كما يتهم د. عبد الله الغذّامي النقد الأدبي أنه، قديماً وحديثاً، لم يتعامل إلا مع النصوص التي تعترف المؤسسة الثقافية الرسمية بأدبيتها وجمالها واستبعد النصوص والظواهر الثقافية الأخرى التي لا تحظى باستحسان تلك المؤسسة التي وضعت معايير صارمة لتقنين ما هو جمالي وما هو غير جمالي. وقد أدى ذلك إلى إهمال ما هو مستحسن جماهيرياً مثل كتاب ألف ليلة وليلة ومثل الأغنية الشبابية والنكتة والشائعة.
ويرى الغذّامي أن تركيز النقد الأدبي على النصوص الأدبية"الرسمية"قد جعل منه قلعة أكاديمية معزولة وغير فاعلة بين عامة الناس. لهذا يرى الغذّامي أن النقد الأدبي الذي لم يلتفت إلا إلى الجماليات قد فشل في الكشف عن القبح الذي يستتر تحت الغطاء البلاغي. ومهمة النقد الثقافي الذي يسعى إلى رفع ستار البلاغة عن العمل الأدبي هي تبصيرنا بخطر"العيوب النسقية المختبئة تحت عباءة الجمالي".
وعلى الرغم من ذلك فما زال كثير من الباحثين، مثل عبد العزيز حمودة، يرون في النقد الثقافي (مجرد) افتتان فئة من الأساتذة العرب بمنهج نقدي غربي لم يثبت فعاليته حتى داخل الثقافات الغربية التي أفرزته. ومنهم من لا يرى في النقد الثقافي إلا إحدى مظاهر العولمة )) [1] .
وبعد هذا العرض المجمل لنظرية النقد الثقافي، فإني أريد أن أقف وقفات تأملية، أستشرف من خلالها بعض الجوانب التي تحتاج إلى تنبه وتأمل، وهذا ما سيأتي في المطلب الثاني.
(1) باختصار من مقال بعنوان:"النقد الثقافي والنقد الأدبي"للدكتور مسعود عمشوش.
تجد المقال على الموقع: http://www.geocities.com/yemenitta/maqal24.htm