شرح زاد المستقنع باب صلاة العيدين [1]


الحلقة مفرغة

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:

فيقول المصنف رحمه الله: [باب صلاة العيدين].

هذا الباب يقصد المصنف منه أن يبين لنا أحكام صلاة العيدين، أي: في هذا الباب سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل المتعلقة بصلاة العيدين.

والمناسبة في ذكره بعد باب صلاة الجمعة أن الجمعة عيد الأسبوع، والعيدان يُعتبر كل واحد منهما عيد للمسلمين يُشرع في كل عام مرة.

والعيد مأخوذ من العود، سُمي بذلك لأنه يعود ويتكرر كل عام، وبهذا قال بعض العلماء.

وقيل: لأنه يعود بالفرح والسرور على الناس.

وقال بعض أئمة اللغة: الأصل أن العرب تصف الشيء الذي فيه اجتماع بكونه عيداً، ولذلك يقولون: إنه سمي عيداً لاجتماع الناس فيه.

وعبر المصنف بقوله: [باب صلاة العيدين] لأن للمسلمين عيدين لا ثالث لهما، فلم يقل: باب صلاة الأعياد، وإنما شرع الله عيدين، وصلاتين لهذين العيدين، ولم يشرع عيداً ثالثاً إلا عيد الأسبوع المعروف الذي هو يوم الجمعة، فقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمَّى الجمعة عيداً.

قال بعض العلماء في قوله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى * وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ فَصَلَّى [الأعلى:14-15]، إن قوله تعالى: (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى) المراد به زكاة الفطر، وقوله تعالى: (وَذَكَرَ اسْمَ رَبِّهِ) أي: كبر ليلة عيد الفطر، وقوله تعالى: (فَصَلَّى) أي: صلاة عيد الفطر، وقال بعض العلماء في قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] أي: صلِّ صلاة عيد الأضحى وانحر الأضحية.

فالآية الأولى في سورة (الأعلى) تدل على مشروعية عيد الفطر، والآية الثانية في سورة الكوثر تدل على مشروعية صلاة عيد الأضحى.

[باب صلاة العيدين]

أي: في هذا الموضع سأذكر لك جملة من الأحكام والمسائل المتعلقة بصلاة العيدين.

ولما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كان للأنصار يومان في الجاهلية يلعبون فيهما بمثابة العيد لهم، ثم إن الله أبدلهما بهذين اليومين يومي عيد الفطر والأضحى، عوضاً عما كان الأنصار عليه في الجاهلية.

وقال بعض العلماء: إن أول صلاة للعيد صلاها النبي صلى الله عليه وسلم كانت في السنة الثانية من الهجرة، وذلك أن افتراض الصيام كان فيها.

حكم صلاة العيدين

قال رحمه الله تعالى: قوله: [وهي فرض كفاية] أي: صلاة العيدين فرض كفاية، والفرض إما عيني وإما كفائي، والعيني: هو الذي يجب على كل مكلف بعينه كالصلاة، فإنه يقوم بها المكلف بعينه ويُخاطب بها بعينه إن توفرت فيه الشروط التي تدل على لزوم الصلاة عليه، وأما فرض الكفاية فإنه يُعتبر وجوبه متعلقاً ببعض المكلفين، بحيث لو قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين.

فقال المصنف: [وهي فرض كفاية] أي: صلاة العيدين، وهذه المسالة فيها ثلاثة أقوال للعلماء أصحها وأقواها -كما هو مذهب الحنفية وبعض المالكية، وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله- أنها فرض عيني، أي: من الفروض اللازمة على المكلف عيناً.

والدليل على لزومها آية الكوثر، فإن المراد بها عيد الأضحى بلا إشكال؛ لأن قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] أمر، والأمر يدل على الوجوب واللزوم، ومن أقوى الأدلة على ذلك حديث: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج العواتق وذوات الخدور والحُيَّض، وقال: أما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين -وفي رواية:- ودعوة الناس) .

قالوا: فكون النبي صلى الله عليه وسلم يأمر العواتق وذوات الخدور والحيض أن يخرجن يؤكد لزومها وفرضيتها وهذا القول من القوة بمكان، أي أنها واجبة ولازمة، ولا يجوز للإنسان أن يتخلف عنها إلا بعذر.

وقوله: [فرض كفاية] أي: إذا صلَّى بعض المكلفين سقط الإثم عن الباقين، بحيث لو صلَّت جماعة سقط الإثم عن أهل المدينة كلهم، ولو امتنع أهل المدينة ولم يصل أحد منهم صار الإثم على الجميع.

وقوله: [إذا تركها أهل بلد قاتلهم الإمام]

أي: إذا ترك أهل بلد صلاة العيد قاتلهم الإمام، وذلك لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وشعائر الإسلام الظاهرة يقاتل عليها الإنسان، ولا يدل ذلك على كفره، أي: كوننا نقاتلهم لا يدل على كفرهم، ولذلك أمر الله عز وجل بقتال الفئة الباغية من المسلمين، ومع هذا لا يُحكم بكونها كافرة، فالأمر بمقاتلتهم لا يستلزم كونهم كافرين؛ لأنهم تركوا هذه الشعيرة الظاهرة من شعائر الإسلام، ويقاتلهم ولي الأمر ولا يكون قتالهم من الأفراد.

ومن أمثلة ذلك: الأذان، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغزوا قوماً انتظر حتى تحضر الصلاة، فإذا سمع أذاناً كف عن قتالهم، وإن لم يسمع ركب القوم وقاتلهم، فهذه من شعائر الإسلام الظاهرة، فلو أن أهل بلد قالوا: لا نصلي العيد شُرِع لولي الأمر أن يقاتلهم حتى يحيوا هذه الشعيرة التي تعتبر شعاراً ظاهراً للمسلمين.

قال رحمه الله تعالى: قوله: [وهي فرض كفاية] أي: صلاة العيدين فرض كفاية، والفرض إما عيني وإما كفائي، والعيني: هو الذي يجب على كل مكلف بعينه كالصلاة، فإنه يقوم بها المكلف بعينه ويُخاطب بها بعينه إن توفرت فيه الشروط التي تدل على لزوم الصلاة عليه، وأما فرض الكفاية فإنه يُعتبر وجوبه متعلقاً ببعض المكلفين، بحيث لو قام به بعضهم سقط الإثم عن الباقين.

فقال المصنف: [وهي فرض كفاية] أي: صلاة العيدين، وهذه المسالة فيها ثلاثة أقوال للعلماء أصحها وأقواها -كما هو مذهب الحنفية وبعض المالكية، وهو اختيار شيخ الإسلام رحمه الله- أنها فرض عيني، أي: من الفروض اللازمة على المكلف عيناً.

والدليل على لزومها آية الكوثر، فإن المراد بها عيد الأضحى بلا إشكال؛ لأن قوله تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2] أمر، والأمر يدل على الوجوب واللزوم، ومن أقوى الأدلة على ذلك حديث: (أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج العواتق وذوات الخدور والحُيَّض، وقال: أما الحيض فيعتزلن المصلى ويشهدن الخير ودعوة المسلمين -وفي رواية:- ودعوة الناس) .

قالوا: فكون النبي صلى الله عليه وسلم يأمر العواتق وذوات الخدور والحيض أن يخرجن يؤكد لزومها وفرضيتها وهذا القول من القوة بمكان، أي أنها واجبة ولازمة، ولا يجوز للإنسان أن يتخلف عنها إلا بعذر.

وقوله: [فرض كفاية] أي: إذا صلَّى بعض المكلفين سقط الإثم عن الباقين، بحيث لو صلَّت جماعة سقط الإثم عن أهل المدينة كلهم، ولو امتنع أهل المدينة ولم يصل أحد منهم صار الإثم على الجميع.

وقوله: [إذا تركها أهل بلد قاتلهم الإمام]

أي: إذا ترك أهل بلد صلاة العيد قاتلهم الإمام، وذلك لأنها من شعائر الإسلام الظاهرة، وشعائر الإسلام الظاهرة يقاتل عليها الإنسان، ولا يدل ذلك على كفره، أي: كوننا نقاتلهم لا يدل على كفرهم، ولذلك أمر الله عز وجل بقتال الفئة الباغية من المسلمين، ومع هذا لا يُحكم بكونها كافرة، فالأمر بمقاتلتهم لا يستلزم كونهم كافرين؛ لأنهم تركوا هذه الشعيرة الظاهرة من شعائر الإسلام، ويقاتلهم ولي الأمر ولا يكون قتالهم من الأفراد.

ومن أمثلة ذلك: الأذان، فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يغزوا قوماً انتظر حتى تحضر الصلاة، فإذا سمع أذاناً كف عن قتالهم، وإن لم يسمع ركب القوم وقاتلهم، فهذه من شعائر الإسلام الظاهرة، فلو أن أهل بلد قالوا: لا نصلي العيد شُرِع لولي الأمر أن يقاتلهم حتى يحيوا هذه الشعيرة التي تعتبر شعاراً ظاهراً للمسلمين.

قال رحمه الله تعالى: [ووقتها كصلاة الضحى]

أي: وقت صلاة العيدين كصلاة الضحى، وصلاة الضحى يبتدئ وقتها -كما تقدم معنا- من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الضحى، والضحى يمتد إلى ما قبل الزوال، فهنا التشبيه بصلاة الضحى ابتداءً، أي: يبتدئ وقت صلاة العيدين بابتداءٍ وقت صلاة الضحى.

والحقيقة أن الأصل في الضحى أن وقتها إنما هو مبني على صلاة العيدين، فحينما قيل: يبتدئ وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح إنما هو مبني على صلاة العيدين، وهنا كأنه تشبيه عكسي، فألحق الأصل بالفرع، وإلا ففي الواقع أن صلاة العيدين هي الأصل في أن تبدأ بعد ارتفاع الشمس قيد رمح.

وتوضيح ذلك أنه إذا صلى المكلف الفجر، فإنه يمسك عن صلاة النافلة حتى تطلع الشمس، كما في الحديث الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لـعمرو بن عبسة رضي الله عنه: (فإذا صليت الصبح فأمسك عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت فإنها تطلع بين قرني شيطان، فإذا ارتفعت فالصلاة مكتوبة مشهودة) ، فظاهره أنه بمجرد طلوعها تجوز الصلاة، فكونه عليه الصلاة والسلام تأخر وامتنع أن يُصلي العيد ويُوقِعه حتى ارتفعت الشمس قيد رمح فهمنا منه أن هذا أقل ما يكون، وتوضيح ذلك أنها أثناء الطلوع بالإجماع لا تجوز الصلاة، وأثناء الغروب كذلك لا تجوز الصلاة؛ لأنه ورد في الحديث الثابت في الصحيح: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا... وذكر منها: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع..)، فلما جاء النص (حين تطلع الشمس) أصبح ردءً للنص الذي يقول: (حتى تطلع الشمس)، فيصبح الحديث الأول ناهياً عن النافلة إلى حين الطلوع، والحديث الثاني في قوله: (ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلي فيهن أو أن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع) ناهياً عن النافلة أثناء الطلوع، وفسر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بأنها تطلع بين قرني الشيطان، فيسجد الكفار لها، وفي الحقيقة هم ساجدون للشيطان -والعياذ بالله-، فنُهِي المسلم عن إيقاع الصلاة في هذا الوقت.

فإذا ثبت هذا فإنه قد يقال: إذا كان الوقت المصاحب للطلوع الأصل فيه عدم جواز الصلاة، فيرد فمتى يجوز به أن يُصلِّي، أي: متى ينتهي الحظر؟

والجواب: أنَّ السنة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يوقع نافلة قبل أن ترتفع الشمس قيد رمح، ففهمنا من هذا أن قيد الرمح هو ابتداء الإذن بالصلاة بعد طلوع الشمس.

وقيد الرمح. مقداره عند بعض العلماء ما يقارب سبع دقائق من ابتداء الإشراق، فهذا هو ابتداء وقت صلاة العيد إذا ارتفعت قيد رمح، ثم يستمر الوقت بعدها.

وصلاة الضحى سميت بذلك من باب تسمية الشيء بزمانه، ومنه سميت الأضحية أضحية؛ لأنها تقع في ضُحَى يوم النحر.

قال رحمه الله تعالى: [وآخره الزوال].

أي: وآخر وقت صلاة العيد الزوال، والزوال: زوال الشمس.

وظاهر العبارة أنه يجوز أن يصلي إلى أن تزول الشمس، والواقع أنه أثناء انتصاف الشمس في كبد السماء ينتهي وقت صلاة العيدين، وإذا عُبِّر بالزوال فكأنه يُنبَّه على ما قبله؛ لأنه قد تقدم معنا أن وقت انتصاف الشمس في كبد السماء لا تجوز الصلاة فيه، فلو قال: (إلى انتصاف النهار) كان أبلغ وأدق؛ لأنه هو المراد، فإنه عند انتصاف النهار ينتهي وقت صلاة العيدين.

قال رحمه الله تعالى: [فإن لم يُعلم بالعيد إلا بعده صلوا من الغدِ]

بعد أن بين رحمه الله أن الوقت يبتدئ من وقت صلاة الضحى، أي: من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال، أو إلى منتصف النهار -كما قلنا- فإنه قد يقال: لو أنهم علِموا أن اليوم يوم عيد في وقت متأخره فما الحكم؟ أي: لو أن الناس أصبحوا صائمين، ولم يعلموا إلا بعد طلوع الشمس.

والجواب: في هذا تفصيل:

فإن علموا بعد طلوع الشمس وقبل انتصاف النهار بحيث يسعهم أن يصلوا أفطروا وتهيأوا وصلوا، وأما إذا لم يعلموا إلا قبيل الزوال، أو قبيل انتصاف الشمس في كبد السماء، بحيث لا يتيسر للناس أن يصلوا العيد، فإنهم حينئذ يُفطرون؛ لأنه لا يجوز صيام يوم العيد، ويغدو بهم الإمام من الغد؛ لما ثبت في الحديث الحسن: (أن الهلال غُمَّ على الصحابة فلم يروه، ثم أصبحوا صائمين، ثم جاء ركب في آخر النهار. فأخبروا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم قد رأوا الهلال الليلة الماضية، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة أن يُفطروا، وأن يغدوا من الغد إلى المصلى)، وهذا يدل على وجوب صلاة العيد، وبناءً على ذلك يكون الحكم أنه إذا بلغهم الخبر بحيث لا يتمكنون من إيقاع صلاة العيد في وقتها، فإنه يأمرهم بالفطر يومها، ثم يغدو بهم إلى الصلاة في الغد.

قال رحمه الله: [وتسن في صحراء]

أي: وتسن صلاة العيد في صحراء، وهذا هو هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كان له مصلىً، وهو في الموضع الذي يُسمى الآن بجامع الغمامة، وهو في غرب المسجد منحرفاً إلى الجنوب، فهذا هو مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي صلى فيه العيدين، وصلى فيه الاستسقاء، فكان من هديه عليه الصلاة والسلام أنه يخرج للعيد ولا يصليه في داخل المدينة؛ لما في الخروج من إظهار الفرح بهذا اليوم، وإظهار فضل الله عز وجل على العباد بخروج رجالهم ونسائهم وأطفالهم وكبارهم وصغارهم وأغنيائهم وفقرائهم، فهو أبلغ في شعور الناس بالعيد، بخلاف ما لو دخلوا المسجد الذي ألفوه في الجمعة وألفوه في صلواتهم الخمس، لكنهم عندما يخرجون إلى العراء وإلى الفضاء، فهذا أبلغ في شعورهم بهذا اليوم، فيصحبهم الشعور النفسي الذي يكون معه الشعور بفضل الله عز وجل واجتماع المسلمين، وإظهار عزة الإسلام باجتماعهم في هذا الموضع، مع ما فيه من بالغ القربة بتكلف الخروج إلى المصلى.

