خطب ومحاضرات
شرح زاد المستقنع باب المواقيت
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وأصحابه أجمعين.
أما بعد:
يقول رحمه الله: [باب المواقيت]:
المواقيت: جَمْع ميقات، وأصله: مِوْقات، ثم أبدلت الواوُ ياءً، فصار ميقاتاً.
الميقات مأخوذ من قولهم: أقَّت الشيء يؤقته تأقيتاً إذا حدده، سواء كان الشيء المحدد بالزمان أو بالمكان، فإذا حُدَّ بالزمان فهو مؤقتٌ زماناً، وإذا حُدَّ بالمكان فهو مؤقتٌ مكاناً.
عبادة الحج لها ميقات زماني وميقات مكاني، وعبادة العمرة لها ميقات مكاني، وأما الزمان فإن العمرة تؤدَّى في سائر أيام السنة ولا كراهة أن تؤدى في أيام التشريق، ولا حرج في ذلك خلافاً لمن قال من السلف إنها تكره.
فالعمرة ليس لها حد معين بالنسبة للميقات الزماني ولكن لها ميقات مكاني، وأما بالنسبة للحج فله ميقات زماني وميقات مكاني.
والأصل في المواقيت: الكتاب والسنة.
فأما الكتاب: فإن الله سبحانه وتعالى قال في الحج: الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدَالَ فِي الْحَجِّ [البقرة:197].
وجه الدلالة من هذه الآية الكريمة أن الله سبحانه وتعالى جعل الحج الشرعي في أشهر معلومات، فدل على أنه لا حج في غير هذه الأشهر المعلومات التي أقَّتها الله عزَّ وجلَّ وحددها.
وبناءً عليه فإنه يقال: إن الحج يصح في زمان ولا يصح في زمان آخر، وينعقد إحرامه في زمان ولا ينعقد في زمان، وأما بالنسبة للعمرة فإنه ليس لها ميقات زماني، ويدل على ذلك القرآن، فإن الله عزَّ وجلَّ قال: (الْحَجُّ)، ولم يقل: الحج والعمرة، ولذلك أجمعت الأمة على أن العمرة ليس لها ميقات زماني، بمعنى أنه يجوز أداؤها في سائر أيام السنة.
وقد كانت العرب في الجاهلية تمنع من العمرة في أشهر الحج، ويعدُّون ذلك من أفجر الفجور، وكانوا يقولون: (إذا برأ الدبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، فقد حلت العمرة لمن اعتمر) وهذه يسمونها: مختلقات العرب في الجاهلية، أو مسائل العرب في الجاهلية التي أحدثوها على الحنيفية وبدلوا بها دين الله عزَّ وجلَّ، فاختلقوا أنه لا يُعْتَمَر في أشهر الحج، وكانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبطل ذلك وبيَّن أن العمرة صالحة في أشهر الحج كما هي صالحة في غير أشهر الحج.
وأما بالنسبة للميقات المكاني فهي أمكنة حددها الشرع لا يجوز لمن مَرَّ عليها مريداً الحج أو مريداً العمرة أو مريدهما معاً أن يجاوز هذه الأمكنة إلا وقد أحرم، فهو مؤقت بمكان واحد معين لا يجوز له أن يجاوزه، وهذه المواقيت جمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديثين في الصحيحين: الأول: حديث عبد الله بن عمر ، والثاني: حديث عبد الله بن عباس رضي الله عن الجميع.
يقول عبد الله بن عباس رضي الله عنه: (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل اليمن يلملم، ولأهل نجد قرن المنازل، وقال: هن لهن ولمن أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة). وهو في الصحيح.
حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الصحيح: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة، وأهل الشام من الجحفة، وأهل نجد من قرن المنازل، وأهل اليمن من يلملم).
فهذان الحديثان أصلٌ في تأقيت وتحديد الحج والعمرة بالمكان؛ حيث لا يجوز لمن مر بهذه المواقيت وعنده نية الحج والعمرة أن يجاوزها إلا وقد أحرم منها.
ميقات أهل المدينة ذو الحليفة
قد تقدم أن للحج والعمرة ميقاتين، الميقات الأول يُسمى بالميقات الزماني، والميقات الثاني يُسمى بالميقات المكاني.
وابتدأ المصنف رحمه الله ببيان الميقات المكاني، وهي أماكن حدَّها الشرع لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو هما معاً قاصداً إلى مكة أن يُجَاوِز هذه الأمكنة حتى يُحرِم منها، وقد بيَّنت السنة هذه المواقيت، وذلك في حديثين هما أشهر ما وَرَد في المواقيت، حديث عبد الله بن عمر وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عن الجميع، بيَّن فيهما النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت المكانية مفصَّلة.
فابتدأ المصنف رحمه الله بميقات أهل المدينة، والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)، وهذا حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وحديث عبد الله بن عباس : (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدنية ذا الحليفة).
والحلَيْفَة: واحدة الحَلفَى، وهو نوع من الشجر، والسبب في ذلك أن هذا الوادي -وهو ذو الحليفة- كانت فيه شجرة، أي في وسطه، وقيل إنه كان يكثر فيه هذا النوع من الشجر، وهو الوادي الذي يسمى في المدينة بوادي العقيق، ويسمى في عرف العامة اليوم وادي عُروة؛ لأن عروة بن الزبير رحمه الله كانت له مزارع في هذا الوادي، وهذا الوادي ثبت في الصحيح من حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف هذا الوادي بكونه مباركاً، قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: (أتاني الليلة آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)، فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فاجتمعت السنة القولية والسنة الفعلية على اعتبار ميقات المدينة وهو ذو الحليفة، وهذا الميقات هو أبعد المواقيت عن مكة، ولذلك يبعد عنها فوق عشر مراحل، وبينه وبين مكة ما لا يقل عن عشرة أيام بسير الإبل في الأزمنة الماضية.
ويقع هذا الوادي أو المِهَل الذي أَهَلّ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحذاء جبل عَيْر، فيَحُدُّ هذا الوادي من الجهة الشرقية إلى الجهة الجنوبية جبل عَيْر وهو آخر حدود المدينة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما بين عير إلى ثور)، فهذا الجبل المعترض وهو جبل عير، يكون طرفه مشرفاً على وادي العقيق وعلى المِهَل.. مِهَل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يسميه الناس اليوم بأبيار علي.
وهذا الميقات أجمع العلماء رحمهم الله على أنه ميقات أهل المدينة، ومن مر من غير أهل المدينة بالمدينة وفي نيته أن يحج أو في نيته أن يعتمر أو في نيته أن يجمع بين الحج والعمرة فيقرنهما معاً؛ أنه يجب عليه أن يهل من المدينة إلا الشامي فلهم فيه تفصيل.
ميقات أهل الشام إذا نزلوا المدينة
فأهل الشام إذا نزلوا المدينة ومرَّوا بها ولو ساعة فإنه يلزمهم أن يُحرِموا من ميقاتها، وهل إذا مروا بحذاء المدينة ولكنهم لم ينزلوا بها وأخذوا طريق الساحل الذي يُعرف الآن بطريق جدة القديم ولكنهم لم ينزلوا بالمدينة، مثل أن يأخذوا من أطراف المدينة أو من الشوارع التي بأطراف المدينة لكن لا يدخلون المدينة؛ فحينئذٍ ميقاتهم رابغ، والسبب في ذلك أنهم لم يأتوا على الميقات حقيقة فهم مارون بالمدينة وليسوا بنازلين بها حتى يأخذوا حكم أهلها، ولأنهم سيمرُّون بميقات ثانٍ على الطريق هو ميقات لهذا الطريق وهو الذي يسمى بطريق الساحل، فطريق الساحل إذا سُلِك من أهل الشام أو من أهل مصر أو من أهل المغرب فإنهم حينئذٍ يُحرِمون من رابغ، لكنهم إذا نزلوا بالمدينة ولو ساعة أو دخلوا المدينة، فقد وجب عليهم أن يُهلوا من ميقات المدينة ولو كانوا مارين بطريق الساحل.
صور الإهلال وبيان أفضلها
كذلك أيضاً إذا لم يتيسر له الفرض واغتسل وصلَّى ركعتي الوضوء يُهِل بعدها، وليس للإحرام صلاة مقصودة تُسمى سنة الإحرام، إنما هو يقع بعد الفريضة أو النافلة حتى ولو كانت نافلة مطلقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عمر في الصحيح: (أهل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)، وفي رواية: (صلِّ في هذا الوادي المبارك...)، فاستحبوا أن يقع الإحرام عقب الصلاة، ولا تُشترط صلاة مقصودة.
هذا الأكمل والأفضل، ويكون الإهلال والنية والإنسان جالس في مصلاه، كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أما الصورة الثانية وهي صورة الإجزاء، فهي أن تمر بالوادي مروراً وتقول: لبيك حجاً، لبيك عمرة، ولا يُشترط النزول وليس بلازم ولا واجب، بحيث نقول لا بد وأن تنزل إلى الوادي ثم تحرِم، فلو مررت بمحاذاة الميقات وقلت: لبيك عمرة، لبيك حجاً؛ فقد انعَقَد إحرامك وصح، لكن فاتك الأفضل والأكمل الذي هو التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، على هذا إن تيسر لك النزول نزلت وإذا لم يتيسر لك النزول فحينئذٍ تعتبر المحاذاة.
يقول المصنف عليه رحمة الله: [وميقات أهل المدينة ذو الحليفة]
قد تقدم أن للحج والعمرة ميقاتين، الميقات الأول يُسمى بالميقات الزماني، والميقات الثاني يُسمى بالميقات المكاني.
وابتدأ المصنف رحمه الله ببيان الميقات المكاني، وهي أماكن حدَّها الشرع لا يجوز لمن أراد الحج أو العمرة أو هما معاً قاصداً إلى مكة أن يُجَاوِز هذه الأمكنة حتى يُحرِم منها، وقد بيَّنت السنة هذه المواقيت، وذلك في حديثين هما أشهر ما وَرَد في المواقيت، حديث عبد الله بن عمر وحديث عبد الله بن عباس رضي الله عن الجميع، بيَّن فيهما النبي صلى الله عليه وسلم المواقيت المكانية مفصَّلة.
فابتدأ المصنف رحمه الله بميقات أهل المدينة، والأصل فيه قوله عليه الصلاة والسلام: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)، وهذا حديث عبد الله بن عمر في الصحيحين وحديث عبد الله بن عباس : (وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل المدنية ذا الحليفة).
والحلَيْفَة: واحدة الحَلفَى، وهو نوع من الشجر، والسبب في ذلك أن هذا الوادي -وهو ذو الحليفة- كانت فيه شجرة، أي في وسطه، وقيل إنه كان يكثر فيه هذا النوع من الشجر، وهو الوادي الذي يسمى في المدينة بوادي العقيق، ويسمى في عرف العامة اليوم وادي عُروة؛ لأن عروة بن الزبير رحمه الله كانت له مزارع في هذا الوادي، وهذا الوادي ثبت في الصحيح من حديث عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم وصف هذا الوادي بكونه مباركاً، قال عليه الصلاة والسلام كما في الصحيح: (أتاني الليلة آتٍ من ربي، فقال: صلِّ في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)، فأهلَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فاجتمعت السنة القولية والسنة الفعلية على اعتبار ميقات المدينة وهو ذو الحليفة، وهذا الميقات هو أبعد المواقيت عن مكة، ولذلك يبعد عنها فوق عشر مراحل، وبينه وبين مكة ما لا يقل عن عشرة أيام بسير الإبل في الأزمنة الماضية.
ويقع هذا الوادي أو المِهَل الذي أَهَلّ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم بحذاء جبل عَيْر، فيَحُدُّ هذا الوادي من الجهة الشرقية إلى الجهة الجنوبية جبل عَيْر وهو آخر حدود المدينة، كما قال صلى الله عليه وسلم: (ما بين عير إلى ثور)، فهذا الجبل المعترض وهو جبل عير، يكون طرفه مشرفاً على وادي العقيق وعلى المِهَل.. مِهَل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يسميه الناس اليوم بأبيار علي.
وهذا الميقات أجمع العلماء رحمهم الله على أنه ميقات أهل المدينة، ومن مر من غير أهل المدينة بالمدينة وفي نيته أن يحج أو في نيته أن يعتمر أو في نيته أن يجمع بين الحج والعمرة فيقرنهما معاً؛ أنه يجب عليه أن يهل من المدينة إلا الشامي فلهم فيه تفصيل.
فأهل الشام خلاصة ما يقال فيهم إذا مروا بالمدينة ونزلوا بها كما هو موجود اليوم في الحملات التي تأتي من جهة الشام: أنهم يدخلون المدينة ويصلون بمسجدها، فحينئذٍ يتعين عليهم أن يُحرِموا من المدينة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ولمن أتى عليهن من غير أهلهن)، فنصَّ على أن من أتى على هذه المواقيت من غير أهلها أنه يلزمه الإحرام منها.
فأهل الشام إذا نزلوا المدينة ومرَّوا بها ولو ساعة فإنه يلزمهم أن يُحرِموا من ميقاتها، وهل إذا مروا بحذاء المدينة ولكنهم لم ينزلوا بها وأخذوا طريق الساحل الذي يُعرف الآن بطريق جدة القديم ولكنهم لم ينزلوا بالمدينة، مثل أن يأخذوا من أطراف المدينة أو من الشوارع التي بأطراف المدينة لكن لا يدخلون المدينة؛ فحينئذٍ ميقاتهم رابغ، والسبب في ذلك أنهم لم يأتوا على الميقات حقيقة فهم مارون بالمدينة وليسوا بنازلين بها حتى يأخذوا حكم أهلها، ولأنهم سيمرُّون بميقات ثانٍ على الطريق هو ميقات لهذا الطريق وهو الذي يسمى بطريق الساحل، فطريق الساحل إذا سُلِك من أهل الشام أو من أهل مصر أو من أهل المغرب فإنهم حينئذٍ يُحرِمون من رابغ، لكنهم إذا نزلوا بالمدينة ولو ساعة أو دخلوا المدينة، فقد وجب عليهم أن يُهلوا من ميقات المدينة ولو كانوا مارين بطريق الساحل.
قال عليه الصلاة والسلام: (يهل أهل المدينة من ذي الحليفة)، هذا الإهلال يأتي على صورتين، الصورة الأولى وهي الأكمل والأفضل؛ لما اشتملت عليه من التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، وهي أن تَنْزِل في الوادي وتصنع ما صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الاغتسال، ثم بعد ذلك تصلِّي الفريضة وتهل بعد الفريضة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بات، اغتسل وأصبح ينضخ طِيباً بأبي وأمي صلوات الله وسلامه عليه، ثم أَهَلّ بَعْدَ الفريضة، وعلى هذا فالأكمل أن الإنسان يغتسل في الوادي، ثم بعد ذلك يُصلِّي الفريضة وينشئ عمرته أو ينشئ حجه.
كذلك أيضاً إذا لم يتيسر له الفرض واغتسل وصلَّى ركعتي الوضوء يُهِل بعدها، وليس للإحرام صلاة مقصودة تُسمى سنة الإحرام، إنما هو يقع بعد الفريضة أو النافلة حتى ولو كانت نافلة مطلقة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث عمر في الصحيح: (أهل في هذا الوادي المبارك، وقل: عمرة في حجة)، وفي رواية: (صلِّ في هذا الوادي المبارك...)، فاستحبوا أن يقع الإحرام عقب الصلاة، ولا تُشترط صلاة مقصودة.
هذا الأكمل والأفضل، ويكون الإهلال والنية والإنسان جالس في مصلاه، كما جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما.
أما الصورة الثانية وهي صورة الإجزاء، فهي أن تمر بالوادي مروراً وتقول: لبيك حجاً، لبيك عمرة، ولا يُشترط النزول وليس بلازم ولا واجب، بحيث نقول لا بد وأن تنزل إلى الوادي ثم تحرِم، فلو مررت بمحاذاة الميقات وقلت: لبيك عمرة، لبيك حجاً؛ فقد انعَقَد إحرامك وصح، لكن فاتك الأفضل والأكمل الذي هو التأسي برسول الله صلى الله عليه وسلم، على هذا إن تيسر لك النزول نزلت وإذا لم يتيسر لك النزول فحينئذٍ تعتبر المحاذاة.
بقيت مسألة وهي مسألة الطائرة، إذا كان الشخص مسافراً بالطائرة من المدينة إلى جدة وهو محرِم بالحج أو العمرة أو بهما معاً، أو سافر من أي صقع من الأصقاع وهو يريد أن يصل إلى جدة، وهي ليست بميقات، وعلى هذا فإنه من أَحرم منها لا يُحرِم منها إلا إذا كانت نيته مبتدَأَة في جدة، أما إذا كان قد قدم على جدة وهو في نيته أن يحج ويعتمر فيعتبر المواقيت التي ذكرناها.
فمن مر بالطائرة على الميقات فإنه لا يستطيع النزول فحينئذٍ بمجرد محاذاته للميقات يُلبِّي وينوي ويصح منه ذلك ويجزيه، فإذا لم يمكنه أن يطلع ولا يعرف الأماكن، فيحسِب بالزمان، فيكون له التقدير الزماني، ففي المدينة يكون إقلاعها على حالتين، في حالة يكون الإقلاع والطائرة متجهة إلى جدة فتكون المسافة قصيرة جداً، بمجرد إقلاعها لا تأخذ إلا في حدود دقيقة أو أقل من دقيقة.. أو دقيقة ونصف حتى يحاذي الإنسان أبيار علي، لكن إذا كان -مثلاً- إقلاعها على الجهة التي هي خلاف جهة مكة أو جهة القبلة؛ فإنها تأخذ وقتاً حتى تعتدل وتأخذ مسارها، وحينئذٍ قد تصل -كما يقول بعض المختصين- إلى ثلاث دقائق، فهذا لا بد من ضبطه ومعرفته على حسب المواقيت ولا يختص بالمدينة.
فإذاً عندنا صورتان، الصورة الأولى: أن يتمكن الإنسان من النزول في الوادي وإصابة سنة النبي صلى الله عليه وسلم فيغتسل ويتنظف ويتطيب تأسياً برسول الله صلى الله عليه وسلم، ويصلي الركعتين ثم بعد ذلك يحرم، وإن كانت فريضة فإنه يحرم عقب الفريضة.
ولا حاجة بعد الفريضة أن يصلي ركعتين لكي يَحرِم بعدها، بل إنه إذا فعل ذلك خالف السنة؛ لأن السنة أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بعد الفريضة، وبعض العوام يفعل هذا الجهل، فإنهم يصلون الفريضة ثم بعد الفريضة تجدهم يقومون لركعتين لينشئوا الإحرام، وهذا مُصادِم للسنة تماماً، فإن الأفضل والأكمل أن يقع إحرامه في هذه الحالة بعد الفريضة مباشرة.
وأما الإجزاء فإنه بمجرد مروره على الوادي يُحرِم.
حكم من خالف في الإحرام من الميقات
أما إحرامه قبل الميقات فإنه خلاف الأفضل، فالأفضل والأكمل أن يُحرِم من الميقات، فلو اغتسل وتطيب في المدينة ولبس الإحرام ولبَّى، فللعلماء وجهان: بعضهم يقول إنه أفضل؛ لأنه سيكون تعبه أكثر، والقاعدة في الشرع أن ما كان تعبه أكثر فأجره أعظم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (ثوابكِ على قدر نصبكِ)، فهذا سيتعب أكثر؛ لأنه سيكون مانعاً نفسه من محظورات الإحرام من أكثر من سبعة أو ثمانية كيلو تقريباً قبل الميقات، هذه المسافة تقرَّب فيها إلى الله بطاعة زائدة فقالوا: هذا أفضل، وكما لو أَحرَم من مكانٍ أبعد من المواقيت الأُخَر، كأن يحرم -مثلاً- من الرياض، فإنه إذا أحرم من الرياض قبل ميقاته وهو قرن المنازل لاشك أنه ستمضي عليه مئات الكيلو مترات وهو متلبِّس بالطاعة والنسك، قالوا: فهذا أفضل.
والصحيح ما ذهب إليه طائفة من السلف أن الأفضل والأكمل أن يؤخر إلى الميقات، وأن من أحرم قبل الميقات فإنه لا يُعتبر مصيباً للسنة، فالسنة والأكمل والأفضل أن يكون من الميقات.
ولذلك سئل الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمة الله عليه، قال له رجل: يا أبا عبد الله إني أريد أن أحرم من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له الإمام مالك رحمة الله عليه: لا تفعل، فقال: إني أريد أن أفعل، قال: لا تفعل، قال: ولم رحمك الله؟ قال: إني أخاف عليك الفتنة، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من الميقات، وإنك إن أحرمت من المسجد خالفتَ أو ظننتَ أنك أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ [النور:63].
فلا شك أن كون النبي صلى الله عليه وسلم يُؤخِّر إحرامه إلى الميقات يدل دلالة واضحة على أن الأفضل والأكمل أن يحرم من الميقات.
إذا قلنا: أن الأفضل والأكمل أن يُحرِم من الميقات، فلو لبَّى قبل الميقات وعَقَدَ إحرامه؛ فإنه قد دخل في النسك، ويُعتبر حينئذٍ متلبساً بالنسك وعليه ما على مَن أحرم ويمتنع من المحذورات، فإن مر بالميقات جدد النية.
حكم من أحرم بعد الميقات
الإحرام بعد الميقات -سواء ميقات المدينة أو غيره من المواقيت- يُعتبر خلاف الشرع، فيَأثم من قصده.
فلو أن إنساناً تعمَّد وهو من المدينة وقال: لا أريد أن أحرم من ميقات المدينة وأخَّر إلى جدة، فإنه يأثم؛ لأنه خالَف الشرع وعصى، ثم يلزمه دم جبران لهذا النقص، وهذا الدم سيأتي إن شاء الله بيانه ودليله، وفتوى جماهير السلف والخلف والأئمة الأربعة رحمة الله عليهم به، ووجه استنباط حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه له من كتاب الله عز وجل وعمل الأئمة في فتاويهم به.
هذا الدم جبران للنقص، وحينئذٍ من جاوز الميقات لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تعقد النية وتصمم وتمضي فتحرِم من بعد الميقات ولو بكيلو واحد أو بنصف كيلو، فحينئذٍ يلزمك الدم الذي ذكرناه ويُعتبر إخلالاً بالنسك كما ذكرناه.
الحالة الثانية: أن يتذكر الإنسان كأن يكون ناسياً، أو يتعمد مجاوزة الميقات فلا يلبِّي ولا ينوي، فيلزمه أن يرجع، فإن رجع إلى الميقات ونوى من الميقات سقط عنه الدم، وحينئذٍ يُعتبر متلافياً للإخلال ولا شيء عليه.
إذاً هناك حالتان لمن جاوز الميقات: إما أن يستمر وينوي بعد الميقات ولو بيسير، فعليه الدم ويُعتبر آثماً بتعمده، وإما أن يتدارك ويرجع، فإن رجع وتدارك سقط عنه الدم.
ميقات من كان دون المواقيت
الجواب: أنهم يُعتبرون دون المدينة، فمن كان من أهل اليُتَمة وأراد الإحرام فإحرامه من اليُتَمَة نفسها ولا يُحرِم من دون اليتمة بمحاذاة رابغ، والسبب في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (فمن كان دون ذلك فمن حيث أنشأ)، والإشارة راجعة إلى المواقيت، فالذي يكون في المهْد أو يكون في اليُتَمَة أو يكون في وادي الفرع فليُحرِم من مكانِه، ولو أنه في وادي ريم والذي يبعد عن المدينة قرابة ستين كيلو فإنه يُحرِم من وادي ريم، وقد دل على ذلك فعل السلف الصالح فإن ابن عمر رضي الله عنهما وهو راوي حديث المواقيت كانت له مزرعة بوادي الفرع، فلما أراد الحج أنشأ النية منها، فأَحرم من وادي الفرع ولم يؤخر إلى محاذاة رابغ، فالتأخير إلى محاذاة رابغ خطأ بالنسبة لهؤلاء.
لكن الذين هم على الساحل مثل أهل بدر ومثل القرى التي يكون مرورها بطريق الساحل، فإنهم دون ميقات المدينة لكن طريقهم على طريق الساحل، فهؤلاء ميقاتهم ما يُقدِمون عليه -رابغ- وإن أحرموا من موضعهم كأهل بدر يحرمون من بدر، وأهل الروحاء يحرمون من الروحاء فهذا حسن وأفضل، لكن لو أن البدري أو من بالروحاء يريد أن يمر عن طريق خط الهجرة الموجود الآن؛ فإنه يدخل بمحاذاة سمت المدينة فيحرم من موضعه، مثل أن يُحرِم من بدر، لأنه سيكون دون ميقات المدينة من بلده.
هذا حاصل ما يقال بالنسبة لميقات أهل المدينة وهو ذو الحليفة، قال بعض العلماء: إنه أفضل المواقيت وفضله من جهة كونه أبعد، ولا شك أن الأبعد أكثر عناءً وأكثر نصباً وأكثر تعباً، والقاعدة أن الأكثر تعباً يُعتبر أعظم أجراً، وهذا لقوله عليه الصلاة والسلام: (ثوابكِ على قدر نصبكِ)، فعلى هذا قالوا إنه أفضل، ولأن الله عز وجل اختاره لنبيه فهو أبعد المواقيت عن مكة، وقد أحرم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ميقات أهل الشام ومصر والمغرب الجحفة
وميقات أهل الشام وأهل مصر والمغرب الجحفة.
والجُحْفَة مأخوذة من قولهم: اجْتَحَفَ السيلُ القريةَ إذا أخذها بما فيها من بناءٍ ومن ماشيةٍ ومن زرع ونحو ذلك.
سُمِّيَت بذلك لأنها كان بها قوم عصاة فأرسل الله عليهم السيل فاجتَحَفَهُم عن بكرة أبيهم -والعياذ بالله- إلى البحر فأغرقهم الله عز وجل فسميت الجحفة، وهذا الموضع كان معروفاً إلى ما قبل الإسلام، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزل المدينة كانت المدينة فيها الحمَّى وهي التي تُسمى اليوم في عصرنا بالملاريا، كانت وبيئة والسبب في ذلك السيول التي تحيط بها والمستنقعات بها كثيرة، قالت أم المؤمنين عائشة : (قدمنا المدينة وبطحان نجلا) يعني كالمستنقعات، فلكثرة المياه فيها كانت وخيمة ووبيئة، فلمَّا قدم الصحابة على المدينة أصابتهم الحمى واستضر بها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر وبلال وقصتهم في الصحيحين مشهورة، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم عليهم وهم يَحِنُّون إلى مكة فقال عليه الصلاة والسلام: (اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد)، أي: وأشد؛ لأن أو بمعنى الواو، كقوله تعالى: فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى [النجم:9]، أي: وأدنى، وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ [الصافات:147]، أي: ويزيدون، فقال: (حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد)، فاستُجِيبت دعوته عليه الصلاة والسلام وإلا لقد كانت المدينة لا تُطَاق لا ينزل بها أحد إلا أصابته حُمَّى.
ولذلك العرب في الجاهلية كانوا يسافرون بالعير إلى الشام فإذا قدموا من الشام ينهق كما ينهق الحمار وذلك خوفاً من حمى يثرب، كما أشار إلى ذلك بعض الفضلاء بقوله:
واختلقوا التعشير أن يُعشَّر من النهيق بحـذاء خيبراً
واختلقوا.. يعني أهل الجاهلية وهي من المسائل التي أحدثوها.
فكانوا يخافون من حُمَّى المدينة فيظنون ويعتقدون أن هذا النهيق يَعصِم صاحبه من حُمَّى المدينة، وهي من أمور الجاهلية التي كانوا يحدثونها، فكانت معروفة بالوباء، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم بنقل الوباء إلى الجحفة، فالشاهد أنه لما نقل الوباء إلى الجحفة امتنع الناس منها -ولا تزال خربة- خشية أن يُصيب الإنسان الحمى؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا أن يُنقل الوباء إليها، وأصبح الناس يُحرِمُون من رابغ بحذاء الجحفة، ولذلك إذا سمعت الجحفة أو رابغ فالمعنى واحد والخطب يسير، إنما هو ميقات معدول به خوف الوباء، فالجحفة هو ميقات أهل الشام وميقات أهل مصر والمغرب.
سبب تفريق العلماء بين من سلك طريق الساحل ومن لم يسلكه
المسألة الثانية: عرفنا الآن أن الشخص يحرم من الميقات كمالاً وإجزاءً.. بقيت مسألة فرضية وهي: هل يُحرِم قبل الميقات أو من الميقات؟
أما إحرامه قبل الميقات فإنه خلاف الأفضل، فالأفضل والأكمل أن يُحرِم من الميقات، فلو اغتسل وتطيب في المدينة ولبس الإحرام ولبَّى، فللعلماء وجهان: بعضهم يقول إنه أفضل؛ لأنه سيكون تعبه أكثر، والقاعدة في الشرع أن ما كان تعبه أكثر فأجره أعظم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث الصحيح: (ثوابكِ على قدر نصبكِ)، فهذا سيتعب أكثر؛ لأنه سيكون مانعاً نفسه من محظورات الإحرام من أكثر من سبعة أو ثمانية كيلو تقريباً قبل الميقات، هذه المسافة تقرَّب فيها إلى الله بطاعة زائدة فقالوا: هذا أفضل، وكما لو أَحرَم من مكانٍ أبعد من المواقيت الأُخَر، كأن يحرم -مثلاً- من الرياض، فإنه إذا أحرم من الرياض قبل ميقاته وهو قرن المنازل لاشك أنه ستمضي عليه مئات الكيلو مترات وهو متلبِّس بالطاعة والنسك، قالوا: فهذا أفضل.
والصحيح ما ذهب إليه طائفة من السلف أن الأفضل والأكمل أن يؤخر إلى الميقات، وأن من أحرم قبل الميقات فإنه لا يُعتبر مصيباً للسنة، فالسنة والأكمل والأفضل أن يكون من الميقات.
ولذلك سئل الإمام مالك إمام دار الهجرة رحمة الله عليه، قال له رجل: يا أبا عبد الله إني أريد أن أحرم من مسجد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له الإمام مالك رحمة الله عليه: لا تفعل، فقال: إني أريد أن أفعل، قال: لا تفعل، قال: ولم رحمك الله؟ قال: إني أخاف عليك الفتنة، قال: وكيف ذاك؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من الميقات، وإنك إن أحرمت من المسجد خالفتَ أو ظننتَ أنك أفضل من النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول: فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ [النور:63].
فلا شك أن كون النبي صلى الله عليه وسلم يُؤخِّر إحرامه إلى الميقات يدل دلالة واضحة على أن الأفضل والأكمل أن يحرم من الميقات.
إذا قلنا: أن الأفضل والأكمل أن يُحرِم من الميقات، فلو لبَّى قبل الميقات وعَقَدَ إحرامه؛ فإنه قد دخل في النسك، ويُعتبر حينئذٍ متلبساً بالنسك وعليه ما على مَن أحرم ويمتنع من المحذورات، فإن مر بالميقات جدد النية.
ما هو حكم الإحرام بعد الميقات؟
الإحرام بعد الميقات -سواء ميقات المدينة أو غيره من المواقيت- يُعتبر خلاف الشرع، فيَأثم من قصده.
فلو أن إنساناً تعمَّد وهو من المدينة وقال: لا أريد أن أحرم من ميقات المدينة وأخَّر إلى جدة، فإنه يأثم؛ لأنه خالَف الشرع وعصى، ثم يلزمه دم جبران لهذا النقص، وهذا الدم سيأتي إن شاء الله بيانه ودليله، وفتوى جماهير السلف والخلف والأئمة الأربعة رحمة الله عليهم به، ووجه استنباط حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنه له من كتاب الله عز وجل وعمل الأئمة في فتاويهم به.
هذا الدم جبران للنقص، وحينئذٍ من جاوز الميقات لا يخلو من حالتين:
الحالة الأولى: أن تعقد النية وتصمم وتمضي فتحرِم من بعد الميقات ولو بكيلو واحد أو بنصف كيلو، فحينئذٍ يلزمك الدم الذي ذكرناه ويُعتبر إخلالاً بالنسك كما ذكرناه.
الحالة الثانية: أن يتذكر الإنسان كأن يكون ناسياً، أو يتعمد مجاوزة الميقات فلا يلبِّي ولا ينوي، فيلزمه أن يرجع، فإن رجع إلى الميقات ونوى من الميقات سقط عنه الدم، وحينئذٍ يُعتبر متلافياً للإخلال ولا شيء عليه.
إذاً هناك حالتان لمن جاوز الميقات: إما أن يستمر وينوي بعد الميقات ولو بيسير، فعليه الدم ويُعتبر آثماً بتعمده، وإما أن يتدارك ويرجع، فإن رجع وتدارك سقط عنه الدم.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] | 3704 استماع |
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] | 3620 استماع |
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق | 3441 استماع |
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] | 3374 استماع |
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة | 3339 استماع |
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] | 3320 استماع |
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] | 3273 استماع |
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] | 3228 استماع |
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص | 3186 استماع |
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] | 3169 استماع |