفضل القربات التي يبتغى بها وجه الله عز وجل.

منزلة العلم وأهله في القرآن الكريم

وقد نوه الله سبحانه وتعالى بشأن العلماء، ورفع منزلتهم في كتابه، فاستشهدهم على أعظم شهادة بعد أن شهد هو بها وشهد بها ملائكته، فقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18]. وأخبر أنهم وحدهم الذين يخشونه حق خشيته فقال: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]، وأخبر أنهم وحدهم المؤهلون لفهم كلامه فقال: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].

وأخبر أنه يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[المجادلة:11].

وحكم لصالحهم على من سواهم في قوله: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9].

ولم يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء من أمر الدنيا إلا من العلم فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه:114].

وبين أن شرف هذا الجسم البشري مرتبط بالعلم, ولذلك قال: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة:31-33].

منزلة العلم وأهله في السنة النبوية

وقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم بشأن العلم وأهله، فقد أخرج البخاري في الصحيح من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وأخرج البخاري في الصحيح كذلك من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين، وإنما أنا قاسم والله المعطي، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

وأخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه).

وأخرج أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في الماء، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع).

ولذلك لابد من تجديد النية في بداية طلب الإنسان للعلم وفي جلوسه إليه، فهو أفضل من صلاة النافلة كما قال الإمام الشافعي رحمه الله، ولذلك عندما سئل مالك رحمه الله عن المقرب للقتل الذي لم يبق من عمره إلا ساعة في أية طاعة يصرفها؟ قال: علم يتعلمه.

فقيل: يا أبا عبد الله ! إنه لا يعمل به؟ قال: تعلمه أفضل من العمل به.

وقد أخرج مالك في الموطأ: عن أبي بكر بن عبد الرحمن: (من خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا علم يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً).

فهي غنيمة باردة يخرج بها الإنسان إلى بيت من بيوت الله، يطلب رضوان الله ومغفرته, ويؤدي فرضاً من فرائضه، ثم يتعلم بعض ما جاء به من عنده محمد صلى الله عليه وسلم، فيرجع كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً.

وقد نوه الله سبحانه وتعالى بشأن العلماء، ورفع منزلتهم في كتابه، فاستشهدهم على أعظم شهادة بعد أن شهد هو بها وشهد بها ملائكته، فقال تعالى: شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ [آل عمران:18]. وأخبر أنهم وحدهم الذين يخشونه حق خشيته فقال: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]، وأخبر أنهم وحدهم المؤهلون لفهم كلامه فقال: وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ [العنكبوت:43].

وأخبر أنه يرفع درجاتهم في الدنيا والآخرة فقال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحْ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعْ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ[المجادلة:11].

وحكم لصالحهم على من سواهم في قوله: قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [الزمر:9].

ولم يأمر رسوله صلى الله عليه وسلم بالازدياد من شيء من أمر الدنيا إلا من العلم فقال: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْماً [طه:114].

وبين أن شرف هذا الجسم البشري مرتبط بالعلم, ولذلك قال: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاء إِنْ كُنتُمْ صَادِقِينَ * قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ * قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ [البقرة:31-33].

وقد نوه النبي صلى الله عليه وسلم بشأن العلم وأهله، فقد أخرج البخاري في الصحيح من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (خيركم من تعلم القرآن وعلمه)، وأخرج البخاري في الصحيح كذلك من حديث معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من يرد الله به خيراً يفقه في الدين، وإنما أنا قاسم والله المعطي، ولا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك).

وأخرج مسلم في الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ومن سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه).

وأخرج أصحاب السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إن العالم ليستغفر له كل شيء حتى الحيتان في الماء، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع).

ولذلك لابد من تجديد النية في بداية طلب الإنسان للعلم وفي جلوسه إليه، فهو أفضل من صلاة النافلة كما قال الإمام الشافعي رحمه الله، ولذلك عندما سئل مالك رحمه الله عن المقرب للقتل الذي لم يبق من عمره إلا ساعة في أية طاعة يصرفها؟ قال: علم يتعلمه.

فقيل: يا أبا عبد الله ! إنه لا يعمل به؟ قال: تعلمه أفضل من العمل به.

وقد أخرج مالك في الموطأ: عن أبي بكر بن عبد الرحمن: (من خرج إلى المسجد لا يخرجه إلا علم يعلمه أو يتعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً).

فهي غنيمة باردة يخرج بها الإنسان إلى بيت من بيوت الله، يطلب رضوان الله ومغفرته, ويؤدي فرضاً من فرائضه، ثم يتعلم بعض ما جاء به من عنده محمد صلى الله عليه وسلم، فيرجع كالمجاهد في سبيل الله رجع غانماً.

ولا شك أن حفظ العلم من أهم وسائل بقائه، وأن الحفظ به يتفاوت الناس في درجاتهم العلمية، ولذلك قال الإمام الشافعي رحمه الله:

علمي معي حيث ما يممت يتبعني قلبي وعاء له لا جوف صندوق

إن كنت في البيت كان العلم فيه معي أو كنت في السوق كان العلم في السوق

وقال أبو محمد علي بن حزم رحمه الله تعالى:

فإن يحرق القرطاس لا يحرق الذي تضمنه القرطاس بل هو في صدري

يسير معي حيث استقلت ركائبي ويمكث إن أمكث ويدفن في قبري

وحفظ العلم من وسائله المهمة: تسهيل متونه، ولذلك ألف أهل العلم كثيراً من المتون المسهلة للحفظ، وأهم ما يعين على الحفظ: أن يكون المتن نظماً؛ لأن النظم إذا زِيد فيه أو نقص منه اختل وزنه، فيشعر الإنسان أن حفظه له مختل، ولذلك سهل حفظ كثير من العلوم بواسطة النظم، فلا تجدون علماً من العلوم التي تحتاج إلى الحفظ إلا وقد ألف فيها فطاحلة العلماء وجهابذتهم منظومات يحفظها الناس, ويروونها بالأسانيد.