فكان هديه عليه الصلاة والسلام الخروج إلى المصلى، وكذلك الخلفاء الراشدون من بعده: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، فكانوا يخرجون إلى المصلى رضي الله عنهم وأرضاهم، فهذه هي السنة، وهذا هو الأفضل.

واستثنى بعض العلماء أهل مكة، فقالوا: أهل مكة الأفضل لهم أن يصلوا في الحرم لفضل المضاعفة فيه، وللشرف العظيم الذي اختص الله عز وجل به أهل مكة في هذا المسجد وهذا القول من القوة بمكان، حيث لم يحفظ أن أهل مكة على زمان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين كان لهم مصلى خارج مكة، أي: لم يحفظ عنهم أنهم كانوا يصلون العيدين خارج مكة، لكن المسألة فيها خلاف بين العلماء رحمة الله عليهم.

ولو قلنا: إن السنة أن يخرجوا إلى المصلى فهنا مسائل:

المسألة الأولى: لو صلوا داخل المدينة أو داخل المسجد، فهل تبطل صلاتهم؟

الجواب: بالإجماع صلاتهم صحيحة، أي: إذا صلوا داخل المساجد مع عدم وجود العذر، فبالإجماع صلاتهم صحيحة، لكن فاتهم الأفضل.

المسألة الثانية: يُشرع لهم أن يتركوا المصلى إذا وجد العذر، ولذلك ثبت عن أهل المدينة في عهد عثمان رضي الله عنه أنهم تركوا المصلى في يوم عيد كان فيه مطر، وصلوا بالمسجد؛ لأن المطر يجحف بالناس ويشق عليهم في الخروج، ولما فيه من التضرر، خاصة أن الإنسان يخرج بثياب عيده، فيكون فيه مشقة وحرج على الناس، مع ما في الطريق من الوحل، وقد جعل الله عز وجل وجود المطر رخصة في ترك الجماعة، ولذلك يقولون: إنهم يصلون داخل المساجد لما فيه من الرفق بهم.

والشافعية رحمة الله عليهم -ويوافقهم بعض أهل العلم- عندهم تفصيل، فيقولون: لا يُوضع ضابط معين، والأفضل الصلاة في الخلاء. بمعنى: أن يكون هناك مصلى خارج المدينة، ولكن ينظر الإمام فإن وجد أن المصلى لو خرجوا إليه لحصل الضرر والمشقة الضيق على الناس صلى بهم في المسجد؛ لأنه أرفق بهم، ويكون هذا أشبه بالعذر.

ومثل هذا لو كان خروجهم إلى البراز فيه فتن وفيه أذية وضرر، خاصة إذا كثر السفهاء وحصلت الفتن، فلو احتيط بالمساجد لصيانة النساء وحفظهن فلا حرج في مثل هذا.

وعلى هذا يتخرج ما لو رأى الإمام فتناً دينية، أو وجد أن المصلحة أن يصلي في المسجد، فلا حرج عليه في عدم الخروج في هذه الحالة على هذا القول.




استمع المزيد من الشيخ محمد بن محمد مختار الشنقيطي - عنوان الحلقة اسٌتمع
شرح زاد المستقنع كتاب البيع [4] 3698 استماع
شرح زاد المستقنع باب الرجعة [1] 3616 استماع
شرح زاد المستقنع باب ما يختلف به عدد الطلاق 3438 استماع
شرح زاد المستقنع باب صلاة التطوع [3] 3370 استماع
شرح زاد المستقنع واجبات الصلاة 3336 استماع
شرح زاد المستقنع باب الإجارة [10] 3317 استماع
شرح زاد المستقنع باب التيمم [1] 3267 استماع
شرح زاد المستقنع باب صوم التطوع [2] 3223 استماع
شرح زاد المستقنع باب شروط القصاص 3183 استماع
شرح زاد المستقنع باب نفقة الأقارب والمماليك [6] 3163 استماع