نداءات الرحمن لأهل الإيمان 68


الحلقة مفرغة

بعض ما أوذي به النبي صلى الله عليه وسلم

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.

قبل الشروع في النداء السادس والستين نذكر خلاصة النداء الخامس والستين.

قال: [ هذا وقد أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض المؤمنين، ومن ذلك ] الإيذاء [ ما يلي:

أولاً: حادثة الإفك ] أي: الكذب المختلق [ إذ هو أذى ] أصابه [ في عرضه وشرفه ] صلى الله عليه وسلم [ وعرض امرأته ] عائشة رضي الله عنها [ وشرفها، وأنزل الله تعالى في براءة امرأته أم المؤمنين قرابة سبع عشرة آية، والحمد لله! ] أن برأها الله وبرأ شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: [ ومن العجيب أن المخدوعين المغرر بهم ] والمضللين [ من الروافض ما زالوا ] إلى الآن [ يلوكون تلك الفرية، ويلصقونها بأم المؤمنين ] وليس هناك جهل أعظم من هذا، وهذا ضلال وفسق وباطل ومنكر، ووالله ما عرفنا كيف نؤول لهم هذا، فقد برأها الله تعالى بسبع عشرة آية من كتابه، وختمها بقوله: أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور:26] [ مع أن الذي يكذب الله تعالى يكفر ] وهم يقبلون أن يقول لك أحدهم: عائشة زنت! وهذا لا يعقل [ فكفروا وهم لا يعلمون ] والذي أستطيع أن أقوله: الذي يعلم ما أعلمه أنا الآن - وأنتم في الإمكان أنكم تعلمونه- ويتهم أم المؤمنين ويتبجح ويقول ذلك فوالله لا حظ له في الإسلام، ولو صام وصلى ألف عام. لكن في خلق الله العجائب، فهذا عجب. وهم يرددون هذا لا لشيء يستفيدون منه. وأقول: لو حدث هذا الحادث منذ ألف وأربعمائة سنة فليس هناك فائدة حتى نردده ونلوكه ونتحدث به، وليس هناك مصلحة حتى نقول هذا. ولا نقول: سبحان الله العظيم!

[ ثانياً: قسَّم يوماً صلى الله عليه وسلم مالاً على أصحابه ] المؤمنين [ فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ] وهذا ضعف البشر، فقد كان هذا مريضاً، وقلبه فيه مرض، فقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. بهذا اللفظ [ فقال أحد الحاضرين: أما يا عدو الله! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت ] وله الحق أن يقول هذا، فهذا عدو الله قطعاً، فالذي يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتهم ولي الله فهو عدو الله، ولا شك أن هذا منافق، فاضت الأوساخ من قلبه على لسانه، وقد كان يكتمها، ولكن جاءت المناسبة وبرزت، فقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. ونفس عن قلبه [ فذكره ] أي: فذكر ذلك [ للنبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه ] صلى الله عليه وسلم، وهذا شأن الأشراف [ ثم قال: ( رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) ] ولو كان واحداً منا لقال: ائتوا به، وجروه بالحبال، فهو يتهم رسول الله، ويقول عن قسمته: ( ما أريد بها وجه الله ). ولكن ذو الأخلاق السامية والآداب الرفيعة والحلم العظيم والرحمة الكبيرة كل ما في الأمر أن قال: ( لقد أوذي بأكثر من هذا ) أي: موسى ( فصبر ). ثم صبر صلى الله عليه وسلم. وإن شاء الله نقتدي به، فإذا سمعت كلمة في يوم من الأيام فقل: أوذي بأكثر من هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ليس لي قيمة بجانبه.

وقد علمتم في نداء البارحة أن موسى أوذي، فقد قالوا: إنه آدر، ولهذا يغتسل وحده ولا يغتسل معنا، وفضحهم الله، فقد ذهب موسى يغتسل في الشاطئ وحده، ووضع ثوبه على صخرة، فهربت الصخرة، وجرى موسى وراءها وهو يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى وقف به بين بني إسرائيل، فشاهدوه سليم البنيان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69]. وقد كان هذا نداء أمس، فصلوا به النافلة حتى تحفظونه.

وقوله: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى [الأحزاب:69] معناه: لا تأذون نبيكم كما آذى اليهود نبيهم، هذا هو فحواه.

[ ثالثاً: ومرة أخرى لببه بثوبه الأقرع بن حابس ] رضي الله عنه، فقد أسلم، والأقرع معروف عندنا، فهو الذي ليس في رأسه شعر، فـالأقرع بن حابس لبب النبي صلى الله عليه وسلم [ وقال له: هذه القسمة ما أريد بها وجه الله، اعدل فينا يا رسول الله! ] ولو فعل بك أحد بنيك هكذا لطحنته [ فرد عليه قائلاً: ( ويحك! ) ] أي: ويحك يا أقرع! [ ( إذا لم أعدل أنا فمن يعدل؟ ) ] ووالله لن يبقى أحد يعدل إذا لم يعدل الرسول، بل سيعجز غيره ولن يستطيع [ ثم قال: ( رحم الله أخي موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر ) ] فقد قالوا عنه: إنه قتل هارون، وليس هناك أذى أعظم من هذا، وقالوا: قتل أخاه لأنه لين معنا، ورحيم بنا، فقتله. وقد أوذي موسى في مواطن غير هذا، فقد صدر عليه الحكم بالإعدام، وهرب من بلاد مصر.

قال: [ وأخيراً: فليحذر كل مؤمن ومؤمنة أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي نوع من الأذى ] سواء في عرضه أو في بدنه، أو في ماله أو في دينه، أو في رسالته أو في أمته، أو في أتباعه من المؤمنين والمؤمنات [ فإنه إثم عظيم. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم، تسليماً دائمين إلى يوم الدين.

وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].

كان هذا بقية النداء الذي درسناه أمس، ونصه الكريم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69]. وقوله: وجيهاً أي: ذا جاه عظيم، فما سأل الله إلا أعطاه، ولا استنصره إلا نصره، ولا استعاذه إلا أعاذه.

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه، ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

ثم أما بعد: أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا ما زلنا مع نداءات الرحمن لأهل الإيمان. اللهم اجعلنا منهم، واحشرنا في زمرتهم، وارض عنا كما رضيت عنهم. آمين.

قبل الشروع في النداء السادس والستين نذكر خلاصة النداء الخامس والستين.

قال: [ هذا وقد أوذي رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعض المؤمنين، ومن ذلك ] الإيذاء [ ما يلي:

أولاً: حادثة الإفك ] أي: الكذب المختلق [ إذ هو أذى ] أصابه [ في عرضه وشرفه ] صلى الله عليه وسلم [ وعرض امرأته ] عائشة رضي الله عنها [ وشرفها، وأنزل الله تعالى في براءة امرأته أم المؤمنين قرابة سبع عشرة آية، والحمد لله! ] أن برأها الله وبرأ شرف رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال: [ ومن العجيب أن المخدوعين المغرر بهم ] والمضللين [ من الروافض ما زالوا ] إلى الآن [ يلوكون تلك الفرية، ويلصقونها بأم المؤمنين ] وليس هناك جهل أعظم من هذا، وهذا ضلال وفسق وباطل ومنكر، ووالله ما عرفنا كيف نؤول لهم هذا، فقد برأها الله تعالى بسبع عشرة آية من كتابه، وختمها بقوله: أُوْلَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ [النور:26] [ مع أن الذي يكذب الله تعالى يكفر ] وهم يقبلون أن يقول لك أحدهم: عائشة زنت! وهذا لا يعقل [ فكفروا وهم لا يعلمون ] والذي أستطيع أن أقوله: الذي يعلم ما أعلمه أنا الآن - وأنتم في الإمكان أنكم تعلمونه- ويتهم أم المؤمنين ويتبجح ويقول ذلك فوالله لا حظ له في الإسلام، ولو صام وصلى ألف عام. لكن في خلق الله العجائب، فهذا عجب. وهم يرددون هذا لا لشيء يستفيدون منه. وأقول: لو حدث هذا الحادث منذ ألف وأربعمائة سنة فليس هناك فائدة حتى نردده ونلوكه ونتحدث به، وليس هناك مصلحة حتى نقول هذا. ولا نقول: سبحان الله العظيم!

[ ثانياً: قسَّم يوماً صلى الله عليه وسلم مالاً على أصحابه ] المؤمنين [ فقال رجل من الأنصار: إن هذه القسمة ما أريد بها وجه الله ] وهذا ضعف البشر، فقد كان هذا مريضاً، وقلبه فيه مرض، فقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. بهذا اللفظ [ فقال أحد الحاضرين: أما يا عدو الله! لأخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قلت ] وله الحق أن يقول هذا، فهذا عدو الله قطعاً، فالذي يبغض رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتهم ولي الله فهو عدو الله، ولا شك أن هذا منافق، فاضت الأوساخ من قلبه على لسانه، وقد كان يكتمها، ولكن جاءت المناسبة وبرزت، فقال: هذه قسمة ما أريد بها وجه الله. ونفس عن قلبه [ فذكره ] أي: فذكر ذلك [ للنبي صلى الله عليه وسلم فاحمر وجهه ] صلى الله عليه وسلم، وهذا شأن الأشراف [ ثم قال: ( رحمة الله على موسى، لقد أوذي بأكثر من هذا فصبر ) ] ولو كان واحداً منا لقال: ائتوا به، وجروه بالحبال، فهو يتهم رسول الله، ويقول عن قسمته: ( ما أريد بها وجه الله ). ولكن ذو الأخلاق السامية والآداب الرفيعة والحلم العظيم والرحمة الكبيرة كل ما في الأمر أن قال: ( لقد أوذي بأكثر من هذا ) أي: موسى ( فصبر ). ثم صبر صلى الله عليه وسلم. وإن شاء الله نقتدي به، فإذا سمعت كلمة في يوم من الأيام فقل: أوذي بأكثر من هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأنا ليس لي قيمة بجانبه.

وقد علمتم في نداء البارحة أن موسى أوذي، فقد قالوا: إنه آدر، ولهذا يغتسل وحده ولا يغتسل معنا، وفضحهم الله، فقد ذهب موسى يغتسل في الشاطئ وحده، ووضع ثوبه على صخرة، فهربت الصخرة، وجرى موسى وراءها وهو يقول: ثوبي حجر! ثوبي حجر! حتى وقف به بين بني إسرائيل، فشاهدوه سليم البنيان، قال تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69]. وقد كان هذا نداء أمس، فصلوا به النافلة حتى تحفظونه.

وقوله: لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى [الأحزاب:69] معناه: لا تأذون نبيكم كما آذى اليهود نبيهم، هذا هو فحواه.

[ ثالثاً: ومرة أخرى لببه بثوبه الأقرع بن حابس ] رضي الله عنه، فقد أسلم، والأقرع معروف عندنا، فهو الذي ليس في رأسه شعر، فـالأقرع بن حابس لبب النبي صلى الله عليه وسلم [ وقال له: هذه القسمة ما أريد بها وجه الله، اعدل فينا يا رسول الله! ] ولو فعل بك أحد بنيك هكذا لطحنته [ فرد عليه قائلاً: ( ويحك! ) ] أي: ويحك يا أقرع! [ ( إذا لم أعدل أنا فمن يعدل؟ ) ] ووالله لن يبقى أحد يعدل إذا لم يعدل الرسول، بل سيعجز غيره ولن يستطيع [ ثم قال: ( رحم الله أخي موسى، أوذي بأكثر من هذا فصبر ) ] فقد قالوا عنه: إنه قتل هارون، وليس هناك أذى أعظم من هذا، وقالوا: قتل أخاه لأنه لين معنا، ورحيم بنا، فقتله. وقد أوذي موسى في مواطن غير هذا، فقد صدر عليه الحكم بالإعدام، وهرب من بلاد مصر.

قال: [ وأخيراً: فليحذر كل مؤمن ومؤمنة أن يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأي نوع من الأذى ] سواء في عرضه أو في بدنه، أو في ماله أو في دينه، أو في رسالته أو في أمته، أو في أتباعه من المؤمنين والمؤمنات [ فإنه إثم عظيم. وصلى الله على نبينا محمد، وآله وصحبه وسلم، تسليماً دائمين إلى يوم الدين.

وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين ].

كان هذا بقية النداء الذي درسناه أمس، ونصه الكريم بعد أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأَهُ اللَّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللَّهِ وَجِيهًا [الأحزاب:69]. وقوله: وجيهاً أي: ذا جاه عظيم، فما سأل الله إلا أعطاه، ولا استنصره إلا نصره، ولا استعاذه إلا أعاذه.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 72 4029 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 49 3685 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 47 3649 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 41 3500 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 91 3476 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 51 3471 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 50 3463 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 60 3418 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 75 3372 استماع
نداءات الرحمن لأهل الإيمان 95 3362 استماع