خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/943"> د. عمر عبد الكافي . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/943?sub=34776"> سلسلة الدار الآخرة
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
سلسلة الدار الآخرة علامات الساعة الصغرى
الحلقة مفرغة
أحمد الله رب العالمين حمد عباده الشاكرين الذاكرين، حمداً يوافي نعم الله علينا ويكافئ مزيده، وصلاةً وسلاماً على المبعوث رحمة للعالمين سيدنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه صلاة وسلاماً دائمين متلازمين إلى يوم الدين.
أما بعد:
فهذه بمشيئة الله عز وجل هي الحلقة السابعة في سلسلة حديثنا عن الدار الآخرة، أو الموت وما بعده، نسأل الله في بدايتها أن يجعل جمعنا هذا جمعاً مرحوماً، وتفرقنا من بعده تفرقاً معصوماً، ولا تجعل يا ربنا! بيننا شقياً ولا محروماً، فك اللهم الكرب عن المكروبين، وسد الدين عن المدينين، اقض حوائجنا وحوائج المحتاجين، وارحم أمواتنا وأموات المسلمين، كن اللهم بنا رءوفا وعلينا عطوفا، خذ اللهم بأيدينا إليك أخذ الكرام عليك، قومنا إذا اعوججنا، أعنا إذا استقمنا، خذ بأيدينا إذا عثرنا، كن لنا حيثما كنا، اللهم كن لنا ولا تكن علينا، آثرنا ولا تؤثر علينا، انصرنا ولا تنصر علينا، اللهم لا تدع لنا في هذه الليلة العظيمة ذنباً إلا غفرته، ولا مريضاً إلا شفيته، ولا عسيراً إلا يسرته، ولا كرباً إلا أذهبته، ولا طالباً إلا نجحته، ولا مظلوماً إلا نصرته، ولا ظالماً إلا هديته، ولا ميتاً إلا رحمته، ولا صدراً ضيقاً إلا شرحته، ولا شيطاناًً إلا صرفته، ولا مسافراً إلا غانماً سالماً لأهله رددته، اجعل اللهم خير أعمالنا خواتيمها، وخير أيامنا يوم أن نلقاك.
نسألك يا ربنا رضاك والجنة، ونعوذ بك من سخطك والنار، وإن أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك -يا مولانا- غير فاتنين ولا مفتونين، وغير خزايا ولا ندامى ولا مبدلين، إنك يا مولانا على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير.
وصلى الله وسلم وبارك على البشير النذير سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
هذه الحلقة -بمشيئة الرحمن- هي الحلقة السابعة نكمل فيها ما كان في الحلقة الماضية من علامات الساعة الصغرى، وقلنا: إننا جمعنا مئات الأحاديث وهي بعض علامات الساعة التي جاءت على لسان المعصوم الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم، فجمعنا لكم ما يقرب من مائة علامة، ربما ذكرنا عناوين لبعض هذه العلامات وأنتم شهود صدق على ما ترون من صدق الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم؛ لأنه لا ينطق عن الهوى عليه الصلاة والسلام، فكل ما يقوله ليس كلاماً من عنده أو من ذات اجتهاده، وإنما هو مما علمه رب العباد سبحانه وتعالى.
وقلنا في الحلقة السابقة: إن علامات الساعة تنقسم إلى قسمين: علامات صغرى، وعلامات كبرى.
والفرق بينهما فرق مهم جداً وخطير ومخيف، فإذا ظهرت بعض أو كل علامات الساعة الصغرى فما زال باب التوبة مفتوحاً، يعني: الذي لا يصلي له أن يصلي، والبذيء اللسان له أن يتوب، والمرتشي له أن يترك الرشوة، والذي ينظر إلى المحرمات له أن يغض البصر، والذي يسمع ما يغضب الله عز وجل أن يترك سماعها، والذي تذهب رجلاه إلى أماكن محظورة له الامتناع عن ذلك، وهكذا.
أريد أن أقول: إن علامات الساعة الصغرى إذا ظهرت فما زال باب التوبة مفتوحاً، لكن يحزنني كثيراً أن كثيراً من الحاضرين والمواظبين على دروس الدار الآخرة إن كان الواحد منهم غير مواظب على الصلاة يظل أيضاً غير مواظب عليها، والمسلمة التي أتت المسجد غير محجبة أو منقبة، تخرج بعد درس العلم، وهي متأثرة قائلة: والله كلام لطيف وجميل يؤثر فينا، ثم تعود إلى سيرتها الأولى، والمستغفر من الذنب وهو مقيم عليه كالمستهتر بربه.
والحديث عن الدار الآخرة يحرك المشاعر والقلوب القاسية، بل يلينها ويجعلها متابعة لأمر الله عز وجل، ومنيرة بكلام الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [الرعد:28] ، اللهم اجعل قلوبنا من التي تطمئن بذكرك يا رب العالمين.
إن الحديث عن الدار الآخرة، ليس مجرد عرض أكاديمي علمي بحت عما يحدث بعد الموت، وإنما نريد أن نبلغ ما بلغه الصادق الأمين سيدنا صلى الله عليه وسلم، ونريد من تبليغنا لكلام الحبيب عليه الصلاة والسلام تحريكاً للمشاعر الإسلامية نحو التوبة والاستقامة، ونحو إقامة مجتمع قائم على الكتاب والسنة، بعيد عما حرم الله، بعيد عن الشبهات، حتى وإن سار الناس جميعاً في طريق الانحراف والزور والبهتان، فإن المسلم مرتبط بما قاله الله وقاله الحبيب صلى الله عليه وسلم، ولذا يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدي أبداً: كتاب الله وسنتي).
ونحن ضعنا لما ألقينا كتاب الله وسنة الحبيب صلى الله عليه وسلم خلف ظهورنا، فأنت ترى الحالة التي وصل إليها المسلمون، أو المتمسلمون ومدعو الإيمان والالتزام، وهم للأسف في الاستماع خبراء، يعني: أستطيع أن أعطي شهادة لكل واحد منكم بأنه خبير استماع، لكن في التطبيق لا أرى خبيراً؛ لأن كثيراً من المسلمين يفصلون ما بين الاستماع والتطبيق، وقد كان الصحابي يسمع الآية فيبادر إلى امتثال قول الله عز وجل.
هذا سيدنا أنس لما بعثه الرسول وقال له: (يا
لو أن أحداً ابتلي بمصيبة وهو ممن يحضر دروس العلم، فهل سيصبر صبراً صادقاً؟ صبر من وضع الله يده على قلبه، فنزلت البلية والمصيبة على قلبه برداً وسلاماً، لكن إذا نزلت عليك المصيبة وادعيت الصبر وتظاهرت به، فحينها يرفع الله يده، ويكلك إلى نفسك، ويظهر ذلك في فلتات لسانك: بس يعني .. لو يعني .. الموضوع يعني، آه، لكن عندما يضع سبحانه وتعالى يده على قلبك فالأمر هين، اللهم ضع يدك على قلوبنا يا رب العالمين.
ولذلك السيدة يوكابد أم سيدنا موسى عليها السلام، لما قال لها ربنا سبحانه وتعالى: أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ [طه:39] تأمل كلمة (اقذفيه)، ثم بعد ذلك خذي التابوت واقذفيه في اليم، والقذف: هو رميٌ بشدة، فقال الله لها: أَنِ اقْذِفِيهِ فِي التَّابُوتِ فَاقْذِفِيهِ فِي الْيَمِّ فَلْيُلْقِهِ الْيَمُّ بِالسَّاحِلِ يَأْخُذْهُ عَدُوٌّ لِي وَعَدُوٌّ لَهُ [طه:39]، فلما رمته خافت؛ لأن لها قلب أم، إِنْ كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ [القصص:10] أي: هي على وشك أن تقول: ابني ضيعته قبل اثنين وسبعين ساعة، أو وضعته بيدي في التابوت أو في الصندوق ثم رميته، ولو قتلوه بأيديهم لكان أخف من أن أقتله بيدي. فقال تعالى: إِنْ كَادَتْ [القصص:10] أي: أوشكت، لَتُبْدِي بِهِ لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص:10].
أي: أن الذي ليس مربوطاً على قلبه ليس مؤمناً، لكن حين تجزع في المصيبة فاعرف أن إيمانك مهزوز، وكذا حين تجزع لموت حبيبك من أب أو أخ أو ابن أو امرأة، أو أي عزيز عليك، فأول ما تفزع فاعرف أن إيمانك مهزوز.
وصحيح أنه لا قياس بموت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسيدنا عمر أنكر، وسيدنا عثمان حصل له ذهول، وقعد علي على الأرض، فما تماسك من الصحابة إلا أبو بكر ، وهو من أقرب الناس إلى قلب حبيب الله صلى الله عليه وسلم، ومن أحب الناس إليه عليه الصلاة والسلام.
إذاً: من سيكون أشد الناس حزناً على موت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ النتيجة المنطقية: أن يكون أشد الناس جزعاً هو الصديق وبما أنه كان أشد الصحابة ثباتاً؛ فإذاً هو أشدهم إيماناً، فإيمانه لو وضع في كفة وإيمان الأمة كلها إلى أن تقوم الساعة في كفة أخرى، لرجحت كفة إيمان أبي بكر .
إذاً: فالذي ليس مربوطاً على قلبه ليس مؤمناً، قال تعالى: لَوْلا أَنْ رَبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ [القصص:10] .
فعلامات الساعة صغرى وكبرى، إذا ظهرت علامات الساعة الصغرى فإن باب التوبة يبقى مفتوحاً، أما إذا ظهرت علامات الساعة الكبرى فإن باب التوبة سوف يغلق، والعياذ بالله رب العالمين، فلا تنفع أحداً توبة، ولا ينفع رجوع العاصي، فالذي صلى صلى، والذي زكى زكى، والذي عمل خيراً عمل خيراً، والذي ظلم ظلم، فيأتي ليرجع الحقوق فلا يستطيع، حتى أننا نرى من علامات الساعة الكبرى أن الناس انقسموا إلى قسمين:
مجموعة منهم على وجهه هالة من نور تشع، اللهم اجعلنا منهم يا رب.
والمجموعة الأخرى على وجوههم غبرة.
ويختفي هناك التعامل بالأسماء يعني: لا يوجد محمود أو أحمد أو عبد الكريم أو عبد الحميد أو إبراهيم، وإنما الذي على وجهه هالة نور ينادى: يا مؤمن! والذي على وجهه غبرة ينادى: يا كافر!
توقفنا في اللقاء الماضي على كل علامة من العلامات الثابتة بنص حديث من الكتب الصحيحة، وأؤكد أن كل حديث من هذه الأحاديث قد عكفت على تحقيقه زمناً، حتى أخرج الأحاديث الصحيحة فقط، يعني: كل أحاديث الدار الآخرة بفضل الله عز وجل، أحاديث محققة منقحة صحيحة، لا حديث ضعيف فيها، وحتى الأحاديث المرسلة إن لم تكن هناك أحاديث تقويها تركناها؛ من أجل الأمانة في نقل العلم، اللهم اجعلنا والسامعين من أهل الأمانة.
