عنوان الفتوى : مقاطعة الأم القاسية الظالمة
أنا امرأة مشكلتي الرئيسة مع والدتي، فلقد كانت ظالمة لي بشدة عندما كنت صغيرة، وكانت قاسية، وتضربني، وتعذبني بأقسى الطرق، حتى أنني قد تعرضت لحادثة اعتداء جنسي متكرر من قبل بعض أفراد عائلتها عندما كنت صغيرة، وعلمت هي بذلك الاعتداء، ولم تتصرف، أو توقف تكرار حدوث الموضوع، بل بالعكس كانت تصطحبني إلى بيتهم، وهي تعلم بأن الاعتداء سوف يتم، وتتركني بين أيديهم، وكأنها تتعمد فعل ذلك، ولم تخبر حتى والدي ليتصرف هو.
واستمر ذلك لفترة من الزمن، وهذا كان له تأثير كبير على نفسيتي، وعلى حياتي، فقد دمَّر حياتي الزوجية. عندما كبرت أصبح كل الظلم الذي تعرضت له من قبل أمي يشكل ضغطا نفسيا كبيرا بالنسبة لي، وأصبح يعذبني كثيرا، حتى صارحتها بالموضوع، وحصلت مشكلة كبيرة معها، وتوقفتُ تماما عن الحديث معها، وقاطعتُها بشكل كامل، وفي كثير من الأحيان أدعو عليها من كثرة الظلم الذي أحس به.
سؤالي: هل مقاطعتي لأمي جائز في هذه الحالة؟ مع العلم أن عذابي النفسي لا يحتمل، ومع العلم أيضا أن ما تحدثتُ به من ظلمها هو جزء يسير مما تعرضتُ له في صغري على يديها، ولا أتخيل أنني أستطيع التواصل معها مرة أخرى. وهل هناك أيّ إثم عليّ إذا قمت بالدعاء عليها؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن ضرب الأم لابنتها، وتعذيبها لها، وتعريضها للفساد والفاحشة؛ لا شك أن كل هذا من الذنوب، وتفريط فيما أوجبه الله عليها. ومع هذا، فإننا لا نرى جواز أن تقطع البنت أمها، فإن هذا من العقوق، وإذا كانت حالةُ البنتِ النفسيةُ لا تسمح لها بصلة أمها الصلة المعتادة بين الأولاد ووالديهم، فلتصلها أقل الصلة، ولا تقطعها بالكلية، وقد أوصى الله تعالى بالوالدين إحسانا، ولو كانا كافرين، ومن المعلوم أن الكفر أكبر الذنوب وأشدها.
فنوصي الأخت السائلة أن تجاهد نفسها في صلة أمها بما تستطيع، ولتجتهد في دعاء الله لها بالهداية والمغفرة؛ لعل الله تعالى أن يهديها، ويصلح شأنها، فهذا خير من الدعاء عليها؛ فإنه من العقوق، وانظري الفتوى: 268468. عن حكم قطع الأم الظالمة، والفتوى: 67939. عن حكم الدعاء على الأم بالموت.
والله أعلم.