غريب .. - فريق عمل طريق الإسلام
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
حين لا تجد قُدوةً طيبةً في وسطِ أقرب النّاس إليك.. لا تبتئس!
حين تعيش ليلَ نهار بين الهُراء والحِقد وسُوء الخُلق..
لا تبتئس..
حين تُعامل المُتغطرسون الذين لا يُراعونكَ في شيء..
لا تبتئس..
حين يُلازمك ضجيج عُقولهم الفارغة، وتُرّاهاتهم، واهتماماتهم البالية،
بنومٍ مُريح، ولُقمَة طعام يُنفقون جُلّ اليَوم تَرتيبًا وتجهيزًا لها!
ثم يَتثاءبُون وينظرون لكَ بطرفِ عين مُستحقرة لكُل نَصيحة أو نقد!
وإن حدّثتهم عن هدف ما يُراودك، أو أمل عظيم تسعى إليه..
استَخَفّوا بكَ، بدلًا من أن يُساندوك..
فلا تبتئس!
حين تعيش معهم جسد وَحَسبْ، وفي أعماقك تتمنى لو تَحتَضِن أرواحهم!
تبحث عنها ولا تجدها..
وإن صادف يومًا والتقت رُوحك بأرواحهم، تنافروا!
فتبكي عَيناكَ، وتُتَمتِم بينكَ وبين نفسك الأبية..
لا تبتئس!!
إن كانوا يقيسون صِحّة الفِعل بعدد المُقبلين أو المُعرضين عنهُ..
لا تبتئس..
حينَ لا تجد قدوةً منهم..
اقتدي بخير من يُقتدى به!
رتّل آيات الله..
استمر في الترتيل!
دعهُ يَنفُث الوَجَع خارج قلبك..
دعه يُخرج خَيباتهم وخُذلانهم، ويَروي ظَمأ قلبك..
دعهُ يُعلّقكَ بأبواب اللطيف..
يأخذكَ حيث الحياة السّرمَديّة..
حيث الرّضى ورحمة الرّحمن الرّحيم..
دَعهُ يُثبتكَ أكثر وأكثر..
دعهُ يُنبئكَ أنّكَ ستصل، ولو كنت وحدكَ.
ما دُمت على الدّرب..
ما دُمتَ غريبًا!
فـ «طُوبى للغُرباء: أُناسٌ صالحون في أناس سوء كثير، من يعصيهم أكثر ممن يُطيعهم» رواه أحمد
دعهُ ينتشل هذه المَواجع التي تَحياها ساعة بساعة..
دعهُ يمسح على ذاكرتك المُكتظّة بصور القتلى والمُعتقلين،
المُشردين والمُعذبين من أقرانك!
دعهُ يربط على الأمل في الله واليقين في قلبكَ أكثر وأكثر..
حينَ تتلو: {وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ،
مُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} [إبراهيم:42,43]
دعه يُربت على قلبكَ المكلوم..
{...
وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} [يوسف:21]
واسمح لقَبسه أن يتخلل كلّ تفاصيلك..
يُزيل غشاء الألم..
فتُبصر من جديد..
دعهُ يشدد على يديكَ..
يُصبّركَ..
لا تبتئس إن ظنّوا الحق بكثرة سالكيه..
لا تبتئس إن نَهروكَ أو عنّفوك..
امضِ في طريقِ الله..
وإن كنتَ بينَ الأهل غريبًا..
لا رفاق ولا خِلّان!
ثِق أنّهُ هُناك في إحدى زوايا هذا العالم، مكان صُنع لأجلك..
ثِق أنّهُ هناك في إحدى زوايا هذا العالم، من يَعرف قدرك..
يشتاق إليكَ..
تَهمّه رغبتك..
أيًّا كانت تافهة أو بسيطة حتى!
يضحك من قلبه إن ضحكت..
ويَغتمّ، ويبتئس إن شعر بخَيبة ما في قلبك تُحزنك..
لن يَتململ أو يُجادل كثيرًا..
سَيسعى وفقط لإرضائك بصدق وطيب خاطر..
لن تجده جَبَّارًا مُستكبرًا..
بل وَدُودًا، رَحيمًا، طيبًا..
يَنقِش معك على لوحة العُمر أسمَى الغايات والأمنيات..
يَهفوا قلبه لتحقيق أحلامكَ..
التي يُعدّها قطعة منهُ..
وأكثر.
بقلم: أمل ناجح