شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [4]


الحلقة مفرغة

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء في مسح الرأس أنه يبدأ بمقدم الرأس إلى مؤخره.

حدثنا إسحاق بن موسى الأنصاري ، حدثنا معن بن عيسى القزاز ، حدثنا مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد : (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بمقدم رأسه ثم ذهب بهما إلى قفاه، ثم ردهما حتى رجع إلى المكان الذي بدأ منه، ثم غسل رجليه) ].

هذا الحديث ثابت في الصحيحين، وفيه: أن الأفضل أن يبدأ بمقدم رأسه إلى القفا، ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه، وهذا يعتبر مسحاً واحداً؛ لأنه حين يمسح هكذا يكون بعض أصول الشعر لم يصبها شيء، فإذا ردهما مسح بعض أصول الشعر، لأن بعض أصول الشعر لم تمسح في المسحة الأولى، ثم يردها إلى المكان الذي بدأ منه، وإن مسح وعمم رأسه بالمسح على أي كيفية أجزأه.

قال أبو عيسى: [ وفي الباب عن معاوية، والمقدام بن معدي كرب وعائشة رضي الله عنهم.

قال أبو عيسى : حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أصح شيء في الباب وأحسن، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق ].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء أنه يبدأ بمؤخر الرأس.

حدثنا قتيبة بن سعيد ، حدثنا بشر بن المفضل ، عن عبد الله بن محمد بن عقيل ، عن الربيع بنت معوذ بن عفراء

: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه مرتين، بدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه، وبأذنيه كلتيهما: ظهورهما وبطونهما) ].

هذا الحديث فيه عبد الله بن عقيل، وفي حفظه شيء.

وقوله: (مرتين) ليس بجيد؛ لأن المسح مرة واحدة وليس مرتين، من مقدم رأسه إلى القفا، ثم قوله أيضاً فيه من النكارة: (بدأ بمؤخر رأسه) والمعروف في الأحاديث الصحيحة: أنه بدأ بمقدم رأسه لا بمؤخره.

[ قال أبو عيسى: هذا حديث حسن، وحديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه أصح من هذا وأجود إسناداً.

وقد ذهب بعض أهل الكوفة إلى هذا الحديث، منهم وكيع بن الجراح ].

قال في الشرح: [ قوله: هذا حديث حسن، حديث ربيع بنت معوذ هذا له روايات وألفاظ مدار الكل على عبد الله بن محمد بن عقيل، وفيه مقال مشهور، لاسيما إذا عنعن، وقد فعل ذلك في جميعها. قاله الشوكاني .

قلت: عبد الله بن محمد بن عقيل مدلس كما صرح به الحافظ في طبقات المدلسين، ولذا قال الشوكاني: لاسيما إذا عنعن ].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء أن مسح الرأس مرة.

حدثنا قتيبة ، حدثنا بكر بن مضر ، عن ابن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء

: (أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ، قالت: مسح رأسه، ومسح ما أقبل منه وما أدبر، وصدغيه وأذنيه مرة واحدة) ].

قال في الشرح: [ الربيع -بالتصغير والتسكين- بنت معوذ بن عفراء الأنصارية النجارية، من صغار الصحابة ].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ وفي الباب عن علي وجد طلحة بن مصرف بن عمرو .

قال أبو عيسى : وحديث الربيع حديث حسن صحيح.

وقد روي من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (أنه مسح برأسه مرة).

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم. وبه يقول جعفر بن محمد وسفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق : رأوا مسح الرأس مرة واحدة ].

قال في الشرح: [ قال الشوكاني : وفي تصحيحه نظر، فإنه رواه من طريق ابن عقيل . انتهى ].

وقول الشوكاني قول صحيح، لكن قد يقال: إن ابن عقيل هنا لم يخطئ؛ لأنه وافق الثقات في أن المسح مرة واحدة؛ ولأنه وافق الأحاديث الصحيحة في هذا.

فالمسح لا يكرر، إنما التكرار أو التثليث في الأعضاء ثلاثاً: الوجه واليدين والرجلين، أما الرأس فهو مرة واحدة.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا محمد بن منصور المكي قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: سألت جعفر بن محمد عن مسح الرأس: أيجزئ مرة؟ فقال: إي والله ].

قال في الشرح: [ قال محمد بن منصور بن داود الطوسي أبو جعفر العابد : وسألت جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي المعروف بـالصادق ].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ باب: ما جاء أنه يأخذ لرأسه ماء جديداً.

حدثنا على بن خشرم ، أخبرنا عبد الله بن وهب ، حدثنا عمرو بن الحارث ، عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه) ].

وهذا لا شك فيه، بل هو واجب أن يأخذ ماء جديداً للرأس.

قال أبو عيسى: [ هذا حديث حسن صحيح.

وروى ابن لهيعة هذا الحديث عن حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه: (أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ، وأنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه).

ورواية عمرو بن الحارث عن حبان أصح؛ لأنه قد روي من غير وجه هذا الحديث عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه وغيره: (أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ لرأسه ماء جديداً).

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: رأوا أن يأخذ لرأسه ماء جديداً ].

قال في الشرح: [ واستدلوا على ذلك بحديث الباب، قال أبو الطيب السندي في شرح الترمذي : وبه أخذ علماؤنا -يعني: الحنفية- غير أنهم قالوا: هذا إذا أصابت يده شيئاً بحيث لم يبق البلل في يده، وهو لا ينافي الحديث، بل العلة تقتضيه، نعم ظاهر هذا الحديث الإطلاق، فيأخذ ماء جديداً على كل حال، لكن الحديث الثاني مسح رأسه بماء غبر، أي: بقي من فضل يديه، يدل على الذي ذهب إليه علماؤنا، فهم حملوا أحد الحديثين على حالة، والآخر على حالة أخرى، ففيه جمع بين حديثين، ولا شك أن الجمع أولى ].

والحديث الثاني يحتاج إلى ثبوت، وكأن الأحناف يرون أنه لا بأس أن يمسح رأسه إذا بقي في يديه بلل من غسل يديه، وهذا يحتاج إلى دليل، فالأفضل أنه يأخذ ماءً جديداً، فيأخذ ماءً للوجه وماءً لليدين وماءً للرأس، وماءً للرجلين، أما أن يمسح الرأس بما بقي من البلل في يديه فهذا يحتاج إلى دليل.

قال في الشرح: [ قلت: رواية: (مسح بما غبر) تفرد بها ابن لهيعة وهو ضعيف، وخالف فيها عمرو بن الحارث، وهو ثقة حافظ، فهذه الرواية غير محفوظة، نعم أخرج أبو داود عن الربيع بنت معوذ : (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه من فضل ماء كان في يده)، قال السيوطي في مرقاة الصعود: احتج به من رأى طهورية الماء المستعمل، وتأوله البيهقي على أنه أخذ ماء جديداً وصب نصفه، ومسح ببلل يده ليوافق حديث عبد الله بن زيد ، ومسح رأسه بماء غير فضل يديه، أخرجه مسلم والمصنف يعني: أبا داود والترمذي . انتهى كلام السيوطي .

قلت: إن صح حديث الربيع بنت معوذ هذا فلا حاجة إلى تأويل البيهقي ، بل يقال: كلا الأمرين جائزان، إن شاء أخذ لرأسه ماء جديداً، أو إن شاء مسحه بفضل ما يكون في يده، لكن في سنده ابن عقيل وفيه مقال مشهور كما عرفت، وفي متنه اضطراب، فإن ابن ماجة أخرج من طريق شريك عن عبد الله بن عقيل عن الربيع بنت معوذ قالت: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بميضأة فقال: اسكبي، فسكبت فغسل وجهه وذراعيه، وأخذ ماء جديداً فمسح به رأسه مقدمه ومؤخره).

فالقول الراجح: هو أن يؤخذ لمسح الرأس ماءً جديداً. والله تعالى أعلم ].

وقد أخرج ابن ماجة من طريق شريك عن عبد الله بن عقيل عن الربيع بنت معوذ رضي الله عنها قالت: (أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بميضأة فقال: اسكبي، فسكبت، فغسل وجهه وذارعيه، وأخذ ماء جديداً، فمسح به رأسه: مقدمه ومؤخره).

فالقول الراجح هو أن يؤخذ لمسح الرأس ماءً جديداً، بل هو الصواب والمتعين؛ لأن الأحاديث التي فيها: أنه مسح رأسه بما بقي من البلل من ماء يده لم تصح.

شرح حديث: (مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.

حدثنا هناد حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما).

قال أبو عيسى : وفي الباب عن الربيع .

قال أبو عيسى : وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما ].

وصححه أيضاً ابن خزيمة وابن مندة كما تقدم.

و عبد الله بن إدريس هو عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي ، ثقة فقيه عابد، من الثامنة.

و ابن عجلان هو محمد ، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة .

و زيد بن أسلم ثقة.

و عطاء بن يسار ثقة.

ومسح الأذنين ثابت في الأحاديث الصحيحة، ولا يصح الوضوء إلا بمسح الأذنين، ومن لم يمسح أذنيه لم يصح وضوؤه؛ لأنهما من الرأس، فيمسح باطنهما بالسبابتين وظاهرهما بالإبهامين.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما.

حدثنا هناد حدثنا عبد الله بن إدريس عن محمد بن عجلان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس : (أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما).

قال أبو عيسى : وفي الباب عن الربيع .

قال أبو عيسى : وحديث ابن عباس حديث حسن صحيح.

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم: يرون مسح الأذنين ظهورهما وبطونهما ].

وصححه أيضاً ابن خزيمة وابن مندة كما تقدم.

و عبد الله بن إدريس هو عبد الله بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي الكوفي ، ثقة فقيه عابد، من الثامنة.

و ابن عجلان هو محمد ، صدوق، إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة .

و زيد بن أسلم ثقة.

و عطاء بن يسار ثقة.

ومسح الأذنين ثابت في الأحاديث الصحيحة، ولا يصح الوضوء إلا بمسح الأذنين، ومن لم يمسح أذنيه لم يصح وضوؤه؛ لأنهما من الرأس، فيمسح باطنهما بالسبابتين وظاهرهما بالإبهامين.

شرح حديث: (... الأذنان من الرأس)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء أن الأذنين من الرأس.

حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه، وقال: الأذنان من الرأس).

قال أبو عيسى : قال قتيبة : قال حماد : لا أدري هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة .

قال: وفي الباب عن أنس .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك القائم.

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق .

وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.

قال إسحاق : وأختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه ومؤخرهما مع رأسه.

قال الشافعي : هما سنة على حيالهما: يمسحهما بماء جديد ].

هذا قول، لكن الصواب أنه لا يأخذ لهما ماءً جديداً، وإنما يمسحهما تبعاً للرأس.

وقول المصنف: (ليس إسناده بذاك القائم) أي: ليس بالقوي، لأن فيه شهر بن حوشب ، وفيه كلام.

قال ابن دقيق العيد في الإلمام: وهذا الحديث معلول من وجهين: أحدهما الكلام في شهر بن حوشب ، والثاني: الشك في رفعه -يعني: هذا من قول أبي أمامة أو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن شهراً وثقه أحمد ويحيى والعجلي ويعقوب بن شيبة.

و سنان بن ربيعة أخرج له البخاري ، وهو وإن كان قد لُيّن، فقد قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به. وقال ابن معين : ليس بالقوي. فالحديث عندنا حسن، والله أعلم. اهـ.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء أن الأذنين من الرأس.

حدثنا قتيبة حدثنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: (توضأ النبي صلى الله عليه وسلم فغسل وجهه ثلاثاً، ويديه ثلاثاً، ومسح برأسه، وقال: الأذنان من الرأس).

قال أبو عيسى : قال قتيبة : قال حماد : لا أدري هذا من قول النبي صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي أمامة .

قال: وفي الباب عن أنس .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن، ليس إسناده بذاك القائم.

والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم: أن الأذنين من الرأس، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق .

وقال بعض أهل العلم: ما أقبل من الأذنين فمن الوجه، وما أدبر فمن الرأس.

قال إسحاق : وأختار أن يمسح مقدمهما مع الوجه ومؤخرهما مع رأسه.

قال الشافعي : هما سنة على حيالهما: يمسحهما بماء جديد ].

هذا قول، لكن الصواب أنه لا يأخذ لهما ماءً جديداً، وإنما يمسحهما تبعاً للرأس.

وقول المصنف: (ليس إسناده بذاك القائم) أي: ليس بالقوي، لأن فيه شهر بن حوشب ، وفيه كلام.

قال ابن دقيق العيد في الإلمام: وهذا الحديث معلول من وجهين: أحدهما الكلام في شهر بن حوشب ، والثاني: الشك في رفعه -يعني: هذا من قول أبي أمامة أو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن شهراً وثقه أحمد ويحيى والعجلي ويعقوب بن شيبة.

و سنان بن ربيعة أخرج له البخاري ، وهو وإن كان قد لُيّن، فقد قال ابن عدي : أرجو أنه لا بأس به. وقال ابن معين : ليس بالقوي. فالحديث عندنا حسن، والله أعلم. اهـ.

شرح حديث: (إذا توضأت فخلل الأصابع)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في تخليل الأصابع.

حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأت فخلل الأصابع).

قال: وفي الباب عن ابن عباس والمستورد -وهو ابن شداد الفهرى - وأبي أيوب الأنصاري .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

والعمل على هذا عند أهل العلم: أنه يخلل أصابع رجليه في الوضوء، وبه يقول أحمد وإسحاق ، وقال إسحاق : يخلل أصابع يديه ورجليه في الوضوء.

