شرح السنة [2]


الحلقة مفرغة

قال أبو محمد الحسن بن علي البربهاري رحمه الله تعالى:

[ واعلم رحمك الله أنه لا يتم إسلام عبد حتى يكون متبعاً مصدقاً مسلماً، فمن زعم أنه قد بقي شيء من أمر الإسلام لم يكفوناه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كذبهم، وكفى به فرقة وطعناً عليهم، وهو مبتدع ضال مضل محدث في الإسلام ما ليس فيه ].

هنا ذكر مستلزمات الإسلام، الأصول التي يستلزمها الإسلام:

الأصل الأول: التصديق، والشيخ لم يذكرها مرتبة.

الأصل الثاني: التسليم؛ لأن التسليم معنى زائد عن التصديق؛ ذلك أن كثيراً من البشر قد يصدقون الأنبياء في الجملة، لكن لا يسلمون لهم في الجانب العملي، أو لا يخضعون خضوعاً قلبياً ولا خضوعاً عملياً.

إذاً: المستلزم الأول للإسلام هو تصديق ما جاء به الرسل عموماً، وما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه الخصوص من قول أو فعل أو تقرير، وأول ذلك التصديق بالقرآن الذي جاء عن الله عز وجل.

ثانياً: التسليم، ومعناه: تسليم القلب وتسليم الجوارح.

ثالثاً: الاتباع، وهو ما نعبر عنه بالتطبيق، أي: العمل بمقتضى الدين، والاتباع للطريق المستقيم، واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم في الاعتقاد والقول والعمل، ثم اتباع سبيل المؤمنين الذي هو صراط الله المستقيم.

إذاً: فهذه المستلزمات الثلاثة لا يصح الإسلام إلا بها جميعاً: التصديق فالتسليم فالاتباع.

قال رحمه الله تعالى: [ واعلم رحمك الله أنه ليس في السنة قياس ولا يضرب لها الأمثال، ولا تتبع فيها الأهواء، وإنما هو التصديق بآثار رسول الله صلى الله عليه وسلم بلا كيف ولا شرح، لا يقال: لم؟ وكيف؟ ].

المقصود بالقياس الممنوع: القياس في أمور الاعتقاد ومناهج السنة وأصول الدين؛ لأنها توقيفية، والموضوع هنا موضوع العقيدة، فالسنة المقصود بها العقيدة كما عنون لها الشيخ هنا، ولا قياس فيها؛ لأنها تنبني على الأصول القطعية وعلى مناهج الدين العلمية والعملية، ومناهج الدين أصول توقيفية، مأخوذة عما جاء عن الله تعالى وثبت عن رسوله صلى الله عليه وسلم، وما أجمع عليه السلف من سنة الخلفاء الراشدين وما اتفقوا عليه بعد ذلك، فهذه أمور لا قياس فيها.

أما القياس الفقهي، القائم على قاعدة شرعية مستمدة من النصوص، وهو قياس النوازل الحادثة في تصرفات البشر على ما سبق مما هو من سنن الهدى أو مما تقرر في النصوص، فهذا لا يدخل في مفهوم القياس الوارد في العقيدة، فيجوز أن تقاس قضية اجتهادية على قضية سبقت، وعليه عمل المسلمين.

إذاً: فينبغي أن نفهم معنى القياس الممنوع، وهو القياس في أصول الدين وفي قضايا العقيدة، فلا قياس فيها لأنها توقيفية لا زيادة فيها ولا نقص.

قال رحمه الله تعالى: [ والكلام والخصومة والجدال والمراء محدث، يقدح الشك في القلب، وإن أصاب صاحبه الحق والسنة ].

وهذه قاعدة عظيمة من القواعد المقررة في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم واتفق عليها السلف، وهي: أن الكلام والخصومة في الدين وما يستتبعهما من المراء والجدل كل ذلك حرام، وما حدث من المراء منذ نهاية القرن الأول أمر محدث لم يكن عليه سلف الأمة، وإنما أحدثته الفرق، ومع ذلك بقي الصحابة والتابعون والسلف وأئمة الدين يتفادون الوقوع في المراء والجدل إلا في حالات ضرورية يضطرون فيها لنصر الدين بالجدال بالتي هي أحسن، كما حدث من ابن عباس وعلي بن أبي طالب مع الخوارج، وكما حدث من بعض أئمة السلف كـالأوزاعي والثوري وغيرهم مع القدرية والجهمية.

ثم بعد ذلك لما كثرت الفرق صارت للسلف بعض المواقف لجئوا فيها إلى الجدال لكن بدون مراء، فما كانوا يلجئون إلى المراء، وكان هذا مما يستفز الخصوم، كما حدث من الإمام أحمد رحمه الله، حيث كان لا يجادل بأكثر من إقامة الدليل، وإذا وجد أن خصمه يماري سكت، وكان سكوته مما يغضب عليه بعض الخلفاء والرءوس الذين حضروا المجادلة أو حضروا المناظرة؛ لأن السلف يرون أن القصد بالجدل هو إقامة الحجة، وما عدا ذلك إذا تبين أن الخصم يماري فيكرر القضية بأكثر مما يحتاج الناس، فهذا لا ينبغي أن يتمادى معه صاحب الحق.

إذاً: الجدال والمراء محدث؛ لأن مبنى الدين على التسليم، كما أن من ثمرات المراء أنه يقدح الشك في القلب، وذلك أن الدين مبناه على التسليم والتثبيت واليقين، فأي سؤال ينشأ ولو على سبيل الافتراض فإنه يحدث في النفس شيئاً، سواء لمن أنشأه أو لمن سمعه شاء الإنسان أم أبى، ولذلك نجد أن نصوص الشرع التي وردت في الرد على أهل الأهواء جاءت مختصرة لا تثير الشكوك، إنما تبني اليقين بالبدهيات الفطرية والعقلية، كما هو ظاهر من الردود التي ذكرها الله عز وجل في كتابه على الكفار والمشركين، فالبرهان العقلي الذي استدل به القرآن يتكون غالباً من كلمتين أو ثلاث، وهذا هو الذي قد يحتاجه من يجادل أهل الباطل، لكن إثارة الشكوك أو الافتراضات أو حتى التمادي في الإجابة على شكوك المشككين لا يستقيم على المنهج الحق ومنهج أهل السنة والجماعة.

ولذلك فإن عجوز نيسابور لما رأت الرازي مع تلاميذه بالعشرات وهم يكتبون ما يتلفظ به من الأوهام والخيالات وسفاسف الأمور؛ ومن إعجابهم به كانوا يحيطون به كإحاطة الناس بالزعماء والملوك والسلاطين، فلما رأتهم تعجبت وقالت لأحد تلاميذ الرازي : من هذا الرجل، أهو السلطان؟ قال: لا، قالت: أهو نائب السلطان؟ قال: لا، قالت: أهو القائد فلان؟ قال: لا.. قالت: إذاً فمن يكون؟ قال: هذا العالم فلان الذي يملك على وجود الله ألف دليل، قالت: لقد والله تعس وخسر وخاب، أفي الله شك؟ إن كان الأمر كما تقول، فإن في قلبه ألف شك.

أَفِي اللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ [إبراهيم:10]، هذا هو مقتضى الفطرة، ولذلك فإن الشك سواء كان على سبيل الافتراض أو كان حقيقياً أو أحدثه السؤال أو أنشأه المراء والجدال، فإنه باب ضلالة وفتنة، وينبغي لطالب العلم ألا يعرض نفسه ولا غيره لأي نوع من أنواع الشك بقصده، أما إذا حدث من غير قصد، فينبغي أن يعالج الشك بأقصى درجات الكتمان، وألا يوسع دائرة الجواب على الشكوك في الدروس العامة والمنابر والمناظرات.

قال رحمه الله تعالى: [ واعلم رحمك الله أن الكلام في الرب تعالى محدث، وهو بدعة وضلالة، ولا يتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه عز وجل في القرآن، وما بين رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه، فهو جل ثناؤه واحد ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ].

هذا تفصيل للإجمال السابق، حينما ذكر أن الكلام والخصومات والجدال والمراء محدثات، ذكر أعظم وأخطر الكلام والخصومات، وهي الخصومات في الله عز وجل، فذكر أن الكلام في الرب عز وجل محدث؛ لأن الأصل في الناس التسليم بالعقل والفطرة فيما يتعلق بالله عز وجل على جهة الإجلال، ثم التسليم المطلق فيما ثبت عن الله تعالى في ذاته وأسمائه وصفاته على سبيل التفصيل، ولا طاقة للعقول في أن تتكلم عن الله عز وجل، وذلك ورد الإرشاد إلى التفكر في خلق الله وآلائه وما يدل على اليقين بحقوقه عز وجل، ولا يكون التفكر في ذات الله؛ لأنه مما لا طاقة للعقول به، ولأن الإيمان بالله ينبني على التسليم، هذا أمر.

الأمر الآخر: أن الكلام في الرب عز وجل لا شك أنه سوء أدب؛ لأن الله عز وجل كفانا كل ما يتعلق بذاته وأسمائه وصفاته، فقد ذكر الله لنا من صفات الكمال له ما لا يمكن أن يخطر على بال بشر، ولو تكلم البشر بجميع ألسنتهم ولغاتهم وبجميع قواهم العقلية ليأتوا بصفة لله أعظم مما وصف به نفسه ما استطاعوا أبداً، بل كثير مما وصف الله به نفسه في كتابه مما لا يمكن أن يدرك بالعقول.

فإذاً: لا حاجة للناس أن يتكلموا في الرب عز وجل وقد نهوا عن ذلك، وهو تطاول على الله عز وجل ورجم بالغيب.

ومن هنا ندرك خطورة مناهج المتكلمين، أما الجهمية والمعتزلة فعوار منهجهم واضح، لكن البلوى عمت بمن جاء بعدهم من المتكلمين الذين هم أقرب إلى السنة، كمتكلمة الأشاعرة والماتريدية، هؤلاء لا يعرفون غالباً من التوحيد إلا الثرثرة في أسماء الله وصفاته وأفعاله وتوحيد الربوبية، وارتقوا مرتقى صعباً لا طاقة لهم فيه، فأخذوا يقررون توحيد الربوبية ويتكلمون في الأسماء والصفات بقواعد عقلية لم ترد في كتاب ولا سنة، إنما هي أوهام ما زادت على أن أوقعت فيهم الشك في أسماء الله وصفاته، فوقعوا في التأويل، حتى أنهم لم يثبتوا لله عز وجل إلا سبع صفات وابتدعت الماتريدية صفة ثامنة أيضاً، وأنكروا بقية الصفات؛ لأنهم خاضوا في الله عز وجل وفي ذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله بغير ما ورد في الكتاب والسنة، ثم لم يسلموا بما ورد في الكتاب والسنة، وكان هذا لهم جزاءً وفاقاً، فكل من عدل عن شيء من السنة ابتلي بالبدعة، فلما عدلوا عن الإقرار بأسماء الله وصفاته وصفوا الله بما لم يصف به نفسه، تورعوا عن أن يصفوا الله بصفاته الواردة في الكتاب والسنة تورعاً كاذباً، فوقعوا في أن وصفوا الله بالأوصاف البدعية، فقالوا: ليس بعرض ولا جوهر ولا بجهة ولا مباين ولا مفاصل ولا داخل العالم ولا خارجه ولا.. ولا، من اللاءات التي تجعل الله عز وجل على صورة المعدوم، تعالى الله عما يزعمون.

إذاً: كل ذلك منشؤه ما أحدثته الجهمية تبعاً للفلاسفة من الكلام في الرب عز وجل، وهو بدعة وضلالة كما قال الشيخ، فلا يُتكلم في الرب إلا بما وصف به نفسه، وما وصفه به رسوله صلى الله عليه وسلم، مع إثبات جميع وصفه به، ونفي المشابهة على قاعدة قوله عز وجل: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11].

قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ ربنا أول بلا متى، وآخر بلا منتهى، يعلم السر وأخفى، وعلى عرشه استوى، وعلمه بكل مكان، لا يخلو من علمه مكان، ولا يقول في صفات الرب: كيف ولم إلا شاك في الله تبارك وتعالى.

والقرآن كلام الله وتنزيله ونوره؛ ليس بمخلوق، لأن القرآن من الله، وما كان من الله فليس بمخلوق، وهكذا قال مالك بن أنس وأحمد بن حنبل والفقهاء قبلهما وبعدهما، والمراء فيه كفر.

والإيمان بالرؤية يوم القيامة؛ يرون الله عز وجل بأبصار رءوسهم، وهو يحاسبهم بلا حاجب ولا ترجمان.

والإيمان بالميزان يوم القيامة ].

الرؤية العامة ومراحلها

الكلام هنا فيما يتعلق بالرؤية مجمل، والرؤية على نوعين: الرؤية العامة والرؤية الخاصة كما ورد في النصوص، فالرؤية العامة هي التي وردت في حق أهل المحشر، وهي أن الناس جميعاً يرون ربهم يوم القيامة في المحشر على مراحل:

المرحلة الأولى: يراه جميع البشر، لكنها رؤية مجملة، ليس عندنا يقين بأنها بصرية، فربما تكون رؤية قلبية.

وهي رؤية تليق بجلاله عز وجل، وتكون بحسب أحوالهم، فالمؤمنون يتمتعون بهذه الرؤية -نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم- والمنافقون والكفار لا يتمتعون بها، بل يرونه رؤية المذنب المنكسر الحسير الذي لا يمكن أن يتمتع بهذه الرؤية، بل يعذب بها؛ لأنه عاص لربه.

المرحلة الثانية: وهي في المحشر أيضاً، وهي أن يراه المؤمنون دون المنافقين ودون الكفار، حيث يحتجب عز وجل عن الكفار والمنافقين.

وبعضهم قسمها إلى ثلاث: الرؤية العامة لجميع البشر، والرؤية الثانية يراه المؤمنون ومعهم منافقون؛ لأنهم كانوا يزعمون في الدنيا أنهم مع المؤمنين فيطمعون في هذه الرؤية، مما يجعل العذاب عليهم بعد ذلك أشد، فيطمعهم عز وجل برؤية ثانية، ثم في رؤية ثالثة يحتجب الله عن المنافقين كما احتجب عن الكفار ولا يراه إلا المؤمنون، وهذا وردت فيه الروايات بإجمال.

الرؤية الخاصة في الجنة

فعلى هذا تكون الرؤية العامة بهذا التفصيل رؤية مجملة ليست مفسرة، أما ما ذكره الشيخ، فهو يقصد به النوع الثاني، وهو رؤية المؤمنين لربهم في الجنة نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم وأن يمتعنا بهذه الرؤية.

فهذه رؤية تكون بالأبصار بعيون رءوسهم، أما رؤيتهم وهو يحاسبهم فهي الرؤية العامة، ولا شك أنها بلا حجاب ولا ترجمان، أما رؤية في الجنة فهي بعين رءوسهم، أما الرؤية العامة فهي مجملة ليس عندنا عليها قطع بأنها عينية.

الكلام هنا فيما يتعلق بالرؤية مجمل، والرؤية على نوعين: الرؤية العامة والرؤية الخاصة كما ورد في النصوص، فالرؤية العامة هي التي وردت في حق أهل المحشر، وهي أن الناس جميعاً يرون ربهم يوم القيامة في المحشر على مراحل:

المرحلة الأولى: يراه جميع البشر، لكنها رؤية مجملة، ليس عندنا يقين بأنها بصرية، فربما تكون رؤية قلبية.

وهي رؤية تليق بجلاله عز وجل، وتكون بحسب أحوالهم، فالمؤمنون يتمتعون بهذه الرؤية -نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم- والمنافقون والكفار لا يتمتعون بها، بل يرونه رؤية المذنب المنكسر الحسير الذي لا يمكن أن يتمتع بهذه الرؤية، بل يعذب بها؛ لأنه عاص لربه.

المرحلة الثانية: وهي في المحشر أيضاً، وهي أن يراه المؤمنون دون المنافقين ودون الكفار، حيث يحتجب عز وجل عن الكفار والمنافقين.

وبعضهم قسمها إلى ثلاث: الرؤية العامة لجميع البشر، والرؤية الثانية يراه المؤمنون ومعهم منافقون؛ لأنهم كانوا يزعمون في الدنيا أنهم مع المؤمنين فيطمعون في هذه الرؤية، مما يجعل العذاب عليهم بعد ذلك أشد، فيطمعهم عز وجل برؤية ثانية، ثم في رؤية ثالثة يحتجب الله عن المنافقين كما احتجب عن الكفار ولا يراه إلا المؤمنون، وهذا وردت فيه الروايات بإجمال.

فعلى هذا تكون الرؤية العامة بهذا التفصيل رؤية مجملة ليست مفسرة، أما ما ذكره الشيخ، فهو يقصد به النوع الثاني، وهو رؤية المؤمنين لربهم في الجنة نسأل الله أن يجعلنا جميعاً منهم وأن يمتعنا بهذه الرؤية.

فهذه رؤية تكون بالأبصار بعيون رءوسهم، أما رؤيتهم وهو يحاسبهم فهي الرؤية العامة، ولا شك أنها بلا حجاب ولا ترجمان، أما رؤية في الجنة فهي بعين رءوسهم، أما الرؤية العامة فهي مجملة ليس عندنا عليها قطع بأنها عينية.

قال رحمه الله تعالى: [ والإيمان بالميزان يوم القيامة يوزن فيه الخير والشر، له كفتان وله لسان، والإيمان بعذاب القبر ومنكر ونكير، والإيمان بحوض رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولكل نبي حوض إلا صالح النبي صلى الله عليه وسلم، فإن حوضه ضرع ناقته ].

هذا الكلام ليس عليه دليل، بل ربما يكون من الأمور التي لا أصل لها، حتى ما ورد فيه من حديث فهو موضوع؛ أعني القول بأن صالحاً النبي صلى الله عليه وسلم حوضه ضرع ناقته، فإن ثبت أن لكل الأنبياء حوض يوم القيامة، فكذلك نبي الله صالح فهو ضمن الأنبياء.

إذاً: الأصل الإيمان بحوض النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ورد مفصلاً بعرضه وطوله وشكله وهيئته وما يدور حوله من مشاهد القيامة، وأن لكل نبي حوضاً، كذلك ثبت في آثار وأحاديث، ويدخل في ذلك صالح عليه السلام، وما قيل من أن حوضه ضرع ناقته لا يصح.

قال رحمه الله تعالى: [ والإيمان بشفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمذنبين الخاطئين في يوم القيامة وعلى الصراط ].

هذه الشفاعة تسمى الشفاعة لأهل الكبائر، المذنبين الخاطئين، وليس الكفار، فالكفار الخلص ليس لهم شفاعة ولا تنفعهم شفاعة الشافعين.

قال رحمه الله تعالى: [ ويخرجهم من جوف جهنم، وما من نبي إلا له شفاعة، كذلك الصديقين والشهداء والصالحين ].

وورد أن للقرآن أيضاً شفاعة وللصيام شفاعة، والراجح أنها صحيحة.

قال رحمه الله تعالى: [ ولله بعد ذلك تفضل كثير فيمن يشاء، والخروج من النار بعدما احترقوا وصاروا فحماً ].

ثبت في الصحيح أن الله عز وجل حينما يأذن للشفعاء يشفع نبينا محمد صلى الله عليه وسلم ويشفع النبيون عليهم السلام، ويشفع الصديقون والشهداء والصالحون ومن أذن الله لهم بالشفاعة، ثم بعد ذلك يقول الله عز وجل: لم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين، فيخرج من شاء، فيقبض قبضة بيده ممن لم يعملوا خيراً قط، ولله الأمر من قبل ومن بعد يفعل في خلقه ما يشاء، لا معقب لحكمه.