الصفحة 31 من 45

المطلب الثاني: وقفات مع النقد الثقافي.

الوقفة الأولى: حدود النقد الثقافي.

يبين الدكتور الغذّامي أن موضوع النقد الثقافي ومجال بحثه هو: (( نقد الأنساق المضمرة التي ينطوي عليها الخطاب الثقافي بكل تجلياته وأنماطه وصوره، ما هو غير رسمي وغير مؤسساتي، وما هو كذلك ... همه كشف المخبوء من تحت أقنعة البلاغي/ الجمالي ... وكشف حركة الأنساق وفعلها المضاد للوعي وللحس النقدي ) ) [1] .

وهذا بخلاف النقد الأدبي القاصر الذي (( أوقعنا في عمى ثقافي تام عن العيوب النسقية المختبئة تحت عباءة الجمالي ) ) [2] .

والدكتور الغذّامي يبين ضرورة توسيع دائرة النقد الأدبي ليصبح نقداً ثقافياً، فقد سئل في مقابلة سؤالاً جاء فيه: (( أشرت في كتابك"النقد الثقافي"إلى ضرورة توسيع دائرة النقد الأدبي ليصبح نقداً ثقافياً لا نقداً أدبياً فقط، هل يمكن إيضاح هذه النقطة؟ ) ).

فأجاب الدكتور الغذّامي: (( إن توسيع دائرة النقد لتشمل كل ما هو ثقافي وروحي وحياتي هو أكثر ما يقلقني, وذلك يعود إلى أن جملة من الانكسارات الذاتية ترسبت في ذواتنا وواقعنا, صار لا بد من محوها عبر قناة النقد الثقافي الذي يشمل وجوهاً عديدة من الحياة وليس الأدب فقط ... ) ) [3] .

والذي يؤخذ على الدكتور الغذّامي أنه لا يستثني شيئاً من الوقوع تحت دائرة النقد، ولا يبين وجود ثوابت شرعية مقدسة فوق دائرة النقد، بل يُرجع هذه القدسية في ثقافة العرب إلى تقديس الشعر وتحريم انتقاده، وهو بهذا يُلغي القدسية عن كل شيء، وإذا استُصحب هنا سخطه على واقع الأمة الثقافي والروحي والحياتي، فإن النتيجة أقرب إلى التصريح منها إلى التلميح بضرورة تطبيق نظرية النقد على تطبيقات نصوص الوحي الإلهي في الحياة!

وإن تعبير الدكتور الغذّامي عن المواصفات النسقية للنص المدروس بقوله: (( والأنساق الثقافية هذه أنساق تاريخية أزلية وراسخة ولها الغلبة دائماً ... ) ) [4] لا يتماشى بالمطابقة مع النصوص الشعرية،

(1) "النقد الثقافي" (ص 83) .

(2) "النقد الثقافي" (ص 7 - 8) باختصار.

(3) من لقاء مع الدكتور الغذّامي أجراه إياد ناصر، وتجده على الرابط: www.fm-m.com/2004/jul2004/story26.htm

(4) "النقد الثقافي" (ص 79) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام