الصفحة 199 من 715

""""صفحة رقم 214""""

ومن ذلك أنهم يبنون طريقهم على اجتناب الرخص جملة حتى إن شيخهم الذي مهد لهم الطريقة أبا القاسم القشيرى قال في باب وصية المريدين من رسالته إن اختلف على المريد فتاوى الفقهاء يأخذ بالأحوط ويقصد أبدا الخروج عن الخلاف فإن الرخص في الشريعة للمستضعفين واصحاب الحوائج والأشغال وهؤلاء الطائفة - يعنى الصوفية - ليس لهم شغل سوى القيام بحقه سبحانه

ولهذا قيل إذا انحط الفقير عن درجة الحقيقة إلى رخصة الشريعة فقد فسخ عقده ونقض عهده فيما بينه وبين الله

فهذا الكلام ظاهر في أنه ليس من شأنهم الترخص في مواطن الترخص المشروع وهو ما كان عليه رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) والسلف الصالح من الصحابة والتابعين

فالتزام العزائم مع وجود مضار الرخص التي قال فيها رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) إن الله يحب أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه فيه ما فيه

وظاهره أنه بدعة استحسنوها قمعا للنفس عن الاسترسال في الميل إلى الراحة وإيثارا إلى ما يبنى عليه من المجاهدة

ومن ذلك أن القشيرى جعل من جملة ما يبنى عليه من أراد الدخول في طريقهم الخروج عن المال فإن ذلك الذي يميل إليه به عن الحق ولم يوجد من يدخل في هذا الأمر ومعه علاقة من الدنيا إلا جرته تلك لعلاقة عن قريب إلى ما منه خرج إلى آخر ما قال

وهو في غاية الإشكال مع ظواهر الشريعة لأنا نعرض ذلك على الحالة الأولى و هي حالة رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) مع أصحابه الكرام إذ لم يأمر أحدا بالخروج عن ماله ولا أخر صاحب صنعة بالخروج عن صنعته ولا صاحب تجارة بالخروج عن ماله ولا صاحب تجارة بترك تجارته وهم كانوا أولياء الله حقا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام