فهرس الكتاب
الصفحة 13 من 156

كان للفرق الإسلامية أراء متعددة في حصر الأسماء الحسنى ليس في تحديد العدد فحسب بل حتى في طريقة الإحصاء وضوابطها، ففريق قد حددها بتسع وتسعين اسما"كما ذهب ابن حزم الأندلسي في المحلى / كتاب الأيمان حيث قال: (فصح أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ تَعَالَى إِلاَّ بِمَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ. وَصَحَّ أَنَّ أَسْمَاءَهُ لاَ تَزِيدُ عَلَى تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ، لِقَوْلِهِ عليه السلام:(مِائَةً إِلاَّ وَاحِدًا) فَنَفَى الزِّيَادَةَ، وَأَبْطَلَهَا، لَكِنْ يُخْبِرُ عَنْهُ بِمَا يَفْعَلُ تَعَالَى. وَجَاءَتْ أَحَادِيثُ فِي إحْصَاءِ التِّسْعَةِ وَالتِّسْعِينَ أَسْمَاءٌ مُضْطَرِبَةٌ لاَ يَصِحُّ مِنْهَا شَيْءٌ أَصْلاً، فَإِنَّمَا تُؤْخَذُ مِنْ نَصِّ الْقُرْآنِ، وَمِمَّا صَحَّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.) إھ [1] ."

وقال في مسائل التوحيد (وَلاَ يَحِلُّ لأَحَدٍ أَنْ يُسَمِّيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِغَيْرِ مَا سَمَّى بِهِ نَفْسَهُ وَلاَ أَنْ يَصِفَهُ بِغَيْرِ مَا أَخْبَرَ بِهِ تَعَالَى, عَنْ نَفْسِهِ. قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} (الأعراف /180) ، فَمَنَعَ تَعَالَى أَنْ يُسَمَّى إلاَّ بِأَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَأَخْبَرَ أَنَّ مَنْ سَمَّاهُ بِغَيْرِهَا فَقَدْ أَلْحَدَ.) إھ [2] .

(وَقَالَ تَعَالَى: {وَذَرُوا الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ} فَصَحَّ أَنَّهُ لاَ يَحِلُّ أَنْ يُضَافَ إلَيْهِ تَعَالَى شَيْءٌ , وَلاَ أَنْ يُخْبَرَ عَنْهُ بِشَيْءٍ , وَلاَ أَنْ يُسَمَّى بِشَيْءٍ إلاَّ مَا جَاءَ بِهِ النَّصُّ) . إھ. [3]

وفريق آخر من أهل العلم لم يلتزم بالعدد المخصوص في الحديث، فابن الوزير مثلاً، قسّم الأسماء الحسنى إلى ثلاثة أقسام:

الأول: قسم ورد في النّصوص صريحًا دون اشتقاق؛ كالصّمد، والرّحمن، والملك، وقد بلغ بهذا النّوع قرابة مائة وستّين اسما"."

الثاني: قسم مشتقّ من الأفعال الربّانيّة؛ كالمطعم، والمجير، والمرجوّ. وهذا النّوع لا يحصى.

الثالث: قسم من أنواع الثّناء من غير اشتقاق من ألفاظ القرآن؛ مثل قديم الإحسان، دائم المعروف، المستغاث، المأمول. وهذا النّوع لا يحصى أيضًا. [4]

(وحكى القاضي أبو بكر بن العربي عن بعضهم أن لله ألف اسم، قال ابن العربي وهذا قليل فيها، ونقل الفخر الرازي عن بعضهم أن لله أربعة آلاف اسم استأثر بعلم ألف منها واعلم الملائكة بالبقية والأنبياء بألفين منها وسائر الناس بألف وهذه دعوى تحتاج إلى دليل واستدل بعضهم لهذا القول بأنه ثبت في نفس حديث الباب انه وتر يحب الوتر) . إھ. [5]

أما الضوابط التي اتبعها السادة العلماء في حصر الأسماء فتختلف بين طائفة وأخرى، وقد اجتهد بعضهم في ذلك من خلال استقرائهم للنصوص من القرآن الكريم والسنة النبوية، أو القرآن الكريم حصرا، والبعض الآخر اعتمدوا ما إستحسنته عقولهم،

ومن خلال تتبع هذه الطرق وجدتها لا تتعدى الثمانية طرق (والله اعلم بالصواب) وهي:

1 / الاشتقاق: وهو أن يشتق الاسم من صفات الله تعالى وأفعاله سبحانه الواردة في الكتاب والسنة، وقد وضعوا لهذه الطريقة قواعد فيما يصح إطلاقه وما لا يصح.

(1) المحلى ج 8 / ص 31. والحديث أخرجه البخاري في صحيحه / كتاب الدعوات / بَاب (لِلَّهِ مِائَةُ اسْمٍ غَيْرَ وَاحِدٍ) - الحديث 6410.

(2) المحلى ج 1 / ص 29، مسائل التوحيد - المسألة 54.

(3) المحلى ج 1 / ص 34، مسائل التوحيد - المسألة 62.

(4) إيثار الحق على الخلق / ابن الوزير - ص 159 و 163 و 174 باختصار.

(5) الجواهر الهريرية / أبو يوسف محمد زايد (1/ 452) . نسخة الكترونية من المكتبة الشاملة - الإصدار 3,13.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام