الصفحة 4 من 43

كما قال العلامة ابن القيم في نونيته:

وتعرَّ من ثوبين من يلبسهما يَلقى الردى بمذمة وهوان

ثوب من الجهل المركب فوقه ثوب التعصب بئست الثوبان

وتحلُّ بالإنصاف أفخر حُلةٍ زينت بها الأعطاف والكتفان

ثم يأتي النقد العقدي المنهجي في عين النقد العلمي، وهو الذي وافق الغيرة على العقيدة والإيمان، وباعثه النصح لله ورسوله صلى الله عليه وسلم ولكتابه وللمؤمنين، ومستمده الكتاب العزيز والسنة النبوية الصحيحة، وما درج عليه سلف الأمة وعلماء الإسلام في مأثورهم وسطورهم ومنقول أحوالهم.

فإذا جنح عن هذا المنهج بتعصب، أو اتباع هوى، أو محض تقليد بغير هدي، أو تحزّب وتصنيف مذمومين ... الخ. ظل داعيته وزلَّ في نفسه وفي قوله وظلَّل من يتبعه في قوله ومسلكه، وإن ظنَّ جهلاً أو تعالما أن يسير على نهج أهل السنة والجماعة بدعواه وادعائه.

لأجل هذا كله ولغيره تداعت البواعث، وتحققت الحاجات إلى ترسّم منهج أهل السنة والجماعة في النقد العقدي خصوصاً فضلا عن النقد العلمي من حيث العموم.

ولا أحسن في تطبيق هذا المنهج من استمداده من الوحي الشريف في الكتاب والسنة والله عز وجل يقول في آية المائدة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: 8] .

ومن خلال الأنموذج العملي نحتاج تتبع طرائق راسخي العلم من محققي العلماء في تأصيل ذلك، ومن ثم في إعماله وتطبيقه.

وهذا شيخ الإسلام يرسم شأن النقد ومنهج أهل السنة فيه إجمالاً بقوله: (( ... وَمِمَّا يَتَعَلَّقُ بِهَذَا الْبَابِ أَنْ يُعْلَمَ أَنَّ الرَّجُلَ الْعَظِيمَ فِي الْعِلْمِ وَالدِّينِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، أَهْلِ الْبَيْتِ وَغَيْرِهِمْ، قَدْ يَحْصُلُ مِنْهُ نَوْعٌ مِنَ الِاجْتِهَادِ مَقْرُونًا بِالظَّنِّ، وَنَوْعٌ مِنَ الْهَوَى الْخَفِيِّ، فَيَحْصُلُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا لَا يَنْبَغِي اتِّبَاعُهُ فِيهِ، وَإِنْ كَانَ مِنْ أَوْلِيَاءِ اللَّهِ الْمُتَّقِينَ.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام