بقدر ما أنه يصدق على نصوص الوحي!
قال فضيلة الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي: (( إن النقد الثقافي بأدواته المذكورة وقراءته الترصدية وبحثه عن العيوب والخلل النسقي، سيشمل ـ حالاً أو مآلاً ـ دراسة النسق الاعتقادي عند المسلمين؛ باعتباره النسق الأشمل والأظهر والأرسخ والأعمق! وبالنظر إلى النفسية الترصدية والنظرة التشاؤمية الغالبة على هذا التيار، وبالنظر إلى الخلفية الفكرية المؤطرة بالعلمانية فإنه سيجد ـ بحسب تصوراته ـ أنساقاً اعتقادية كامنة لها تأثيرات سلبية ومخرجات قبحية ـ بحسب أصولهم ونظريتهم ـ ومن ذلك على سبيل المثال: القضاء والقدر، والولاء والبراء، والغيبيات، كالجن والملائكة وخوارق العادات، وأشراط الساعة.
هذه الأنساق الثقافية (الاعتقادية) المؤثرة هي التي عرَّفها الغذامي بقوله: (( أنساق تاريخية أزلية وراسخة ولها الغلبة دائماً ) ) [1] ، وهي وإن حصرها في دراسته بالشعر -بوصفه محور اهتمامه- إلا أن الآلية بما فيها من تعميمية واقتناص وحتمية تعد منصة إطلاق يمكن نقلها إلى حقول أخرى خارج الأدب والشعر: كالتاريخ، والعلوم الإسلامية، وغيرها لممارسة القصف الشامل، لا سيما إذا أخذنا في الاعتبار أن فحيح الحداثيين ضد الثوابت الاعتقادية والأخلاقية والتشريعية واللغوية قد أصبح سمة على أكثر المنتمين لهذا التيار! )) [2] .
إن أصداء تطاول نظريات النقد إلى النص الإلهي قد فاحت فعلاً، ولن أبتعد كثيراً عن كتاب"النقد الثقافي"لأدلل على هذا، بل سأنقل كلاماً لأحد الأشخاص الذين افتتح الدكتور الغذّامي كتابه بشكرهم، وهو الأستاذ علي حرب [3] .
حيث قال في مقال له بعنوان:"آليات الحجب":
(( النص يمارس حجباً مضاعفاً، إذ هو يحجب ذاته كما يحجب ما يتكلم عليه. مثال ذلك: الخطاب الإلهي، أي القول بأن الله هو الحكم، فإن مثل هذا القول يحجب أولاً طبيعة السلطة، أي ناسوتيتها، ويحجب ثانياً رغبة القائل به في ممارسة سلطته على من يتوجه إليهم بالخطاب، ويحجب ثالثاً ذاته، وحجبها أي كون النص نفسه يمارس سلطته على السامع أو على القارئ.
(1) "النقد الثقافي" (ص 79) .
(2) نقطة جوهرية جلاها فضيلة الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، أستاذ العقيدة بجامعة الملك عبد العزيز بجدة، وصاحب أطروحة الدكتوراه:"الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها". من حوار لمجلة"البيان"مع فضيلته، والحوار بخصوص"الاتجاهات الحداثية العربية الجديدة في الساحة النقدية"."مجلة البيان": العدد (208) ذو الحجة (1425هـ) . يناير/فبراير (2005م) .
تجده على الرابط: www.albayan-magazine.com/conversations/conv-33.htm
(3) انظر:"النقد الثقافي" (ص 6) .