""""صفحة رقم 36""""
اعلم أنا أذا بنينا على أن البدع منقسمة إلى الأحكام الخمسة فلا إشكال في اختلاف رتبتها لأن النهى من جهة انقسامه إلى نهى الكراهية ونهى التحريم يستلزم أن احدهما أشد في النهى من الآخر فإذا انضم إليهما قسم الإباحة ظهر الاختلاف في الأقسام فإذا اجتمع إليها قسم الندب وقسم الوجوب كان الاختلاف فيها أوضح - وقد مر من أمثلتها أشياء كثيرة - لكنا لا نبسط القول في هذا التقسيم ولا بيان رتبه بالأشد والأضعف لانه إما أن يكون حقيقيا فالكلام فيه عناء وإن كان غير حقيقى فقد تقدم أنه غير صحيح فلا فائدة في التفريع على مالا يصح وإن عرض في ذلك نظر أو تفريع فإنما يذكر بحكم التبع بحول الله
فإذا خرج عن هذا التقسيم ثلاثة أقسام قسم الوجوب وقسم الندب - وقسم الإباحة - انحصر النظر فيما بقى وهو الذي ثبت من التقسيم غير انه ورد النهى عنها على وجه واحد ونسبته إلى الضلالة واحدة في قوله إياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار وهذا عام في كل بدعة فيقع السؤال هل لها حكم واحد أم لا فنقول ثبت في الأصول أن الأحكام الشرعية خمسة نخرج عنها الثلاثة فيبقى حكم الكراهية وحكم التحريم فاقتضى النظر انقسام البدع إلى القسمين فمنها بدعة محرمة