مسخ أناس قردة وخنازير
وفي رواية ابن ماجة : إلى قردة وخنازير، قالوا: ويقرءون القرآن ويشهدون أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، يا رسول الله؟ قال: نعم، يقرءون القرآن، ويشهدون أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، قالوا: بم يا رسول الله؟! أي: بم صاروا قردة وخنازير؟ قال صلى الله عليه وسلم: بعكوفهم على اللهو واتخاذهم القينات والمعازف، وبأن يحلوا الربا، وبأن يشربوا المسكرات.
وفي رواية ثانية: وبأن يشربوا الخمر، فيصبحون وقد مسخوا إلى قردة وخنازير والعياذ بالله رب العالمين، وقد وضحنا هذا الأمر في دروس مضت.
إعانة المرأة زوجها في التجارة
الصحابة استغربوا، فأن تسمع الحيطان الكلام هذا أمر عادي، لكن أن تعين المرأة زوجها على التجارة فتصبح سيدة أعمال، أو رجل أعمال، جالسة في مكتبها وفيه ثلاثون تلفوناً وسكرتارية، وتتصل بالإسكندرية وببرج هونج كونج، وببرج في طوكيو وفي لندن، سعر الإسترليني اليوم كذا، فهذا مما يستغرب عند الصحابة وغيرهم من الفضلاء.
وفي رواية ثانية له: (تعيب) وهي رواية الترمذي ، أي: (تعيب المرأة على زوجها في التجارة)، أي: تقول له: لست حاذقاً، الناس يضحكون عليك، ونحو هذا.
انظر إلى حال أم رومان مع زوجها أبي بكر ، وكان من أكبر تجار المسلمين، ولم يضعها بجواره في التجارة، وإنما كانت تربي السيدة عائشة والسيدة أسماء وسيدنا عبد الرحمن وسيدنا عبد الله بن أبي بكر ، وهم أبناء أبي بكر العظماء رضي الله عنهم أجمعين.
إذاً: فهي لم تهتم ولم تشغل نفسها بالتجارة مع أبي بكر ، وفي هذا الزمان لم تعد مجرد إعانة، وإنما تحضر وقت البيع وتتدخل بأن تتم الصفقة أم لا.
مثلاً: عندك شركة فيها مكتب، وتريد أن تقوم بعمل مقاولة معينة لفلان، فهي لن تنتظرك، وامرأة صاحبك الذي ستتم لها الصفقة قد تعرقل وقد تعقد هذه الصفقة، مثلما وضحنا سابقاً أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إذا كان أمركم شورى بينكم، وأموالكم في أيدي سمحائكم أو كرمائكم، وأمركم بين أيديكم، فظاهر الأرض خير من بطنها) والعكس بالعكس (إذا كان أمراؤكم شراركم، وأموالكم في أيدي بخلائكم، وأمركم بين أيدي نسائكم، فبطن الأرض خير من ظهرها) ، وهذا حصل أم لم يحصل؟ حصل.
قطع الأرحام
ليست رحماً واحدة، وإنما أرحام، وللأسف لا تقابل في هذا الزمان أقربائك إلا في المناسبات القوية، إما في موت أو في فرح، أو في مرض خطير، فإن قيل: هذا ابن خالك، قال: من أين؟ أنا لا أعرفه ولم أره، وهكذا، لأن الأخوات كن متقاطعات.
وبعض الآباء يزرعون الضغينة في قلوب الأبناء، فيحقدون على أبناء عمومتهم. فمن أراد أن يبيت في بركة من الرزق وبركة من العمر فليصل رحمه، ومن أراد أن تنزع البركة من رزقه وعمره فليقطع رحمه، اللهم اجعلنا من الوصولين للرحم يا رب العالمين.
ولذلك أي امرأة تعمل قطيعة ما بين زوجها وبين أهله فهي قاطعة للرحم، لا يتقبل الله لها صلاة، أي: صلاتها لا ترتفع فوق الأرض شبراً، وكذلك إن قطعت زوجتك عن أهلها بدون عذر ظاهر، ومعنى (عذر ظاهر) كأن تكون خالتها مثلاً تشتغل بشغل معيب، كأن تكون راقصة .. مطربة، ونحو ذلك، فحينها لك الحق أن تقول لها: لا تزوري خالتك هذه، لكن لو كانت خالتها سيدة فاضلة فلا تمنعها.
تأتيني شكاوى من بعض النساء، وفيها: زوجي يقول: لا تذهبي عند أمك، كيف يمنع هذا الزوج امرأته عن أهلها؟
إن من حقوق الزوجة عليك طالما أن أهلها بنفس المدينة التي تحيا فيها، أن تزور أهلها ولو كل جمعة مرة، لكن هناك نقطة مهمة، وهي أن أهل الزوجة عند أن تأتيهم يقومون بإفسادها على الزوج فترجع إليه وقد تغيرت طباعها، وكثرت مطالبها، فإياك أن تكون قاطعاً للرحم، وتجعل الناس أيضاً يقطعون أرحامهم. اللهم اجعلنا من الواصلين لأرحامنا يا رب العالمين.
ويكفي أن الله يقول لها: (يا رحم! ألا يكفيك أن أصل من وصلك، وأقطع من قطعك)، فمن وصله الله، فنعم الصلة هي والله، اللهم صلنا بك يا رب، ومن قطعه الله، فماذا يبقى له؟ نسأل الله التوبة والهداية.
فشو القلم
معنى: (فشو القلم): انتشار حملة الأقلام المشكوك في أمرها، وليس قلم الصدق، يعني: الذين هم من الكتبة، من الأدباء والصحفيين وأساتذة الجامعة المدرسين، وكل من يكتب وتؤثر كتاباته.
انظروا النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي لم يتعلم بقلم، يقول له ربنا: اقرأ، قال له الله ذلك على لسان جبريل، قال: ما أنا بقارئ، وكرر عليه الأمر مراراً، وفي الأخير قال له: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [العلق:1-5].
اللهم علمنا ما جهلنا يا رب.
أنواع التعليم
العلم الأول: علم بالقلم، وهذا الذي تعلمناه في المدارس، فإن أتاك أحد وقال لك: أنا أريد أن أعمل شيئاً للإسلام، فأته بعشرين أمياً من الحي الذي أنت ساكن فيه؛ ليعلمهم القراءة والكتابة، فكلما يقرأ أحد منهم في المصحف تأخذ ثوابه إلى أن تموت، وبعدما تموت، فهذا تعليم بالقلم.
وهناك تعليم بالتلقين، ومنه ما قال ربنا عن آدم: وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاءَ كُلَّهَا [البقرة:31] فقد كان هذا بالتلقين، فعلم آدم علماً تلقينياً، وهذا هو النوع الثاني للتعليم.
النوع الثالث: علم بغير القلم لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا كما قال تعالى: وَمَا كُنْتَ تَتْلُوا مِنْ قَبْلِهِ مِنْ كِتَابٍ وَلا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ [العنكبوت:48].
وهناك نوع من العلم يسمى العلم اللدني، اللهم علمنا من علمك اللدني يا رب، ويدل عليه قوله تعالى: فَوَجَدَا عَبْدًا مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا [الكهف:65]، العلم اللدني هو العلم الذي يعلم البصائر، فالعلم لا يدخل على البصر أو السمع، وإنما يدخل على البصيرة التي يقول الله فيها: وَاتَّقُوا اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [البقرة:282].
فإن تتق الله يفهمك، وتفسير هذا في الحديث: (من عمل بما علم، ورثه الله علم ما لا يعلم).
سألت امرأة أبي حنيفة فقالت: مات أخي وترك ستمائة دينار، فأخذت من تركته ديناراً -فهي أتته بالمسألة من الآخر، ليس من الأول، ونحن دائماً في مسائل الفرائض، نقول: مات وترك كذا وكذا- فهي تقول له: أخي مات، فأنا أخذت من تركته ديناراً واحداً، فقال لها: لا بد أن أخاك ترك بنتين وأماً وزوجة واثني عشر أخاً وأنت فأخذت ديناراً. فترجمها أبو حنيفة سريعاً، أما نحن لو أتتنا لقلنا لها: اتركيني لغد، ونجلس نحسبها، ونعمل فاصل جدول، ونقول: ربع وثمن وثلث ونصف، وفي رد أو عول.
وكذلك في المسألة الغراوية أيضاً، رد سيدنا عمر سريعاً.
فاللهم علمنا من علمك يا رب، فهذا اسمه العلم اللدني.
إذاً: فشو القلم، المراد به انتشار الأقلام وحملتها، وكل واحد في هذه الأيام يكتب، وليس المراد أن صحفياً ماركسياً أو شيوعياً مثلاً يكتب في الإسلام، أو ممن لا يصلون يكتبون في الإسلام ويفتون.
وكان سيدنا ابن عباس يأبى أن يغادر أحداً يعرف أن عنده مسألة فقهية، فيعكف على بابه، وكان يتذلل لأهل العلم، فلا يضرب على أبوابهم، بل يقول: العالم سيخرج للصلاة، فسأنتظره حتى يخرج.
وكان رضي الله عنه يقول: العلم يؤتى إليه، ولا يأتي لأحد.
ويقول سيدنا ابن عباس رضي الله عنه: ذللت طالباً فعززت مطلوباً، وصدق رضي الله عنه، فقد كان الناس يأتونه لعلمه من مصر ومن جنوب الجزيرة، ومن جنوب شرق آسيا، كلهم يأتون لـابن عباس ؛ لأنه تذلل في العلم، والعلم يريد تواضع متعلميه لا تكبرهم، فحين يأتي الطالب إلى المسجد إنما يأتي ليتعلم ويجلس مع الصالحين، اللهم علمنا من علمك يا رب العالمين.
إذاً: (فشو القلم) انتشار الأقلام، وهؤلاء يضافون إلى خطباء الفتنة، الذين يفسدون أفكار الناس بأقلامهم، فهذا رجل كبير السن يقول: أنا كنت أتمنى أن موسيقار الجيلين أو موسيقار الأجيال لما مات بدل أن يعملوا نشيد بلادي بلادي أو السلام الوطني وهم يدفنونه، كان الأولى أن يأتوا بعازفين للحن مجنون ليلى وهم في الدفن، يا أخي اتق الله، فقد مات، ربنا يغفر للجميع، وهذه مسألة تخص الله عز وجل ليس لنا فيها دخل، يا رجل! اسكت، أأنت تحض على طاعة؟ تقول: بدل أن يدفنوه بالسلام الوطني، بلادي بلادي، يدفنوه بلحن مجنون ليلى، أين الحياء؟ اتقوا الله يا ناس فينا، والناس يقرءون هذا الكلام ويقولون: والله هذه فكرة جميلة كيف جاءت له؟ وطبعاً جاءت له من الشيطان.
إذاً: معنى: (فشو القلم) انتشار حملة الأقلام الفاجرة.
كثرة شهادة الزور
انظر جوار مجمع المحاكم، على باب القسم، ستجد تحقق هذه العلامة، تجد المحامي يقول لموكله: يا أستاذ! ألا يوجد عندك شهود عدول؟ فيقول: لا، فيقول له: أصحابك، فيقول: ليس عندهم فراغ، وكان الشاهد قديماً بخمسين قرشاً، فادفع الآن مبلغاً مناسباً؟ وتأخذ من أحد شهادة زور، ثم يذهب الاثنان إلى نار جهنم والعياذ بالله.
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إياك والشرك بالله، وعقوق الوالدين) وكان متكئاً فاعتدل؛ لأن الذي سيأتي خطير هو بعد الشرك بالله، وبعد عقوق الوالدين فقال: (ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور، ألا وشهادة الزور) حتى قلنا: ليته سكت. أي: ليته لم يكن كررها؛ لأن هذا الأمر خطير، أي: شهادة الزور، فلا تقل: أخي حكى لي حكاية فذهبت وشهدت معه في المحكمة؛ بل إن رأيت بعينيك فبها وإلا فلا، أي: لابد أن ترى بعينيك.
رجل جاء يشهد عند الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم، فقال له: تعال، وأخذه بيده خوفاً عليه من النار، وذهب به خارج المسجد بعد صلاة العصر، والشمس لازالت واضحة، فقال له: (أترى الشمس؟ قال: نعم يا رسول الله! قال: على مثلها فاشهد أو دع) أي: على مثل قرص الشمس ينبغي أن تكون شهادتك، فقال الرجل: اعفني من الشهادة يا رسول الله. فالأمر خطر، فإذا كنت رأيت الحق شيئاً واضحاً بيناً فاشهد وتوكل على الله.
انظر إلى سيدنا علي رضي الله عنه كيف شهد شهادة الحق، ذهب ابنه الحسن يخطب من قبيلة همدان، فلما صعد علي المنبر، قال: أيها المسلمون! بينكم قبيلة همدان، وأنا أحبهم، وابني الحسن ذهب ليتزوج منهم، وهو مزواج مطلاق. -أي: يتزوج كثيراً ويطلق كثيراً- إن شئتم فزوجوه، وإن شئتم فالأمر بأيديكم.
انظر إلى الصراحة، ولم يقل: هذا ربيب بيت النبوة، وسيدنا الحسن سيد شباب أهل الجنة هو والحسين .
فقال زعيم القبيلة: يا أمير المؤمنين! كيف نرفض أن تضع ابنتنا شفتيها مكاناً كانت توضع فيه شفتا رسول الله صلى الله عليه وسلم. أي: كان الرسول صلى الله عليه وسلم يقبل الحسن ، وتكون ابنتنا تقبله أيضاً في المكان الذي قبله الرسول صلى الله عليه وسلم، فسر سيدنا علي من الإجابة وقال:
لو كنت بواباً على باب جنةٍ لقلت لهمدان ادخلوا بسلام
يعني: أنهم ماداموا يحبون بيتي وآل البيت والحسن ابني فهؤلاء ناس أهل كرم.
أتت امرأة بابنها وعمره سبع سنين إلى النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ما له؟ قالت: لا يتكلم يا رسول الله! فقال: كوباً من الماء يا أنس ، وأخذ قليلاً من الماء، فوضعه في فم الولد.
فقال الولد: السلام عليك يا رسول الله.
إذاً: فحذار من شهادة الزور، ولو كانت لأقرب قريب، وإن استفتيت في موضوع فقل بما يرضي الله، وبما ترى، ولا تقل: ما رأته سيادتك!
اللهم اجعلنا من أهل الصدق، وأبعدنا عن شهادة الزور يا رب العالمين.
كتمان شهادة الحق
دخلت امرأة على شريح القاضي تبكي بكاءً مراً، تقول: زوجي ظلمني أيها القاضي! وتبكي، والقاضي يرى مثل حالتها كل يوم، وقد عرف المغزى، فقال له من بجواره: أيها القاضي مظلومة، قال له: وما الذي أدراك؟ قال: ألا ترى بكاءها؟ فقال له: إخوة يوسف جاءوا أباهم عشاءً يبكون، وقد رموا أخاهم في الجب، أي: جاءوا بعد غياب الشمس من أجل الدموع الكاذبة لا تكون واضحة، نسأل الله أن يجعلنا من أهل الصدق.
فإياك وكتمان شهادة الحق، وإن طلبت منك شهادة، فلا تقل: وأنا مالي؛ لأن الله يقول: وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ [البقرة:283].
قبض العلم
ولما مات الملك فؤاد كان عمر ابنه فاروق ست عشرة سنة ونصف سنة، وكان دستور المملكة المصرية أيامها أن الملك لا يصعد للملك إلا عندما يكون عمره ثماني عشرة سنة، فكيف العمل بالملك فاروق ؟
أتوا بثلاثة أو أربعة من الأزهريين، ولا أغتاب العلماء، فهؤلاء أساتذتي وعلمائي وتعلمنا على أيديهم، وهذا المعهد له فضل على الآلاف المؤلفة بل الملايين على مر الزمن، اللهم أعده إلى ما كان عليه من الحق يا رب العالمين.
إذاً: فأتوا بعلماء من الذين يريدونهم، من أصحاب القوانين، فقالوا: كيف نجعل عمر فاروق ثماني عشرة سنة؟ فقالوا: نحسب سنه بالشهور الهجرية، والشيطان ينفث في روع أهل الفتاوى الباطلة فأوصلوا عمره إلى ثماني عشرة سنة، فصدر المرسوم بأنه الملك، فقللوا المدة، وهو لم يكمل ثماني عشرة سنة كاملة، ولكن ضيقوا المدة جداً، وبعدما تولى رجعوا سنه حقيقة مرة ثانية، سبحان الله!
فهذا من انتزاع العلم، فليست العبرة بكميته، ولذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: (يميت العلماء الصالحين، الأول فالأول، فلا يبقى في الناس إلا جهال) الحديث سماهم جهلة رغم علمهم؛ لأنهم يفتون الناس فيَضلون ويُضلون والعياذ بالله، والمصيبة أنه يقول لك: حطها في رقبتي! ولماذا تحمل رقبتك؟! وما عساها أن تحمل رقبتك؟ فلا تجعل في رقبتك إلا شيئاً تعرفه، والله اعلم.
بينما كان سيدنا عمر رضي الله عنه يمشي وجد امرأة حاملاً، فلقيت أمامها أمير المؤمنين فجأة، والمفاجأة التي حصلت لها أنها لما وصلت البيت أسقطت الذي في بطنها، فأشتكى زوجها لأمير المؤمنين، جئت أشكو إليك منك، فماذا حدث؟ قال له الرجل: لقد رأتك زوجتي على حين غرة فخافت منك، وأنت رجل مهيب، فسقط ما في بطنها.
فخاف سيدنا عمر ، فصعد المنبر وقال: أيها الناس! بينما أنا سائر في الطريق إذ التقيت بامرأة فجأة، فسقط ما في بطنها أعلي شيء؟ قالوا: لا يا أمير المؤمنين!
فقال سيدنا علي : يا أمير المؤمنين! إن كانوا قد نصحوك فقد غشوك، ويوم القيامة لن ينفعوك، عليك غرة، يعني: عليك دية؛ لأن هذا قتل خطأ.
ومثال قتل الخطأ: أن يمشي أحد ببندقية ولقي عصفوراً على الشجرة، فرمى العصفور، ونفذت الرصاصة من الشجرة إلى بلكونة فقتلت إنساناً، فهذا قتل خطأ، ونقول للقاتل: عليك مائة ألف جنية، وهي عدل مائة ناقة؛ لأن الناقة بألف جنية؛ لذلك أحذر الذين يعملون عملية إجهاض، فلينظروا كم مرة قتلوا ثم ليضربوا في مائة ألف!
كثرة الزلازل
عندما تسمع هذا الكلام لا تملك إلا الصلاة والسلام على رسول الله.
قوله: (تكثر الزلازل) من فضل الله عز وجل أن حزام الزلازل العالمي موجود في شرق إيران وغرب المغرب وجنوب السودان وشمال مصر، وعندما تنظر الخريطة تجد العالم الإسلامي داخل حزام الزلازل، والزلازل بعيدة عنه بفضل الله عز وجل، وعمل خبراء الجيولوجيا في جزيرة العرب بحثاً عن الزلازل، أي: هل سيوجد زلزال فيها أم لا، فلم يجدوا أي أثر لأي ثورات بركانية محتملة تحت الجزيرة العربية، وبالذات في منطقة مكة والمسجد النبوي الشريف، وتجد إيطاليا فيها زلازل، وبينها وبين مصر البحر الأبيض، وفي ناحية غرب إيران تقع الزلازل، وحزام الزلازل بعيد عنا، وهناك عند البربر، وهناك جماعة البوليساريو، وتجد هناك أناساً في الجنوب مشركين.
وقد حدث زلزال بسيط على زمن سيدنا عمر ، فقال: أيها الناس! لا تتزلزل الأرض إلا لذنوب صنعت فوقها، فاتقوا الله عباد الله، واستقيموا يرحمكم الله، اللهم! لا تهلك أمة محمد وعمر بينهم.
تقارب الزمان
فلا بركة في الوقت، ومن أجل ذلك قطع الناس الأرحام؛ لأن المسافة تأخذ وقتاً من الإنسان.
أحد الصالحين ذهب يحج من الشام، فكلما كان يمشي مرحلة، ينزل ويريح الدابة، ثم يصلي ركعتين، هذا غير الفرائض طبعاً، فالذين معه جلسوا يحسبون له، فقالوا: صلى ألفي ركعة، واحزناه لنزع البركة من الوقت.
اللهم بارك لنا في أوقاتنا، وبارك لنا في أعمارنا، وبارك لنا في أموالنا، وبارك لنا في أبنائنا وبناتنا وذرياتنا وزوجاتنا، إنك يا رب العباد على ما تشاء قدير.
ظهور الفتن
يسألني رجل فيقول: أصحيح يا شيخ أو أمعقول أن يمد ولد يديه على أمه؟
يقول: نجد الكثير ممن ضرب أباه أو أمه، أو بصق على وجه أبيه، أو طرد أمه من الشقة، هل هذا حقيقي؟
أقول: حقيقي في حالة واحدة فقط، ولعل السبب: أن الزوج أبا الولد عندما جاء يتزوج امرأته أكل عليها مؤخر الصداق، ونوى ألا يؤديه لها، فكأنما يزني بزوجته، أو يكون الزوج كثير الحلف بالطلاق، فطلق امرأته أكثر من خمس عشرة مرة، ويعيش معها، ويكون مع امرأته في الحرام، ورزق بولد يضرب أباه وأمه؛ لأنه ابن حرام والعياذ بالله، لا تفسير عندي إلا ذلك، أما ابن من صلب أبيه وصلب أمه، فلا يمد يده بالفطرة على والديه، ولا لسانه أيضاً، ولن يكره أباه ولا أمه فطرة، اللهم اجعل أبناءنا بررة بنا، واجعلنا بارين بآبائنا أحياءً وأمواتاً يا رب العالمين.
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: (وتظهر الفتن)، الفتن والبلايا كثيرة.
رجع النبي صلى الله عليه وسلم مرة من غزوة في السنة السابعة من الهجرة فقال: (مالي أرى الفتن تتساقط على بيوتكم تساقط المطر)، أي: الفتن تتساقط على بيوت الصحابة، أما على بيوتنا فكيف؟! ماذا نصنع يا رسول الله؟ قال: (اتقوها بتقوى الله)، تقوى الله ألا يجدك حيث نهاك ولا يفتقدك حيث أمرك.
كثرة القتل
وفي رواية ثانية: (لا يدري القاتل لم قتل، ولا المقتول لم قتل).
وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من رفع على أخيه حديدة فقد برئت منه ذمة الله وذمة رسوله) هذا لم يضرب، وإنما رفع فقط، أما الذي يضرب وبالذات الضرب على الوجه، فأمره عظيم، فاحذر أن تضرب امرأتك على وجهها، أو تضرب ابنك على وجهه، أو تضرب العامل الذي عندك على وجهه؛ لأنه في الحديث: (إن الله خلق آدم على صورته، فمن صفع مسلماً - والعياذ بالله - كأنما صفع وجه رب العباد سبحانه).
كان الرسول يؤدب بالسواك، ولم يكن يضرب، فما ضرب بيده امرأة قط، وما ضرب بيده إلا في سبيل الله، في صلى الله عليه وسلم، ولنا فيه أسوة حسنة، وكان يهدد أنساً فيخرج له السواك ويقول: يا أنيس ! لولا مخافة القصاص يوم القيامة لأوجعتك ضرباً بهذا السواك، فهذه منتهى قسوة سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم.
فيضان المال
كيف يفيض المال؟ أي: يكثر، وليس فيه بركة، في الحديث الثاني: (حتى تعطي الصبي المائة دينار فيستقلها).
كان سيدنا عمر يذهب ليحج ويرجع بستة عشر درهماً، يعني: بأربعين قرشاً، فتجد من يتفلسف ويقول: سعر الذهب كذا، ويقول: قرأت في الأهرام منذ أسبوعين حلقات في تحليل الربا، أو تحليل الفوائد، فأقول: اقرأ براحتك يا أخي! اقرأ حتى الصبح، فالربا حرام.
فالمسألة: أن المال كثير ولكن ليس فيه بركة، تأتي للولد بمائة جنية فيقول لك ماذا أفعل بها؟! هل أشتري بها بنطلون أم جزمة أم قميص؟ وكان الأمر عند أجدادنا القريبين، يعن: سنة 1900م أيام الشيخ محمد عبده رحمة الله عليه، فتجد أحدهم بمائة جنية يعد باشا، لكن في هذا الوقت صار الكل باشا.
علو أهل الفسق في المساجد
تخيل أن مائة عالم من فقهاء المسلمين، التابعين لرابطة العالم الإسلامي في مكة، وأشرف أن أكون عضواً فيها، أصدرنا فتوى سنة 1407هـ بتحريم السجائر؛ بناء على واحد وثلاثين سبباً، فليس لسبب واحد أو اثنين، وإنما لواحد وثلاثين سبباً، يعني اجتمعت اللجان العلمية وقررت إصدار الفتوى وتخيل هذا الحرام وهذه الرائحة السيئة تكون داخل بيوت الله فماذا تقول؟
ولما أن يلحق بالمساجد دور مناسبات، تلاقي رائحة السجائر تدخل على المصلين، وتجد أن المساجد تحدث فيها والعياذ بالله سرقات، فمن قائل: صندوق النذور الذي للمسجد الفلاني استرق منه 54000 جنيه.
ومن علو أهل الفسق في المساجد والعياذ بالله، أن تجد واحداً أول مرة يدخل الجامع، ويكون الإمام قد أخر الصلاة قليلاً، فتجده يقول: الآذان! الإقامة! وتجده بعد ذلك يقول لك: إن من السنة أن تخفف الخطبة قليلاً، فلا تطولها هكذا، فأقول: سأخفف الخطبة إلى 25 دقيقة، مثلما تقول الأوقاف، لكن آخذ راحتي في الصلاة مثلما فعل الرسول، وسأقرأ جزءاً من البقرة في الركعة الأولى وهذا تخفيف فهل سترضى؟!
وربنا يجعلنا وإياكم في المسجد كالسمك في الماء، إن خرج منه مات، اللهم اجعلنا من أهل المساجد ومن المحبين لها ولأهلها يا رب العالمين.
ظهور أهل المنكر على أهل المعروف
ماذا يعني علو أهل المنكر على أهل المعروف، اذهب إلى قسم شرطة لتكتب محضراً وأنت ملتح تلبس جلباباً من الذين يقال عليهم أصحاب الجوامع، ودع راقصة من الراقصات تدخل في الوقت نفسه لكن تكون مشهورة! فبالله عليك لمن ينظر بعين الاحترام؟ إليك يا متطرف أم إليها؟ التفسير واضح وبين.
انظر سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم، يعطيك العلاج فقال: (علو أهل الفسق على أهل التقوى) أي: علو أهل الفجور على أهل البر، وعلو أهل الانحراف على أهل الصلاح، عندما تأخذ الضرائب من رقاصة مليون جنيه ونصف، للتصالح فقط، أما لو كانوا متخاصمين كان سيأخذون عليها كم؟!
إماتة الصلاة والاستخفاف بالدماء وبيع الدين بالدنيا
معنى: أماتوا الصلاة أي: أن الصلاة ليس لها صوت، حتى القناة الثانية ليس فيها آذان، تأتي الموسيقى الحزينة التي تشبه الموسيقى الجنائزية هذه، فتعرف أن الأذان جاء، وبعدها تتابع المسلسل الأجنبي، تابعه وخذ راحتك في الحرام.
ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (واستخفوا بالدماء).
أي: صار الدم عند الناس رخيصاً، مع أن نقطة دم مسلم تساوي عند الله الكثير، بل في الحديث: (لهدم الكعبة أهون عند الله من سفك دم مسلم) فأين سيذهب من شنق الناس وتعذيبهم وقتلهم.
ثم قال صلى الله عليه وسلم: (وباعوا الدين بالدنيا) العاقل يبيع دنياه بدينه، فيربحهما جميعاً، وإن كان ممن يبيع الدين بالدنيا فسيخسرهما جميعاً.
سيدنا سعيد بن جبير رحمه الله، لما أتى به الحجاج من أجل أن يقتله، وكان سعيد بن جبير من عظماء التابعين رضي الله عنه، فقال له: ما اسمك؟ قال له: اسمي سعيد بن جبير ، قال: بل أنت شقي بن كسير، فقال له: أمي سمتني سعيداً .
انظر إجابات الناس المؤمنين بهدوء، قال له: لقد سعت في هلاكك، فيرد عليه سيدنا سعيد ويقول له: الغيب يعلمه غيرك، أي: هذا العلم ليس بيديك، قال له: لأبدلنك من دنياك ناراً تلظى، يرد سيدنا سعيد فيقول: لو أعلم أن ذلك لك ما اتخذت إلهاً غيرك. أي: لو أن ييديك الجنة والنار كنت سجدت لك، لكنك عبد مثلي.
فأتوا له بخشبة وصلبوه عليها، وكلما عدلوا الخشبة بعيداً عن القبلة أبت إلا أن تتجه ناحية القبلة بجسم سعيد رضي الله عنه، قال: ألقوه على وجهه، قال سيدنا سعيد : فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ [البقرة:115]، قالوا: اطرحوه أرضاً، قال: مِنْهَا خَلَقْنَاكُمْ وَفِيهَا نُعِيدُكُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُكُمْ تَارَةً أُخْرَى [طه:55]، فلما قتل سعيد بن جبير رضي الله عنه، عاش الحجاج بعدها سبعة أيام، وفي كل يوم يرى سعيد يجري وراءه بسيف، فيقوم فزعاً، جاءت له حالة عصبية، ومات من هذا الخوف والعياذ بالله رب العالمين.
فإياك وظلم المسلمين أو استحلال دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم، نسأل الله أن يتوب علينا وعليكم.
ضعف الحكم وكثرة الطلاق والقذف وموت الفجأة ونزول المطر قيظاً
وقوله صلى الله عليه وسلم: (ويكثر الطلاق).
أي: يتساهل الناس بالطلاق، لأتفه الأسباب، وإن بقيت معه سنين، وقد قال الله تعالى: وَلا تَنسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ [البقرة:237].
وقوله عليه الصلاة والسلام: (وموت الفجأة).
أي: من ضمن علامات الساعة موت الفجأة، وقد كثر في هذا الزمان، فينبغي للمسلم أن يكون مستعداً دائماً للقاء الله، من أجل إذا جاءه ملك الموت فجأة فهو مستعد للقاء الله عز وجل، وموت الفجأة راحة للمؤمن، وحسرة على الفاجر.
وقوله عليه الصلاة والسلام: (وكثرة القذف).
أي: يقذف الناس بعضهم بعضاً؛ لأنه لا حدود تقام، أما لو كانت الحدود مقامة فلن يشتم أحد أحداً في أمه، فإما أن يأتي بأربعة شهود، وإما أن نجلده ثمانين جلدة، وعندما تقذف أمه أرأيتها تعمل ذلك؟ لا يجوز هذا ولو كنت تمزح معه، فإن كان معك ثلاثة شهود غيرك سلمت من الحد وإلا فتجلد ثمانين جلدة، بالله عليك هل كان يكثر الكلام في هذا؟ كتحية الصنايعية في الصباح، ولا يغضب من وقعت هذه الكلمات على رأسه، فلابد أن نقولها بصراحة، وماذا نفعل؟ فكثرة القذف من علامات الساعة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: (وكان المطر قيظاً).
أي: بعد ما ينزل المطر بالرحمة ينزل بالعذاب، أرأيتم السيول التي في بنجلادش ماذا تعمل؟ نسأل الله السلامة، سيول تقتلع القرى.
كثرة اللئام
أي: اللئام من كثرتهم يفيضون كفيضان البحر، قالوا لسيدنا أبو حنيفة رحمه الله: يا أبا حنيفة ! كم عدد مجانين العراق؟ فابتسم سيدنا أبو حنيفة ، وقال: أنا على عد عقلائهم أقدر.
وفي هذا الوقت تجد الصغير ابن أربع سنين لئيماً، تخاف من نظراته، بعدما كان قديماً وديعاً بريئاً؛ لأن كثيراً من الأمور ما يعرفها، وأطفالنا ولله الحمد فيهم ذكاء، يكلمني أحدهم بالإنجليزي: kg1 يعني: في أولى حضانة، ويقول أحدهم لأمه: يا ماما من أين جئنا؟ فتقول له: من عند ربنا، وقالت كذلك لأنها لا تستطيع أن تفهمه بالضبط، فتقول له: من بطني، أو إن ربنا سبحانه وتعالى جعلك في بطني كذا، وكبرت بطني، ثم خرجت.
فجور الأمراء وكذب الوزراء وخيانة الأمناء والقراء فسقة
هناك شركة النفط من سنة 1952م وهي في خسارة مستمرة؛ لأن الأمناء خونة.
قال: (والقراء فسقة).
بعض القراء يتاجرون بالقرآن وهذا فسق، والفسق هو الخروج عن الحق، وذلك كمن يقرأ ويأخذ خمسة آلاف جنية في الليلة.
مخالفة الباطن للظاهر
يعني: تجد المرء يلبس لباساً نظيفاً جداً وتنظر إليه وتقول: هذا واحد لا أفضل منه، ثم يكون لصاً مرتشياً مختلساً مرابياً، سيئ الخلق، لا يتقي الله ولا يحافظ على الصلاة، ولا يزكي ماله، وإنما هو مظهر فقط، فلان ذهب وفلان أتى.
ومعنى (يلبسون مسوح الضأن) أي: يلبسون ما ليس لهم، أو يقولون ما ليس حقاً، مثلاً: مدير مكتب، يقول للسكرتير: من سأل عني فقل له: أنا غير موجود، وهو بالداخل.