""""صفحة رقم 46""""
لاخفاء ان البدع من حيث تصورها يعلم العاقل ذمها لان اتباعها خروج عن الصراط المستقيم ورمي في عمايه
وبيان ذلك من جهة النظر والنقل الشرعي العام
اما النظر فمن وجوه احدها انه قد علم بالتجارب والخبره الساريه في العالم من اول الدنيا إلى اليوم ان العقول غير مستقله بمصالحها استجلابا لها أو مفاسدها استدفاعا لها لانها اما دنيويه أو أخرويه
فأما الدنيويه فلا يستقل باستدراكها على التفصيل البته لا في ابتداء وضعها اولا ولا في استدراك ما عسى ان يعرض في طريقها اما في السوابق واما في اللواحق لان وضعها اولا لم يكن الا بتعليم الله تعالى
لان آدم عليه السلام لما انزل إلى الأرض علم كيف يستجلب مصالح دنياه اذا لم يكن ذلك من معلومه اولا الا على قول من قال ان ذلك داخل تحت مقتضى قول الله تعالى ) وعلم آدم الأسماء كلها ( وعند ذلك يكون تعليما غير عقلي
ثم توارثته ذريته كذلك في الجمله
لكن فرعت العقول من أصولها تفريعا تتوهم استقلالها به
ودخل في الاصول الدواخل حسبما اظهرت ذلك ازمنة الفترات اذ لم تجر مصالح الفترات على استقامة ه لوجود الفتن والهرج وظهور أوجه الفساد
فلولا ان من الله على الخلق ببعثة الانبياء لم تستقم لهم حياة ولا جرت احوالهم على كمال مصالحهم وهذا معلوم بالنظر في اخبار الاولين والاخرين