خطب ومحاضرات
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 73
شرح زاد المستقنع باب الاستنجاء [2]
الحلقة مفرغة
بسم الله الرحمن الرحيم
قال المصنف رحمه الله تعالى: [ويشترط للاستجمار بأحجار ونحوها أن يكون طاهراً منقياً].
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على نبيه الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
ففي هذه العبارة يتكلم المصنف عن الأمور التي ينبغي توفرها في الشيء الذي يستجمر به، فإذا أراد الإنسان أن يقطع البول أو الغائط بالاستجمار فإنه يشترط في الشيء الذي يستجمر به شرطان:
الشرط الأول: أن يكون طاهراً.
والشرط الثاني: أن يكون منقياً.
أما طهارة الشيء الذي يستجمر به فكأن يأخذ حجراً طاهراً وينقي به موضع البول أو موضع الغائط، أو يأخذ ورقاً أو قماشاً -ما لم يكن فيه كتابة أو شيء محترم- فينقي به الموضع.
واشترطت الطهارة لأن الشرع شرع الطهارة بالماء والحجارة لإنقاء الموضع، فإن كان الشيء الذي يتطهر به نجساً لم يحقق مقصود الشرع، فإنه يزيد الموضع نجاسة ولا ينقيه، والدليل على ذلك: أن النبي صلى الله عليه وسلم رمى البعرة وقال: (إنها ركس) وهي لغة بعض أهل اليمن، أنهم يبدلون الجيم كافاً: ركس، والأصل: رجس، والرجس: النجس، أو الشيء المستقذر في لغة العرب، فامتنع النبي صلى الله عليه وسلم من الإنقاء بالروثة بناءً على أنها رجس، فدل على أن الشيء الذي يتطهر الإنسان به من البول والغائط ينبغي أن يكون طاهراً، وكذلك يكون منقياً، فلو كان لا ينقي الموضع فإنه لا يجزئ، مثال ذلك: لو أن إنساناً تبول فأخذ زجاجة لكي ينقي بها العضو، فإن الزجاج مادته ملساء، وتنساب النجاسة عليها ولا تشربها، فهذا لا ينقي الموضع.
ولذلك نهي عن الاستجمار بالعظم، وأحد الأوجه في المنع من الاستجمار بالعظم أنه أملس، فلا يمكن معه إنقاء الموضع، فخلصنا من هذا أنه لابد من الشرطين: أن يكون طاهراً، فلا يصح الاستجمار بالنجس، وأن يكون منقياً، أي: يتمكن الإنسان به من إنقاء الموضع وتنظفيه.
حكم الاستجمار بالعظم والروث
(غير عظم): (غير) للاستثناء، والاستثناء إخراج ما يتناوله اللفظ، (غير عظم وروث) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستجمار بهما كما في حديث سلمان وغيره..
أما العظم، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنه زاد إخوانكم من الجن) ولذلك لما اجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن فسألوه الزاد قال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحماً) أي: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الطعام الذي يأكلونه فأجابهم بهذا، ولذلك نهي عن الاستجمار به.
وقال بعض أهل العلم: إن العظام لا تنقي الموضع، مع كونها زاداً لإخواننا من الجن، ففرعوا على هذه العلة حكماً وهو عدم الاستجمار بشيء أملس لا ينقي الموضع كالزجاج.
حكم الاستجمار بالطعام
(وطعام) أي: وغير طعام، فإن الطعام لا يجوز الاستجمار به؛ لما فيه من الامتهان، ولأن الطعام يحتاج إليه الإنسان، فإذا استغنى عنه الإنسان احتاج إليه الحيوان، ولذلك نصوا على أنه لا يجوز الاستجمار بالطعام، وهذا بإجماع أهل العلم، وقال بعض العلماء: إنه إذا قصد امتهان النعمة قد يكفر والعياذ بالله، كما لو وطئها بقدمه قاصداً الامتهان والكفر بالنعمة، نسأل الله السلامة والعافية.
حكم الاستجمار بالمحترم
(ومحترم) أي: لا يجوز الاستجمار بالمحترمات ومنها كتب العلم، فقد أمر الله أمر بصيانتها وتعظيمها كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] قال بعض العلماء: الشعائر جمع شعيرة وهي كل ما أشعر الله العباد - أي: أعلمهم- بحرمته ومكانته، فلذلك لا ينبغي أن يستجمر بشيء محترم شرعاً.
حكم الاستجمار بالمتصل بالحيوان
كأن يأخذ ذنب البعير أو ذنب البقرة أو نحو ذلك، أو يستجمر بظهر البعير أو البقرة، كل ذلك لا ينبغي له؛ لأنه في حكم الاستجمار بالطعام، ولما فيه من تنجيس الموضع المتصل بذلك الحيوان.
لاحظوا أن هذه المستثنيات على ضربين:
ضرب ورد النص به، كالعظم والروثة.
وضرب عرف بأصول الشرع المنع منه، كالمحترم ونحوه.
وضرب يفوت مقصود الشرع، وهو الذي لا ينقي.
وبناءً على ذلك، نفهم أن الفقه تارة يؤخذ مما نص الشرع عليه، وتارة يفهم من أصول الشرع العامة، وما دلت الشريعة عليه بالعمومات أو بالأصول العامة أو كما يقولون: يفهم من مقاصد الشريعة، كأن تقول: مقصد الشريعة احترام كتب العلم وإجلالها لقوله تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ [الحج:32]، وفي الاستنجاء بها مخالفة لمقصود الشرع فتحرم.
وقوله: [ولو بحجر ذي شعب] الحجارة ذات الشعب: هو الحجر يكون له ثلاث أو أربع شعب، على حسب كبره وخلقته التي خلقه الله عليها، فلو أخذ رجل الحجر الذي له ثلاث شعب واستجمر بشعبة، ثم قلبه إلى الشعبة الثانية واستجمر بها، ثم قلبه إلى الشعبة الثالثة واستجمر بها فإنه يجزئ عن الثلاثة الأحجار.
وقوله: [غير عظم وروث].
(غير عظم): (غير) للاستثناء، والاستثناء إخراج ما يتناوله اللفظ، (غير عظم وروث) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستجمار بهما كما في حديث سلمان وغيره..
أما العظم، فقال عليه الصلاة والسلام: (إنه زاد إخوانكم من الجن) ولذلك لما اجتمع النبي صلى الله عليه وسلم بالجن فسألوه الزاد قال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحماً) أي: سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن الطعام الذي يأكلونه فأجابهم بهذا، ولذلك نهي عن الاستجمار به.
وقال بعض أهل العلم: إن العظام لا تنقي الموضع، مع كونها زاداً لإخواننا من الجن، ففرعوا على هذه العلة حكماً وهو عدم الاستجمار بشيء أملس لا ينقي الموضع كالزجاج.
وقوله: [وطعام ومحترم ومتصل بحيوان].
(وطعام) أي: وغير طعام، فإن الطعام لا يجوز الاستجمار به؛ لما فيه من الامتهان، ولأن الطعام يحتاج إليه الإنسان، فإذا استغنى عنه الإنسان احتاج إليه الحيوان، ولذلك نصوا على أنه لا يجوز الاستجمار بالطعام، وهذا بإجماع أهل العلم، وقال بعض العلماء: إنه إذا قصد امتهان النعمة قد يكفر والعياذ بالله، كما لو وطئها بقدمه قاصداً الامتهان والكفر بالنعمة، نسأل الله السلامة والعافية.
وقوله: [ومحترم].
(ومحترم) أي: لا يجوز الاستجمار بالمحترمات ومنها كتب العلم، فقد أمر الله أمر بصيانتها وتعظيمها كما قال تعالى: ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ [الحج:32] قال بعض العلماء: الشعائر جمع شعيرة وهي كل ما أشعر الله العباد - أي: أعلمهم- بحرمته ومكانته، فلذلك لا ينبغي أن يستجمر بشيء محترم شرعاً.