خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/142"> الشيخ ابو بكر الجزائري . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/142?sub=115"> نداءات الرحمن لأهل الإيمان
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 46
الحلقة مفرغة
الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.
أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.
ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان، جعلنا الله تعالى منهم، وحشرنا في زمرتهم، ورضي عنا كما رضي عنهم. اللهم آمين.
معاشر المستمعين والمستمعات! النداء الثالث والأربعون بقيت منه فقرات، فقد دخل وقت العشاء أمس وما أكملناها.
وإليكم أولاً خلاصة لهذا النداء، بعد أن تسمعوا النداء مرة أخرى.
قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ * فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ * ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاسْمَعُوا وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [المائدة:106-108].
خلاصة هذا النداء: أنه في صالح أموالنا وأعراضنا وحياتنا، فيا أيها المؤمنون! إذا مرض أحدنا في بلده .. في بيته .. على سرير مستشفاه؛ فإنه يتعين عليه أن يوصي إذا كان له ما يوصي به، وينبغي هذا؛ لأن الحقوق متعلقة به إذا مات، وهذه الوصية متعينة على كل مسلم ومسلمة إذا كان له شيء ينبغي أن يوصي به أو فيه. فالله يقول في هذا النداء: إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ [المائدة:106]. وسوف يحضرنا كلنا، وليس هناك أحد لن يحضره. حِينَ الْوَصِيَّةِ [المائدة:106] وأنت تريد أن توصي في الوقت الذي تودع فيه الحياة اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة:106]. فتشهد اثنين من ذوي العدل من المسلمين، أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة:106]، أي: من الكافرين، وهذا إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ [المائدة:106] مسافرين فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ [المائدة:106]. كأن يسافر إلى إيطاليا أو أمريكا، وفجأة جاءه الموت في المستشفى، وليس معه مسلمون يشهدون، فأجاز الله تعالى له أن يشهد كافرين من النصارى أو اليهود أو غيرهم تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ [المائدة:106]، أي: صلاة العصر. فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ [المائدة:106]. فإذا أشهدنا اثنين من المؤمنين ثم حصل شك في أن أخانا توفي، وأنه أشهد فلاناً وفلاناً، ونحن لا نثق فيهما وحصل ريب فنأتي بهما إلى المسجد بعد صلاة العصر، فيقومان فيحلفان لنا بالله الذي لا إله غيره أنه ما ترك فلان عندنا شيئاً، وقد أوصانا بأن كذا لكذا، وأن مال فلان لفلان، فإذا حلفا انتهيا، سواء كان الشهود مؤمنين أو كافرين إذا حصلت الريبة والشك. وستأتي القصة التي بسببها نزل هذا النداء توضح هذا المعنى. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا [المائدة:107] بعد أن حلفا وانتهينا، فإن عثرنا على ما يدل على خيانتهما كأن يكون شيئاً مدسوساً مخبأً وجدناه، أو وجدنا شيئاً باعوه في السوق ووجدناه يباع فهنا تحصل وتقع ريبة، فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الأَوْلَيَانِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا وَمَا اعْتَدَيْنَا إِنَّا إِذًا لَمِنَ الظَّالِمِينَ [المائدة:107]. وحينئذ تثبت الخيانة على الشاهدين الأولين، وترد شهادتهما بشهادة أقوى في وجود الريبة، وهو العثور على شيء كما سيأتي. وقوله: ذَلِكَ [المائدة:108] أي: هذا الذي قننه الله أَدْنَى [المائدة:108]، أي: أقرب أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ [المائدة:108]. فإذا علم الشاهدان أنهما سوف يحلفان بعد العصر، ثم إذا ظهرت ريبة أنه سوف يحلف آخران ويلزماهما بما جحداه وأخفاه فهذه حال تجعل الشهود لا يستطيعون أن يلووا ألسنتهم أو يخفوا شيئاً. ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يَأْتُوا بِالشَّهَادَةِ عَلَى وَجْهِهَا أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ [المائدة:108]. وأخيراً: وَاتَّقُوا اللَّهَ [المائدة:108] أيها المؤمنون! فلا تخرجوا عن طاعته وطاعة رسوله. وَاسْمَعُوا [المائدة:108]، أي: اسمعوا وأطيعوا، وأطيعوا واسمعوا، وليس مجرد الطاعة فقط، بل اسمعوا لما يأمر الله ورسوله به. وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ [المائدة:108]، أي: الخارجين عن طاعة الله ورسوله، ولا يهديهم لإكمالهم وإسعادهم، ولا يهديهم لتزكية نفوسهم، ولا يهديهم لخيرهم ولا لكمالهم؛ لأنهم فسقوا عن أمره وعصوه وتمردوا عليه، فقد أمرهم فلم يطيعوا ولم يستجيبوا، فيضلهم. وهذا النداء العظيم لا يوجد إلا في القرآن الكريم.
سبب نزول قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت ...)
قال: [ وأخيراً: إليك أيها القارئ! والمستمع! حادثة حدثت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها نزلت هذه الآيات الثلاث ] في هذا النداء الثالث والأربعين [ فتأملها فإنها تزيدكم فهماً وفقهاً، ومعرفة لما تضمنته الآيات الكريمات: عن تميم الداري برئ الناس منها غيري ] أي: هذه الآيات برئ الناس منها إلا أنا وقعت فيها. وهذا اعتراف منه [ وغير عدي بن بداء ] فهذا وزميله الذي كان معه في السفر عندما حدثت الحادثة [ وكانا نصرانيين ] أي: كان عدي وتميم الداري نصرانيين مسيحيين قبل إسلامهما [ يختلفان إلى الشام ] للتجارة [ قبل الإسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له: بديل بن أبي مريم بتجارة، معه جام من فضة يريد به الملك، وهو أغلى تجارته ] وهذا الجام هو عبارة عن كأس وإناء من ذهب، قال: فلا أدري يريد بها الملك يبيعها، أو يريد بها المُلْك في نفسه الله أعلم [ فمرض فأوصى إليهما، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله ] أي: يأخذان النقود والأشياء التي معه ويوصلونها إلى أهله بالحجاز وهم بالشام [ قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ] من فضة، فقد اتفق مع زميله النصراني وباعاه في الشام بألف درهم [ واقتسمناه أنا وعدي ] خمسمائة لكل واحد منا [ فلما قدمنا إلى أهله فدفعناه إليهم ما كان معنا ] من ملابسه وأمتعته ونقوده [ وفقدوا الجام ] أي: إناء الذهب [ فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا ] لأنهم كفار [ وما دفع إلينا غيره. قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تأثمت من ذلك ] أي: شعرت بالإثم وما أطقته [ فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر، ودفعت إليهم خمسمائة درهم ] التي أخذها. وهذا هو مفعول الإيمان، فهو لم يطق أن يجحد هذا ويأخذ الخمسمائة، وأيام أن كان كافراً هان عليه، ولكنه أسلم ودخل في رحمة الله [ وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فوثبوا عليه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ] وملته، فإن كانوا يعظمون عيسى حلف بعيسى، وإن كانوا يعظمون شيئاً آخر يحلف به؛ لأنه يخاف أن يكذب ويحلف بالباطل، ونحن نريد أن يرد الحق إلى أهله [ فحلف ] بالباطل؛ ليدفع عنه التهمة والخمسمائة ردهم [ فنزلت ] هذه الآية: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ [المائدة:106].. إلى قوله تعالى: فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا [المائدة:107]. فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء ] وأعطيت لهما [ رواه الترمذي وابن جرير ، وضعفه الترمذي ، وله شواهد، وهو موافق لما تضمنته الآيات. والحمد لله رب العالمين، الهادي إلى الصراط المستقيم. وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ] هذا النداء الثالث والأربعون. اسمعوه مرة أخيرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة:106] إذا لم يكن هناك مؤمنون، وقد كانت الشام بلاد كفر، إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ [المائدة:106] وشككتم، لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ [المائدة:106]. هكذا يقولون. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا [المائدة:107] كما عثروا على الجام، فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا [المائدة:107] ويحلفان فيردان الأيمان الأولى ويؤخذ الحق لصاحبه، فإذا اتهموا حلف بدلهما وترد أيمانهما. وأهل الميت اتهموا اللذين جاءا بالمال وقالا: هذا الذي ترك والدكم، أو هذا الذي أوصى به، فيحلفان لهم، فإن حلفا برئت ذمتهما، فإن حصلت تهمة وعثروا على شيء كما عثروا على الجام فيردان أيمانهما ويحلف آخران منهما، وبذلك تنتهي المشكلة. هذه الثلاث الآيات من سورة المائدة هي النداء الثالث والأربعون.
الآن مع القصة التي كانت سبباً في نزول هذا النداء الكريم بالمدينة النبوية، فقد درسنا الشرح.
قال: [ وأخيراً: إليك أيها القارئ! والمستمع! حادثة حدثت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيها نزلت هذه الآيات الثلاث ] في هذا النداء الثالث والأربعين [ فتأملها فإنها تزيدكم فهماً وفقهاً، ومعرفة لما تضمنته الآيات الكريمات: عن تميم الداري برئ الناس منها غيري ] أي: هذه الآيات برئ الناس منها إلا أنا وقعت فيها. وهذا اعتراف منه [ وغير عدي بن بداء ] فهذا وزميله الذي كان معه في السفر عندما حدثت الحادثة [ وكانا نصرانيين ] أي: كان عدي وتميم الداري نصرانيين مسيحيين قبل إسلامهما [ يختلفان إلى الشام ] للتجارة [ قبل الإسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سهم يقال له: بديل بن أبي مريم بتجارة، معه جام من فضة يريد به الملك، وهو أغلى تجارته ] وهذا الجام هو عبارة عن كأس وإناء من ذهب، قال: فلا أدري يريد بها الملك يبيعها، أو يريد بها المُلْك في نفسه الله أعلم [ فمرض فأوصى إليهما، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله ] أي: يأخذان النقود والأشياء التي معه ويوصلونها إلى أهله بالحجاز وهم بالشام [ قال تميم : فلما مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم ] من فضة، فقد اتفق مع زميله النصراني وباعاه في الشام بألف درهم [ واقتسمناه أنا وعدي ] خمسمائة لكل واحد منا [ فلما قدمنا إلى أهله فدفعناه إليهم ما كان معنا ] من ملابسه وأمتعته ونقوده [ وفقدوا الجام ] أي: إناء الذهب [ فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا ] لأنهم كفار [ وما دفع إلينا غيره. قال تميم : فلما أسلمت بعد قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة تأثمت من ذلك ] أي: شعرت بالإثم وما أطقته [ فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر، ودفعت إليهم خمسمائة درهم ] التي أخذها. وهذا هو مفعول الإيمان، فهو لم يطق أن يجحد هذا ويأخذ الخمسمائة، وأيام أن كان كافراً هان عليه، ولكنه أسلم ودخل في رحمة الله [ وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فوثبوا عليه، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يستحلفوه بما يعظم به على أهل دينه ] وملته، فإن كانوا يعظمون عيسى حلف بعيسى، وإن كانوا يعظمون شيئاً آخر يحلف به؛ لأنه يخاف أن يكذب ويحلف بالباطل، ونحن نريد أن يرد الحق إلى أهله [ فحلف ] بالباطل؛ ليدفع عنه التهمة والخمسمائة ردهم [ فنزلت ] هذه الآية: [ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ [المائدة:106].. إلى قوله تعالى: فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ لَشَهَادَتُنَا أَحَقُّ مِنْ شَهَادَتِهِمَا [المائدة:107]. فقام عمرو بن العاص ورجل آخر منهم فحلفا، فنزعت الخمسمائة من عدي بن بداء ] وأعطيت لهما [ رواه الترمذي وابن جرير ، وضعفه الترمذي ، وله شواهد، وهو موافق لما تضمنته الآيات. والحمد لله رب العالمين، الهادي إلى الصراط المستقيم. وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ] هذا النداء الثالث والأربعون. اسمعوه مرة أخيرة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ حِينَ الْوَصِيَّةِ اثْنَانِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ [المائدة:106] إذا لم يكن هناك مؤمنون، وقد كانت الشام بلاد كفر، إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ تَحْبِسُونَهُمَا مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ فَيُقْسِمَانِ بِاللَّهِ إِنِ ارْتَبْتُمْ [المائدة:106] وشككتم، لا نَشْتَرِي بِهِ ثَمَنًا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى وَلا نَكْتُمُ شَهَادَةَ اللَّهِ إِنَّا إِذًا لَمِنَ الآثِمِينَ [المائدة:106]. هكذا يقولون. فَإِنْ عُثِرَ عَلَى أَنَّهُمَا اسْتَحَقَّا إِثْمًا [المائدة:107] كما عثروا على الجام، فَآخَرَانِ يَقُومَانِ مَقَامَهُمَا [المائدة:107] ويحلفان فيردان الأيمان الأولى ويؤخذ الحق لصاحبه، فإذا اتهموا حلف بدلهما وترد أيمانهما. وأهل الميت اتهموا اللذين جاءا بالمال وقالا: هذا الذي ترك والدكم، أو هذا الذي أوصى به، فيحلفان لهم، فإن حلفا برئت ذمتهما، فإن حصلت تهمة وعثروا على شيء كما عثروا على الجام فيردان أيمانهما ويحلف آخران منهما، وبذلك تنتهي المشكلة. هذه الثلاث الآيات من سورة المائدة هي النداء الثالث والأربعون.