الصفحة 42 من 45

بين زحل والزهرة وعطارد، وأنا الصوت يرتجل في الفضاء، وأنا الحجر يتطوح وقراره الموج، وأنا الصارية ولا شيء يعلوني، أنشيء سلطة الرغبات.

لذا ترى الذات ذاتها في درجة النبوة، وتسمي طفلها: سمه النبي والخالق! )) [1] .

وبعد هذا النقل الإلحادي عن أدونيس، يعلق الدكتور الغذّامي قائلاً: (( ويجب علينا هنا أن نحتاط لأنفسنا، فلا يأخذنا الوهم إلى أبعد مما يصح(!) ...

هذه الجمل ليست من مبتكرات أدونيس، وهي ليست سوى جمل مكررة عن شعراء سبقوا أدونيس إليها (!) ... وهذا معناه أننا أمام جمل ثقافية نسقية ... وليس الجمالي إلا غطاء تتقنع به الأنساق لتمرر هيمنتها على الذائقة الجمالية )) .

ويبن الدكتور الغذّامي حكمه على حداثة أدونيس بأنه: (( أعاد إنتاج(الفحل) بكل صفاته (عيوبه) القديمة، صورة الرجل الأوحد المتفرد، التي تنفي الآخر ولا يقوم وجودها إلا بتفردها أي بإلغاء الآخر )) [2] .

ويقول عن أدونيس: (( نموذج مغرق في رجعيته، وإن بدا حداثياً، وادعى ذلك، إنها حداثة في الشكل، وحداثة فردية متشعرنة، فيها كل سمات النموذج الشعري، بجمالياته من جهة، وبنسقيته من جهة ثانية، إنها تعيدنا مرة أخرى إلى كائنات بلاغية، تعيش الموت العظيم ...

وما كان مشروع أدونيس إلا مشروعاً في تغيير المجاز فحسب، ولم يغير في (الحقيقة) ... )) [3] .

وأنقل لك طرفاً من النقولات عن أدونيس، تحكم من خلالها على حكم الدكتور الغذّامي على حداثة أدونيس.

قال أدونيس: (( الأخلاق التقليدية هي التي تعيش الخوف من الله، وتنبع من هذا الخوف، الأخلاق التي يدعو إليها جبران، هي التي تعيش موت الله [الثابت والمتحول 3 - صدمة الحداثة: ص 178 - 179] ) ) [4]

ويقول أدونيس: (( الله والأنبياء والفضيلة والآخرة، ألفاظاً رتبتها الأجيال الغابرة، وهي قائمة بقوة

(1) أحال الدكتور الغذّامي إلى المرجع السابق لأدونيس: ص 42، 44، 85، 147. والنقل عن"النقد الثقافي" (ص 273) .

(2) "النقد الثقافي" (ص 86) .

(3) "النقد الثقافي" (ص 294 - 295) .

(4) هذه المقولة وما يليها عن أدونيس من مقال بعنوان:"الانحراف العقدي في أدب الحداثة"للدكتور سعيد بن ناصر الغامدي. تجده على الموقع:"طريق الإسلام".

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام