لو أن الله هداني


الحلقة مفرغة

لقد أباح الله تعالى لنا كل ما هو طيب من الأطعمة والأشربة، وحرم كل ما هو خبيث، وذكر المحرمات مفصلة مبينة، ولم يفصل في ذكر المباحات، ليدلنا بذلك على أن كل ما عدا المحرم فهو حلال مباح أكله، وهذا من رحمة الله تعالى بنا؛ فإن المحرمات قليلة معدودة والمباحات لا حصر لها.

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.

أيها الإخوة في الله! يقول الله عز وجل: وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ [السجدة:13] ويقول عز وجل: وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ [يونس:99] ويقول عز وجل: إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ [القصص:56].

اتصل بي شابٌ مؤمنٌ هداه الله ووفقه إلى الصراط المستقيم، وقال لي: إنه دعا أحد إخوانه في الله إلى الإيمان، وإلى الهداية والالتزام، فتعلل بهذه التعللات، واستشهد بهذه الآيات، وقال: إن الله لم يهده. فيقول لي الأخ: كيف أصنع به؟ وبماذا أجيب عليه؟

الإجابة على مثل هذا الذي يقول: إذا هداني الله اهتديت .. لو أن الله هداني لكنت مثلك أو أحسن منك؛ لكن لم يهدني الله إلى الآن.

الجواب جاء في القرآن الكريم -وكأنه يعالج مثل هذه المشكلة، ويجيب على هذا التساؤل- في آخر سورة الزمر، يقول عز وجل: وَاتَّبِعُوا هذا أمر لكم أيها المكلفون أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ [الزمر:55] وأحسن ما أنزل هو كلام الله وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم مِنْ قَبْلِ أي: فليس هناك مجال للتأخير أبداً، إن من يماطل أو يؤجل التوبة، لحظة واحدة خاسر؛ لأن التأجيل ليس من صالحه، التأجيل يعرضك لقضيتين خطيرتين: إما مفاجأتك بالقضاء والقدر على غير موعد، فتخسر خسارة كبيرة، وتندم ندامة لا تعوض، ولا تقوم لها الدنيا كلها، وإذا سلمت من الموت ولم تتب؛ فإنك تخسر خلال فترة التأجيل وقتاً ذهبياً من عمرك كان بإمكانك أن تستغله، وأن تملأه بالعمل الصالح، فالذي يماطل بالتوبة خاسر على الجانبين، ماذا يكسب عندما يظل بدون توبة؟ يكسب نوماً كثيراً، وأكلاً كثيراً، وشهوات كثيرة، ودنيا؟!!

لا. بل إنه يخسر كل شيء، يقول الله عز وجل: وَمَاذَا عَلَيْهِمْ يعني: ماذا يضرهم لَوْ آمَنُوا بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقَهُمُ اللَّهُ وَكَانَ اللَّهُ بِهِمْ عَلِيماً [النساء:39] يعني: ماذا ينقصهم ويضرهم لو أنهم ساروا على الخط الصحيح، والتزموا الإيمان بالله وباليوم الآخر، والإنفاق في سبيل الله .. ما الذي يضرهم؟! لا شيء، بل لهم لا عليهم، فالإنسان لا ينبغي له أن يؤجل التوبة وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ [الزمر:55] يعني: الموت، وسماه الله عذاباً لأنهم في دائرة العذاب .. الموت للكافر والفاجر والعاصي هو الانتقال من العذاب الأدنى إلى العذاب الأكبر، الذي قال الله فيه: وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ [السجدة:21] فالعذاب الأدنى ما يناله الفاجر والعاصي من شقاء وضلال وقلق في هذه الدار، فإذا مات قال الله تعالى: مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ [الزمر:54] من يستطيع أن ينصرك في تلك اللحظات؟ إذا مت ولقيت الله أيها العبد! ووجهك أسود، وصحفك سوداء، وعملك سيئ .. فمن ينصرك؟! هل المال ينصر في تلك اللحظات؟! الولد ينصر؟! هل المنصب والجاه، والملك والإدارة، والوزارة والإمارة؛ تنصر؟! لا. لا ناصر أبداً إلا الله.

والله تعالى لا ينصر الكافر؛ لأنه قال: وَكَانَ حَقّاً عَلَيْنَا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ [الروم:47] نصرهم في الدنيا والآخرة، أما الفجرة فلا ينصرهم الله، بل يخذلهم ويتخلى عنهم أحوج ما يكونون إليه.

الدعوة إلى الإنابة والرجوع إلى الله تعالى

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ [الزمر:54] (وأنيبوا) أي: ارجعوا، والإنابة هي: سرعة التوبة، ليس تائباً فقط، بل منيباً مهرولاً إلى الله، مسرعاً لا يلوي على شيء، اتجاهه وعزمه وتصميمه في سيره إلى الله، في كل لحظة يتوب، يقول عليه الصلاة والسلام: (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة) ويحسب له في المجلس الواحد الاستغفار سبعين مرة وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال الله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [الفتح:2] وكان في كل أوقاته يردد: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، كان رجوعاً أواباً.

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ [ق:31-32] يعني: الجنة لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ [ق:32] أواب يعني: رجاع، حفيظ: محافظ على طاعة الله، حريص عليها، يضن بها أعظم من ضنه بالدرهم والدينار مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ [ق:33-34] نسأل الله من فضله، وهذا هو الشرف والفضل يا أخي!

إذا مت ورأيت في بيتك ملائكة الجنة معها كفن من الجنة، وجاءك ملك الموت، وقال لك: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر:27-28] والله لا تحزن على شيء، تحزن على ماذا؟ على الزوجة؟ تحزن على واحدة والله سيعطيك في الجنة سبعين زوجة، الواحدة منهن خيرٌ من الدنيا وما عليها؟ والله ما عاد تذكر واحدة في هذه الدنيا إلا إن كانت صالحة، ويجعلها ربي معك في الجنة.

أتحزن على عمارة أو بيت والله سيعطيك قصوراً في الجنة من در مجوف، طول القصر ستين ميلاً في السماء؟ أتحزن على مزرعتك والله يعطيك مزرعة في الجنة، الغصن الواحد من شجرة الجنة مائة عام يقطعها بصرك، وأنت جالس تبصرها على مسافة مائة عام؟!

تصوير المعرضين عن التوبة وتحسرهم بعد الموت

لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:32-33] منيب: خاشع خاضع لله، يبكي من خشية الله .. لا يتعاظم على الله .. لا يتعالى على أوامر الله، إنما يرتعد، يخاف، يوجل، يشفق، كأن النار ما خلقت إلا له، يتصور أن الناس كلهم ناجون وأنه هو الخاسر، ويتصور أن الناس كلهم صالحون وأنه هو الفاسق، ويتصور أن الناس كلهم سيدخلون الجنة وأنه في النار، ولهذا في قلبه مثل النار.

لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:32-33] هذه صفات أهل الإيمان أربع صفات: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:34-35].

يقول الله عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:53-55].

مسرع بالسيارة، وفجأة بنشرت العجلة، ليس عندك حساب أو تخطيطات للموت، كل حساباتك للدنيا، كثير من الناس يموت وفي باله كل شيء إلا الموت، في باله الوظيفة، والزوجة، والعَشاء، والأولاد، ولكن أن يأتيه الموت بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:55] من غير أن تتصوروا أو تعقلوا.

أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ [الزمر:56] أي: لئلا تقول نفسٌ، وهنا نفس نكرة، أن تقول أي نفس عند الموت يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر:56] يتمنى ويتحسر ويتندم على ما فرط في جنب الله، ما الذي فرط فيه في جنب الله؟ إما بارتكاب معصية، أو بترك طاعة.

(يا حسرتى) هل يريد أحدنا يا إخواني! أن يقول هذه الكلمة عند الموت؟ والله ليس هناك عقل عند الإنسان الذي يعيا إلا على المعاصي والذنوب، ونقول له: يا أخي! اتقِ الله لا تزنِ، لا ترابِ، لا تترك فريضة، لا تعق والديك، لا تقطع رحمك، يقول: لا. يعني: فهل تستمر حتى تموت؟ وبعد ذلك تأتيك التحسرات وتقول: (يا حسرتى) هل تنفعك هذه التحسرات؟ هل تغني عنك وتنفعك هذه الأشياء؟ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ [الزمر:57-58] إذا رأيت النار ومنزلها لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً [الزمر:58] يطلب فرصة ثانية، يطلب إمهالاً لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً [الزمر:58] يعني: رجعة إلى الدنيا فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر:58] أرجع فأعمل عملاً صحيحاً، اعمل الآن إن كنت صادقاً، هب أنك مت، وأنك دخلت القبر، وأنك رأيت مصيرك وقلت: ردني يا رب، فالآن .. ردك ربي، لا زلت حياً!

وبعد ذلك قال: أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي [الزمر:57] هذا الشاهد من الآيات، مثل الذي يقول له: يا أخي! اتقِ الله، قال: لو أن الله هداني لكنت مثلك، هذا العذر يقوله الآن ويقوله إذا مات، يقول هذه الكلمة: يا رب! لو أنك هديتني لكنت مع الناس: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزمر:57] قال الله عز وجل جواباً على هذا المكابر: بَلَى يا كذاب بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي [الزمر:59] أي: قد هديتك، قال المفسرون: معنى: (جاءتك آياتي) أي: هديتك إليها بآياتي.

وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ [الزمر:54] (وأنيبوا) أي: ارجعوا، والإنابة هي: سرعة التوبة، ليس تائباً فقط، بل منيباً مهرولاً إلى الله، مسرعاً لا يلوي على شيء، اتجاهه وعزمه وتصميمه في سيره إلى الله، في كل لحظة يتوب، يقول عليه الصلاة والسلام: (إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم مائة مرة) ويحسب له في المجلس الواحد الاستغفار سبعين مرة وهو الذي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال الله تعالى: لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ وَيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَيَهْدِيَكَ صِرَاطاً مُسْتَقِيماً [الفتح:2] وكان في كل أوقاته يردد: أستغفر الله العظيم وأتوب إليه، كان رجوعاً أواباً.

وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ [ق:31-32] يعني: الجنة لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ [ق:32] أواب يعني: رجاع، حفيظ: محافظ على طاعة الله، حريص عليها، يضن بها أعظم من ضنه بالدرهم والدينار مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ * ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ [ق:33-34] نسأل الله من فضله، وهذا هو الشرف والفضل يا أخي!

إذا مت ورأيت في بيتك ملائكة الجنة معها كفن من الجنة، وجاءك ملك الموت، وقال لك: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً [الفجر:27-28] والله لا تحزن على شيء، تحزن على ماذا؟ على الزوجة؟ تحزن على واحدة والله سيعطيك في الجنة سبعين زوجة، الواحدة منهن خيرٌ من الدنيا وما عليها؟ والله ما عاد تذكر واحدة في هذه الدنيا إلا إن كانت صالحة، ويجعلها ربي معك في الجنة.

أتحزن على عمارة أو بيت والله سيعطيك قصوراً في الجنة من در مجوف، طول القصر ستين ميلاً في السماء؟ أتحزن على مزرعتك والله يعطيك مزرعة في الجنة، الغصن الواحد من شجرة الجنة مائة عام يقطعها بصرك، وأنت جالس تبصرها على مسافة مائة عام؟!

لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:32-33] منيب: خاشع خاضع لله، يبكي من خشية الله .. لا يتعاظم على الله .. لا يتعالى على أوامر الله، إنما يرتعد، يخاف، يوجل، يشفق، كأن النار ما خلقت إلا له، يتصور أن الناس كلهم ناجون وأنه هو الخاسر، ويتصور أن الناس كلهم صالحون وأنه هو الفاسق، ويتصور أن الناس كلهم سيدخلون الجنة وأنه في النار، ولهذا في قلبه مثل النار.

لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ * مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ [ق:32-33] هذه صفات أهل الإيمان أربع صفات: ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ * لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ [ق:34-35].

يقول الله عز وجل: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ * وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ * وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:53-55].

مسرع بالسيارة، وفجأة بنشرت العجلة، ليس عندك حساب أو تخطيطات للموت، كل حساباتك للدنيا، كثير من الناس يموت وفي باله كل شيء إلا الموت، في باله الوظيفة، والزوجة، والعَشاء، والأولاد، ولكن أن يأتيه الموت بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ [الزمر:55] من غير أن تتصوروا أو تعقلوا.

أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ [الزمر:56] أي: لئلا تقول نفسٌ، وهنا نفس نكرة، أن تقول أي نفس عند الموت يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ [الزمر:56] يتمنى ويتحسر ويتندم على ما فرط في جنب الله، ما الذي فرط فيه في جنب الله؟ إما بارتكاب معصية، أو بترك طاعة.

(يا حسرتى) هل يريد أحدنا يا إخواني! أن يقول هذه الكلمة عند الموت؟ والله ليس هناك عقل عند الإنسان الذي يعيا إلا على المعاصي والذنوب، ونقول له: يا أخي! اتقِ الله لا تزنِ، لا ترابِ، لا تترك فريضة، لا تعق والديك، لا تقطع رحمك، يقول: لا. يعني: فهل تستمر حتى تموت؟ وبعد ذلك تأتيك التحسرات وتقول: (يا حسرتى) هل تنفعك هذه التحسرات؟ هل تغني عنك وتنفعك هذه الأشياء؟ يَا حَسْرَتَى عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ [الزمر:57-58] إذا رأيت النار ومنزلها لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً [الزمر:58] يطلب فرصة ثانية، يطلب إمهالاً لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً [الزمر:58] يعني: رجعة إلى الدنيا فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ [الزمر:58] أرجع فأعمل عملاً صحيحاً، اعمل الآن إن كنت صادقاً، هب أنك مت، وأنك دخلت القبر، وأنك رأيت مصيرك وقلت: ردني يا رب، فالآن .. ردك ربي، لا زلت حياً!

وبعد ذلك قال: أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي [الزمر:57] هذا الشاهد من الآيات، مثل الذي يقول له: يا أخي! اتقِ الله، قال: لو أن الله هداني لكنت مثلك، هذا العذر يقوله الآن ويقوله إذا مات، يقول هذه الكلمة: يا رب! لو أنك هديتني لكنت مع الناس: لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ [الزمر:57] قال الله عز وجل جواباً على هذا المكابر: بَلَى يا كذاب بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي [الزمر:59] أي: قد هديتك، قال المفسرون: معنى: (جاءتك آياتي) أي: هديتك إليها بآياتي.




استمع المزيد من الشيخ سعيد بن مسفر - عنوان الحلقة اسٌتمع
كيف تنال محبة الله؟ 2924 استماع
اتق المحارم تكن أعبد الناس 2920 استماع
وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً 2800 استماع
أمن وإيمان 2672 استماع
حال الناس في القبور 2671 استماع
توجيهات للمرأة المسلمة 2596 استماع
فرصة الرجوع إلى الله 2568 استماع
النهر الجاري 2472 استماع
دور رجل الأعمال في الدعوة إلى الله 2464 استماع
مرحباً شهر الصيام 2394 استماع