الصفحة 15 من 45

النقطة الأولى: مكانة الشعر من ثقافة العرب.

لماذا الشعر؟

وما علاقة الشعر بالنقد الثقافي؟

لا تتعجب إذا علمت أن لب القضية هو الشعر! وجل الخطب والخطاب إنما هو الشعر! فقد جعل الدكتور الغذّامي من الشعر خصمه الصامت الناطق، بل هو خصم الأمة، وهو خصم الحداثة وداءها! وهو ما يتحمل الجريرة والتبعة، تاريخياً وحداثياً، ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، إزاء كل رزية.

إن القارئ لكتاب"النقد الثقافي"يهوله ما يرى من الاتهام النقدي المسلط على الشعر، حتى كأنه المقصود من الكتاب ليس إلا، فالشعر هو السبب في انحطاط العرب وتخلفهم في جميع المجالات - المتخلفين فيها فقط- وهو السبب أيضاً في فشل المشروع الحداثي!

وإليك مقتطفات تبين لك أني لم أف الأمر وصفه، وليس الخبر كالمعاينة!

فقد افتتح الدكتور الغذّامي مقدمة كتابه بطرح تساؤلات تنبيك عن مضمون الكتاب، فجاء في تساؤلاته:

(( هل جنى الشعر العربي على الشخصية العربية؟

هل هناك أنساق ثقافية تسربت من الشعر وبالشعر لتؤسس لسلوك غير إنساني وغير ديموقراطي، وكانت فكرة"الفحل"وفكرة"النسق الشعري"وراء ترسيخها؟ ومن ثم كانت الثقافة، بما أن أهم ما فيها هو الشعر، وراء شعرنة الذات وشعرنة القيم؟

لقد آن الأوان لنبحث في العيوب النسقية للشخصية العربية المتشعرنة، والتي يحملها ديوان العرب، وتتجلى في سلوكنا الاجتماعي والثقافي بعامة )) [1] .

وتجده كثيراً ما يصف الأمة العربية بأنها: الأمة الشاعرة، واللغة العربية: بأنها اللغة الشاعرة، والذات العربية بأنها الذات المتشعرنة.

قال الدكتور الغذّامي: (( إن كتابنا هذا سيزعم أن ما اكتسبناه من السمات الشعرية قد طبع ذاتنا الثقافية والإنسانية بعيوب نسقية فادحة! ما زلنا نُنتجها، ونعيد إنتاجها، ونتحرك حسب شرطها، ولعلها هي المسؤولة عن كثير من عوائقنا الحضارية، لا سيما وأن الشعر هو الخطاب الذي احتكر مشروع

(1) "النقد الثقافي" (ص 7) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام