الصفحة 36 من 45

وإني لنجم تهتدي بي صحبتي،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،، ... إذا حال من دون النجوم سحاب،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،،

ثم يقول الدكتور الغذّامي: (( حتى يأتي العقّاد فيؤله الشاعر في بيت يقول فيه:

والشاعر الفذ بين الناس رحمن!

ويلتقط نزار قباني هذه الدلالة النسقية فيقول في مقدمة ديوانه (طفولة نهد) :"ماذا نقول للشاعر، هذا الرجل الذي يحمل بين رئتيه قلب الله (!) ، ويضطرب على أصابعه الجحيم، وكيف يعتذر لهذا الإنسان الإله (!) الذي تداعب أشواقه النجوم"وهذه هي قمة الغلو والتفحل.

ويقتبس نزار مع هذا القول في المقدمة نفسها كلمة كروتشه التي تحمل قانوناً فحولياً دالاً حيث قال:"على الناقد أن يقف أمام مبدعات الفن موقف المتعبد (!) لا موقف القاضي".

وينتهي المطاف الفحولي في لعبة الانكفاء والعجب بالذات إلى حد أن تعلن هذه الذات النسقية أنها قد جربت أنواع العبادة كلها، فوجدت أن أحسن العبادات هو عبادتها لذاتها، وهذه قمة الانغلاق والتعالي ... )) [1] .

يعلق الدكتور الغذّامي على هذا بقوله: (( وعبر هذه الجمل الثقافية يجري منح الفحل النسقي صفات التميز الطبقي، وإن بدت هذه الصفات منحاً خاصة يمنحها الفحل الشعري لنفسه، فهذا ليس سوى ظاهر الأمر، فالثقافة هي المانحة وهي المؤسسة لذلك كله .. ) ) [2] .

وتوصل الدكتور الغذّامي إلى النتيجة، وبينها بقوله: (( ظهور مخترع شعري: تضخم الأنا، ومنح الثقافة للذات الشعرية مزايا وصفات متعالية، وتنزيهها من النقد وتبرئتها من العيوب، مما يجعلها صنماً بلاغياً، تصنعه الثقافة بيدها لتظل تخضع له وتذل بين يدي مصنوعها النسقي ... ) ) [3] .

ويحلل الدكتور الغذّامي موقف نزار قباني قائلاً: (( وبما إن نزار فحل يرث أسلافه من الفحول، فإنه سيضع نفسه في الموضع المتعالي، وموضع الغلو الفاحش، أليس يقول: إن الشاعر هو الإنسان / الإله، وأنه يحمل بين رئتيه قلب الله، وأن على الناقد أن يقف موقف المتعبد أمام مبدعات الفحل الأسطوري؟!، بما أنه يحمل هذا الموروث الفحولي بكامل نسقيته فإنه حتماً سيتمثل هذه الفحولية شعرياً، وها هو ينصب نفسه مانحاً عبيده القراء والقارءات لجنات، هي جناته، ولنيران هي نيرانه ...

(1) "النقد الثقافي" (ص 128 - 129) .

(2) "النقد الثقافي" (ص 129) .

(3) "النقد الثقافي" (ص 140) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام