شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [7]


الحلقة مفرغة

شرح حديث: (لا وضوء إلّا من صوت أو ريح)

قال المصنف رحمه الله: [ باب: ما جاء في الوضوء من الريح.

حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا وضوء إلا من صوت أو ريح).

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ].

قلت: هذا الحديث أخرجه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة .

وهذا يدل على ما دل عليه الحديث الآخر في الصحيح، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، وفسر أبو هريرة الحدث بالفساء أو الضراط.

شرح حديث: (إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحاً بين إليتيه ...)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحاً بين إليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) ].

أي: أن المقصود حتى يتحقق؛ لأنه دخل في الوضوء بيقين، فلا يخرج منه بشك، فاليقين لا يزول بالشك، وقد جاء في الحديث الصحيح عند أبي داود : (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً).

قال رحمه الله تعالى: [ قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، وهو قول العلماء أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث، يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ].

أي أن المراد التحقق، وذلك بسماع صوت، أو أن يجد ريحاً، أو أن يجد بللاً على ذكره مثلاً، فالمراد أن يتحقق.

قال رحمه الله تعالى: [ وقال عبد الله بن المبارك : إذا شك في الحدث؛ فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه.

وقال: إذا خرج من قُبُل المرأة الريح وجب عليها الوضوء، وهو قول الشافعي وإسحاق ].

قلت: الريح إنما تخرج من الدبر فقط لا من القبل، فإذا خرج من قبل المرأة فليس بريح.

قال صاحب (تحفة الأحوذي): وقال أصحاب أبي حنيفة : خروج الريح من القبل لا يوجب الوضوء.

وقال القاري في (المرقاة): توجيه قول الحنفية أنه نادر فلا يشمله النص، كذا قيل، والصحيح ما قاله ابن الهمام من أن الريح الخارج من الذكر اختلاج لا ريح، فلا ينقض، كالريح الخارجة من جراحة في البطن. انتهى.

قلت: وكذلك إذا خرج من قبل المرأة فليس بريح.

قال: وقال بعض علماء الحنفية في شرحه (لشرح الوقاية): اتفق أصحابنا على أن الريح الخارجة من الدبر ناقضة، واختلفوا في الخارجة من الذكر وقبل المرأة: فروى القدوري عن محمد : أنه يوجب الوضوء، وبه أخذ بعض المشايخ.

وقال أبو الحسن : لا وضوء فيهما، إلا أن تكون المرأة مفضاة، والمفضاة: هي التي اختلط سبيلاها: القبل والدبر، وقيل: مسلك البول والحيض، فيستحب لها الوضوء، وكان الشيخ أبو حفص الكبير يقول: إذا كانت المرأة مفضاة يجب عليها الوضوء، وإن لم تكن مفضاة لا يجب، وهكذا ذكر هشام في نوادره عن محمد .

قلت: هذا صحيح؛ لاحتمال أن تكون من الدبر، وفي هذه الحالة يجب الوضوء.

قال: ومن المشايخ من قال في المفضاة: إذا كان الريح منتناً يجب الوضوء، وما لا فلا، كذا في (الذخيرة) ].

قلت: خروج الريح من قبل المرأة لا يوجب الوضوء، لكن ذلك من باب الاحتياط، ولاسيما إذا كان يخرج بدون اختيارها، فهذا أمر لا حيلة لها فيه، فلعل عبد الله بن المبارك ذكر ذلك من باب الاحتياط.

وذكر المسجد في هذا الحديث ليس بقيد، فلو كان خارج المسجد فلا يجب عليه الوضوء إلا إذا تيقن أو غلب على ظنه الحدث.

شرح حديث: (إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) ].

قلت: وهذا رواه الشيخان.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وفي الباب عن عبد الله بن زيد وعلي بن طلق وعائشة وابن عباس وابن مسعود وأبي سعيد رضي الله عنهم.

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ].

قال المصنف رحمه الله: [ باب: ما جاء في الوضوء من الريح.

حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لا وضوء إلا من صوت أو ريح).

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ].

قلت: هذا الحديث أخرجه أحمد وابن ماجه وابن خزيمة .

وهذا يدل على ما دل عليه الحديث الآخر في الصحيح، وهو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ)، وفسر أبو هريرة الحدث بالفساء أو الضراط.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أحدكم في المسجد فوجد ريحاً بين إليتيه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً) ].

أي: أن المقصود حتى يتحقق؛ لأنه دخل في الوضوء بيقين، فلا يخرج منه بشك، فاليقين لا يزول بالشك، وقد جاء في الحديث الصحيح عند أبي داود : (إذا وجد أحدكم في بطنه شيئاً فأشكل عليه فلا يخرج حتى يسمع صوتاً، أو يجد ريحاً).

قال رحمه الله تعالى: [ قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح، وهو قول العلماء أن لا يجب عليه الوضوء إلا من حدث، يسمع صوتاً أو يجد ريحاً ].

أي أن المراد التحقق، وذلك بسماع صوت، أو أن يجد ريحاً، أو أن يجد بللاً على ذكره مثلاً، فالمراد أن يتحقق.

قال رحمه الله تعالى: [ وقال عبد الله بن المبارك : إذا شك في الحدث؛ فإنه لا يجب عليه الوضوء حتى يستيقن استيقاناً يقدر أن يحلف عليه.

وقال: إذا خرج من قُبُل المرأة الريح وجب عليها الوضوء، وهو قول الشافعي وإسحاق ].

قلت: الريح إنما تخرج من الدبر فقط لا من القبل، فإذا خرج من قبل المرأة فليس بريح.

قال صاحب (تحفة الأحوذي): وقال أصحاب أبي حنيفة : خروج الريح من القبل لا يوجب الوضوء.

وقال القاري في (المرقاة): توجيه قول الحنفية أنه نادر فلا يشمله النص، كذا قيل، والصحيح ما قاله ابن الهمام من أن الريح الخارج من الذكر اختلاج لا ريح، فلا ينقض، كالريح الخارجة من جراحة في البطن. انتهى.

قلت: وكذلك إذا خرج من قبل المرأة فليس بريح.

قال: وقال بعض علماء الحنفية في شرحه (لشرح الوقاية): اتفق أصحابنا على أن الريح الخارجة من الدبر ناقضة، واختلفوا في الخارجة من الذكر وقبل المرأة: فروى القدوري عن محمد : أنه يوجب الوضوء، وبه أخذ بعض المشايخ.

وقال أبو الحسن : لا وضوء فيهما، إلا أن تكون المرأة مفضاة، والمفضاة: هي التي اختلط سبيلاها: القبل والدبر، وقيل: مسلك البول والحيض، فيستحب لها الوضوء، وكان الشيخ أبو حفص الكبير يقول: إذا كانت المرأة مفضاة يجب عليها الوضوء، وإن لم تكن مفضاة لا يجب، وهكذا ذكر هشام في نوادره عن محمد .

قلت: هذا صحيح؛ لاحتمال أن تكون من الدبر، وفي هذه الحالة يجب الوضوء.

قال: ومن المشايخ من قال في المفضاة: إذا كان الريح منتناً يجب الوضوء، وما لا فلا، كذا في (الذخيرة) ].

قلت: خروج الريح من قبل المرأة لا يوجب الوضوء، لكن ذلك من باب الاحتياط، ولاسيما إذا كان يخرج بدون اختيارها، فهذا أمر لا حيلة لها فيه، فلعل عبد الله بن المبارك ذكر ذلك من باب الاحتياط.

وذكر المسجد في هذا الحديث ليس بقيد، فلو كان خارج المسجد فلا يجب عليه الوضوء إلا إذا تيقن أو غلب على ظنه الحدث.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمود بن غيلان حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله لا يقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ) ].

قلت: وهذا رواه الشيخان.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وفي الباب عن عبد الله بن زيد وعلي بن طلق وعائشة وابن عباس وابن مسعود وأبي سعيد رضي الله عنهم.

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح ].

شرح حديث ابن عباس في صلاة النبي بعد نومه في سجود غط فيه

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء في الوضوء من النوم.

حدثنا إسماعيل بن موسى كوفي وهناد ومحمد بن عبيد المحاربى -المعنى واحد- قالوا: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلى، فقلت: يا رسول الله! إنك قد نمت؟! قال: إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله) ].

قلت: هذا الحديث ضعيف.

قال صاحب (تحفة الأحوذي): قال أبو داود : قوله في الوضوء: (وأنه نام مضطجعاً) هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة ، وروى أوله جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئاً من هذا.

قلت: ليست بصحيحة نسبته إليه، فهو ليس من كلامه.

وقد صح الحديث: (ولكن من غائط وبول ونوم)، فالمهم هو الاستغراق، فإذا نام واستغرق انتقض وضوؤه، سواء أكان مضطجعاً أم غير مضطجع، فالعبرة في النوم بالاستغراق.

قال رحمه الله تعالى: [ قال أبو عيسى : وأبو خالد اسمه يزيد بن عبد الرحمن .

قال: وفي الباب عن عائشة وابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهم ].

قال الشارح: واعلم أن الترمذي لم يحكم على حديث ابن عباس رضي الله عنهما المذكور بشيء من الصحة أو الضعف ههنا، وقد تكلم عليه في علله المفرد، وقد تكلم عليه غيره من أصحاب الحديث.

قال الحافظ في (التلخيص): مداره على يزيد أبي خالد الدالاني وعليه اختلف في ألفاظه، وضعف الحديث من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في (العلل المفرد)، وأبو داود في السنن والترمذي وإبراهيم الحربي في علله وغيرهم.

وقال البيهقي في (الخلافيات): تفرد به أبو خالد الدالاني ، وأنكره عليه جميع أئمة الحديث.

وقال في (السنن): أنكره عليه جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة ، وقال الترمذي : رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ، ولم يرفعه. انتهى.

قلت: صح الحديث: (ولكن من غائط وبول ونوم).

قال أبو داود : وذكرت حديث يزيد الدالاني لـأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، فقال: ما لـيزيد الدالاني يُدخِل على قتادة ؟! ولم يعبأ بالحديث.

يقول الترمذي في (العلل): وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء، رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس ، ولم يذكر فيه أبا العالية ، ولا أعرف لـأبي خالد الدالاني سماعاً من قتادة .

قلت: ذكر شعبة أن قتادة لم يسمع من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ثم ذكرها ولم يذكر هذا فيها.

شرح حديث أنس: (كان أصحاب رسول الله ينامون ثم يقومون ولا يتوضئون)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون ].

والمراد بالنوم هنا أنهم كانوا ينعسون، والنعاس لا يضر.

قال رحمه الله تعالى: [ قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

قال: وسمعت صالح بن عبد الله يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً فقال: لا وضوء عليه.

قال أبو عيسى : وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ، ولم يرفعه.

واختلف العلماء في الوضوء من النوم، فرأى أكثرهم أنه لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعداً أو قائماً حتى ينام مضطجعاً، وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد .

وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء، وبه يقول إسحاق ].

قلت: هذا هو الأصل، فإذا نام واستغرق ولم يسمع من حوله، وصار لا يدري ما يجري حوله؛ فهذا يجب عليه الوضوء، وأما إذا نعس نعاساً يسمع معه ما يجري حوله فهذا لا وضوء عليه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وقال الشافعي : من نام قاعداً فرأى رؤيا، أو زالت مقعدته لوسن النوم فعليه الوضوء ].

فهذا يستدل به على أنه نوم مستغرق.

قلت: الراجح أنه إذا نام واستغرق بحيث لا يفهم ما يجري حوله بسبب الاستغراق؛ انتقض وضوؤه، وأما إذا كان نومه نعاساً فلا ينقض الوضوء؛ لأن الصحابة كانوا ينعسون ويغطون في النعاس ثم يقومون إلى الصلاة ولا يتوضئون، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ذلك.

والاستغراق يكون غالباً في نوم المضطجع، وبعض الناس قد يستغرق وهو قائم.

والمراد بالاستغراق هنا الاستغراق في النوم، وأما إذا استغرق ليستريح ولم ينم فلا يعد مستغرقاً في النوم.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء في الوضوء من النوم.

حدثنا إسماعيل بن موسى كوفي وهناد ومحمد بن عبيد المحاربى -المعنى واحد- قالوا: حدثنا عبد السلام بن حرب الملائي عن أبي خالد الدالاني عن قتادة عن أبي العالية عن ابن عباس رضي الله عنهما: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم نام وهو ساجد حتى غط أو نفخ، ثم قام يصلى، فقلت: يا رسول الله! إنك قد نمت؟! قال: إن الوضوء لا يجب إلا على من نام مضطجعاً، فإنه إذا اضطجع استرخت مفاصله) ].

قلت: هذا الحديث ضعيف.

قال صاحب (تحفة الأحوذي): قال أبو داود : قوله في الوضوء: (وأنه نام مضطجعاً) هو حديث منكر لم يروه إلا يزيد أبو خالد الدالاني عن قتادة ، وروى أوله جماعة عن ابن عباس لم يذكروا شيئاً من هذا.

قلت: ليست بصحيحة نسبته إليه، فهو ليس من كلامه.

وقد صح الحديث: (ولكن من غائط وبول ونوم)، فالمهم هو الاستغراق، فإذا نام واستغرق انتقض وضوؤه، سواء أكان مضطجعاً أم غير مضطجع، فالعبرة في النوم بالاستغراق.

قال رحمه الله تعالى: [ قال أبو عيسى : وأبو خالد اسمه يزيد بن عبد الرحمن .

قال: وفي الباب عن عائشة وابن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهم ].

قال الشارح: واعلم أن الترمذي لم يحكم على حديث ابن عباس رضي الله عنهما المذكور بشيء من الصحة أو الضعف ههنا، وقد تكلم عليه في علله المفرد، وقد تكلم عليه غيره من أصحاب الحديث.

قال الحافظ في (التلخيص): مداره على يزيد أبي خالد الدالاني وعليه اختلف في ألفاظه، وضعف الحديث من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في (العلل المفرد)، وأبو داود في السنن والترمذي وإبراهيم الحربي في علله وغيرهم.

وقال البيهقي في (الخلافيات): تفرد به أبو خالد الدالاني ، وأنكره عليه جميع أئمة الحديث.

وقال في (السنن): أنكره عليه جميع الحفاظ، وأنكروا سماعه من قتادة ، وقال الترمذي : رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ، ولم يرفعه. انتهى.

قلت: صح الحديث: (ولكن من غائط وبول ونوم).

قال أبو داود : وذكرت حديث يزيد الدالاني لـأحمد بن حنبل فانتهرني استعظاماً له، فقال: ما لـيزيد الدالاني يُدخِل على قتادة ؟! ولم يعبأ بالحديث.

يقول الترمذي في (العلل): وسألت محمداً عن هذا الحديث فقال: هذا لا شيء، رواه سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس ، ولم يذكر فيه أبا العالية ، ولا أعرف لـأبي خالد الدالاني سماعاً من قتادة .

قلت: ذكر شعبة أن قتادة لم يسمع من أبي العالية إلا أربعة أحاديث، ثم ذكرها ولم يذكر هذا فيها.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن بشار حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينامون ثم يقومون فيصلون ولا يتوضئون ].

والمراد بالنوم هنا أنهم كانوا ينعسون، والنعاس لا يضر.

قال رحمه الله تعالى: [ قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

قال: وسمعت صالح بن عبد الله يقول: سألت عبد الله بن المبارك عمن نام قاعداً معتمداً فقال: لا وضوء عليه.

قال أبو عيسى : وقد روى حديث ابن عباس سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن ابن عباس قوله، ولم يذكر فيه أبا العالية ، ولم يرفعه.

واختلف العلماء في الوضوء من النوم، فرأى أكثرهم أنه لا يجب عليه الوضوء إذا نام قاعداً أو قائماً حتى ينام مضطجعاً، وبه يقول الثوري وابن المبارك وأحمد .

وقال بعضهم: إذا نام حتى غلب على عقله وجب عليه الوضوء، وبه يقول إسحاق ].

قلت: هذا هو الأصل، فإذا نام واستغرق ولم يسمع من حوله، وصار لا يدري ما يجري حوله؛ فهذا يجب عليه الوضوء، وأما إذا نعس نعاساً يسمع معه ما يجري حوله فهذا لا وضوء عليه.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ وقال الشافعي : من نام قاعداً فرأى رؤيا، أو زالت مقعدته لوسن النوم فعليه الوضوء ].

فهذا يستدل به على أنه نوم مستغرق.

قلت: الراجح أنه إذا نام واستغرق بحيث لا يفهم ما يجري حوله بسبب الاستغراق؛ انتقض وضوؤه، وأما إذا كان نومه نعاساً فلا ينقض الوضوء؛ لأن الصحابة كانوا ينعسون ويغطون في النعاس ثم يقومون إلى الصلاة ولا يتوضئون، فلم ينكر النبي صلى الله عليه وسلم عليهم ذلك.

والاستغراق يكون غالباً في نوم المضطجع، وبعض الناس قد يستغرق وهو قائم.

والمراد بالاستغراق هنا الاستغراق في النوم، وأما إذا استغرق ليستريح ولم ينم فلا يعد مستغرقاً في النوم.


استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [4] 2788 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [15] 2453 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [1] 2040 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [2] 1835 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [6] 1664 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [5] 1582 استماع
شرح جامع الترمذي المقدمة 1520 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [9] 1477 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [12] 1312 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [13] 1312 استماع