لقد تركز نقد الدكتور الغذّامي لنزار قباني من جهة اعتباره رجعية إلى أنساق شعرية جاهلية، وجوانب هذا النقد حصرها الدكتور الغذّامي في: الاستفحال والأنا المتعالية، والنظرة الجنسية للمرأة [1] .
وإن العجب من الدكتور الغذّامي أنه ينقل من كلام نزار قباني عظائم وطامات، ثم لا يلتفت إلى مدى مخالفتها لثقافة المسلمين وعقيدتهم! وإنما تكون غيرته على ظهور الرجعية وعودة الأنساق الشعرية، لما في ذلك من مس لكرامة الحداثة، وقدح في كمالها الواجب.
وقبل المبحث الذي جعله الدكتور الغذّامي لدراسة نموذج نزار قباني، فإنه توقف عند ما عده أصل الظاهرة، وهو اختراع الفحل، فبيّن غلو بعض الشعراء منذ القديم في تعظيم ذواتهم، وجنوح بعضهم إلى الوصول إلى صفات الربوبية والتأليه، وسريان هذا الغلو لدى بعض الناقدين والمحللين، وبعض الشعراء المعاصرين، ومنهم نزار القباني.
قال الدكتور الغذّامي: (( فالشاعر في أصله الفطري واحد من عباد الله، غير أنه يبدأ بتمييز ذاته عن الآخرين، فالشعراء هم الناس، ومن عداهم ليسوا ناساً، كما يقول أحمد شوقي:
جذبت ثوبي العصي وقالت،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ... أنتم أيها الناس الشعراء [2] ،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وهذا المخلوق النسقي المميز لذاته عن غيره لا يقف في تمييزه لهذه الذات عند حد فئوي ... ويأتي الفحل على رأس الهرم الطبقي، حيث يتعزز مفهوم التميز )) [3] .
ومن الأمثلة التي أوردها الدكتور الغذّامي على ذلك:
قول الفرزدق:
فإني أنا الموت الذي هو ذاهب،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ... بنفسك فانظر كيف أنت محاوله،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقول جرير جواباً له:
أنا الدهر يفنى الموت والدهر خالد،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ... فجئني بمثل الدهر شيئاً يطاوله،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،
وقول المتنبي:
(1) "النقد الثقافي" (ص 256) وما بعدها.
(2) الصواب: أيها الناس أنتم الشعراء.
(3) "النقد الثقافي" (ص 124 - 125) .