أرشيف المقالات

الفاتحة أم القرآن وليس لها مثيل

مدة قراءة المادة : 5 دقائق .
الفاتحة أم القرآن وليس لها مثيل
فوائد وأحكام من سورة الفاتحة (1)

في سورة الفاتحة جملة من الفوائد والأحكام التي ينبغي أن يُحِيط بها المسلم علمًا، وأذكر منها النقاط التالية:
1- أنها أم القرآن وليس لها مثيل:
1- جاء في تفسير القرطبي:
"قال ابن العربي: قوله: ((ما أنزل الله في التوراة، ولا في الإنجيل، ولا في القرآن مثلها))، وسكت عن سائر الكتب؛ كالصحف المنزلة، والزبور، وغيرها، لأن هذه المذكورة أفضلُها، وإذا كان الشيء أفضل الأفضل، صار أفضل الكل؛ كقولك: زيد أفضل العلماء؛ فهو أفضل الناس.
 
وفي الفاتحة من الصفات ما ليس لغيرها، حتى قيل: إن جميع القرآن فيها، وهي خمس وعشرون كلمة تضمَّنت جميع علوم القرآن، ومن شرفها أن الله - سبحانه - قَسَمها بينه وبين عبده، ولا تصحُّ القربة إلا بها، ولا يلحق عمل بثوابها، وبهذا المعنى صارت أم القرآن العظيم"؛[1] اهـ.
 
2- الحمد والتزكية لا تكون إلا لله تعالى:
قال ابن العربي[2]:
قوله - تعالى -: ﴿ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ اعلموا - علمكم الله المشكلات - أن البارئ - تعالى - حمد نفسه، وافتتح بحمده كتابه، ولم يأذنْ في ذلك لأحدٍ من خلقه، بل نهاهم في محكم كتابه، فقال: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ ﴾ [النجم: 32]، ومنع بعض الناس من أن يسمع مدح بعض له، أو يركن إليه، وأمرهم برد ذلك، وقال: ((احثُوا في وجوهِ المدَّاحين التراب))[3] [4]؛ رواه المقداد وغيره، وكأن في مدح الله لنفسه وحمده لها وجوهًا؛ منها ثلاث أمهات:
الأول: أنه علَّمنا كيف نحمده، وكلفنا حمده والثناء عليه؛ إذ لم يكن لنا سبيل إليه إلا به.
 
الثاني: أنه قال بعض الناس معناه: قولوا: الحمد لله، فيكون فائدة ذلك التكليف لنا، وعلى هذا تخرج قراءة من قرأ بنصب الدال في الشاذ.
 
الثالث: أن مدح النفس إنما نهي عنه لما يدخل عليها من العجب بها، والتكثر على الخلق من أجلها، فاقتضى ذلك الاختصاص بمن يلحقه التغير، ولا يجوز منه التكثر، وهو المخلوق، ووجب ذلك للخالق؛ لأنه أهل الحمد، وهذا هو الجواب الصحيح، والفائدة المقصودة.

[1] انظر: الجامع لأحكام القرآن للقرطبي، الناشر: دار الكتب المصرية - القاهرة (1 /110).

[2] هو محمد بن عبدالله بن محمد المعافري، أبو بكر بن العربي - وهو غير ابن عربي الصوفي - إمام من أئمة المالكية، وهو فقيه محدِّث مفسر أصولي أديب متكلِّم، كان أقرب إلى الاجتهاد منه إلى التقليد، ولد بإشبيلية، ورحل إلى المشرق مع أبيه، فأخذ العلم عن الخولاني، والمازري، وأبي الحسن الخلعي، وأبي نصر المقدسي، وأبي سعيد الزنجاني، وأبي حامد الغزالي، وأبي بكر الطرطوشي، والصيرفي، وغيرهم كثير، وأخذ عنه العلمَ عددٌ لا يكادُ يحصى؛ من أشهرهم: القاضي عياض، وابن بشكوال، وابن الباذش، والإمام السهيلي، يقول عنه الإمام الحافظ الذهبي: اشتهر اسمه، وكان رئيسًا محتشمًا، وافر الأموال؛ بحيث أنشأ على إشبيلية سورًا من ماله الخاص، له مؤلفات كثيرة، وتوفِّي - رحمه الله - قرب مدينة فاس - حماها الله - مُنْصَرفَهُ من مراكش، وقيل: مات مسمومًا سنة 514 هـ.

[3] أخرجه مسلم برقم/ 5322، وتمام متنه: عن أبي معمر قال: قام رجل يثني على أمير من الأمراء، فجعل المقداد يُحثِي عليه التراب، وقال: أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن نحثي في وجوه المدَّاحين التراب".

[4] أحكام القرآن لابن العربي، مصدر الكتاب: المكتبة الشاملة (ص/5).

شارك الخبر

المرئيات-١