سلسلة مقتطفات من السيرة [5]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، حمداً يوافي نعم الله علينا، ويكافئ مزيده، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، سيدنا محمد صلى الله وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين، أما بعد:

فإن دراسة السيرة النبوية الشريفة ليست سرداً للأحداث ولا إملاءً للقصص، ولكنها تذكر لكي يأخذ المسلم العبرة منها والعظة في زمن تلاطمت فيه الأحداث، وتشابكت فيه الأمور، وتشعبت فيه القضايا، فلم يستطع الإنسان في هذه الأيام أن يستبين الصواب من الخطأ، وقد يغلق على العالم وعلى الإنسان الحكيم المسلم أموراً كثيرة قد لا يصل فيها إلى نتيجة، مع ما نشعر به جميعاً من أن اعتصامنا أولاً وأخيراً، وتمسكنا أولاً وأخيراً يجب أن يكون بكتاب الله وبسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.

ولعله مما يعزي الإنسان حديث من أحاديث المعصوم صلى الله عليه وسلم، فقد سأل الله عز وجل أموراً أربعة، فأعطاه ثلاثة ومنعه من الرابع، وهذا الحديث علمه مهم؛ لكي تهدأ النفوس، ولتعلم أن هذا الخلاف الكائن على الساحة، وأن هذا الاختلاف الغريب بين المسلم والمسلم ليس إلا تحقيقاً لسنة الله في الكون.

فقد سأل الرسول صلى الله عليه وسلم ربه ألا يجعل هلاك أمته بسنة عامة، أي: لا يحصل للأمة مجاعة فتهلك كلها، وهذه بفضل الله، فما يزال في الأمة خير كثير، وإن كان الغني فينا مبذراً والفقير غير صابر، والذي يعطى غير شاكر، فما يزال في الأمة خير، وهذه قضية مسلم بها، وهو أن الأمة الإسلامية المحمدية لن تهلك بمجاعة.

قال صلى الله عليه وسلم: (فأعطانيها)، يعني: أنه سأل ربنا سبحانه وتعالى ألا يهلك الأمة بسنة عامة فأعطاه سؤله.

قال: (وألا يسلط عليهم أحداً من غير جلدتهم فيستبيح بيضتهم)، فلن يسلط على الأمة الإسلامية أحداً من أعدائها يضيعها، حتى وإن استقرت أمريكا في المنطقة أو الاتحاد السوفيتي أو اليهود أو غيرهم، فلن يكون هلاك الأمة على يد أجنبي.

قال: (فأعطانيها)، وليس هناك أكثر من هذا فلن تهلك الأمة بمجاعة، ولن يسلط عليها العدو.

قال صلى الله عليه وسلم: (وسألت الله عز وجل: ألا يهلكهم كما أهلك الأمم التي من قبلهم)، يعني: قوم عاد وقوم ثمود وغيرهم. قال: (فأعطانيها)، وهذا من كرم الله أيضاً.

قال: (وسألت ربي أن لا يلبسهم شيعاً وألا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها) فالنبي صلى الله عليه وسلم سأل الله للأمة ألا تفترق، وألا يضرب بعضهم بعضاً، ولا يعيب بعضهم على بعض، قال: (فمنعنيها).

فالأمة سيحصل فيها اختلاف، فلا تغضب ولا تحزن حين تجد الأمة فرقاً؛ فما تجده على الساحة من اختلاف ينبغي أن تنظر إليه بعين قلبك لا بعين بصرك، فلا تعتبر هذه المجموعات فرقاً متناحرة، بل اعتبرها وسائل دعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، وهذه المسألة أساس الدعوة كلها، فندعو بالحكمة؛ لأن الله قال لرسوله هذا، فقد قال تعالى: ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ [النحل:125]، كان السائب بن عبد الله رجلاً من بني مخزوم، وكان رجلاً عنيداً، وبنو مخزوم بطبيعتهم أناس لا يقادون بسهولة، وهم عشيرة خالد بن الوليد ، وحالهم كما قال الشاعر:

إذا بلغ الرضيع لنا فطاماً تخر له الجبابر ساجدينا

ونشرب إن وردنا الماء صفواً ويشرب غيرنا كدراً وطيناً

فهو لما يشرب يشرب صفواً.

سنبدأ ظالمين وما ظلمنا ولكنا سنبدأ ظالمينا

فـالسائب بن عبد الله المخزومي لما وقع في الأسر ساقه الصحابة مصفداً بالأغلال؛ لأنه كان مقاتلاً صنديداً، فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتصفح وجوه الأسرى صافحه وقال: مرحباً بأخي وشبيهي. وكان فيه شبه من الرسول صلى الله عليه وسلم. فلما قال صلى الله عليه وسلم هاتين الكلمتين، قال: وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، ثم قال: والله لقد جئت وما أحد على وجه الأرض أبغض إلى قلبي منك، وسوف أعود إلى أهلي وما أحد على وجه الأرض أحب إلى قلبي منك، وما أرض أحب إلى قلبي من أرض أنت فيها يا رسول الله، فهذا أثر الحكمة والموعظة الحسنة.

ولقد كان صحابة الحبيب المصطفى لكل واحد منهم شخصية مستقلة، فـأبو بكر كان ليناً هيناً ودوداً، وكان من رحمة الله أنه هو الذي خلف رسول الله بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى.

فقد كان المسلمون بحاجة إلى من يعاملهم برقة ويعاملهم بالتي هي أحسن، فكان أبو بكر على نفس منوال الحبيب، وأما عمر بن الخطاب فإنه -مع إيمانه وقوته وقدرته- كان عنيفاً في الحق.

فرسولنا صلى الله عليه وسلم رأى فيه أصحابه الرأفة والرقة، فقد أرسلت إليه السيدة زينب بنته تقول: إن ابني ينازع، فاحضر إلينا. فهي تريد أن يكون حاضراً عند خروج روح ابنها الذي كان عمره بضع سنوات.

فأسرع الرسول صلى الله عليه وسلم مع بلال وعمار وعلي وبعض من الصحابة، فوضع الرسول حفيده في حجره وضمه إلى صدره، فخرجت روح الولد، فأجهش الرسول بالبكاء، فاستغرب سعد بن أبي وقاص ظاناً أن هذا ليس من الصبر، فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: (يا سعد ! هذه رحمة وضعها الله في قلب من يحب من عباده، ومن لا يرحم لا يرحم).

فالبكاء مسألة رحمة وليس عنواناً للجزع، وقد دخل سيدنا عمر على نساء قاعدات في مأتم وفيهن واحدة تعدد محاسن الميت والنساء يرددن بعدها، فناول عبد الرحمن بن عوف الدرة وقال: اضرب هذه؛ فإنها تأمر بالجزع وقد نهى الله عنه، وتنهى عن الصبر وقد أمر الله به.

فتلك طريقة الصحابة في دعوتهم، فـأبو بكر لين، وعمر شديد في الحق.

وأما أبو عبيدة بن الجراح وخالد بن الوليد فقد كان على يديهما فتح الشام، فلما دخلا دمشق وقع أمر عجيب، فالمكان الذي دخل منه أبو عبيدة دخله بالصلح، فدخل عن طريق السلم والمعاهدة، والمكان الذي دخل منه خالد بن الوليد دخله بالحرب؛ لأن خالداً كان مفطوراً على الجندية، فـخالد جندي ، وأبو عبيدة داعية إلى الله، وأبو ذر رجل ناسك، وعثمان بن عفان رجل قائم بالليل، وسيدنا بلال رجل عابد لله عز وجل، وسيدنا عمر بن الخطاب رجل أمين قوي، فهذه العناصر الطيبة من الصحابة إذا وضع كل واحد منها على حدة قلت: هذا هو الإسلام، وحين تجمعهم كلهم تقول أيضاً: هذا هو الإسلام.

وأنا أريدك أن تنظر إلى الساحة الآن فلا تغضب، والذي يُغضِب هو شيء واحد فقط، وهو أن يعيب بعضنا بعضاً، فلا يعيب بعضنا على بعض، بل نعمل بما اتفقنا عليه، فقد اتفقنا على التوحيد والصلاة والصيام وحج البيت، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وصلة الرحم، والاستقامة، والبعد عن الانحراف، والدعوة إلى الله بالتي هي أحسن، ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه.

لقد ذهب الشافعي ليصلي في الكوفة موضع رفات أبي حنيفة ، ووقف ليصلي، فصلى الصبح ولم يقنت، والإمام الشافعي يرى القنوت في صلاة الصبح، فقام من الركوع وسجد، وبعدما سلم قالوا له: أنسيت يا إمام؟! فقال: لا، ولكني احترمت قبر أبي حنيفة ، كل الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة.

ولم يقل: أنا الذي أفهم واترك عنك فلاناً، وأنا الذي أعرف. ولقد قال أبو حنيفة : علمنا هذا صواب يحتمل الخطأ، وعلم غيرنا خطأ يحتمل الصواب، فمن رأى غيرنا فله ما رأى ولنا ما رأينا. فقضية الخلاف قضية يجب أن لا توصلنا إلى ما نحن فيه أبداً، وأن المساجد لله.

فالعالم الذي في المسجد يقول: قال الله وقال الرسول، ويأتي بالدليل من الكتاب والسنة، وأحسبه على خير وأظنه كذلك فأقول له: سمعاً وطاعة.

فإذا نظرت إلى الساحة اليوم فوجدت فيها اختلافاً كثيراً فلا تحزن؛ فهذه سنة الله في خلقه، وسنة الله في الأمة، فنسأل الله أن ينزع من قلوبنا الغل والحقد والحسد، وألا يجعل في قلوبنا ضغينة على مسلم، وأن يجعلنا إخوة متحابين في الله متزاورين في الله متجالسين في الله، إن ربنا على ما يشاء قدير.

كنا قد تحدثنا عن حق الابن على أبيه، وسأكمل هنا بقية حقوق الابن على أبيه لأكمل أيضاً حقوق الوالدين على أبنائهما، من أجل أن يعلم أنه لو صلح البيت لصلحت الأسرة، ولو صلحت الأسرة المسلمة لصار المجتمع كله صالحاً، فيخرج من بيننا أناس صالحون، وشباب صالح ونساء صالحات.

اختيار الأم الصالحة

وقد سبق أن ذكرنا من أن تختار له أماً صالحة، لا أماً غنية فقط، بل إن اخترتها غنية فلا بد من أن يكون عندها دين، أو جميلة، فلا بد من أن يكون عندها دين، أو ذات نسب، فلا بد من أن يكون عندها دين، لحديث: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

فالمهم أنك تتزوج امرأة صالحة ونبتة طيبة من بيت طيب، فهذا هو أول حق لابنك قبل أن يوجد، وسوف يطالبك الابن بهذا الحق يوم القيامة إن لم تختر له الأم الصالحة.

وليس بصحيح ما يقوله بعض البعيدين عن الله، حيث يقول الواحد منهم: لا ينفع أن آخذ امرأة لا أحبها، والبنت تقول: حين أحبه أوافق عليه والأولى هو أن تختبر أخلاقه نتيجة الفوضى والانحراف، ونقول هنا ما قاله عمر بن الخطاب ، فسيدنا عمر جاءه رجل يقول له: أريد أن أطلق زوجتي، فسأل عن السبب، فقال: أنا لا أحبها. فضربه عمر بالدرة وقال: أولم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية والتذمم؟!

يقول: البيوت لا تبنى على الحب فحسب، فالحب لا بد من أن يكون موجوداً، فيجب أن يكون الود والتعاطف والمودة بينك وبين امرأتك، فإن ولى الحب يبقى شيء مهم، وهو أن لك حقوقاً وعليك واجبات، وزوجتك لها حقوق وعليها واجبات.

ولو أن كل واحد منا أدى ما عليه وأخذ ما له لصلحت الأمور، أما أن تبتعد عن الله وتبتعد عن طريق الله وتبتعد عن مجالس العلم، وتبتعد عن تقوى الله، وتبتعد عن قيام الليل وصيام النهار وقراءة القرآن، وتريد امرأتك أن تكون صالحة، فمعنى ذلك أن تغالط نفسك، فأصلح ما بينك وبين ربك يصلح الله لك ما بينك وبين زوجتك، والزوجة كذلك ما بينها وبين ربها، لا أن تقعد تشتكي من زوجها، فكلما ذهبت إلى أمها أخبرتها بما يصنع زوجها، فهذه خيانة من الخيانات، فليس من حقك أن تذهبي إلى أمك لتقصي عليها أسرار بيتك ومشاكلك، فهذه خيانة.

قال أهل العلم: إن الأم لها حق خاص، لحديث: (من أولى الناس بالحقوق على الرجل يا رسول الله! قال: أمك، قال: وعلى المرأة؟ قال: زوجها)، فمن أكبر الحقوق على المرأة حق زوجها، ومن أكبر الحقوق على الرجل حق أمه.

كما قال أهل العلم: إن المرأة ليس من حقها أن تذهب إلى أمها لتخبرها عما تطبخ، فكم من خيانة في البيوت!

وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم تلك خيانة، والله قد سماها خيانة أيضاً فقال تعالى: اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [التحريم:10].

قالوا: إن زوجة لوط وزوجة نوح كانتا تخرجان أسرار زوجيهما النبيين فسمي ذلك في الإسلام خيانة.

وفي الحديث: (إن من أكبر الخيانات أن يحدث الرجل زوجته حديثاً فتصبح لتحدث به جيرانها)، فتقعد مع الجيران لتكلمهم، وقال: (ومن أكبر الخيانات عند الله أن تسر المرأة لزوجها بحديث فيصبح ليحدث به جلساءه)، فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خيانة.

فأنت تختار زوجة صالحة من أجل أن يتأسس البيت على أساس صالح، فهذا هو الحق الأول لابنك عليك، وقد خرج الإمام الشافعي رضوان الله عليه لطلب العلم، فقال: يا أمي! أوصيني؟ قالت: لا تكذب.

وما أكثرت عليه، فلم تقل: اجمع المال، وانتبه لا تأمن زوجتك، بل قالت له: لا تكذب.

وسافر الإمام الشافعي ، فخرج عليهم قطاع طريق ليأخذوا ما معهم، فقال أحد اللصوص للشافعي : هل معك شيء؟ قال: معي أربعون ديناراً. فاللص ظن أن الشافعي يضحك عليه، فتركه، فجاء لص آخر فقال له: أمعك شيء؟ قال: معي أربعون ديناراً، فأخذوه إلى رئيسهم، فقالوا: هذا نسأله: أمعك مال؟ فيقول: معي أربعون ديناراً! فقال له: معك أربعون ديناراً؟ قال: نعم، فقالوا له: أين تضعها؟ فقال لهم: أديروا وجوهكم. وأخرج المال، ثم قال: لقد عاهدت أمي على ألا أكذب وأنا أخاف أن أحيف بعهد أمي. فشق شيخ اللصوص ثوبه، وقال: أنت تخاف أن تحيف بعهد أمك وأنا قد حفت بعهد الله، أشهد الله أني قد تبت على يديك، وكان اللصوص كلهم تابعين له، فقالوا له: لقد كنت شيخنا في المعصية وفي الحرام، وأنت الآن شيخنا في التوبة.

وقد حدث أن المحكمة الشرعية في السعودية أقامت حد قطع اليد على شاب، وقبل أن يقطع المتولي للقطع، قال له الشاب: اقطع أولاً لسان أمي، فقال: لماذا؟ قال: لقد سرقت دجاجة من دجاج الجيران وأنا صغير، فزغردت أمي وقالت: لقد صار ابني رجلاً، ففرحتها هي التي جعلتني أستمر في السرقة.

فالأم حين تكون صالحة يصلح بها المجتمع، وأما إذا كانت بخلاف ذلك فإنها حين يكبر الأولاد تقول لهم: سأطلعكم على أمور لم أقلها لكم وأنتم صغار، وأبوكم هذا قد أرهقني منذ ثلاثين سنة. فتكره الأولاد في أبيهم.

فيا امرأة! اصبري واحتسبي إذا كان زوجك ليس صالحاً وقد صبرت طول هذه المدة، فمن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثلما أعطى آسية امرأة فرعون في الجنة، ومن صبر على سوء خلق زوجته أعطاه الله مثلما أعطى أيوب على صبره.

حقوق المولود عند ولادته

والحق الثاني اختيار الاسم، ثم الأذان في أذن وإقامة الصلاة في الأذن الثانية، ثم حلق الشعر والتصدق بوزنه فضة أو ذهباً، ثم الختان، ثم العقيقة.

حق الطفل في التربية والتعليم والرفق

إن الصبي إذا بلغ خمس سنين فإننا دائماً نقول: الحمد لله على أن أولادنا من الذكاء بمكان، فإنهم حين يرون إعلاناً في التلفزيون يحفظونه، والواجب على الآباء ألا يُشغلوا عن الأولاد بمسألة الرزق، فلا بد من رعاية الولد ولا تتركه للبطالة وأسباب الانحراف والمخدرات والفشل في الدراسة وفي الجامعات وفي المعاهد.

ويجب علينا أن نتدارس ذلك من الآن من أجل أن نغرس في أبنائنا القواعد والمثل من كتاب الله ومن شرع حبيبنا صلى الله عليه وسلم.

فالولد إذا بلغ أربع أو خمس سنين وبدأت كلماته تظهر واضحة، فإنني آتي له بالذي يحفظه القرآن، وهذه مسألة مهمة.

والأب غالباً لا يجيد تعليم ولده، حتى إنك تجد المدرس المتخصص في مادة معينة يأتي لابنه بمدرس، فتقول له: أنت الكيمياء كلها وتأتي لابنك بمدرس الكيمياء، فالأب بطبيعته يكون عصبياً على ابنه يريد أن يشربه العلم بسرعة، فالعصبية هذه لا تنفع.

لقد حلف لي أحدهم بالله على أنه قال لآخر: يا فلان! صوتك دائماً منخفض، ألا تعلي صوتك قليلاً؟! فقال له: أنا نشأت في بيت كان من عادة أهله أن الأب أو الأم أو الإخوان إذا تعلم أحدهم نطلب منه أن يعيد الكلام مرة أخرى؛ لأن الصوت منخفض. فانظر إلى هذا الرفق في البيت، فالإسلام يريد أن يكون الإنسان رقيقاً في بيته.

ولذلك يروى أن سيدنا عمر جاءه رجل وقال له: أريد أن توليني ولاية. فقال له: مر علي غداً. فـعمر يريد أن يمتحن الرجل ليعلم أيصلح لذلك أم لا، وعمر خبير في علم النفس، فقال للخادم: أدخله مباشرة.

فجاء الرجل وطرق باب أمير المؤمنين، فأدخله الخادم، فوجد الرجل منظراً غريباً، لقد رأى أمير المؤمنين الذي يخاف منه العالم كله يحبو على يديه ورجليه وقد أركب على ظهره بعض ولده، وكأنه قطار أو سيارة، فهذا هو عمر بن الخطاب صاحب مقولة: (إذا كنت في أهلك فكن صبياً، وإذا كنت بين إخوانك فكن رجلاً) يعني: اضحك مع امرأتك، واضحك مع أولادك وانبسط معهم، وإذا كان تبسمك في وجه أخيك صدقة فما بالك به في وجه زوجتك؟!

إن كثيراً من الناس لا يضحكون إلا أمام الغريب وفي المكاتب، فالأستاذ فلان في مكتبه لطيف، وحين يرجع بيته تقول زوجته: عياذاً بالله رب العالمين، فأنا أريدك أن تنبسط في بيتك كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته.

فلما رأى الرجل ذلك وقف مستغرباً، فنظر سيدنا عمر إلى الرجل وقال له: ما لك يا أخا الإسلام؟! فماذا تصنع مع أهلك؟ فقال له: أنا إن دخلت بيتي فر الواقف واستيقظ النائم ووقف الجالس. فقال: من لا يرحم لا يُرحم، فإذا كنت هكذا مع أبنائك، فكيف تكون مع أبناء المسلمين؟! لا حاجة لنا في ولايتك.

تأدبيه لست وضربه لثلاث عشرة وتزويجه لست عشرة

جاء في حديث عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (أدب ابنك لست)، فحين يبلغ ابنك ست سنين تبدأ تؤدبه، فتعرفه بأن هذا غلط وهذا صحيح، فإذا تفل في وجه عمه فلا تقل: ابني هذا كبر وصار رجلاً، بل قل له: احترم عمك، فعمك مثل أبيك، فسلم عليه.

لقد كنا في الأرياف نقوم في الصبح فنقبل يد الأب والأم والأخ الأكبر، وقد ذهبت هذه العادة.

وقد قال صلى الله عليه وسلم في حق الأم: (الزم قدميها فثم الجنة)، فحين يقعد الولد أو البنت عند أرجل الأب والأم فهناك الجنة، فالجنة تحت أقدامهما.

وكذلك يعلمه على أن يقبل يد الأخ الأكبر، ولكن ليس الأخ الذي لا يصلي.

فرب الابن الأول ليكون قدوة لإخوانه، فإذا كان الولد الكبير منحرفاً يشرب السجائر، ويشهد النوادي، فإن الأولاد الصغار يكونون مثله، وحين يكون الأكبر مستقيماً يكون الأولاد كلهم على حالة من الاستقامة.

فرسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا بلغ ابنك ستاً فأدبه، واضربه على الصلاة والصيام لثلاث عشرة)، فحين يبلغ ثلاثة عشر عاماً فاضربه إن لم يصل أو لم يصم، فإذا بلغ الست عشرة فزوجه، وخذ بيده وقل: أدبتك وعلمتك وربيتك وزوجتك، اللهم إني أسألك بره في الدنيا وأعوذ بك من عذاب يأتي من خلفه في الآخرة.

فأرشد إلى تزويجه لست عشرة سنة، وفي زماننا لا يتزوج الرجل إلا بعد أن يكاد يشيب؛ لأننا نضع عقبات أمام الحلال، فيصير الحرام سهلاً، ولكن لو سهلنا أمر الحلال لصار الأمر ميسوراً.

ولا أريد بذلك أن يتخذ أولادنا الصغار ذلك حجة على آبائهم؛ فإنما أعني الولد ذا الست عشرة سنة الذي يعمل، لا أن تبقى إلى الخامسة والعشرين وأنت تأخذ حاجتك من أبيك ثم تريد أن يزوجك أبوك.

فإذا بلغ الخمس فأت بمن يحفظه القرآن ويعلمه ليتقن لسانه اللغة العربية؛ لأن هناك مشكلة نعانيها في إتقان العربية، وأحد أسباب ذلك المدارس الأجنبية، ففي العشرينات والثلاثينات والأربعينات لما فتحوا المدارس الأجنبية كانت مدارس للتبشير الكنسي، وكانت هذه خطة اللورد كرومر عام ألف وتسعمائة وأربعة، فعلمن المناهج العلمية في مصر، وخطب اللورد كرومر عام ألف وتسعمائة وأربعة وقال: طالما كان في مصر هذا المبنى -الذي هو الأزهر- وهذا الكتاب -الذي هو المصحف- فلن تستعمر مصر أبداً. فكانوا مدركين ماذا يعملون، فعلمنوا التعليم، وفصلوا بين التعليم الديني والتعليم الدنيوي، فجعل الدين للأزهري فقط، مع أنه ليس هناك شيء اسمه ديني ودنيوي، فالدين هو الدنيا والدنيا هي الدين؛ لأنه يجب على الولد أن يتعلم هذا مع هذا في وقت واحد، لا أن تلقى حصة الدين في الحصة السابعة ويأخذ حصة الرياضة في الحصة الأولى.

ومنهج الدين نفسه الذي في الكتاب لا يسمن ولا يغني من جوع.

فأقول: إن ابنك أو بنتك إذا وصل إلى أربع أو خمس سنين فأت بمن يحفظه القرآن؛ من أجل أن يتكلم باللغة العربية جيداً، فيعرف مخارج الحروف، ويعرف أحكام التلاوة، ويعرف الحلال والحرام، فالقرآن كله بركة، وسوف يبارك الله في الولد، وفي الأثر: لاعبه سبعاً، وأدبه سبعاً، وصادقه سبعاً.

اختيار الرفقة الصالحة للولد

فإذا دخل الولد المدرسة فعلي أن أرى زملاءه، وهذه مسئوليتك أمام الله، فاذهب وزر المدرسة وانظر من يجلس بجانبه، فاعرف أباه، فلعله من أصحاب المخدرات، وقد يكون أبوه ساباً للدين والعياذ بالله، وقد يكون هو ابن فنانة، وقد تقول: والولد ما ذنبه؟! أقول: الولد يكتسب ممن هم حوله، فلقد ذهبت إلى إحدى مدارس اللغات، وبينما كنت في المحاضرة سألني تلميذ في ثالث ابتدائي عمره تسع سنين، فقال لي: البيرة حلال أم حرام؟ فقلت: البيرة هذه أتعرف شكلها؟! قال: نعم. فقلت له: هي حرام، فقال: من الذي قال؟ فقلت له: الدين. فقال: هات لي نصاً!

فالولد يسألني عن البيرة وعن النص، فما هو الذي جعل الولد تأتي في عقله مسألة البيرة غير أنه رآها في التلفزيون أو في وسائل الإعلام المنحرفة أو رآها في بيته أو رآها في الشارع.

فنحن نضيع أبناءنا دون أن ندرك، فالمرأة تقول لابنها الذي دخل في أول ابتدائي: انتبه -يا حمادة- أن يعطيك أحد وردة تشمها. وهي بذلك تكني عن المقصود، وإذا بالولد يقول: تقصدين الهروين والكوكايين؟ فقالت له: نعم، فقال لها: لا، هذا في الثانوي، وأما منهجنا فمنهج السجائر. فهذه كارثة؛ لأن هذا هو نتاج المجتمع الذي نحيا فيه.

إن الأوروبيين يقولون لنا: ما هي حكاية رجم الزاني؟! إنها عملية وحشية جداً.

فنقول لهم: إنكم تنظرون إلى آخر المسألة لا إلى أولها، فالإسلام يفرض على أتابعه أن يكون المجتمع كله صالحاً، فيكبر الولد في مجتمع ليس فيه مخدرات ولا خمر ولا دور سينما ولا ملاه ولا سرقات، والحدود فيه تقام، والنساء في الشوارع إما منقبات أو مخمرات، فلا أحد يرى عورات النساء في المجلات.

ثم إن الإسلام يحتم على الدولة أن تعين من بيت المال الشاب الفقير الذي لا يستطيع الزواج، فتزوجه وتوجد له سكناً وعملاً.

فالإسلام يوجد له مجتمعاً جيداً، وعملاً، ويقيه من الانحراف ومن الانحلال ومن الحرام، وييسر أمر زواجه، فبعد هذا كله لو انحرف وزنى فإنه يصنع شيئاً لا يليق به. إذاً: لا ننظر إلى القضية من آخرها، وإنما ننظر إلى أولها.

كما يعيبون علينا -أيضاً- بأن المرأة في الإسلام مظلومة في قضية الميراث، ونقول: لا تنظروا إلى المسألة من آخرها، بل انظروا إليها من أولها، فالرجل إذا أراد الزواج فإنه يجهز البيت، ويأتي من الأثاث بما يقدر عليه، ويقدم المهر للزوجة، وبعد هذا كله تأتي الزوجة معززة مكرمة، فتقعد في البيت، وفي فترة الحياة الزوجية كلها ينفق عليها؛ لأن القوامة للرجل.

فالأب إذا ترك مبلغاً من المال قدره ثلاثون ألف جنيه مثلاً، وكان له ولد وبنت، فإن الولد يأخذ عشرين والبنت تأخذ عشرة، فالولد إذا أراد الزواج كلف بما سبق ذكره، فيذهب ما ورثه، وأما البنت فتأخذ عشرة آلاف وهي غير مكلفة بقرش ولا بعشرة، كما أنها تأخذ المهر، وقد يكون ثلاثة أو أربعة آلاف، فيصير بيدها مال كثير، فلا تنظر إلى النتائج من آخرها، فالنتائج مبنية على مقدمات.

قلنا: إن الصبي إذا دخل المدرسة فلا بد من معرفة أصحابه، وكذلك البنت حين تدخل الجامعة، وإن من العجيب أن يقال: هذا بيت محافظ، ويعني بذلك أن البنت لا يأتي إليها زملاؤها في البيت، ولكن ليس عيباً أن تذهب إلى زميلها إلى بيت أهله، فحين تجري الدياثة في دماء المسلمين ماذا تقول عن الإسلام، وماذا تقول عن الرجولة والشهامة، فكيف تذهب البنت إلى الجامعة من أجل أن تكلم زميلها؟! فلتكلم زميلتها.

إن البيت المسلم هو الذي يتكون منه الوطن المسلم والأمة المسلمة، فلو ربينا أولادنا على المثل، وعلى تاريخ الصحابة، وكيف كانوا يعيشون خلف رسول الله ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكيف كانت بيوتهم، لصلحت أحوالنا جميعاً.

لقد كان مجتمع الصحابة يمثل البنوة الصالحة، فسيدنا أنس بن مالك ذهبت أمه تشكوه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له: إنه لا يرضى أن يأكل معي يا رسول الله، فقال له: لماذا يا أنس ؟ قال: أخاف أن تمتد يدي إلى جزء في الصحفة وقعت عليه عين أمي، فأكون عاقاً لها.

وكان أبو هريرة حين يخرج من البيت يسلم على أمه وهو ماشٍ، فيقول: السلام عليك يا أماه، رحمك الله كما ربيتني صغيراً. وحين يرجع يقول كذلك، فترد أمه عليه بقولها: وعليك السلام يا أبا هريرة ، رحمك الله كما بررتني كبيراً.

ولم يكونوا كحالتنا اليوم، حيث تعتب المرأة على زوجها من لحظة زواجه لتحطم نفسيته وتدفعه بكلامها إلى أن يكره زوجته، فتقول: يا بني! إن البؤس دخل إليك من ساعة زواجك بهذه. والأصل أن تقول: يا ابني! اصبر عليها، فقد يكون لها ظروف خاصة، أو حالة مرض.

ويجب على الزوج أن يغض طرفه عن بعض عيوب زوجته؛ لأننا لسنا ملائكة نحن ولا زوجاتنا.

وقد سبق أن ذكرنا من أن تختار له أماً صالحة، لا أماً غنية فقط، بل إن اخترتها غنية فلا بد من أن يكون عندها دين، أو جميلة، فلا بد من أن يكون عندها دين، أو ذات نسب، فلا بد من أن يكون عندها دين، لحديث: (فاظفر بذات الدين تربت يداك).

فالمهم أنك تتزوج امرأة صالحة ونبتة طيبة من بيت طيب، فهذا هو أول حق لابنك قبل أن يوجد، وسوف يطالبك الابن بهذا الحق يوم القيامة إن لم تختر له الأم الصالحة.

وليس بصحيح ما يقوله بعض البعيدين عن الله، حيث يقول الواحد منهم: لا ينفع أن آخذ امرأة لا أحبها، والبنت تقول: حين أحبه أوافق عليه والأولى هو أن تختبر أخلاقه نتيجة الفوضى والانحراف، ونقول هنا ما قاله عمر بن الخطاب ، فسيدنا عمر جاءه رجل يقول له: أريد أن أطلق زوجتي، فسأل عن السبب، فقال: أنا لا أحبها. فضربه عمر بالدرة وقال: أولم تبن البيوت إلا على الحب، فأين الرعاية والتذمم؟!

يقول: البيوت لا تبنى على الحب فحسب، فالحب لا بد من أن يكون موجوداً، فيجب أن يكون الود والتعاطف والمودة بينك وبين امرأتك، فإن ولى الحب يبقى شيء مهم، وهو أن لك حقوقاً وعليك واجبات، وزوجتك لها حقوق وعليها واجبات.

ولو أن كل واحد منا أدى ما عليه وأخذ ما له لصلحت الأمور، أما أن تبتعد عن الله وتبتعد عن طريق الله وتبتعد عن مجالس العلم، وتبتعد عن تقوى الله، وتبتعد عن قيام الليل وصيام النهار وقراءة القرآن، وتريد امرأتك أن تكون صالحة، فمعنى ذلك أن تغالط نفسك، فأصلح ما بينك وبين ربك يصلح الله لك ما بينك وبين زوجتك، والزوجة كذلك ما بينها وبين ربها، لا أن تقعد تشتكي من زوجها، فكلما ذهبت إلى أمها أخبرتها بما يصنع زوجها، فهذه خيانة من الخيانات، فليس من حقك أن تذهبي إلى أمك لتقصي عليها أسرار بيتك ومشاكلك، فهذه خيانة.

قال أهل العلم: إن الأم لها حق خاص، لحديث: (من أولى الناس بالحقوق على الرجل يا رسول الله! قال: أمك، قال: وعلى المرأة؟ قال: زوجها)، فمن أكبر الحقوق على المرأة حق زوجها، ومن أكبر الحقوق على الرجل حق أمه.

كما قال أهل العلم: إن المرأة ليس من حقها أن تذهب إلى أمها لتخبرها عما تطبخ، فكم من خيانة في البيوت!

وقد سمى الرسول صلى الله عليه وسلم تلك خيانة، والله قد سماها خيانة أيضاً فقال تعالى: اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَاِمْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ فَخَانَتَاهُمَا فَلَمْ يُغْنِيَا عَنْهُمَا مِنَ اللَّهِ شَيْئًا وَقِيلَ ادْخُلا النَّارَ مَعَ الدَّاخِلِينَ [التحريم:10].

قالوا: إن زوجة لوط وزوجة نوح كانتا تخرجان أسرار زوجيهما النبيين فسمي ذلك في الإسلام خيانة.

وفي الحديث: (إن من أكبر الخيانات أن يحدث الرجل زوجته حديثاً فتصبح لتحدث به جيرانها)، فتقعد مع الجيران لتكلمهم، وقال: (ومن أكبر الخيانات عند الله أن تسر المرأة لزوجها بحديث فيصبح ليحدث به جلساءه)، فسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خيانة.

فأنت تختار زوجة صالحة من أجل أن يتأسس البيت على أساس صالح، فهذا هو الحق الأول لابنك عليك، وقد خرج الإمام الشافعي رضوان الله عليه لطلب العلم، فقال: يا أمي! أوصيني؟ قالت: لا تكذب.

وما أكثرت عليه، فلم تقل: اجمع المال، وانتبه لا تأمن زوجتك، بل قالت له: لا تكذب.

وسافر الإمام الشافعي ، فخرج عليهم قطاع طريق ليأخذوا ما معهم، فقال أحد اللصوص للشافعي : هل معك شيء؟ قال: معي أربعون ديناراً. فاللص ظن أن الشافعي يضحك عليه، فتركه، فجاء لص آخر فقال له: أمعك شيء؟ قال: معي أربعون ديناراً، فأخذوه إلى رئيسهم، فقالوا: هذا نسأله: أمعك مال؟ فيقول: معي أربعون ديناراً! فقال له: معك أربعون ديناراً؟ قال: نعم، فقالوا له: أين تضعها؟ فقال لهم: أديروا وجوهكم. وأخرج المال، ثم قال: لقد عاهدت أمي على ألا أكذب وأنا أخاف أن أحيف بعهد أمي. فشق شيخ اللصوص ثوبه، وقال: أنت تخاف أن تحيف بعهد أمك وأنا قد حفت بعهد الله، أشهد الله أني قد تبت على يديك، وكان اللصوص كلهم تابعين له، فقالوا له: لقد كنت شيخنا في المعصية وفي الحرام، وأنت الآن شيخنا في التوبة.

وقد حدث أن المحكمة الشرعية في السعودية أقامت حد قطع اليد على شاب، وقبل أن يقطع المتولي للقطع، قال له الشاب: اقطع أولاً لسان أمي، فقال: لماذا؟ قال: لقد سرقت دجاجة من دجاج الجيران وأنا صغير، فزغردت أمي وقالت: لقد صار ابني رجلاً، ففرحتها هي التي جعلتني أستمر في السرقة.

فالأم حين تكون صالحة يصلح بها المجتمع، وأما إذا كانت بخلاف ذلك فإنها حين يكبر الأولاد تقول لهم: سأطلعكم على أمور لم أقلها لكم وأنتم صغار، وأبوكم هذا قد أرهقني منذ ثلاثين سنة. فتكره الأولاد في أبيهم.

فيا امرأة! اصبري واحتسبي إذا كان زوجك ليس صالحاً وقد صبرت طول هذه المدة، فمن صبرت على سوء خلق زوجها أعطاها الله مثلما أعطى آسية امرأة فرعون في الجنة، ومن صبر على سوء خلق زوجته أعطاه الله مثلما أعطى أيوب على صبره.

والحق الثاني اختيار الاسم، ثم الأذان في أذن وإقامة الصلاة في الأذن الثانية، ثم حلق الشعر والتصدق بوزنه فضة أو ذهباً، ثم الختان، ثم العقيقة.




استمع المزيد من د. عمر عبد الكافي - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة مقتطفات من السيرة [15] 2687 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [23] 2530 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [16] 2142 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [12] 2125 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [8] 2056 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [17] 2050 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [19] 2032 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [18] 2011 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [24] 1980 استماع
سلسلة مقتطفات من السيرة [11] 1943 استماع