وأبو هاشم اسمه: إسماعيل بن كثير المكي .

تكملة الحديث: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً).

فيه مشروعية تخليل الأصابع حتى يبلغها الماء، فيخلل ما بين أصابع اليدين والرجلين، وكذلك المبالغة في الاستنشاق إلا إذا كان صائماً؛ لئلا يصل شيء من الماء إلى جوفه.

والحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والشافعي وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي مطولاً ومختصراً، وصححه أيضاً البغوي وابن القطان .

والتخليل مستحب؛ حتى يبلغ الماء إلى جميع الأصابع، وهذا من إسباغ الوضوء، وإذا وصل الماء إلى ما بين الأصابع كفى، فالمهم وصول الماء إلى ما بين الأصابع، وإن لم يصل إلا بالتخليل -وكان الماء قليلاً- فلابد أن يخلل حتى يبلغ الماء ما بين الأصابع.

شرح حديث: (إذا توضأت فخلل بين أصابع يديك ورجليك)

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا إبراهيم بن سعيد -هو الجوهري - حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مولى التوأمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا توضأت فخلّل بين أصابع يديك ورجليك).

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن غريب ].

قال الشوكاني في (نيل الأوطار): فيه صالح مولى التوأمة ، وهو ضعيف، ولكن حسنه البخاري ؛ لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح ، وسماع موسى عنه قبل أن يختلط.

شرح حديث دلك النبي أصابع رجليه بخنصره في الوضوء

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن المستورد بن شداد الفهري قال: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا توضأ دلك أصابع رجليه بخنصره).

قال أبو عيسى : هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة ].

و ابن لهيعة ضعيف، لكن الأحاديث يشد بعضها بعضاً، فهذا الحديث يشده الحديث الأول: حديث لقيط ، وإذا وصل الماء إلى ما بين الأصابع فالتخليل مستحب، فإن لم يصل فلابد من التخليل، وهو حينئذٍ واجب.

وغرابة هذا الحديث والذي قبله ترجع إلى الإسناد، ولا ينافي ذلك الحسن، قاله ابن سيد الناس ، وقد شارك ابن لهيعة في روايته عن ابن عمرو، والليث وعمرو بن الحارث.

فالحديث إذاً صحيح سالم عن الغرابة. كذا في النيل.

وعلى كل حال فالحديث الأول كافٍ، وإذا لم يصح فيكون من الشواهد، فالحديثان شاهدان للحديث الأول.

قال المصنف رحمه الله تعالى: [ باب ما جاء في تخليل الأصابع.

حدثنا قتيبة وهناد قالا: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي هاشم عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا توضأت فخلل الأصابع).

قال: وفي الباب عن ابن عباس والمستورد -وهو ابن شداد الفهرى - وأبي أيوب الأنصاري .

قال أبو عيسى : هذا حديث حسن صحيح.

والعمل على هذا عند أهل العلم: أنه يخلل أصابع رجليه في الوضوء، وبه يقول أحمد وإسحاق ، وقال إسحاق : يخلل أصابع يديه ورجليه في الوضوء.

وأبو هاشم اسمه: إسماعيل بن كثير المكي .

تكملة الحديث: (وبالغ في الاستنشاق إلا أن تكون صائماً).

فيه مشروعية تخليل الأصابع حتى يبلغها الماء، فيخلل ما بين أصابع اليدين والرجلين، وكذلك المبالغة في الاستنشاق إلا إذا كان صائماً؛ لئلا يصل شيء من الماء إلى جوفه.

والحديث أخرجه أحمد وأبو داود والنسائي والشافعي وابن الجارود وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والبيهقي مطولاً ومختصراً، وصححه أيضاً البغوي وابن القطان .

والتخليل مستحب؛ حتى يبلغ الماء إلى جميع الأصابع، وهذا من إسباغ الوضوء، وإذا وصل الماء إلى ما بين الأصابع كفى، فالمهم وصول الماء إلى ما بين الأصابع، وإن لم يصل إلا بالتخليل -وكان الماء قليلاً- فلابد أن يخلل حتى يبلغ الماء ما بين الأصابع.




استمع المزيد من الشيخ عبد العزيز بن عبد الله الراجحي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [15] 2448 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [1] 2037 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [7] 1957 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [2] 1831 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [6] 1661 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [5] 1578 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [9] 1457 استماع
شرح جامع الترمذي المقدمة 1449 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [12] 1307 استماع
شرح جامع الترمذي أبواب الطهارة [13] 1305 استماع