وذُكر عن أبي بكر الصديق - رضي الله عنه: (علِموا أولادَكم الشعرَ فإنّهُ يعلّمُهم مكارمَ الأخلاقِ) [1] .
ويظهر من هذه النقولات مخالفة الدكتور الغذّامي لمدلوها من جهتين:
أولاً: أنها تحث على تعلم الشعر، لما له من أثر إيجابي محمود على الخلق واللسان، والدكتور الغذّامي جعل الشعر كله مرذولاً، وجعله مسؤولاً عن فشل الأمة قديماً وحديثاً وحداثياً.
ثانياً: أن الشعر أحد فروع العلم التي يوصى بتعلمه، لكنه ليس العلم الوحيد للأمة، بل قد جاءها من العلم ما يخرج البشرية من الظلمات إلى النور.
ومما ذكره الدكتور الغذّامي فيما يتعلق بثقافة العرب بخصوص الشعر: العلاقة بين الشعر والسحر والجن، فقال: (( وهذا معنى قديم ظل يتحكم في النسق الشعري تولد عنه حس مترسخ بالخوف من الشاعر، وهو خوف ظلت الثقافة تغذيه وتؤكده ... ولم يفت الشعراء أن يوظفوا هذه الخرافة الثقافية، ويعتمدوا عليها كقوة في الإرهاب، وساعدتهم الثقافة في ذلك فابتكرت لهم وادياً(وادي عبقر) وشياطين وجنيات تخص كل واحد منهم )) [2] .
والذي أنتقده على الدكتور الغذّامي أنه يمر على قضية عقدية مهمة - كهذه - ثم ينسبها إلى ثقافة العرب، دون أن يشير أو يُلمح إلى وجود موقف في ثقافة العرب، جاء به الإسلام بخصوص هذه القضية الخطيرة.
فهل المسألة: عدم اعتراف بعلاقة الإسلام بثقافة العرب؟!
أم أن كل ذلك: سقط سهواً؟!
وعلى أن جوانب دراسة علاقة الشعر بثقافة العرب تحتاج إلى بسط أوسع من هذا، فإني أكتفي بما سبق، ففيه الإشارة إلى أهم الجوانب.
(1) "نضرة الاغريض في نصرة القريض". المظفر بن عبد الفضل. (1/ 65) ضمن المكتبة الشاملة.
(2) "النقد الثقافي" (ص 163 - 164) باختصار.