فهرس الكتاب
الصفحة 47 من 156

ثالثاً: ومن منزلة التوحيد أنه جعل نوراً يضيء القلوب {وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنَا مَا كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتَابُ وَلا الْأِيمَانُ وَلَكِنْ جَعَلْنَاهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشَاءُ} [الشورى:52] وأعظم ما يُهدى إليه الإنسان وينور قلبه به هو توحيد الله تعالى، ولذلك تعتبر قلوب أهل الكفر والشرك مظلمة، أما قلوب أهل الإيمان والتوحيد مضاءة أشد من ضوء الشمس؛ لأنهم يبصرون بتوحيد الله تعالى، ويحصل لهم السعادة في الدنيا والآخرة.

رابعاً: ومن منزلة التوحيد أن الإنسان لا يستغني عنه طرفة عين، وسبحان ربي! إن الإنسان ليتأمل الصلوات، يصلي الفجر وليس علينا صلاة بعدها إلا وقت الظهر وهكذا، والصيام يمر في العام مرة، والحج وهكذا العبادات، لكن توحيد الله لا نستغني عنه طرفة عين، فما نقول: هذا الوقت ليس عندنا توحيد فيه ولا نحتاج إليه أبداً، بل يصبح التوحيد مع الإنسان منذ أن يدخل في دين الله تعالى إلى أن يودع هذه الدنيا وتوحيد الله معه كاملاً.

خامساً: ومن منزلة التوحيد أنه آخر ما يودع به الإنسان الدنيا، ولقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من كان آخر كلامه من الدنيا لا إله إلا الله دخل الجنة) [1] دل على أن بدايتك توحيد ونهايتك توحيد، بل كل أجزاء حياتك هي توحيدٌ لله تعالى، وأعظم دليل على ذلك قول الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ} [الأنعام:162 - 163] حياتك كلها لله، وهكذا وفاتك يجب أن تكون لله؛ ليصبح الإنسان جل وقته وحياته هو لله تعالى.

سادساً: قيل: إن التوحيد من منزلته أنه شفاء، كم نجد ممن دخل في دين الله تعالى كان التوحيد شفاء لقلوبهم، نسمع من كثير ممن أسلم سبب توحيده أنه لم يجد في عقائده التي كان عليها شفاء لما في قلبه، ولا إجابة لأسئلة ملحة عليه إلا في توحيد الله تعالى، فالحمد لله على هذا التوحيد). إھ [2]

إن القرآن كله في تقرير التوحيد بأنواعه، لأنه:

1/ إما خبر عن الله عز وجل وما يجب أن يوصف به، وما يجب أن ينزه عنه، وهو التوحيد العلمي الخبري الاعتقادي (توحيد الربوبية والأسماء والصفات) .

2/ وإما دعوة إلى عبادته وحده لا شريك له وخلع ما يعبد من دونه، وهو التوحيد الطلبي الإرادي (توحيد الألوهية) .

3/ وإما أمر ونهي وإلزام بطاعته فذلك من حقوق التوحيد ومكملاته.

4/ وإما خبر عن إكرامه لأهل التوحيد وما فعل بهم في الدنيا من النصر والتأييد وما يكرمهم به في الآخرة، وهو جزاء توحيده، أو خبر عن أهل الشرك وما فعل بهم في الدنيا من النكال، وما يفعل بهم في العقبى من العذاب فهو جزاء من خرج عن حكم توحيده. [3]

إن لمعرفة أسماء الله الحسنى ثمرات عديدة منها:

1.تذوق حلاوة الإيمان.

2.عبادة الله عز وجل.

3.زيادة محبة العبد لله والحياء منه.

4.الشوق إلى لقاء الله عز وجل.

(1) سنن أبي داود / 3116 عن معاذ بن جبل قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم (من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة.) ، وصححه الشيخ الألباني في سنن أبي داود.

(2) باختصار من شرح لامية شيخ الإسلام ابن تيمية / عمر بن سعود بن فهد العيد - الدرس الثالث، المصدر: دروس صوتية قام بتفريغها موقع الشبكة الإسلامية ... http://www.islamweb.net

(3) مُختَصَرُ مَعارِجِ القَبولِ ص 20.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام