16/ أهل العلم إذا فسروا الأسماء الحسنى، فإنما هو تقريب ليدلوا الناس على أصل المعنى، أما المعنى بكماله فإنه لا يعلمه أحد إلا الله جل جلاله؛ ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام في دعائه: (لا نحصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) .
والناس حين يفسرون أسماء الله جل وعلا فإنهم يفسرون ذلك بما يقرب إلى الأفهام المعنى، أما حقيقة المعنى على كماله فإنهم لا يعونه؛ لأن ذلك من الغيب، وكذلك الكيفية فإنهم لا يعلمونها؛ لأن ذلك من الغيب، فالله جل وعلا له الأسماء الحسنى، والصفات العلى.
17/ أسماؤه سبحانه وتعالى أعلام وأوصاف، والوصفية لا تنافي العلمية، بخلاف أوصاف العباد.
18/ دلالة الأسماء الحسنى قسمان:
1 -دلالة عامة: وهي الدلالة على العَلَمية والوصفية، وهي دلالة مطلقة من حيث هي أسماء الله الحسنى.
2 -دلالة خاصة: وهي تستفاد من كل اسم من أسماء الله الحسنى بعينه، وهي ما دل لفظها على الذات وخصوص صفة، كدلالة: (الرحمن) على ذات الله تعالى وعلى صفة الرحمة. وهي باعتبار الدلالة اللفظية ثلاثة أنواع:
أ- دلالة مطابقة: وذلك بدلالة الاسم على جميع أجزائه: (الذات والصفات) دلالة اللفظ على كل معناه.
ب- دلالة تضمن: وذلك بدلالة الاسم على بعض أجزائه.
جـ- دلالة التزام: وذلك بدلالة الاسم على غيره من الأسماء أو الصفات التي تتعلق تعلقًا وثيقًا بهذا الاسم وإن كانت خارجة عنه.
19/ (الله سبحانه وتعالى، لا تضرب له الأمثال التي فيها مماثلة لخلقه، فإن الله لا مثل له، بل له المثل الأعلى، فلا يجوز أن يشترك هو والمخلوق في قياس تمثيل، ولا في قياس شمول تستوي أفراده، ولكن يستعمل في حقه المثل الأعلى، وهو أن كل ما اتصف به المخلوق من كمال، فالخالق أولى به، وكل ما تنزه عنه المخلوق من نقص، فالخالق أولى بالتنزيه عنه، فإذا كان المخلوق منزّهًا عن مماثلة المخلوق مع الموافقة في الاسم، فالخالق أولى أن يُنزه عن مماثلة المخلوق وإن حصلت موافقة في الاسم) ?ھ [1]
20/ الأسماء الحسنى غير محصورة بعدد معين، والحديث (إن لله تسعة وتسعين إسماً من أحصاها دخل الجنة) ، لا يفيد أنها محصورة بالتسعة والتسعين، وإنما غاية ما فيه أن هذه الأسماء موصوفة بأن على من أحصاها دخل الجنة.
21/ ضرورة الالتزام بما ورد في القرآن والسنّة الصّحيحة في تتبع الأسماء الحسنى؛ لأنّ أسماء الله توقيفيّة؛ ولا مجال للرأي والاجتهاد فيها، فلا يسمّى الله إلاّ بما سمّى به نفسه، أو سمّاه رسوله. وبهذا يخرج من التتبع كل اسم ورد به النص على سبيل الإخبار أو المقابلة أو التقيد أو الإضافة. و يخرج من التتبع أيضا الأسماء الاصطلاحية (ما وُضع اصطلاحا) والقياسية والمشتقة من الصفة أو الفعل.
22/ الاسم المطلق قد يأتي مقيدا، قال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا) (النساء/86) ، و (وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا) (الاحزاب/39) ، ففي الآية الاولى كان الاسم مطلقاً، وفي الثانية مقيداً، فالاسم المطلق لو قُيد لا يحتمل نقصا، بأي وجه من الوجوه، أما الاسم المقيد لو أطلق فإنه يوهم نقصاً.
23/ التسمية والدعاء على ثلاثة أقسام:
1.ما يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى به ويُدعى، وهي الأسماء التوقيفية الواردة في الكتاب والسنة الصحيحة حصراً.
2.ما يجوز أن يسمى الله سبحانه وتعالى به ولا يُدعى، وهي الأسماء التي ترد على سبيل الإخبار.
(1) شرح الرسالة التدمرية للشيخ عبد الرحمن البراك - ص 165.