الصفحة 32 من 715

""""صفحة رقم 47""""

واما المصالح الاخرويه فأبعد عن مصالح المعقول من جهة وضع اسبابها وهي العبادات مثلا فان العقل لا يشعر بها على الجمله فضلا عن العلم بها على التفصيل

ومن جهة تصور الدار الاخرى وكونها آتية فلا بد وانها دار جزاء على الاعمال فان الذي يدرك العقل من ذلك مجرد الامكان ان يشعر بها

ولا يغترن ذو الحجى بأحوال الفلاسفة المدعين لادراك الاحوال الاخروية بمجرد العقل قبل النظر في الشرع فان دعواهم بألسنتهم في المسئلة بخلاف ما عليه الامر في نفسه لان الشرائع لم تزل واردة على بني آدم من جهة الرسل

والانبياء ايضا لم يزالوا موجودين في العالم وهم اكثر وكل ذلك من لدن آدم عليه السلام إلى ان انتهت بهذه الشريعة المحمدية

غير ان الشريعة كانت اذا اخذت في الدروس بعث الله نبيا من انبيائه يبين للناس ما خلقوا لاجله وهو التعبد لله فلا بد ان يبقى من الشريعة المفروضة ما بين زمان أخذها في الاندراس وبين انزال الشريعة بعدها بعض الاصول المعلومة

فأتى الفلاسفة إلى تلك الاصول فتلقفوها أو تلقفوا منها فارادوا ان يخرجوه على مقتضى عقولهم وجعلوا ذلك عقليا لا شرعيا وليس الامر كما زعموا

فالعقل غير مستقل البتة ولا ينبني على غير اصل وانما ينبني على اصل متقدم مسلم على الاطلاق

ولا يمكن في احوال الاخره قبلهم اصل مسلم الا من طريق الوحي

ولهذا المعنى بسط سيأتي ان شاء الله

فعلى الجملة العقول لا تستقل بادراك مصالحها دون الوحي فالابتداع مضاد لهذا الاصل لنه ليس مستند شرعي بالفرض فلا يبقى الا ما ادعوه من العقل

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام