الصفحة 41 من 45

الوقفة الرابعة: مع نقد الدكتور الغذّامي لأدونيس.

لقد شغل الحديث عن أدونيس حيزاً كبيراً من كتاب"النقد الثقافي" [1] وذلك لأن أدونيس يُعد (( علامة وعنواناً على الحداثة ) ) [2] ، وقد أراد الدكتور الغذّامي تقييم الإنجاز الحداثي من خلال دراسته لأدونيس، وخرج من ذلك بنتائج مهمة، نتبين من خلالها موقف الدكتور الغذّامي من الحداثة، وتقييم ظاهرة أدونيس حداثياً.

وقد تناول الدكتور الغذّامي بالبحث ظاهرة سابقة لأدونيس، وهي حداثية أبي تمام، فقد عُد أبو تمام حداثياً، ولكنه من وجهة نظر الدكتور الغذّامي: ليس إلا تجديداً شكلياً ينطوي على نسق القدامة بكل عيوبها [3] .

ومن خلال حديث الدكتور الغذّامي في هذا الموضع أستشرف تعريفه للحداثة، بأنها: مصادمة المألوف ومواجهة الأعراف التقليدية، وتفجير طاقات اللغة، وتحطيم عمود الأوائل. ولها قانون ممثل في مقولة: لم لا تفهم ما يقال، كجواب على سؤال: لم تقول ما لا يُفهم [4] .

وتجد الدكتور الغذّامي يتباكى على الحداثة، ويصفها بالرجعية، ويبين السبب في ذلك فيقول: (( صارت حداثتنا حداثة رجعية، بما أنها توسلت بالنموذج الشعري، الذي هو نموذج نسقي معيب ) ) [5] .

أما بخصوص أدونيس، فقد أطال الدكتور الغذّامي النقل عنه، وأتلمس نقل أحد أخص المواضع، مما فيه دلالة على غيره، حيث قال (( ما أن تشرع في قراءة النصوص حتى تصدمك الأنا الأدونيسية بتضخماتها المسرفة بالتعالي الأسطوري في تفرد هذه الذات وتميزها الخرافي.

فهي ترى ذاتها بأنها: أنا العالم مكتوباً، وأنا المعنى، وأنا الموت، وأنا سماء وأتكلم لغة الأرض، وأنا التموج، وأنا النور، وأنا الأشكال كلها، وأنا الداعية والحجة [6] .

هذه سمات المفرد، أما صيغته الجامعة فتأتي من كونه يرى ذاته بما إنها الفضاء الكوني كله: أنا الموزع

(1) "النقد الثقافي" (ص 270 - 295) وهو الجزء الأخير من الكتاب، وبمثابة نتيجة الكتاب.

(2) "النقد الثقافي" (ص 270) .

(3) "النقد الثقافي" (ص 180) .

(4) انظر"النقد الثقافي" (ص 178 - 181) .

(5) "النقد الثقافي"صفحة الغلاف الخارجي.

(6) وأحال الدكتور الغذّامي على"مفرد بصيغة الجمع"لأدونيس: ص 44, 64, 65, 78, 79, 85, 126

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام