العربية. وقد اختار الغذّامي نسق"الفحل"الذي يؤكد أنه في الثقافة العربية قد انتقل من الشعر إلى مختلف نواحي الحياة. فصار لدينا، إلى جانب الشاعر الفحل: الفحل الاجتماعي والفحل الثقافي والفحل الإعلامي والفحل السياسي ..."."
ولكي يستطيع الغذّامي أن يصل إلى غايته تلك أي إلى قراءة الأنساق المضمرة في الثقافة العربية لجأ إلى منهج القراءة التأويلية الذي استخدمه في كتاباته السابقة ...
بالنسبة للمجاز مثلاً، نجده قد تحول من القيمة البلاغية التي - في النقد الأدبي- تدور حول الاستعمال المفرد للفظة أو الجملة الواحدة إلى القيمة الثقافية التي يحتويها النص. وبهذا التحول يغدو المجاز ازدواجاً دلالياً، ويُقرأ على مستوى النص بأكمله الذي يحمل بعدين دلاليين، أحدهما حاضر وماثل في عناصره اللغوية الظاهرة، وثانيهما مضمر.
وهذا البعد الدلالي المضمر هو الفاعل والمحرك الخفي الذي يتحكم في سلوكنا العقلي والتذوقي، وأشكال تلقينا لهذه الظاهرة الثقافية أو تلك. و يطلق الغذّامي على هذا النمط من المجاز تسمية (المجاز الكلي) (ص67 - 71)
أما بخصوص العلاقة أو الفرق بين النقد الأدبي والنقد الثقافي، فمن الممكن البحث عن إجابات للأسئلة الآتية: هل في النقد الأدبي ما يعيبه أو ينقصه كي نبحث له عن بديل؟ هل يستطيع النقد الثقافي أن يكون بديلاً عن النقد الأدبي؟ أو أن النقد الثقافي ليس إلا تسمية حديثة لوظيفة قديمة؟
بالنسبة لفنسنت ليتش فهو يؤكد، عند تناوله لطبيعة الروابط بين النقد الثقافي والنقد الأدبي أنّ هذين النقدين مختلفان على الرغم من وجود بعض نقاط الالتقاء والاهتمامات المشتركة بينهما. وبعكس بعض المهتمين الآخرين بالنقد الثقافي الذين يرون أن على النقد الثقافي أن يركز على تلك الظواهر التي يهملها النقد الأدبي مثل مظاهر الثقافة الشعبية أو الجماهيرية، ويبتعد عن الميادين الأدبية"المتعالية"كنظرية الأدب، يرفض فنسنت ليتش الفصل بين النقد الأدبي والنقد الثقافي، ويرى أن اختصاصيي الأدب يمكن أن يمارسوا النقد الثقافي دون أن يتخلوا عن اهتماماتهم الأدبية"."
أما الدكتور عبد الله الغذّامي فيقول في محاضرة ألقاها في مطلع سنة 2002 في مؤسسة عبدالحميد شومان:"نحن لا نملك إلا أن ننسب النقد الأدبي إلى الأدب، وبالمقابل فإننا سننسب النقد الثقافي إلى الثقافة". كما يلاحظ الغذّامي أن النقد الأدبي الذي في الثقافة العربية قد ترعرع في أحضان البلاغة أصبح فناً في البلاغة يعنى في المقام الأول بجمالية النصوص والوقوف على مكونات أدبيتها، أو كشف عوائقها.